وكتاب الحكومة استغلوا القضية للهجوم على البرادعي في الوقت الذي أيد عدد من رؤساء تحرير الصحف المسماة بالقومية والكتاب الموالين للنظام موقف الحكومة الكويتية من ترحيل مصريين من أراضيها لدعمهم الدكتور محمد البرادعي رئيس الهيئة الدولية للطاقة الذرية السابق والمرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية في الانتخابات المقبلة في 2011 بل واستغلوا هذا الموقف للهجوم علي البرادعي من جديد كان هناك مشهد آخر لابد وأن يحترم وهو موقف عدد كبير من كتاب مقالات الصحف الكويتية بعد رفضهم الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة الكويتية وطالبوها بالاعتذار للمصريين وتعويضهم وطالبوها بأن تتراجع عن هذا الموقف احتراما للدستور الكويتي وانتصارًا لحرية الرأي والتعبير خاصة أن المصريين لم يتظاهروا ولم يعتصموا ولم يهددوا أمن المجتمع الكويتي وأن لديهم الحق الكامل في دعم من يريدون وتساءل أحد الكتاب عن موقف الحكومة الكويتية في حال تجمع عدد من المصريين بالكويت لدعم مبارك أو نجله في الانتخابات الرئاسية المصرية المقبلة، تعليقات قراء الصحف الكويتية في مواقعها علي الإنترنت كانت دليلاً قويًا علي رفض شعبي عربي وكويتي ومصري علي ما أقدمت عليه الحكومة الكويتية وتضامن عدد كبير من هؤلاء القراء مع المصريين المرحلين ومع أفكارهم في التغيير والإصلاح السلمي، عبداللطيف الدعيج الكاتب الصحفي الكبير بجريدة «القبس» الكويتية كتب أربعة مقالات بخصوص هذه الأزمة الأول: طالب فيه الحكومة الكويتية بالاعتذار لمصر والثاني: ناداهم بالتكفير عن سيئاتهم والثالث: لم يكتف بالاعتذار وإنما حث الحكومة الكويتية علي التعويض فوق الاعتذار، أما الرابع: فأطلق فيه علي مجلس الوزراء الكويتي مسمي «بلطجية السفارات»، في مقاله «اعتذروا لمصر» أكد الدعيج أن الدستور الكويتي لكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما، وذلك وفقا للشروط والأوضاع التي يبينها القانون الكويتي. وأضاف أن الأشخاص الذين اعتقلتهم الحكومة الكويتية كفل لهم دستور 1962 حق التعبير السلمي عن رأيهم وهؤلاء أي المصريون المرحلون لم يجرحوا أحدا أو يهينوا قضية أو مؤسسة و أقصي ما فعلوه هو إعلان تأييدهم لمرشح ديمقراطي في انتخابات يفترض أن تكون ديمقراطية وقال الدعيج في مقاله: «أعتقد أن الحكومة ووزير الداخلية مدينون باعتذار إلي الجالية المصرية وإلي مؤيدي السيد البرادعي بسبب « انحيازهم» غير المشروع وغير المرغوب، في نظرنا أيضا ككويتيين، إلي خصوم السيد البرادعي.. فهل يملك الوزير الشجاعة.. وهل تملك حكومتنا الحكمة والاستيعاب الكامل لدستور 1962؟ و في مقاله الثاني طالب الدعيج الحكومة الكويتية بأن تكفر عن سيئاتها، مؤكدًا أنه استغرب عندما عرف هناك جماعة في مصر كبيرة تقف مع البرادعي وهي جماعة ديمقراطية سلمية تطالب بالتغيير السلمي واستغرب الدعيج من موقف الكويت من دعمها في وقت سابق للحركات الإسلامية كالإخوان المسلمين والسلف المصريين في الوقت الذي تمنع فيه تجمعًا لمجموعة تختلف عن هذه الجماعات في التفكير وتنادي بالتغيير السلمي وتحلم بمستقبل جيد لمصر، أما المقال الثالث للدعيج حول هذه ألازمة فنادي بأن تقوم الحكومة الكويتية بتعويض المصريين الذي رحلوا بعد أن تعتذر لهم عن هذا الموقف مؤكدًا في مقاله «إننا ندعو جمعية المحامين وجمعية حقوق الإنسان لضرورة تبني قضية المرحلين المصريين أمام المحاكم، واستخلاص رد الاعتبار المادي والمعنوي لهم من وزارة الداخلية وحكومة دولة الكويت» أما في مقاله الرابع فأسمي مجلس الوزراء الكويتي بمجلس بلطجية السفارات قائلا: «بلطجية السفارات... أعتقد الاسم يناسب مجلس وزرائنا هذه الأيام. خصوصا بعد استحماق الحكومة وتذكيرها لنا بضرورة احترام رؤساء الدول، وكأن من السهل احترام من لا يحترم نفسه» مشيرا إلي أن المصريين «الغلابة» لم ينتقدوا أحدا أو يتعرضوا لرئيس دولة. يعني أنهم لم يخالفوا القانون، ولم يتحرشوا بحكومة مصر ولا ببلطجية الكويت.. فلماذا تم التعامل معهم بهذه القسوة؟ ولماذا الإصرار علي الخطأ وتضخيم الأمور بدلاً من إطفاء الغضب وتهدئة النفوس؟» لم يكن عبداللطيف الدعيج وحده صاحب هذا الرأي المحترم بل هناك مقالات أخري وقفت الموقف نفسه وهاجمت الحكومة الكويتية منها مقال للكاتب الصحفي في جريدة «الجريدة الكويتية» غانم النجار الذي استهجن هذا الموقف مطالبا بحرية كل شخص في أن يقول رأيه وفقا للدستور والقانون الكويتي وقال غانم في مقاله: إن «ما قامت به وزارة الداخلية فعل مستهجَن ولا إنساني، ويفتقر إلي الحصافة، ويتطلب التحرك السريع أولاً بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين، وإيقاف سريع لكل أوامر الإبعاد الإداري غير المبررة، والسماح لمن تم إبعادهم بالعودة إلي أعمالهم وأهليهم دون تأخير، كحد أدني حفاظاً علي أمن الكويت ومبادئها ودستورها وسمعتها»، أما الكاتب حسن مصطفي الموسوي فكتب في جريدة الجريدة تحت عنوان «حلال لمؤيدي موسوي وحرام علي مؤيدي البرادعي» شارحا التناقد بين موقف الحكومة الكويتية من المتظاهرين المؤيدين للمعارض الإيراني موسوي والذين تظاهروا أمام سفارة بلدهم في الشارع والقبض علي المصريين الذين لم يتظاهروا بل تجمعوا بشكل سلمي علي مقهي لإعلان دعمهم للبرادعي ووصل الموسوي في نهاية مقاله إلي نتيجة مهمة وهي «إن كم التناقضات التي وقعت فيها وزارة الداخلية والإجراءات التعسفية التي قامت بها ترجحان كفة أن قرار الترحيل كان سياسياً وليس أمنياً أو قانونياً، ولا أستبعد أن يكون هذا القرار رسالة من القاهرة لكل مؤيدي البرادعي بالخارج، خصوصاً مع صمت السفارة المصرية عن هذا الإجراء. لكن بما أن الوزارة قامت بتكميم الأفواه، ومع أن الانتخابات المصرية لا تمسني مباشرة، فإنني سأقول عناداً مع وزارة الداخلية ونيابة عن المصريين المرحلين ومن يخاف ترحيله: «نعم للبرادعي ولا للحزب الوطني الحاكم» وهي الفكرة نفسها التي بني عليها حسن العيسي الكاتب الصحفي بجريدة الجريدة مقاله «هيبة الدولة والكيل بمكيالين»، وبنوع من السخرية طالب المحامي راشد الردعان في جريدة الوطن الكويتية أن تقوم الحكومة الكويتية باعتقال محمد البرادعي عند زيارته المقبلة للكويت طالما قامت الحكومة بالقبض علي مناصريه وترحيلهم بالقوة وأكد الردعان أن «الشباب المصريين الذين تظاهروا بشكل سلمي لإعلان تأييدهم للبرادعي فهموا الديمقراطية الكويتية بالخطأ.. وظنوا أنها تسير علي النهج الأوروبي.. وانخدعوا في الحرية السياسية التي نعيشها في بلدنا ففعلوا ما فعلوا فكان جزاؤهم القبض والترحيل وهي سابقة لم تحدث في الكويت إطلاقاً لاسيما أن هؤلاء الشبان لم يرفعوا يافطات ضد الحكومة المصرية ولا النظام المصري ولم يسيئوا لأحد.. وهم ليسوا من الناصريين ولا الشيوعيين ولا الإخوان المسلمين أو اليسار ولا اليمين.. هم يعملون بالكويت وفي القطاع الخاص.. فلماذا نتعامل معهم بكل هذه القسوة؟! في ظل هذا الموقف المحترم من جانب الكتاب والصحف الكويتية، معتبرين أن اعتقال المصريين وترحيلهم بالقوة هو إهدار لحقوقهم وتعد علي إنسانيتهم وتعسف في التعامل معهم دون أي سبب منطقي سوي مجاملة النظام المصري كان هناك في الناحية الأخري كتابنا «الأفاضل» ورؤساء تحرير الصحف الحكومية يهاجمون المصريين المرحلين ويستغلون هذه القضية للهجوم علي البرادعي، فالكاتب الصحفي محمد أبوالحديد رئيس مجلس إدارة دار التحرير السابق كتب في «الجمهورية» يهاجم البرادعي ويحمله مسئولية ترحيل المصريين ويدافع عن موقف الحكومة الكويتية في ترحيل المصريين مؤكدا في مقاله أن الحكومة الكويتية بريئة لأنها نفذت القانون ورحلت المصريين، وفقا لقانونها ودستورها وهذا حق من حقوق السيادة التي لا يمكن لأحد مناقشتها فيه علي حد قوله ويري أبو الحديد أنه علي المستوي السياسي فإن الكويت بريئة أيضا لأنها قامت بما تري أنه يحافظ علي أمنها وعلاقاتها بالدول الأخري، الغريب أن أبوالحديد انتقد البرادعي لأنه لم يتخذ أي موقف في هذه الأزمة وكأن البرادعي هو رئيس جمهورية أو حتي وزير خارجية! محمد علي إبراهيم لم يفته بالطبع أن يدل بدلوه في هذا الأمر فكتب في عدد الجمهورية الأسبوعي مقالا بالغ فيه في انتقاد البرادعي ومؤيديه، مؤكدا أن «كل دولة لها حقوقها السيادية.. ومعظم العاملين في الخليج يقرأون في عقود العمل التي يوقعونها مع أي دولة أن علي المتعاقد احترام قوانين البلد والالتزام بساعات العمل وعدم الانخراط في أنشطة سياسية» لكن الفيصل هنا بين ما كتبه الكتاب الكويتيون في الصحف الكويتية وما كتبه الكتاب المصريون في صحافة مصر القومية هو تعليقات القراء ومنها قارئة كويتية علقت علي مقال للدعيج قالت فيه: فعلاً موقف غير مشرف من حكومتي الكويتية وأنا أعتذر لكل المصريين كوني كويتية والحكومة التي قامت بطردهم هي حكومتي: وقارئ آخر يقول «المبالغة لم تكن بفض التجمهر أو حتي الاعتقال أو التحقيق معهم، إنما بترحيلهم إلي بلدهم! في إجراء متعسف وغير مفهوم.. السؤال: ماذا لو كان المتجمهرون أعلنوا تأييدهم ودعمهم للرئيس الحالي هل كانت ستتخذ الداخلية نفس الإجراءات بحقهم؟» وغيرها الكثير من التعليقات التي وصلت في بعض الأحيان إلي الإعلان عن تأييد عدد من الكويتيين للبرادعي ضد الحزب الحاكم في مصر ورئيسه ونجله. لعل هذه التعليقات هي أكبر دليل علي أن كتابنا لديهم من النفاق ما يجعلهم يمتدحون موقفًا قامت به حكومة الكويت لمجرد أنه يخدم مصالح النظام الذي يعيشون في كنفه ويستمدون قوتهم من وجوده.