ترددت أنباء في الفترة الأخيرة، تفيد بأن اتحاد الصحفيين العرب يعتزم تكريم الرئيس التونسي زين العابدين بن علي وإهداءه درع الاتحاد، وذلك خلال الجمعية العمومية المزمع انعقادها بتونس في شهر إبريل الحالي. ويبدو الخبر شيئًا عاديًا، وكثيرًا ما يحدث، حيث دأبت أغلب المؤسسات العربية الرسمية علي منافقة الرؤساء العرب، والإغداق عليهم بهدايا وتكريمات غير مبررة مكافأة لهم علي إنجازات وهمية لم يسمع بها أحد، ولكن أن يأتي هذا التكريم من اتحاد الصحفيين العرب، وأن يوجه للرئيس التونسي تحديدا، فهو ما يعتبر إنجازا غير مسبوق علي طريق الموالسة. فيبدو أن مسئولي الاتحاد لا يعلمون شيئا عن وضع الصحافة وحرية التعبير في تونس هذه الأيام، حيث يأتي هذا التكريم من قبل المؤسسة التي من المفترض أنها تعبر عن كل الصحفيين العرب، وتدافع عن مصالحهم وحقوقهم وتتصدي لكل من يحاول الانتقاص منها، في الوقت الذي ترزح فيه الصحافة التونسية المستقلة تحت وطأة القمع والمصادرة والتضييق والملاحقة، حتي أن تونس أضحت تحتل المرتبة 154 عالميا من حيث حرية التعبير من بين 173 دولة!! وكأن الاتحاد يكافئ زين العابدين علي سياساته القمعية. فقد سجل تقرير منظمة مراسلون بلا حدود للأشهر الثلاثة الماضية من عام 2010 في تونس، والذي وصف الصحافة بتونس بأنها مهنة المعاناة، عدم إحراز أي تقدم ملحوظ لحرية الصحافة من يوم تقلد زين العابدين السلطة في 1987، مؤكدا أن البلاد تشهد تقلصًا لمساحة الحريات منذ إعادة انتخابه في أكتوبر 2009. فما هي الرسالة التي يريد القائمون علي الاتحاد إرسالها لكل الصحفيين في الوطن العربي بتكريم الرجل الذي دخلت تونس بفضل سياساته ضمن لائحة الدول الأشد قمعا لمستخدمي الإنترنت حسب تقرير لجنة حماية الصحفيين. «كنا قد فقدنا الثقة في اتحاد الصحفيين العرب، ولكن تكريمه لعدو الصحافة الأول في الوطن العربي، أكد أنه أصبح مؤسسة متواطئة». بهذه الكلمات عبر جمال عيد - المدير التنفيذي للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان - عن مدي صدمته. حيث أكد عيد، الممنوع من دخول الأراضي التونسية بسبب مشاركته في عدة تقارير حقوقية انتقدت تردي حرية التعبير في ظل حكم بن علي، أن هذا التكريم مدفوع الثمن ولا يعبر عن رأي الصحافة المستقلة في تونس، والتي لم يعد لها وجود علي حد تعبيره، بعدما أبعد أغلب الصحفيين المستقلين خارج البلاد ومن بقي منهم فهو داخل السجون. في حين رفض حاتم زكريا سكرتير نقابة الصحفيين بمصر القطع بمدي صحة الخبر من عدمه، مكتفيا بالقول إن مثل هذه التكريمات عمل روتيني يقوم به الاتحاد لأي بلد عربي يوجد بها، مثلما حدث مع ملك الأردن وسلطنة عمان. وانتقد زكريا تعامل الصحافة مع مثل هذه الإجراءات الدبلوماسية وتضخيم الأمور، مؤكدا أن هذا التكريم لم يتم حتي الآن، وإن حدث فهو مثل هدية يتقدم بها أي شخص لدي زيارة صديق، ولا تعبر عن أي شيء آخر. فإن كان الاتحاد يقدم علي هذه الخطوة عن جهل بانتهاكات بن علي، فهي فضيحة تطول كل مسئولي الاتحاد، أما إن كان التكريم عن عمد، ومع علم بكل ما تشير إليه التقارير الحقوقية لوضع الصحافة في تونس، فإنها قطعا فضيحة أكبر.