اكد وزير الخارجية محمد عمرو إن الأزمة الحالية في مالي هي أحد أعراض الأوضاع الأمنية والإنسانية والاقتصادية المتفاقمة في المنطقة، التي تخلق الظروف المواتية لانتشار جماعات الجريمة المنظمة بما في ذلك الاتجار في السلاح والمخدرات، كما تساعد على انتشار الجماعات والحركات المسلحة. وقال فى كلمة مصر امام اجتماع فريق الاتصال الوزاري المعني بمالي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي المنعقد اليوم بجدة ان هذا يستدعي تضافر الجهود بين مختلف الأطراف الإقليمية والدولية، لتقديم الدعم والمساندة لجهود دول المنطقة في مواجهة هذه التحديات، وتلبية الاحتياجات التنموية لشعوبها، بما يسهم في معالجة جذور الأزمة، وحتى لا يكون تعاملنا فقط مع الأعراض بعد تفاقم الأوضاع.
واضاف فى هذه الكلمة التى تم تعميمها بالقاهرة لقد أكدت مصر على ضرورة التعامل مع الأزمة في مالي من منظور شامل، يتناول عدة مسارات: المسار الفكري المرتبط بنشر مبادئ الإسلام الصحيح، وهو المسار الذي تعتزم مصر مواصلة إسهامها فيه من خلال دور الأزهر الشريف في نشر تعاليم الدين الصحيح وتأهيل وإعداد الأئمة الماليين، وكذلك المسار الأمني بتعزيز التعاون بين دول المنطقة وبناء قدراتها في مجالات ضبط الحدود ومكافحة الجريمة المنظمة، وذلك بالتوازي مع العمل على المسار التنموي الذي تبرز أهميته الفائقة، حيث أن التنمية تعد عنصراً رئيسياً لتحقيق الأمن والاستقرار المنشودين والدائمين.
وقال أن مصر في إطار رئاستها لمنظمة التعاون الإسلامي، تحرص على إيلاء أهمية خاصة لمعالجة الأزمة في مالي من جميع جوانبها السياسية والإنسانية والأمنية، وكذا تقديم الصورة الصحيحة للإسلام، والتأكيد على عدم الخلط بين الإسلام والإرهاب.
واشار الى إن مصر تأمل في إجراء الانتخابات المالية في موعدها المقرر خلال شهر يوليو 2013، وتؤكد استعدادها لتقديم الدعم اللازم للحكومة الانتقالية للتغلب على العقبات الفنية واللوجستية، وبما يتيح عقد انتخابات حرة ونزيهة بمشاركة جميع المواطنين الماليين، وخاصة في ظل ما اكتسبته مصر الثورة من خبرات في هذا المجال من خلال تنظيم الانتخابات البرلمانية والرئاسية والاستفتاء على الدستور بمشاركة ملايين المصريين داخل البلاد وخارجها.
واكد على أهمية الجهود الجارية لصياغة استراتيجية عاجلة لإعادة الإعمار والتنمية في مالي، والتكاتف بين جميع الدول والتجمعات الإقليمية والدولية لوضع هذه الاستراتيجية حيز التنفيذ. وقال إن مصر تدعو جميع الدول الأعضاء، انطلاقاً من روح التضامن والمسئولية المشتركة، إلى المساهمة في مؤتمر المانحين الدولي رفيع المستوى المرتقب عقده لدعم مالي في بروكسل منتصف الشهر الجاري بهدف حشد التمويل اللازم لتحقيق الإنعاش والتنمية، وإصلاح الضرر الذي شهدته مالي على الصعيد الاقتصادي، لاسيما وأن هذا المؤتمر يستند إلى خطة للتنمية تتميز بالملكية الوطنية، أعدتها السلطات المالية وفقاً لرؤيتها وأولوياتها الوطنية.
وذكر انه من هذا المنطلق، فقد أعلنت مصر خلال القمة الأفريقية الأخيرة بأديس أبابا في يناير 2013 عن إطلاق مبادرة في إطار النيباد لتحقيق الأمن الغذائي ومواجهة الجفاف في منطقة الساحل، إيماناً بأن الأمن الغذائي هو أحد أركان الأمن الشامل لشعوب المنطقة. كما عرضت مصر استضافة اجتماع للخبراء حول اعادة الاعمار والتنمية في مالي، وهو العرض الذي رحب به مجلس السلم والأمن الأفريقي في اجتماعه يوم 7 مارس 2013، ويجري حالياً التنسيق مع مفوضية الاتحاد الأفريقي والحكومة المالية لصياغة تصور متكامل لمحاور الاجتماع والنتائج المرجوة منه.
واضاف انه لا يفوتني التأكيد على أهمية تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة للتخفيف من معاناة المواطنين الماليين، بالإضافة إلى آلاف النازحين داخلياً واللاجئين بدول الجوار، وهو الأمر الذي يمكن أن تقوم فيه منظمات الإغاثة الإنسانية ومنظمات المجتمع المدني بالدول الأعضاء بدور رئيسي. ومن جانبها، فقد حرصت مصر من خلال الصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا ومنظمات المجتمع المدني المصرية على توفير المعونات الإنسانية والغذائية والدوائية العاجلة للأشقاء الماليين.
وقال أنه من الضروري العمل بخطوات حثيثه نحو تفعيل مقررات القمة الإسلامية الأخيرة بالقاهرة فيما يتعلق بإنشاء صندوق خاص على أساس طوعي لدعم التنمية الاقتصادية في مالي، وكذلك قيام الأمين العام بالتشاور مع حكومة مالي والاتحاد الإفريقي وتجمع الإيكواس والشركاء الدوليين على الصعيدين الثنائي والمتعدد الأطراف بشأن استراتيجية إعادة الإعمار وتحقيق التنمية المستدامة في مالي، وتدعيم مساهمة منظمة التعاون الإسلامي في هذا الإطار، فضلاً عن قيام المنظمة الإسلامية للتعليم والعلوم والثقافة "إيسيسكو" بالمشاركة في حماية التراث والمواقع الثقافية في مالي، وإصلاح ما تعرضت له من دمار.
وشدد على إن التحديات التي تشهدها مالي في سبيل إرساء الاستقرار وتحقيق السلام والتنمية، تتطلب تضافر جميع الجهود لتحقيق المستقبل المشرق الذي يستحقه الشعب المالي الشقيق. ويطيب لي أن أُعرب عن كامل ثقتي في أن اجتماعنا اليوم، وما سيخرج به من قرارات، سيكون خطوة بارزة على هذا الطريق.