ما رأي حضراتكم في هذا الجدل الدائر حول ما أشيع عن عقد صفقة انتخابية بين الحزب الوطني وحزب الوفد والتي يفترض الدكتور "عمّار علي حسن" - كما ذكر في إحدي الصحف - أن يحصل فيها الوفد علي 23 مقعداً في مجلس الشعب القادم؟ وما الأسباب التي جعلت الوفد يتقدم ببلاغ للنائب العام ضد الكاتب والصحيفة؟ إضافة إلي سيل من التصريحات شديدة اللهجة من قيادات الحزب وبعض التصريحات الاستباقية من أحزاب أخري خوفاً من انسحاب نفس الخبر المنشور عليها،.. تري هل هناك فعلا صفقة تم عقدها بين الوطني والوفد؟.. بالطبع لن تخرج الإجابة عن احتمالات ثلاثة؛ أولها نعم .. هناك صفقة حقيقية ولكنّ تسريب تلك الأخبار عنها أيا كان مصدرها يجهضها في مهدها ويمثل خسارة مبكرة للحزب ولقياداته المستفيدة من هذا الاتفاق، والاحتمال الثاني أنه لا توجد صفقات في الوقت الحالي وإنما اتفاق حسن نوايا قد يتسبب ما تم نشره في عدم ترجمته إلي خطوات مقننة وترتيبات عملية، أما الاحتمال الثالث فهو عدم وجود صفقة أو اتفاق من أي نوع وإن ما حدث يعتبر إهانة للحزب وتشويهاً له يستوجب التصدي له بمنتهي الحزم حرصاً علي كرامته ومصداقيته في الشارع السياسي، ولعل أول ما يلفت النظر عند القراءة المتأنية للنفي القاطع الذي أعلنه رئيس حزب الوفد وزملاؤه تلك الأدلة والأسانيد التي ساقوها لتبريره رغم أن النفي لا يحتاج إلي إثبات فالبينة ليست علي من أنكر وإنما علي من ادعي، لقد أعلن عباقرة الوفد بكل ثقة أن الحزب الوطني ليس في حاجة لعقد صفقات مع أحد لأنه يفرض إرادته علي كل العمليات الانتخابية وصولا للنتائج التي وضعها مقدماً من خلال التزوير المنهجي المنتظم والذي بلغ قمته بالإلغاء الواقعي للإشراف القضائي علي الانتخابات القادمة، وبالقطع لن يختلف أحد مع أو علي ذلك، ولكن .. أليس هذا أدعي لقبول عقد صفقة انتخابية مع الحزب الوطني أو حتي السعي لذلك؟ وهل معني هذا التصريح عدم موافقة الأخير؟ عموماً يستكمل مسئولو الوفد أدلة براءتهم بأن أي اتفاق أو صفقة هو عقد مبرم بين طرفين يسمح لأي منهما باللجوء للقضاء للحفاظ علي حقوقه حال إخلال الطرف الآخر بالتزاماته، فهل المشكلة تكمن في عدم القدرة علي توثيق مثل تلك العقود لأنه لايوجد عقد شرعي يقر طرفاه بالتزوير والنصب علي الناخبين؟! وهل من الممكن أن نسأل كم عدد المقاعد التي حصل عليها الوفد في ظل الإشراف القضائي؟ وكم عددها المتوقع بعد إلغائه؟!!. إنني أتفق مع حزب الوفد في أن الحزب الوطني لا يعقد صفقات مع المعارضة رغم أنه في أمس الحاجة إليها للقيام بدور صبيان المعلم الذين يدخلون المزاد "كسنّيدة" ضمانا للسيطرة عليه بأقل الأسعار مقابل الحلاوة والإكرامية، ولكن خطأ المعارضة الوحيد أنها تطوعت دائماً للقيام بهذا الدور بلا مقابل خاصة هذه الأيام فالحكاية عندهم إذا كان فيها "برادعي" يبقي الحزب الوطني بسلاطاته وباباغنوجه ميت فل وعشرة - كما يقول عمرو أديب - ولهذا فمن المنطقي أن تظل سياسة الحزب الوطني علي الدوام "ليه تدفع أكتر لما ممكن تدفع أقل". لاشك أن المعارضة تدرك جيدا أن الحزب الحاكم قد قرر استبعاد نواب الإخوان إلا قليلا من البرلمان، وأنه سيوزع بعضاً من مقاعد الجماعة علي الناس الطيبين من أقطاب المعارضة حفاظاً علي الشكل العام للمجلس، خصوصاً أن الظرف السياسي يحتاج إلي نوبة كرم تجاهها بعد أن قدَّمت السبت والأحد وكل أيام الأسبوع ولا تنتظر سوي منحها مكافأة إجادة كتلك التي تمنح للفرق الرياضية المصرية الخاسرة، لقد خرج علينا ائتلاف المعارضة ببيان هو نسخة من بيانات أرشيفية موجودة في أدراج كل الأحزاب وإن اختلفت التوقيعات، طالبوا فيه الحزب الحاكم بالإصلاح والتغيير وتعديل الدستور، ونسي السادة الأفاضل أنه غير مضطر لتلبية مطالبهم ماداموا لا يملكون القوة والآليات التي تمكنهم من إجباره علي ذلك، وماداموا يصرّون علي أن يعملوا بعيداً عن كل التيارات الوطنية التي تنادي بنفس المطالب، فلتنسحبوا - رحمكم الله - ولتتركوا الأحزاب لمن يقدر علي تفعيل دورها فهي ليست في حاجة إلي قادة ولكنها في حاجة إلي جماهير، وسواء كانت هناك صفقات حقيقية أم لم تكن فلن يفلح ذلك أبداً في تحسين صورتكم وإنما سيكون السقوط الأخير علي أرض الحلبة ولكنه سقوط بالصفقة القاضية.