ثلاثة أخبار نشرتها صحف أمس الأول أعادتنا كلها إلي الوراء سنوات..وأكدت أن ما نكتبه مجرد دخان في الهواء..وأن هذا الوطن لن يتقدم خطوة طالما ظل هذا النظام وتلك الأفكار هي التي تحكمنا. الخبر الأول جاء علي لسان أمين سياسات الحزب الوطني جمال مبارك والذي قال بصراحة وثقة إنه ليس مطروحاً الآن إجراء أي تعديلات دستورية قبل الانتخابات القادمة..يعني علي بلاطة اخبطوا رؤوسكم في الحائط..يريد جمال مبارك بتلك التصريحات أن يؤكد للجميع أنه وصحبه هم فقط من يقررون ما يشاءون وقتما يشاءون..وبهذا التصريح أيضاً.. بعث جمال رسالة واضحة إلي كل من يفكر في خوض انتخابات الرئاسة القادمة ضد مرشح الوطني عنوانها (ولا حركة).. لكن جمال مبارك كان (كريماً) مع هؤلاء فلم ينكر حقهم في طرح رؤاهم حول الانتخابات الرئاسية..لكن الوطن (الذي يعرف جمال وأتباعه مصلحته جيداً) يركز حالياً علي الانتخابات التشريعية حسبما قال. أرجو ألا تسأل مثلي عن الحيثية والثقة والحسم التي يتحدث بها جمال مبارك. الخبر الثاني جاء علي لسان صفوت الشريف أحد دهاة السلطة..والذي أعلن ولأول مرة عن أن حسني مبارك هو مرشح الحزب الوطني في أي انتخابات رئاسية مقبلة..وهذا هو أول تصريح واضح لمسئول قيادي بالدولة والحزب - بحجم صفوت الشريف- يحدد فيه بالاسم شخصية مرشح الوطني في الانتخابات القادمة..لا يمكننا طبعاً أن نحجر علي حق الأمين العام للحزب الحاكم تسمية مرشح حزبه..كما لا ننكر حق الرئيس مبارك في الترشح مرة سادسة..حيث سيخرج علينا دكاترة الحزب أمثال هلال وشهاب وسرور ليؤكدوا عدم تعارض هذا الترشيح مع نصوص الدستور. ترشيح مبارك ليس مفاجئاً حيث توقعه البعض وكتبته هنا أكثر من مرة..لكن أهميته أنه ينقل حياتنا السياسية برمتها إلي مناطق بعيدة للحوار والتفكير..فهذا الترشيح مثلاً سيغلق الباب بالضبة والمفتاح أمام إمكانية ترشيح شخصيات بقامة البرادعي أو عمرو موسي.. (وهل هناك من يجرؤ علي منافسة الرئيس؟!) كما أنه يغلق الحديث عن التغيير السياسي..حيث كان الأمل معقوداً علي أنه مع انتهاء فترة حكم الرئيس مبارك -بما لها وعليها- فإن مرحلة جديدة وحقيقية في حياتنا السياسية سوف تبدأ..بينما يكرس ترشيح الرئيس مبارك سياسة بقاء الحال كما هي عليه.. خاصة أن الرئيس وفي تلك المرحلة العمرية لن يكون هو جسر المرحلة الانتقالية بين عصر مضي وجديد آت. الخبر الثالث والأخير جاء علي لسان رئيس الاتحاد العام لعمال مصر حسين مجاور..الذي أعلن باسم 23مليون عامل مصري عن مطالبتهم الرئيس مبارك ترشيح نفسه للمرة السادسة..هذا خبر من حيث القيمة لا يستحق التوقف أمامه كثيراً لأنه صورة طبق الأصل من النفاق الجاري منذ الثورة وحتي الآن..فهل حصل مجاور علي توكيل من كل عامل مصري طالبه فيه بترشيح الرئيس؟! الأخبار الثلاثة السابقة لا يمكن ألا يكون بينها رابط..حيث نشرت دفعة واحدة وفي يوم واحد مما يعني أن الحكم قرر عدم ترك الساحة خالية..بعد أن شعر بترشيح شخصيات ذات ثقل وقامة..فهل خشي وقوع ما لا يتوقعه فقرر أن ينزل بثقله ويرمي بأكبر أوراقه علي الإطلاق..وهي ورقة ترشيح مبارك والتي تحمل الكثير في تلك المعركة السياسية لكنها أيضاً تمنع الكثير وتلك قضية أخري.