في هذا الفصل الرابع من « كتاب مرسي » نتطرق إلى إحدى وعود محمد مرسي الإنتخابية التي أخذها على عاتقه قبل جولة الإعادة. « لن يقصف قلم »
تعهد محمد مرسي مرشح حزب الحرية والعدالة في الانتخابات الرئاسية أن ذاك في أحد البرامج التليفزيونية، بعدم المساس بالحريات الإعلامية، مؤكدًا أنه: «لا مساس بحرية الإعلام، ولن يُقصف قلم أو يمنع رأي، أو تغلق قناة أو صحيفة في عهدي»، وأضاف مرسي أن المصريين سيختارون المستقبل والرخاء والتنمية، مضيفًا بقوله: «المصريين واعيين أوي وواخدين بالهم أوي اللي فات كان إيه، واللي جاي مع محمد مرسي في الحرية والاستقرار هيبقى إيه».
لقد كان من المتوقع ان يواجه محمد مرسي وتيار الإخوان عموماً بعد فوزهم بالمقعد الكبير معارك وامتحانات صعبة وبعضها قد يكون مفتعلاً، لكن فيما يتعلق بحرية التعبير، فإن الأمر لا يتعلق بالمكايدة السياسية والرد على الخصوم أو البناء على الوضع الراهن بكل ما فيه بقدر ما يتعلق بإحدى الأسس التي لا غنى عنها لبناء مجتمع ديمقراطي حقيقي انتفض المصريون وقدموا تضحيات غالية من أجله.
كان الإمتحان أمام مرسي وجماعته صعب في أن تصبح حرية التعبير حقيقة راسخة في المجتمع المصري، حيث لن يكون بإمكان أي مصري ان يلمس الفارق بين العهد السابق وعهد أول حكومة جاءت بها الثورة. الدولة المدنية لا تعني أن يكون الرئيس مدنياً فحسب، بل تعني أساساً دولة ديمقراطية قائمة على الحريات الفكرية والسياسية والاجتماعية المكفولة للجميع، وقد فشل محمد مرسي ومن خلفه جماعة الإخوان المسلمين في هذا الإمتحان بامتياز، فلم يضعوا نصب أعينهم ان المهمة هي "المستقبل" وليس "الراهن". بعبارة أخرى، بناء أسس دولة ديمقراطية فاعلة ومحصنة ضد كل عناصر التأزيم وليس بناء الدولة التي يريدها تيار الإخوان، وأحد أهم الأسس لهذه الدولة هو حرية التعبير.
فما كان من محمد مرسي القليل الحيلة إعلامه الرديء سواء كان مقروء أو مرأي.. في مواجهة الإعلام الخاص الذي لا يتوانى عن فضح سوءاته هو وحكومته وإخوانه ومحبيهم، إلا أن يسير على نهج مبارك بل يتجاوزه بمراحل عديدة.
( على سبيل المثال لا الحصر ) وفضلاً عن غلق قناة الفراعين وإيقاف توفيق عكاشة الذي كان بالصدفة صاحب الفضل في أول ظهور لمحمد مرسي على الفضائيات في نفس القناة قبل الثورة ومصادرة أعداد صحيفة الدستور وحبس الصحفي إسلام عفيفي.. فقد أقال محمد مرسي الصحفي جمال عبد الرحيم رئيس تحرير جريدة الجمهورية على خلفية مقاله "الخارجون عن عباءة الإخوان"، تقدمت رئاسة الجمهورية ببلاغ للنائب العام علي خلفية حلقة يوم 23 نوفمبر من برنامج آخر النهار والتي استضاف فيها الإعلامي محمود سعد الدكتورة منال عمر استشاري الطب النفسي،
وقدمت خلال الحلقة تحليلا نفسيا للرئيس.، وفي 10 ديسمبر تقدمت رئاسة الجمهورية ببلاغ للنائب العام ضد الكاتبة الصحفية علا الشافعي وخالد صلاح رئيس تحرير جريدة اليوم السابع علي خلفية مقال للكاتبة نشر علي صفحات الجريدة بعنوان "جواز مرسي من فؤاده باطل" تنتقد فيه العنف الذي استخدمته جماعة الإخوان المسلمين أمام قصر الاتحادية والذي نتج عنه مقتل متظاهرين سلميين وإصابة وأسر عدد من النشطاء وانتقدت خطاب الرئيس في اليوم التالي الذي اعتبرته يدافع عن أعمال العنف التي ارتكبت من قبل جماعته، وبلاغات ضد إبراهيم عيسى مقدم برنامج "هنا القاهرة" وفي الأسبوع الأول من شهر يناير تقدمت رئاسة الجمهورية ببلاغ ضد الكاتب الصحفي جمال فهمي وكيل نقابة الصحفيين تتهمه بنشر أخبار كاذبة
وقذف رئيس الجمهورية علي خلفية تصريحاته حول حالة مقتل الصحفي الحسيني أبو ضيف أثناء أحداث الاتحادية، ثم بلاغات الرئاسة ضد الإعلامي باسم يوسف مقدم برنامج "البرنامج" صاحب أعلى نسبة مشاهدة في الشرق الأوسط في الشهر الأخير، وبلاغات الرئاسة ضد الإعلامي جابر القرموطي مقدم برنامج "مانشيت" .. ورغم كل هذا تجد جماعة الإخوان المسلمين يأمروا الشيخ الكاذب حازم صلاح أبو إسماعيل بجمع حازميه وشحنهم لممارسة هوايتهم المفضلة بمحاصرة مدينة الإنتاج الإعلامي في مشهد لم يحدث في التاريخ.
ثم تجد الرئاسة تدعي أنها لم تقدم بلاغات ضد أي صحفي، متناسية أو ظناً منها أن الشعب يجهل أن مثل هذه البلاغات لا تقدم إلا بتوكيلات خاصة بالواقعة، ثم بعد تدخل الأمريكان تخرج الرئاسة على الجميع وتصرح بأنها سحبت البلاغات التي إدعت أنها لم تقدمها، كي يستمر مرسي فضح كذبه بنفسه.
هذه واحدة أخرى من وعود محمد مرسي قبل إنتخابه .. ومازال في وعود مرسي الكاذبة بقية.