المجلة توقفت فجأة بعد ست سنوات ومن قبلها توقفت فوربس وفورين بوليسي وبيزنس ويك ولم يتبق سوى «اللوموند ديبلوماتيك» فجأة وبدون سابق إنذار توقفت الطبعة العربية من مجلة «النيوزويك» الأمريكية ومن قبلها توقفت النسخة العربية لمطبوعات أخري مثل ال «بيزنس ويك» وال«فوربس» وال «فورين بوليسي»، ولم يتبق من المطبوعات الأجنبية الرصينة التي تصدر باللغة العربية غير ال«لوموند ديبلوماتيك».. ولا أحد يعرف بالضبط حتي كتابة هذه السطور الأسباب التي أدت إلي هذا التوقف المريب، كما لم يعرف أحد لماذا صدرت هذه المطبوعات. وأياً كان السبب فالمؤكد أن هذه المجلة وأخواتها ساهمت إلي حد كبير في تغيير مفاهيم ما لدي عدد كبير من الصحفيين العرب،ممن لا يجيدون القراءة بالإنجليزية، خاصة بالصحافة الغربية وطرق تناولها القضايا.لكن الأهم من وجهة نظري ومن خلال متابعتي معظم الأعداد التي صدرت عن هذه المجلة الكبيرة - قيمة وتوزيعاً - هو: كيف تساهم وسائل الإعلام في صناعة الرأي العام؟. فالنيوزويك وقفت بكل قوة بجوار أوباما أثناء حملته الانتخابية وأعلنت هذا بشكل واضح وصريح وانحازت منذ البداية إلي برنامجه الانتخابي.وحتي بعدما أصبح رئيسا واصلت المجلة تأييده في الخطوات التي اتخذها سواء لإصلاح النظام الاقتصادي بعد الأزمة المالية ، أو الحرب علي الإرهاب في أفغانستان وملاحقة تنظيم القاعدة في العراق وخطوة إغلاق معتقل جوانتانامو.. لكن هل كانت المجلة مقتنعة وصادقة في تأييدها؟ الإجابة عن السؤال ليست مهمة ولكن المهم هو: كيف أدارت هذه المجلة الرصينة معركة أوباما حتي انتصر. نعود للسؤال الأهم: لماذا صدرت النيوزويك وما السبب وراء توقفها المفاجئ؟ في مارس 2004 صدرت المجلة وقيل وقتها أن هناك منحة من حكومة جورج بوش الابن لتمويل أنشطة إعلامية علي رأسها إصدار نسخ عربية من بعض المجلات والمطبوعات الأمريكية في إطار برنامج نشر الديمقراطية في العالم العربي الذي تبنته الإدارة الأمريكية في ذلك الوقت.وفي مارس 2010 توقفت المجلة،ولم يخرج تصريح أو حتي إشارة من هيئة تحرير المجلة أو دار الوطن الكويتية جهة النشر،تعطي سبباً مقنعاً وهي نفس الجهة الناشرة لمجلة «فورين بولسي». وحتي هذه اللحظة الأمر معلق ولا توجد إجابات عن السؤال.لكن ما سبب الاهتمام بصدور أو توقف مجلة؟ لأنها كانت تعطي دروساً مجانية لمن يحاولون تعلم أصول المهنة في التغطيات والتحليلات للأحداث العالمية والعربية علي وجه الخصوص وتبتكر طرقا وأساليب جديدة في كيفية إدارة الأزمات الإخبارية الطارئة.علي سبيل المثال التغطية الاقتصادية الرائعة التي كانت تكتبها «رنا فروهار» مسئولة الشئون الاقتصادية بالمجلة أثناء الأزمة المالية ، والتحليلات الرصينة المبنية علي المعلومات التي كان يكتبها «فريد زكريا» رئيس تحرير الطبعة الدولية والحوارات التي كان يجريها «جون ميشام» - رئيس تحرير الطبعة الأمريكية - وغيرهم كثيرون. وإذا كان يعيب المجلة تحيزها الواضح لإسرائيل فيما يخص الصراع العربي الإسرائيلي نجد أنها تفوقت بشكل ملحوظ في تغطية الاحتجاجات التي صاحبت الانتخابات الإيرانية وقدمت المجتمع الإيراني من الداخل بصورة جذابة ومختلفة تماما عما يعرفه العرب الآن توقفت الطبعة العربية، ولم تتبرع مؤسسة صحفية عربية - وما أكثرهم - لإعادتها مرة أخري رغم أن هناك طبعة كورية.. ألا يستحق الأمر الرثاء؟ رثاء المجلة ورثاء حال الصحافة العربية..!