شهد الوسط السينمائي أزمة حادة بين منتج فيلم "عن يهود مصر" من جانب، والرقابة على المصنفات الفنية ووزارة الثقافة وجهات أمنية من جانب آخر، على خلفية منع عرض الفيلم قبل طرحه بدور العرض بيوم واحد فقط. ومن جانبه أصدر هيثم الخميسي -منتج الفيلم- بيانا حصل "بص وطل" على نسخة منه، اتهم فيه وزارة الثقافة، والإدارة العامة للرقابة على المصنفات الفنية، ووزارة الداخلية، والأمن الوطني، بأنهم أرادوا وقف الفيلم لإرهاب الفكر وقمع الإبداع، وحمّل كل الجهات المعنية -بداية من وزارة الثقافة والمجلس الأعلى للثقافة والإدارة العامة للرقابة على المصنفات الفنية ووزارة الداخلية والأمن الوطني- المسئولية الكاملة عن كل الخسائر المادية والمعنوية جرّاء تأجيل عرض الفيلم، مؤكدا أنه سيعود عليهم قضائيا بالتعويض لما تعرّض له. وجاء في نص البيان: "في بداية عام 2010 بدأت شركة "فقرة" للإنتاج السينمائي، هيثم الخميسي وشركاه، إنتاج الفيلم التسجيلي "عن يهود مصر" تأليف وإخراج المخرج السينمائي أمير رمسيس، ومع بداية التحضير لتصوير الفيلم تقدمت الشركة بطلب التصريح بالتصوير للإدارة العامة للرقابة على المصنفات الفنية، مرفقة مع الطلب سيناريو الفيلم كإجراء قانوني اعتيادي، وحصلت الشركة على موافقة الرقابة على السيناريو ومن ثم تصريح التصوير. وعلى هذا الأساس بدأت الشركة في إنتاج الفيلم الذي استغرقت مراحل إنتاجه من تصوير ومونتاج وباقي العمليات الفنية ما يقرب من ثلاث سنوات، حتى انتهت من إنتاجه كاملا في إبريل 2012، وبعد ذلك تم الاتفاق مع المنتجة ماريان خوري على إقامة عرض أول للفيلم في مصر ضمن فعاليات الدورة الخامسة من بانوراما السينما الأوروبية التي تقيمها شركة "أفلام مصر العالمية" في أكتوبر 2012، وبالتالي تقدمت المنتجة ماريان خوري بطلب الترخيص بالعرض في البانوراما، وبعد مشاهدة الرقابة للفيلم وكتابة تقريرها أجازت عرضه، ومن ثم حصلنا على الترخيص رقم (38\180\2012) بتاريخ 3 سبتمبر 2012، وذلك بالعرض العام داخل البانوراما، وتم عرض الفيلم بالفعل.
وفي ديسمبر 2012، تقدمت الشركة للإدارة العامة للرقابة على المصنفات الفنية بطلب تصدير الفيلم إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية بغرض عرضه عرضا أول في شمال أمريكا ضمن فعاليات مهرجان "بالم سبرينجز" في ولاية كاليفورنيا، وقد حصلت الشركة على ترخيص التصدير بتاريخ 25 ديسمبر 2012 بعد مشاهدة الفيلم من جانب الرقابة للمرة الثانية، وكتابة تقرير يفيد بالموافقة على تصديره إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية. في أثناء هذه الأحداث اتصل وزير الثقافة بالمنتجة ماريان خوري مستفسرا منها عن الفيلم، فأبلغته أنه من إنتاجي وإخراج أمير رمسيس، فطلب منها الوزير مقابلة المخرج، وبالفعل تم اللقاء الذي كان لقاء وديا خاليا من أي نوع من أنواع التحفز ضد الفيلم من جانب الوزير، حيث استفسر من المخرج حول بعض التفاصيل، وطلب الوزير نسخة من الفيلم، فقام رئيس الرقابة بإرسال نسخة من الفيلم إليه. وفي فبراير 2013، تم الاتفاق بين شركة "فقرة" للإنتاج الفني، و"الشركة العربية" للإنتاج والتوزيع السينمائي، على عرض الفيلم في ثلاث شاشات بسينمات رينيسانس، هي "نايل سيتي"، و"صن سيتي"، و"سان ستيفانو" بدءا من يوم الأربعاء 13 مارس 2013، ومن ثم قامت الشركة باستخراج الأوراق المطلوبة من خطابات الرسم النسبي من نقابات المهن السينمائية والتمثيلية والموسيقية، وشهادة مزاولة الإنتاج من قطاع الإنتاج الثقافي بوزارة الثقافة، لتقديمها للإدارة العامة للرقابة على المصنفات الفنية، وذلك مع طلب تجديد ترخيص عرض الفيلم سينمائيا داخل جمهورية مصر العربية. وبعد الانتهاء من كل الإجراءات فوجئت وأنا في مكتب السيد رئيس الرقابة الدكتور عبد الستار فتحي، أنه يخبرني بأن الوزير قد طلب نسخة من الفيلم كي تصل مكتبه، وبعد أن أبديت له قلقي من عدم جواز ارتباط تجديد ترخيص عرض الفيلم بمشاهدة الوزير له، أكد لي الدكتور عبد الستار أنها مسألة جانبية شخصية وليس لها أي علاقة بتجديد ترخيص الفيلم، ووعد باستلام التجديد في اليوم التالي مباشرة، مع تأكيدي له بأنه لن يتبقى غير هذا اليوم لأن موعد عرض الفيلم في اليوم التالي مباشرة. فوجئت في اليوم التالي عند زيارتي لرئيس الرقابة أنه يعتذر لي ويخبرني أن جهة أمنية طلبت مشاهدة الفيلم قبل تجديد الترخيص له بالعرض السينمائي، بغض النظر عن موافقة الرقابة ومنحها للفيلم ترخيصي عرض وتصدير، صدمت حينما أخبرني بهذه المعلومة، وصدمت أكثر حينما علمت منه أن هذا الإجراء قد اتخذ في الترخيصين السابقين، وبالتالي لا يوجد أي مبرر لهذه العطلة والإعاقة، هذا بخلاف الخسائر التي سأتكبدها أنا وشركتي جراء هذا التصرف المريب الذي يشوبه الشك من ناحيتي.. خرجت من الرقابة وصولا إلى مكتب وزير الثقافة بالزمالك، حيث أخبرني مكتبه أنه في رحلة خارج جمهورية مصر العربية. بناء عليه.. أعلن في هذا البيان تأجيل عرض الفيلم التسجيلي "عن يهود مصر" لحين إيجاد حل لتلك المشكلة غير المفهومة، المتوارثة من سنين طويلة داخل أروقة أجهزة الأمن المصرية، والمقصود منها إرهاب الفكر وقمع الإبداع، وأحمّل كل الجهات المعنية، بداية من وزارة الثقافة والمجلس الأعلى للثقافة والإدارة العامة للرقابة على المصنفات الفنية ووزارة الداخلية والأمن الوطني، المسئولية الكاملة عن كل الخسائر المادية والمعنوية جرّاء تأجيل عرض الفيلم، وسأعود عليهم قضائيا بالتعويض لما سببوه لي ولشركتي ولأطراف أخرى من أضرار". ومن جانبها أعلنت جبهة الإبداع وقوفها في صف صنّاع الفيلم ضد إرهاب الفكر والترهيب. من ناحية أخرى، أكد عبد الستار فتحي -رئيس جهاز الرقابة على المصنفات الفنية- في تصريحات لجريدة الفجر، أنه لم يقم بمنع عرض فيلم "عن يهود مصر" للمخرج أمير رمسيس، والذي كان من المقرر أن يعرض تجاريا اليوم (الأربعاء)، مشيرا إلى أن الأمر فُهم خطأ من قِبل الكثيرين. وسرد فتحي تفاصيل الأزمة قائلا: "الأزمة حدثت عندما جاءني المنتج هيثم الخميسي ليأخذ ترخيصا بعرض الفيلم، وهو أمر مخالف للخطوات التي اتخذها من أجل العرض، حيث قام بحجز القاعات الخاصة بالعرض العام دون أن يأخذ ترخيص العرض، وعندما طلبت ملف العمل الخاص بالفيلم وجدت أن به ورقة خاصة بالأمن منذ عام، من بين الملحوظات فيها "عدم عرض الفيلم عرضا عاما، لكونه فيلما تسجيليا"، بعدها خاطبت جهات الأمن رسميا بشأن الأزمة لكنهم قالوا لى إن اسم الفيلم من الممكن أن يحدث قدرا كبيرا من القلق مع الوضع العام للبلاد، خصوصا بعد تصريحات الدكتور عصام العريان عن اليهود، إضافة إلى الظروف المرتبكة حاليا في الشارع".
واستكمل فتحي: "منذ أمس الأول وأنا في انتظار رد الأمن في مسألة عرض الفيلم، لكن على الجانب الآخر ألوم على المنتج لأنه جاء متأخرا قبل موعد عرض الفيلم وطلب منى إعطاءه التراخيص، هذا بالإضافة إلى أن هناك إجراءات أخرى لا بد من إنهائها قبل عرض الفيلم، كالموافقة من النقابات الفنية الثلاث، على الرغم من أنني في بعض الأحيان حتى لا أعقّد الأمور أستثنى ترخيصا من إحدى النقابات، وأسمح بأن يحضره صاحب العمل بعد عرضه بيومين مثلا. وأوضح عبد الستار أن المنتج هيثم الخميسي، والمخرج أمير رمسيس يعلمان جيدا أنني وقفت بجانب الفيلم، وهو ما أكده المخرج سابقا في حواره مع بوابة الأهرام، مشيرا إلى أنه أجاز عرض الفيلم من قبل ضمن مهرجان "بانوراما الفيلم الأوروبي" في سبتمبر الماضي.
مستندات عرض فيلم "عن يهود مصر" * كلام في الفن اضغط على الصورة لمشاهدة الجاليري: