أصدر اتحاد الصحفيين العرب بياناً أعرب فيه عن الأسف إزاء عدم تحسن أوضاع الصحافة العربية، كما حذر من أن تؤدي القيود السالبة للحرية والانتهاكات الواسعة التي تمارسها بعض الحكومات العربية إلي دخول الصحافة العربية في مراحل الانحسار. قرأت البيان السابق الذي صدر بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة وضربت كفاً بكف..و سبب دهشتي أنني كنت أتصور أن أوضاع الصحافة العربية وأحوالها هي في المستوي الذي يرضي عنه اتحاد الصحفيين العرب ويسعد به، وكنت أعتقد أن المواطنين العرب أو القراء فقط الذين يحق لهم الشكوي من الحال المايلة للصحافة العربية التي تتعرض لانتهاكات فظيعة متوالية من الأنظمة العربية، أما اتحاد الصحفيين العرب فليس له أن يشكو من هذه الأحوال وهو الذي قام في الأسبوع الماضي بتكريم الرئيس التونسي زين العابدين بن علي وتسليمه درع الاتحاد باعتباره راعي الحريات ونصير الصحافة الحرة والأستاذ الذي قدم للعالم تطبيقات يتعلمون منها ونماذج يحتذونها في حماية الصحافة والصحفيين!. ولهذا لم يتردد الأستاذ إبراهيم نافع رئيس اتحاد الصحفيين العرب في تكريم زين العابدين بن علي ومنحه الدرع، وكذلك لم يتردد ملحم كرم نائب رئيس الاتحاد في إطلاق أهزوجة وهو في حضرة الرئيس التونسي وصفه فيها بأنه «صديق الصحفيين العرب وصديق الإعلام في العالم والقائد الذي يشجع ويدعم الكلمة والحرية والديمقراطية». هذه هي الحيثيات التي قدمها مسئولو اتحاد الصحفيين العرب وهم يمنحون جائزتهم القيمة للرئيس التونسي. وربما كانت مصادفة أن يكون يوم التكريم هو يوم خروج الصحفي التونسي المعارض توفيق بن بريك من السجن بعد ستة أشهر، ولعل من أسباب التكريم التي لقيها الرئيس التونسي أن لديه صحفيين يدخلون السجن ويخرجون أحياء!. لهذا فإنني وقياساً علي أوضاع حرية الصحافة في تونس التي يعرفها الجميع اعتقدت أن هذا الوضع يمثل من وجهة نظر اتحاد الصحفيين العرب النعيم والهنا اللذين ينشدهما الاتحاد لأعضائه وإلا لم قُدم درع الاتحاد للرئيس التونسي مكافأة له وحافزاً لغيره من الحكام الذين سيتعين عليهم أن يقطعوا شوطاً كبيراً قبل أن يتمكنوا من استلهام تجربة بن علي وتطبيق المعايير التونسية في الأداء الصحفي وسط أجواء الحرية المنعشة التي استحقت المكافأة ونالت الدرع؟! ولقد حظي تقديم درع الاتحاد للرئيس التونسي بانتقادات واسعة في أوساط الصحافة العربية طوال الأسبوع الماضي وصدرت تصريحات تسخر من الاتحاد وتتندر من تحوله إلي ناد لممثلي وزارات الإعلام العربية، وصرحت راضية النصراوي رئيسة الجمعية التونسية لمناهضة التعذيب بأن تقديم الجائزة للرئيس التونسي هو من قبيل الاستفزاز لكل الصحفيين التونسيين في ظل المحاكمات والاعتداءات الصارخة بحق عدد من الصحفيين، وأضافت أن بن علي من أكبر المعتدين علي حرية الصحافة حيث شهدت السنوات الماضية إغلاق ومضايقة العديد من الصحف، وبالتالي فإن هذا التكريم يمس مصداقية ونزاهة اتحاد الصحفيين العرب بشكل واضح وتساءلت مستنكرة: «من الذي سيثق في منظمة مثل هذه بعد الآن؟». وهناك غير هذا الكثير من ردود الأفعال التي صدرت عن الصحفيين وعن منظمات المجتمع المدني في معظم البلاد العربية تندد بما فعله اتحاد الصحفيين العرب من تكريم حاكم لم يعرف عنه احترام حرية الصحافة. وفي الحقيقة فأنني غير مشغول بموقف الاتحاد العربي للصحفيين العرب وما إذا كان مناصراً لحرية الصحافة أم مناصراً للطغاة، لكن ما يعنيني هو أن يكون لهم موقف واضح يتمسكون به ويدافعون عنه، أما أن يكرموا رجلاً عُرف باضطهاد الصحفيين وبعد يومين يصدرون بياناً يأسي علي الحريات المهدرة فهذا مما يعرضهم لانتقادات ليس آخرها ما فعلته أم توتو وهي تتحدث عن الاتحاد ورجاله بكلام أبيح أخجل من تكراره!.