لم تتوقف المبادرات التى أطلقتها الشخصيات العامة والأحزاب السياسية والهيئات للخروج من الأزمة السياسية الراهنة كان أخرها المبادرة التى أطلقها الأزهر الشريف وكلها تمحورت بالأساس على ما سمي ب "نبذ العنف"، وحزب التحالف الشعبي الاشتراكي، مع تأكيده على احترام سلمية الثورة وجميع الاحتجاجات والمسيرات، لا أنه يتحفظ على كل هذه المبادرات ونتائجها، فهي من ناحية لا تميز بين من يمارس العنف ومن يقاومه بالاحتجاج المشروع، فهذه المبادرات في جوهرها قد أطلقت لإنقاذ سلطة الاستبداد، أي المسئول الأساسي لكل هذا العنف، فالجماعة التى تحكم هى من بادرت بالعنف وشرعته. أفراد الجماعة هم من هاجموا منصة المعارضة فى مليونية حساب المائة يوم، والجماعة الحاكمة هى من أرسلت ميليشياتها لفض اعتصام سلمى أمام قصر الاتحادية وافتعال معركة أدت الى مقتل واصابة عشرات المصريين ، وهى من أشرفت على حفلة تعذيب لمعارضيها على باب القصر الجمهوري تحت رعاية وحماية الرئيس ، وهى من رعت حصار مدينة الإنتاج الإعلامي وإرهاب الإعلاميين والمعارضين، وهى من مارست كل أشكال الانتهاك فى استفتاء باطل لتمرير دستور معيب احدث استقطابا حادا فى المجتمع، وهى من رعت التحريض الطائفي على ملايين المواطنين المسيحيين فى كل المواسم السياسية والانتخابية وتواطأت على عشرات الاعتداءات على كنائس وأرواح وممتلكات المسيحيين، وهى من غضت البصر على المئات من حالات التعذيب فى الأقسام والسجون وأخيرا هى من طلقت العنان لأجهزتها القمعية للممارسة كل أشكال العنف والقمع للاحتجاجات التى بدأت الجمعة 25 من يناير 2013، بقيادة وزير داخليتها الجديد التى اختارته بعناية لهذه المهمة، وراح ضحيتها عشرات الشهداء ومئات المصابين والمعتقلين.
لهذا فان حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، يرى أن "نبذ العنف" يتطلب: 1- اقالة وزير الداخلية ومحاكمته 2- تشكيل لجنة تقصى حقائق مستقلة للتحقيق فى أحداث مدن القناة 3- بدء حوار وطنى جاد حول المنظومة الأمنية يستهدف إعادة هيكلة الداخلية بحيث يتحول جهاز الشرطة الى جهاز كفء يعمل وفقا للقانون والمعايير الدولية ومواثيق حقوق الإنسان 4- تبني الإجراءات و التشريعات اللازمة لتحقيق العدالة الإنتقالية ضد كل من ساهم فى قتل ونهب ثروات المصريين 5- أن تتوقف الجماعة الحاكمة عن استخدام العنف والبلطجة لاستكمال مشروعها المستبد ، وأن تحترم القانون ، وان تكف عن كل أشكال التحريض السياسي والطائفي، وان تقدم ضمانات حقيقية لادارة انتخابات نزيهة لا تمارس فيها كل اشكال الانتهاك، وان تقيل نائبها العام المشكوك فى نزاهته وحياده.
أخيرا، إن العنف و التوتر الاجتماعى ينمو على أرضية احباط عميق تمكن من المواطنين المصريين ، الذين لا زالوا يعانون الفقر ويقتلون على كل الطرق، وبطالة تعطل مستقبل ملايين الشباب، وتهميش وقهر يعيشه ملايين المصريين فى الريف وعلى اطراف المدن ناتج عن ممارسات للسلطة تشرعن للعنف والانتهاك، ولهذا فإن حزب التحالف الشعبي الاشتراكي يرى أن قطع الطريق على العنف يتطلب البدء فورا فى تبنى حزمة من الإجراءات لرفع المعاناة عن المواطنين المصريين وتحسين الخدمات المقدمة لهم من صحة وتعليم ومواصلات، الأمر الذى يتطلب اجراءات شجاعة لإعادة توزيع الثروة لدعم القطاعات الفقيرة فى المجتمع، تتضمن فرض الضرائب التصاعدية بحيث تتحمل القطاعات الغنية بعض العبء لصالح الفئات الأفقر، وإعادة النظر فى هيكل الدخول ، وفرض الضرائب على الارباح الرأسمالية وغيرها من الاجراءات التي فصلناها في العديد من الوثائق.
كل المبادرات والوثائق التي تتجاهل حقيقة الأوضاع وتغطي على المسئولين الحقيقيين عن العنف وعن أسباب الاحتقان في المجتمع،وآخرها وثيقة الأزهر، لا تمثل مخرجا للأزمة وستلقى مصير ما سبقها من وثائق ومبادرات أخرى، فلن يتحقق استقرار بدون تحقيق حد ادنى من العدالة، بدون المضى قدما فى تحقيق مطالب الثورة المجيدة، بدون توقف السلطة عن ممارسة العنف... بدون العيش والحرية.