أنهت قوات الحرس الثوري الإيرانية مناوراتها التي بدأت يوم الخميس الماضي باسم «مناورات الرسول الأعظم 5» واختبرت فيها مجموعة من الصواريخ التي قامت بإطلاقها علي أهداف بحرية مفترضة، كما قام رجال الحرس الثوري بعملية زرع ألغام في الخليج ثم نزعها، وذلك في تدريب علي إغلاق مضيق هرمز إذا دعت الحاجة، وعلي هامش المناورات أعلنت إيران أنها في سبيلها لإنتاج طائرة خفية دون طيار ستكون جاهزة في غضون شهور وهي قادرة علي شن عمليات قصف. وفي الحقيقة أن إيران دأبت في السنوات الماضية علي الإعلان الدائم عن إنتاج أنواع جديدة من السلاح أو تطوير أنواع قائمة، وذلك رداً علي التهديدات المحدقة بها من جانب الولاياتالمتحدة وإسرائيل وتلويحهما الدائم بشن هجوم علي المفاعلات النووية الإيرانية وتدمير البرنامج النووي الإيراني. الواقع أن الصورة علي شواطئ الخليج لا تبشر بالخير، ويبدو أن الأطراف العربية ستكون الضحية المثالية لأي صدام يدور بين الكواسر في مياهها الدولية، ومن الواضح أن السموات العربية ستلمع في الليل بلهيب الصواريخ والصواريخ المضادة إذا ما اندلعت الحرب دون أن يكون لها في الأمر ناقة ولا بعير.. ولكن هل حقاً تندلع الحرب؟ في الحقيقة إنني لا أتوقع أن تنشب الحرب إذا ظلت موازين القوي علي وضعها الحالي، والوضع الحالي يقول بتفوق الولاياتالمتحدة وإسرائيل بكل تأكيد، لكن المشكلة هي في نسبة الخسائر التي يمكن للأمريكان والإسرائيليين احتمالها، فمن المعروف أن الولاياتالمتحدة لا تخوض حرباً إلا إذا كانت نسبة خسائرها إلي خسائر الخصم هي في حدود واحد إلي ألف! أما إذا تقلصت النسبة إلي واحد إلي عشرة أو حتي واحد إلي مائة فإن الأمريكان لا يغامرون بخوض حرب يقضون فيها علي مليون فرد للعدو مقابل عشرة آلاف خسائر لهم.. هذه الأرقام غير مقبولة أمريكياً ولا إسرائيلياً، ولنتذكر أن أمريكا لم تغامر بغزو بغداد إلا بعد أن جردت صدام من كل أسلحته وتأكدت أنه لا يمتلك أي شيء.. عندها انطلقت في مهاجمته وهي مطمئنة، أما فيما يتعلق بإيران التي وعت هذا الدرس جيداً فإن الخسائر الأمريكية المحتملة عند المواجهة ستكون أكثر بكثير من النسبة المقبولة أمريكياً، وهذا في حقيقة الأمر هو سر الإعلانات المتوالية للإيرانيين عن اختراعاتهم وصواريخهم وإدخالهم أسلحة جديدة لمنظومتهم العسكرية، إذ إنهم يخشون أن يتسع الفارق في ميزان القوي إلي الدرجة التي تسمح للأمريكيين بشن الهجوم، وهم يسعون طوال الوقت إلي تضييق الفارق في الخسائر المحتملة بما يردع واشنطن عن التفكير في الحرب. هذا كله حقيقي ويمكن قراءته بسهولة، لكن ما هو أبعد مدي ويحتاج إلي عميق تأمل واستقراء أن الولاياتالمتحدة وبديلاً عن المواجهة العسكرية غير المأمونة بدأت تستدرج الإيرانيين إلي سباق تسلح طويل ومنهك ونهايته محتومة، وقد جربه الأمريكان من قبل مع الاتحاد السوفيتي الرهيب فأهمل التنمية وترك شعبه في طوابير الطعام وراح يسابق الأمريكان في حرب النجوم والصعود للقمر قبل أن يهوي من حالق وتتفتت إمبراطوريته المترامية وتصبح أثراً بعد عين. و السؤال هو: هل يعي القادة الإيرانيون هذه الحقيقة؟ والإجابة أنهم بالتأكيد يعونها ويعلمون أن هذا السباق يعوق التنمية ويؤثر في معيشة رجل الشارع لحساب التصنيع العسكري.. لكن ماذا لديهم يفعلوه غير أن يمضوا في الطريق إلي منتهاه؟ إنهم كراكب الدراجة الذي لا يمكنه أن يتوقف وإلا وقع! لكن أليس هناك أمل ينقذ إيران وينقذ الدول العربية في الوقت نفسه من السقوط والحريق القادم؟ الحقيقة أن الأمل هو أن يفيق العرب ويفرضوا إرادتهم علي طرفي الصراع، أن يلعبا بعيداً عن أراضيهم! وفي الواقع أن هذه الإجابة تعني لدي البعض أنه لا أمل!.