أعلنت شركة (واشنطن بوست) للصحافة والنشر قبل أيام عن بيع درتها الثمينة وهي مجلة (نيوزويك) التي تعتبر أهم مجلة اسبوعية في العالم بعد أن فشلت كل محاولات إنقاذها من الخسائر المالية التي لحقت بها. وكان المشتري هو رجل الأعمال سيدني هارمان صاحب أكبر شركات الأجهزة الصوتية في العالم. . وقد اشترت (واشنطن بوست) مجلة (نيوزويك) عام 1961 وحققت بها نجاحات صحفية واقتصادية هائلة. ولكن في السنوات الأخيرة تأثرت النيوزويك كغيرها من المجلات والصحف الأمريكية بتحول القراء والمعلنين إلي قنوات التليفزيون ومواقع الميديا علي الإنترنت. وتدهور الموقف الاقتصادي للمجلة الشهيرة حيث بلغت خسائرها 47.5 مليون دولار في العام الماضي نتيجة انهيار عائد الاعلانات وتدهور التوزيع والاشتراكات من 3.2 مليون نسخة أسبوعيا إلي 1.5 مليون فقط. والحقيقة أن ما حدث للنيوزويك كان صورة طبق الأصل تقريبا لما تعرضت له مجلات أمريكية كبري مثل (تايم) و(بيزنس ويك) اللتين رفعتا الراية البيضاء وتم بيعهما في العام الماضي إلي مجموعة بلومبرج الاقتصادية . هذا الوضع دفع الكثيرين إلي وصف ما يحدث للمجلات الاسبوعية الامريكية الكبري بأنه "مذبحة" راحت ضحيتها أيضا مجلة (يو اس نيوز اند ورلد ريبورت) الشهيرة. وقد كانت هذه المجلات لسنوات طوال نموذجا للنجاح الاقتصادي والصحفي لدرجة أنها كانت في أحيان كثيرة تصنع أهم الأحداث وتفجر أبرز القضايا في الولاياتالمتحدة والعالم. ونتيجة للتحول الرهيب في توجهات القراء واهتمامات المعلنين فقدت هذه المجلات الكبري قدرتها علي المنافسة ولم يعد أمامها سوي أحد خيارين .. الأول هو أن تنتقل إلي ملكية أحد رجال الأعمال الأثرياء الذي يكون علي استعداد لتحمل الخسائر المالية مقابل الحصول علي منبر إعلامي بارز يحقق له ما يسعي إليه من »برستيج« وفي نفس الوقت يدافع عن مصالحه وهو ما فعلته (نيوزويك) ومجلة (يو اس نيوز اند ورلد ريبورت) التي اشتراها الملياردير الأمريكي مورتيمر زوكرمان. أما الخيار الثاني فهو أن تتخلي المجلة العريقة عن كبريائها وتقبل أن تكون مجرد جزء في كيان اقتصادي أكبر حتي ولو كان نشاطه الرئيسي بعيدا عن الصحافة وهو ما فعلته (تايم) و(بيزنس ويك). ورغم هذه المحنة التي تمر بها المجلات الأسبوعية في العالم إلا أن الخلاف مازال محتدما بين فريقين .. الأول يري أن التطور سيفرض نفسه وسوف تحقق الصحافة الاليكترونية والتليفزيونية انتصارا نهائيا إن عاجلا أو آجلا. وفي نفس الوقت هناك من يؤكدون أن الشكل التقليدي للمجلة أو الصحيفة سوف يستمر بل وربما يستعيد مكانته كمصدر لا غني عنه للابداع في كل مجالات العمل الصحفي بحيث يتكامل مع الأشكال والأنماط الأخري للصحافة الجديدة دون أن يتصادم معها بالضرورة. ويضرب أصحاب هذا الرأي مثالا بالكتاب التقليدي الذي عجزت كل البدائل الجديدة عن القضاء عليه واحتفظ برونقه جنبا إلي جنب مع هذه البدائل . وفي كل الأحوال تبقي الحقيقة وهي أن وسائل الاعلام المقروءة تواجه تحديا خطيرا، في المرحلة الراهنة علي الأقل، وأي محاولة لتوقع نتيجة هذا التحدي ربما تصبح نوعا من التكهن بالغيب أو قراءة الطالع.