لم تمر علي واقعة وزير التربية والتعليم التي أرهب فيها مديري المدارس والمدرسين والطلاب خلال زياراته المفاجئة، لم تمر أيام حتي أوقفني أحد الضباط «المدنيين» بجوار سيتي ستارز، وبجواري زوجتي.. وطلب تحقيق الشخصية الخاص بي وأوراق السيارة، ثم طلب أوراق تحقيق الشخصية لزوجتي. وعندما سألته لماذا؟ قال: من حقنا أن نعرف من التي بجوارك في السيارة ونتحقق من شخصيتها؟! ثم دار بيننا الحوار التالي.. سألته: وهل أوراق السيارة وتحقيق شخصيتي لا تكفي؟! وهل قانوني ما تفعله في إطلاعك علي تحقيق شخصية من معي في السيارة؟ قال: أنا مش ح أقول لك حاجة مش قانونية. وتذكرت قانون الطوارئ الذي يعطي الحق للضباط أن يفعلوا ما يشاءون مع من يريدون! ورغم أنه تعرف علي مهنتي كإعلامي «صحفي ومذيع»، فإنه اخترع شيئاً غريباً بعد أن أخذ جانباً لدقيقتين وعاد ليقول لي إن الكمبيوتر قال له إن هناك «شيكاً» ضدي منذ عام 2001 بدون رصيد! وهنا اندهشت لأنني لم أحرر يوماً شيكاً لجهة أو شخص بدون رصيد، وأدركت أنني لم آت علي هوي الضابط «رامي»، وأصر أن يركب معنا السيارة ونذهب إلي نقطة الشرطة الخاصة ب«سيتي ستارز»، ولا أعلم أيضا ما مدي قانونية ركوبه السيارة معنا؟! ولكني تذكرت قانون الطوارئ. وعندما ذهبت معه، سأل زوجتي في السيارة عن علاقتها بي!!! ووصلنا إلي هناك حيث وجود سيادة اللواء «مدير النقطة»، وهنا قال له اللواء إن أ. عاطف يعمل في وزارة الإعلام، وسنتجاوز هذه المرة!! ولا أعلم ما هو التجاوز؟! وسألت سيادة اللواء: عن ماذا تتجاوزون؟! قال: عن مسألة الشيك المحرر ضدك. فقلت له: هذا لم يحدث، وأريد إثبات ذلك، مؤكدا أن هناك خطأ ما، ثم كيف عرف سيادة الضابط «رامي» من خلال مكالمة تليفونية؟ وما الدليل الذي يقدمه لي؟ فسألته وماذا عن اختراق الخصوصية، والازعاج الذي سببه لي ولزوجتي؟! فقال: قل لها إنه سوء تفاهم. فقلت له: لن أكذب عليها.. واشتريت دماغي وذهبت وفي حلقي «غصة» مما يحدث في الشارع المصري. وتساءلت: إذا كان هذا يحدث مع إعلامي مفترض أنه ينتمي لوزارة متعاونة مع وزارة الداخلية، وأنتمي للسلطة الرابعة «الصحافة».. فماذا يحدث مع المواطن البسيط؟! إنها مخالفة «أمن ومتانة» لوزارة الداخلية!!!! المقصود أن نقوم «بترغيب» المواطنين في الوطن في ظل الظروف التي يمرون بها وليس «ترهيبهم». .. ما حدث منذ أيام قليلة في الزيارة المفاجئة لوزير «التربية الأمنية والتلقين» ما هو إلا مشهد مسرحي هزيل، يقوم فيه البطل باستعراض مواهبه الأمنية، وأن «الغربال الجديد» لابد أن تكون له شدّة، وأن هذا الشعب لا يأتي إلا بالكرباج، وأن المدرسين ومديري المدارس هم الذين يحتاجون «التربية» أولاً حتي يستطيعوا.. تربية.. الولاد. ده اسمه كلام يا سعادة الوزير؟! هل تعتقد أن الخلل في مؤسسة التعليم يُعالج بهذه الطريقة؟! وأن ضياع كرامة المعلم أمام التلاميذ سيُصلح من حال المؤسسة ومن حال التعليم في مصر؟! القصة أعمق من ذلك.. الخلل في المناهج، وفي طريقة التعليم داخل المدارس، وفي «التلقين» الذي يُفرغ من مواهب الطلاب، وفي عدم تنمية المهارات، وفي عدم التواصل مع «عقل» الطفل منذ مراحل تعليمه الأساسية. الخلل في طرق التدريس، وطرق الامتحانات، وحتي إذا كان الخلل - وهذا وارد - في المدرس، فليس الحل.. في «ترهيبه» ومسح كرامته أمام التلاميذ.. هل هذا هو «المعلم» الذي ينبغي أن نقف ونوفيه تبجيلا لأنه كاد أن يكون رسولا؟! الحل في تحسين حاله وأوضاعه المالية وتنمية مهاراته ثم محاسبته. إنها مخالفة «أمن ومتانة» ضد وزارة التربية والتعليم أيضا.. فقد اختلت متانة التعليم، وفقد المدرسون أمنهم. ... رغم تفاؤلي الكبير بوجود فضيلة الإمام د. أحمد الطيب علي كرسي مشيخة الأزهر، لأنه أجدر «وأطيب» الأسماء الصالحة لهذا المنصب، إلا فإنني أختلف معه عندما كانت أوائل تصريحاته: لن نلغي تدريس المناهج الدينية من التعليم! وكنت أتوقع من عالم جليل كالدكتور الطيب أن يقول إننا سندرس ما الخطأ في الموجود بالمناهج الدينية ونعالجه، أو سنراجع كيف يتم دمج الدين في التعليم، أو سندرس ما جدوي إلغاء التربية الدينية من عدمه في المناهج. ولكن أن تخرج قرارات أو تصريحات دون دراسة وافية للموضوع محل الحديث.. فهنا الخطر! ... هناك جملة بليغة في «مدرسة المشاغبين» وهي الشكوي لغير الله مذلة! وهذه الجملة تذكرتها عندما قرأت أن أقباط مصر أخذوا يشتكون للبرادعي - حينما زارهم في عيد القيامة - أوضاعهم في مصر، والحال الذي وصلوا إليه.. هذا لمجرد أنه مُحتمل أن يرشح نفسه لرئاسة الجمهورية في الانتخابات المقبلة، ولكن إن دلَّ هذا فإنما يدل علي أنهم «غرقي ويتمسكون إن شا الله بقشة»، وهي مذلة كبيرة أن يصل بهم الأمر لهذا الحال، والمذلة الأكبر أنهم يشتكون لغير الله. أما عن الغائبين منذ سنوات في الذهاب إلي قداس عيد القيامة المجيد، فليس له معني غير أن الدولة تختلف عقائدياً مع مفهوم القيامة، وحتي إن كان هكذا، فهذا دليل علي أننا لا نقبل الآخر ولا نقبل ثقافة الاختلاف من أساسه، فلا أعتقد أن هناك من لام د. البرادعي أو غيره ممن ذهبوا لتهنئة قداسة البابا والأقباط في قداس القيامة، أو أن عقيدتهم اختلفت.. فإذا كانت هذه المفاهيم تخرج من رموز الوطن.. فماذا ننتظر من رجل الشارع البسيط؟! .. يظل الملك محمد منير هو صمام أمان الغناء في مصر، ورغم أن الساحة الغنائية مُحبطة للغاية فإن منير يظل هو الفارس الوحيد الذي يحارب في هذه الساحة بمفرده ويجتذب الشباب في مختلف الأعمار إلي صوته وكلماته وأدائه ورشاقة أغانيه، لا يزال يذكرني صوتك يا «.. ملك» بنهر النيل وسمرته، مازلت أصر أنه «لسه الأغاني ممكنة»، فأنت بجد.. «حدوتة مصرية».