سناتور جمهورى يدعو إلى الحرب على سوريا خوفا من أن تقوم مصر بتصنيع قنبلة نووية كيرى يجد نفسه فى حرج بعدما هتف الحاضرون فى جلسة استماع بالكونجرس «لا للحرب» الضربة العسكرية على سوريا وتداعياتها هى حديث واشنطن وهمها الأكبر. أوباما مع إدارته يحاول إقناع الكونجرس والشعب الأمريكى من خلاله بأن الضربة لن تطول ومحددة فى أهدافها والأهم «لا نية لإرسال قوات على الأرض فى سوريا.
مجلس الشيوخ فى طريقه إلى الموافقة على الضربة. أما مجلس النواب فقياداته ليس لديها مانع أو ربما اقتنعت بالضربة إلا أن الكثير من أعضائها يُبدون شكوكهم ورفضهم لحرب جديدة لا يعرف مداها أو عواقبها أحد. كما أن «إيباك» وجماعات يهودية خرجت من صمتها وأيدت بشدة «توجيه الضربة».
وعلى الرغم من اشتداد دق طبول الحرب فقد أظهر استطلاع للرأى أجرته صحيفة «واشنطن بوست» بالتعاون مع شبكة «إى بى سى» التليفزيونية أن 59 فى المئة من الأمريكيين ضد القصف الصاروخى المنتظر.
والتخوف الأكبر بشكل عام هو أن القصف سيؤدى إلى اشتعال المنطقة وامتداد الحرب وإرسال قوات أمريكية إلى سوريا. ومن هنا طالب العديد من المعلقين بأن يقوم الرئيس أوباما وفى أسرع وقت ممكن بشرح أهداف الضربة وحدودها و«محدوديتها» قبل أن يتخذ القرار وتنطلق الصواريخ.
الرئيس أوباما فى ترحيبه بقيادات مجلس النواب فى البيت الأبيض، وفى لقطات تم نقلها على الهواء مباشرة أكد أن «لا بيادات على الأرض» (لا قوات أمريكية على الأرض فى سوريا).
وأن هذه «ليست العراق وليست أفغانستان». وجاءت جلسة الاستماع التى عقدتها لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ يوم أول أمس الثلاثاء، لمدة ثلاث ساعات ونصف لكى تطرح الأسئلة والانتقادات والاعتراضات والمخاوف من ضربة عسكرية موجهة إلى سوريا.
وأيضا لكى يقوم رجال الإدارة بالرد وبيان ما تنوى القيام به. وكانت الجلسة بحضور جون كيرى وزير الخارجية وتشاك هيجل وزير الدفاع والجنرال مارتن ديمبسى رئيس الأركان. والجلسة عقدت فى قاعة 216 بمبنى هارت بمجلس الشيوخ.
وامتلأت القاعة بعشرات الصحفيين والكاميرات وجمهور الحاضرين، ومنهم معارضو الحروب والتدخلات العسكرية بشكل عام. اثنان من هؤلاء وخلال انعقاد الجلسة علت أصواتهما فى القاعة وقاطعا النقاش الدائر فتم اقتيادهما للخارج. الباقى واصل اعتراضه رافعا عبارات تقول لا للحرب. كيرى انتهز الفرصة فى المقاطعة الأولى ليقول: إن أول مرة أدليت فيها بشهادتى أمام هذه اللجنة كانت عندما كنت فى ال27 من عمرى وكانت لدى مشاعر مشابهة لتلك المعترضة. ولهذا من المهم أن يكون لدينا هذا النقاش ونتحدث حول هذه الأمور».
انتقادات أعضاء اللجنة كانت غالبا منصبة حول طبيعة الضربة ومدتها وأيضا على إمكانية «تقليص» أو «تحجيم» قدرات نظام الأسد. بالإضافة إلى «ما بعد الضربة».. وهل أمريكا والمنطقة ذاتها.. وإسرائيل على إدراك كامل بتبعات الضربة وقادرة على التعامل معها؟
كيرى كان حريصا على بيان أن «فعل لا شى» عواقبه أكثر وأخطر من التحرك وتوجيه الضربة. ذكر أن إيران وكوريا الشمالية وحزب الله يترقبون وينتظرون كيف سيكون رد الفعل الأمريكى.
كما أن حلفاء أمريكا فى المنطقة يتخوفون من عدم التحرك الأمريكى. وحرص كيرى على التأكيد أن أمريكا لا يجب أن تبدو ضعيفة ومترددة ومتخاذلة، وأشار أيضا إلى أننا عندما نذكر خطوط حمراء بالنسبة للأسلحة الكيماوية فإن هذه الخطوط ليست خطوط الرئيس أوباما، بل خطوط العالم كله.
وبالطبع إسرائيل كانت حاضرة فى أسئلة الأعضاء وأجوبة المسؤولين، طالما أن الضربة قد تشعل المنطقة.. وتهدد الاستقرار وأمن دول الجوار. كيرى بالمناسبة كان أكثر المسؤولين حديثا ومشاركة فى الردود واقتصرت أجوبة هيجل والجنرال ديمبسى على جوانب العسكرية وتحديدا أهداف الضربة والتعامل مع تسليح المعارضة.
وبالطبع لم تتبدد خلال النقاش المخاوف الخاصة بمن سيكون المهيمن والمسيطر على أرض الواقع مع إضعاف نظام الأسد.. وهل هم الإسلاميون المتشددون والقاعدة وغيرها! تشاك هيجل وزير الدفاع وهو يتحدث عن الأهداف العسكرية فى سوريا قال: «... أن نقوم بالتقويض والقضاء على قدرة النظام على الاستمرار فى مثل هذه الهجمات وردعه عن استخدامه للأسلحة الكيماوية من جديد». هيجل وديمبسى أشارا إلى الهدف بشكل عام هو أن بعد الضربة يكون «نظام الأسد» أضعف.
وفى أثناء الحديث عن تبعات عدم القيام بالضربة أشار السناتور الجمهورى مارك روبيو إلى خطورة «فعل لا شىء» وإلى «قنبلة مصرية» عندما قال: «ربما تكون كوريا الشمالية أكثر تهورا فى أفعالها، وقد نرى حلفاءنا فى كوريا الجنوبية واليابان قد يبدؤون بالتشكيك فى ترتيباتنا الأمنية معهم. وإسرائيل قد تقرر أنها فى حاجة إلى ضرب إيران بمفردها. وإيران سوف تتحرك نحو القنبلة (النووية). والتى قد لا تكون فقط قنبلة إيرانية. سوف تكون أيضا قنبلة تركية وقنبلة سعودية، وربما أيضا قنبلة مصرية فى يوم ما».
وجاء ذكر مصر بشكل عابر أيضا فى رد لكيرى لسؤال طرحه السناتور الجمهورى جون ماكين عن الموقف الأمريكى ودول المنطقة.
إذ ذكر كيرى.. «كيف أن نظرائى فى الشرق الأوسط ينظرون إلينا فى الوقت الحالى ويصدرون أحكاما علينا على المدى البعيد، وكم هو أمر حيوى الاختيار الذى نجريه هنا ليس فقط بالنسبة لمسألة سوريا وإنما أيضا للدعم الذى نتوقعه أو لا نتوقعه بالنسبة لعملية السلام، وبالنسبة لمستقبل مصر والتحول فى الشرق الأوسط والاستقرار فى المنطقة، وأيضا مصالح أخرى لنا.. ليس هناك طريقة لكى نفصل شيئا ما عن باقى الأشياء والكل يكمل البعض. ولهذا فإن هذا الأمر مهم جدا».
ومن ردود كيرى على أسئلة أعضاء اللجنة نجد تكراره ل«لا بيادات على الأرض» (لا لإرسال قوات على الأرض فى سوريا).
وأيضا حرصه على بيان عواقب ما قد يحدث إذا لم تتحرك أمريكا، وأن اتخاذ موقف والقيام بضربة عسكرية لهما نتائج إيجابية ليس فى سوريا فقط، بل فى المنطقة برمتها.
والأهم تأثير هذا على نظرة العالم والشعوب لما تعنى كلمة أمريكا وموقفها من القضايا الدولية. ولم يكن بالأمر الغريب أن يلاحظ أغلب المتابعين لتحركات كيرى خلال الأيام الماضية بأن كيرى استثمر الكثير من وقته وجهده وخبرته واتصالاته فى توضيح وتفسير وتبرير أهمية وضرورة، بل وحتمية مواجهة الأسد فى الوقت الحالى.
ولا شك أن الحديث عن الجدل الدائر فى واشطن واستعدادها لتوجيه ضربة عسكرية لن يتوقف خلال الأيام المقبلة. وعلى أمريكا والعالم أن تنظر وأن تنتظر وأن تعترض وأن تتخوف من تبعات وعواقب الهجمة أو الضربة الأمريكية!