أكد محمد كامل عمرو، وزير الخارجية، أن مصر في إطار رئاستها لمنظمة التعاون الإسلامي، تحرص على إيلاء أهمية خاصة لمعالجة الأزمة في مالي من جميع جوانبها السياسية والإنسانية والأمنية، وكذا تقديم الصورة الصحيحة للإسلام، والتأكيد على عدم الخلط بين الإسلام والإرهاب. وجدد الوزير - في البيان الذي ألقاه أمام اجتماع فريق الاتصال الوزاري المعني بمالي والتابع لمنظمة التعاون الإسلامي والمنعقد اليوم بجدة - تأكيد دعم مصر الكامل لوحدة مالي وسيادتها وسلامة أراضيها، وتضامنها الكامل مع الشعب المالي ووحدته الوطنية في مواجهة كافة ما يشهد من تحديات . وأشاد عمرو بالدور الفاعل الذي يقوم به الاتحاد الأفريقي وتجمع الإيكواس في تسوية الأزمة في مالي منذ بدايتها، من خلال دعم جهود استعادة الأوضاع الدستورية في البلاد، وصياغة خارطة الطريق لإنهاء المرحلة الانتقالية وإجراء الانتخابات، ورعاية جهود الحوار بين الحكومة والأطراف المالية التي أعلنت نبذها للعنف وتمسكها بالمصالحة الوطنية والحفاظ على وحدة البلاد ، فضلا عن دعم جهود الحكومة المالية لبسط سيطرتها على كامل أراضيها .. معربا عن أمله في إيجاد تعاون وتنسيق مستمرين بين جهود المبعوث الخاص لمنظمة التعاون الإسلامي والدور الذي يقوم به الاتحاد الأفريقي والإيكواس في هذا الإطار. ونوه باعتماد البرلمان المالي لخارطة الطريق الانتقالية .. داعيا كافة الأطراف المالية إلى إعلاء المصلحة الوطنية فوق أي اعتبار، حيث أنه لا بديل عن الحوار الوطني البناء للتوصل إلى تسوية شاملة للازمة .. مرحبا في ذات السياق باللجنة الوطنية للحوار والمصالحة التي شكلتها الحكومة المالية وفقا لخارطة الطريق الانتقالية. وقال محمد عمرو "إن مصر تأمل في إجراء الانتخابات المالية في موعدها المقرر خلال شهر يوليو 2013، وتؤكد استعدادها لتقديم الدعم اللازم للحكومة الانتقالية للتغلب على العقبات الفنية واللوجستية، وبما يتيح عقد انتخابات حرة ونزيهة بمشاركة جميع المواطنين الماليين، وخاصة في ظل ما اكتسبته مصر الثورة من خبرات في هذا المجال من خلال تنظيم الانتخابات البرلمانية والرئاسية والاستفتاء على الدستور بمشاركة ملايين المصريين داخل البلاد وخارجها". وأضاف "أن الأزمة الحالية في مالي هي أحد أعراض الأوضاع الأمنية والإنسانية والاقتصادية المتفاقمة في المنطقة، التي تخلق الظروف المواتية لانتشار جماعات الجريمة المنظمة بما في ذلك الاتجار في السلاح والمخدرات ، وهو ما يستدعي تضافر الجهود بين مختلف الأطراف الإقليمية والدولية، لتقديم الدعم والمساندة لجهود دول المنطقة في مواجهة هذه التحديات ويساهم في معالجة جذور الأزمة". وشدد عمرو على ضرورة التعامل مع الأزمة في مالي من منظور شامل .. موضحا رؤية مصر في هذا المجال الذي يتناول عدة مسارات: المسار الفكري المرتبط بنشر مباديء الإسلام الصحيح، وهو المسار الذي تعتزم مصر مواصلة إسهامها فيه من خلال دور الأزهر الشريف في نشر تعاليم الدين الصحيح وتأهيل وإعداد الأئمة الماليين ، وكذلك المسار الأمني بتعزيز التعاون بين دول المنطقة وبناء قدراتها في مجالات ضبط الحدود ومكافحة الجريمة المنظمة . وأكد ضرورة أن يتم ذلك بالتوازي مع العمل على المسار التنموي الذي تبرز أهميته الفائقة، حيث أن التنمية تعد عنصرا رئيسيا لتحقيق الأمن والاستقرار المنشودين والدائمين. وأكد محمد كامل عمرو وزير الخارجية أهمية الجهود الجارية لصياغة استراتيجية عاجلة لإعادة الإعمار والتنمية في مالي، والتكاتف بين جميع الدول والتجمعات الإقليمية والدولية لوضع هذه الاستراتيجية حيز التنفيذ .. داعيا جميع الدول الأعضاء إلى المساهمة في مؤتمر المانحين الدولي رفيع المستوى المرتقب عقده لدعم مالي في بروكسل منتصف شهرمايو الجاري بهدف حشد التمويل اللازم لتحقيق الإنعاش والتنمية، وإصلاح الضرر الذي شهدته مالي . وقال "إنه من هذا المنطلق، فقد أعلنت مصر خلال القمة الأفريقية الأخيرة بأديس أبابا في يناير 2013 عن إطلاق مبادرة في إطار النيباد لتحقيق الأمن الغذائي ومواجهة الجفاف في منطقة الساحل ، كما عرضت مصر استضافة اجتماع للخبراء حول إعادة الإعماروالتنمية في مالي، وهو العرض الذي رحب به مجلس السلم والأمن الأفريقي في اجتماعه يوم 7 مارس 2013، ويجري حاليا التنسيق مع مفوضية الاتحاد الأفريقي والحكومة المالية لصياغة تصور متكامل لمحاور الاجتماع والنتائج المرجوة منه ". وشدد محمد عمرو على أهمية تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة للتخفيف من معاناة المواطنين الماليين، بالإضافة إلى آلاف النازحين داخليا واللاجئين بدول الجوار، وهو الأمر الذي يمكن أن تقوم فيه منظمات الإغاثة الإنسانية ومنظمات المجتمع المدني بالدول الأعضاء بدور رئيسي .. مؤكدا أن مصر حرصت من خلال الصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا ومنظمات المجتمع المدني المصرية على توفير المعونات الإنسانية والغذائية والدوائية العاجلة للأشقاء الماليين. وجدد تأكيده عى أهمية العمل بخطوات حثيثة نحو تفعيل مقررات القمة الإسلامية الأخيرة بالقاهرة فيما يتعلق بإنشاء صندوق خاص على أساس طوعي لدعم التنمية الاقتصادية في مالي، وكذلك قيام الأمين العام بالتشاور مع حكومة مالي والاتحاد الإفريقي وتجمع الإيكواس والشركاء الدوليين على الصعيدين الثنائي والمتعدد الأطراف بشأن استراتيجية إعادة الإعمار وتحقيق التنمية المستدامة في مالي، وتدعيم مساهمة منظمة التعاون الإسلامي في هذا الإطار، فضلا عن قيام المنظمة الإسلامية للتعليم والعلوم والثقافة (إيسيسكو) بالمشاركة في حماية التراث والمواقع الثقافية في مالي، وإصلاح ما تعرضت له من دمار. واختتم الوزير كلمته قائلا أن التحديات التي تشهدها مالي في سبيل إرساء الاستقرار وتحقيق السلام والتنمية، تتطلب تضافر جميع الجهود لتحقيق المستقبل المشرق الذي يستحقه الشعب المالي الشقيق.. مؤكدا ثقته في أن اجتماع اليوم، وما سيخرج به من قرارات، سيكون خطوة بارزة على هذا الطريق . وأعرب كامل عمرو عن تقديره لجهود منظمة التعاون الإسلامي في التعامل مع الأزمة في مالي، وهي الجهود التي أسفرت خلال مؤتمر القمة الإسلامية الذي استضافته القاهرة في فبراير 2013 عن تشكيل فريق الاتصال الوزاري التابع للمنظمة والمعني بمالي، فضلاعن تعيين الوزير جبريل باسولي مبعوثا خاصا لمالي ومنطقة الساحل لقيادة جهود المنظمة في دعم المصالحة والحوار بين الأطراف المالية المعنية، والمساهمة في عملية التنميةوتحقيق الاستقرار.