ربما لا يعلم كثير من الزملاء فى مهنة الصحافة، تاريخ نقابة الصحفيين، وربما ليس هذا شأنا عاما يهتم به الناس كثيرا، لكن نتيجة انتخابات التجديد النصفى لمجلس نقابة الصحفيين التى أعلنت نتائجها بعد منتصف ليل الجمعة، وقبلها انتخابات منذ عامين تعيد نقابة الصحفيين للتسعينات، وما أدراك ما التسعينات، مع الاعتذار لممثل جماعة الإخوان فى قصر الاتحادية. أهم نتائج انتخابات الصحفيين هزيمة مرشحى الإخوان المسلمين،فلم يفز منهم أحد، وهو نفس ما حدث قبل عامين أيضا، ثم فوز الزميلة المصرية حنان فكرى، وهى مسيحية الديانة، لكننا فى نقابة حرة، لا يصوت أعضاؤها على أساس الدين أو الانتماء للجماعة.
وبهذه النتيجة تعود نقابة الصحفيين كما كانت فى التسعينات، وما ادراك ما التسعينات، فى هذه الفترة كان سكرتير عام النقابة الصحفى الكبير، مسيحي الديانة فيليب جلاب، واليوم لدينا تمثيل مسيحى نتمنى أن يتواصل. فى التسعينات فازت زميلتان بعضوية مجلس النقابة إلى جانب عشرة رجال هما النقابية المخضرمة أمينة شفيق، والزميلة شويكار الطويلة، تماما كما لدينا ألان زميلتان هما عبير سعدى وحنان فكرى.
وفى التسعينات لم يدخل مجلس النقابة أى عضو إخوانى، قبل أن يتحالف معهم إبراهيم نافع ويأتى بصلاح عبد المقصود كأول إخوانى فى صفوف النقابة، مع العلم أن محمد عبد القدوس الشهير بمحمد ابو ميكرفون كان عضوا فى التسعينات، ولا يزال لشخصه، وليس لانتمائه التنظيمى، ولو خرج فى القرعة ورشح نفسه ما عاد إلى مجلس النقابة مرة أخرى.
صحفيو الألفية الثالثة، الذين لم يعيشوا فترة التسعينات، يعيدون تشكيل مجلس نقابة بنفس مواصفات مجالس التسعينات، حيث يسيطر اليسار القومى والناصرى، مع تمثيل لنقابيين اشتهروا بتقديم الخدمات النقابية لزملائهم، وغاب الإسلاميون، أو غيبهم الصحفيون، الذين كانوا دائما هم مشعل التغيير ومقدمته فى المجتمع المصري.
اليوم يهزم الصحفيون الإخوان فى نقابتهم ليقدموا نموذجا للتغيير، وتعبيرا عن الإرادة الشعبية الكارهة والرافضة للسيطرة الإخوانية على السلطة وعلى مفاصل الدولة.. قد ينجح مجلس الشورى الإخوانى فى وضع محسوبين على الجماعة فى مقاعد رؤساء مجالس إدارات وتحرير الصحف القومية، لكنهم لن يستطيعوا ولن يفلحوا فى خنق إرادة التغيير والمقاومة التى تنطلق دائما من قلب نقابة الصحفيين فى قلب القاهرة.
وحتى حينما اختار الصحفيون فى الثلاثين عاما الماضية نقباء محسوبين أو قريبيين من الحكومة، كانت إرادة الصحفيين تأتى دائما بمجلس نقابة تغلب المعارضة الوطنية على تشكيله، والآن تعود نقابة الصحفيين حرة، وخالية من الإخوان، وقادرة على نقل روح التغيير والتمرد والثورة إلى كل مكان فى مصر.. كما كانت فى التسعينات.. وما أدراك ما التسعينات.. التى رفضت فيها نقابة الصحفيين التطبيع مع إسرائيل، واسقطت قانون حبس الصحفيين.. واحتوت الإخوان وفتحت لهم أبوابها حين لم يكن لديهم مكان للتعبير.. لكن هذه الأبواب أغلقت الآن بالضبة والمفتاح.