تسبب في إجهاضها، طالب يعتدي علي معلمة بالإسكندرية وقرار عاجل من مديرية التعليم    محافظ سوهاج يعتمد المرحلة الثالثة لقبول الطلاب بالصف الأول الثانوي للعام الدراسي الجديد    100 ألف جنيه جدية حجز، تفاصيل التقديم على أراضى الإسكان المتميز    السكة الحديد ترفع قيمة غرامات الركوب بدون تذكرة على القطارات فى هذه الحالات    كتائب القسام تعلن استهداف مروحية أباتشي واستراحة لجيش الاحتلال شمال غزة    روسيا: إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن على إيران "خطأ فادح"    حصاد ساكا في 200 مباراة بالدوري الإنجليزي    أرتيتا: إصابة أوديجارد لا تبدو بسيطة.. وما يفعله ساكا استثنائي    عايزين يشتروا شابو.. القبض على المتهمين بسرقة الأبواب الحديدية بمقابر حلوان    بعد تكريمه بمهرجان نقابة المهن التمثيلية للمسرح.. صبري عبدالمنعم: شكرا إنكم كرمتونا وإحنا عايشين الحمد الله إنكم لحقتونا    استعادت بريقها بعد 20 عامًا من الترميم |افتتاح مقبرة «فرعون الشمس» بالأقصر    اللواء أيمن عبد المحسن ل"الحياة اليوم": موافقة حماس تعكس الرؤية المصرية وتحطم طموحات نتنياهو    الحلو وثروت وهانى ب«الأوبرا»    شريف العماري: الزواج السري يجعل الزوجة تعيش في حالة خوف واختباء من أبنائها ومعارفها    نائب وزير الصحة يوفر سيارة إسعاف لنقل مريض للمستشفى ويتوعد المتغيبين عن العمل    هيئة الدواء لإكسترا نيوز: صدّرنا أدوية بأكثر من مليار دولار خلال 2024    مصطفى محمد على رأس تشكيل نانت أمام بريست في الدوري الفرنسي    بطلة مصر للسباحة بالزعانف: أحلم بحصد أكبر عدد من الميداليات ببطولة العالم    وكيل صحة شمال سيناء يتفقد القومسيون الطبي العام استعدادا لانتخابات مجلس الشعب    شبورة وسقوط أمطار.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس غدًا الأحد    مات والدها فحاولت الانتحار حزنا عليه بالشرقية    افتتاح فرع جديد للخط الساخن لمكافحة الإدمان لأول مرة بالسويس لعلاج المرضى مجانا    لهذا المشروع.. الإسكندرية تفوز بجائزة سيول للمدن الذكية    نزال: خطة ترامب تؤجل الاعتراف بدولة فلسطين رغم دعم دول كبرى لها    أمل الحناوي: ترحيب عربي ودولي واسع بموافقة حماس على خطة ترامب    مركز الزرقا يروي المسطحات الخضراء ويُنعش وجه المدينة الحضاري    اللواء خالد مجاور محافظ شمال سيناء: «أرض الفيروز 2030» مركز لوجيستى وتجارى عالمى    المدير الرياضى للأهلى ل «الأخبار»: احتراف الشحات مرفوض وعبدالقادر يرحب بالتجديد    الشوط الأول| بايرن ميونخ يضرب فرانكفورت في الدوري الألماني    «النهر الجديد».. شريان أمل تشقه مصر في زمن المشهد المائي المربك    حزب السادات يدعو لإحياء ذكرى نصر أكتوبر أمام ضريح بطل الحرب والسلام بالمنصة    أسعار البنزين والسولار السبت 4 أكتوبر 2025    استقبل تردد قناة صدى البلد دراما 2025 الجديد على نايل سات    انتهاء الشوط الأول بالتعادل السلبي بين طلائع الجيش والجونة    "بداية أسطورية ل Kuruluş Osman 7" موعد عرض الحلقة 195 من مسلسل المؤسس عثمان على قناة الفجر الجزائرية    ضبط عدد من قضايا الاتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    مواقيت الصلاه اليوم السبت 4 أكتوبر 2025 في المنيا    أقوى عرض لشحن شدات ببجي موبايل 2025.. 22،800 UC مجانًا    طوفان بشري.. مئات الآلاف يتظاهرون في برشلونة ضد الإبادة الجماعية في غزة والاحتلال الإسرائيلي    أضرار الزيت المعاد استخدامه أكثر من مرة.. سموم خفية    غدا احتفالية نقابة الصحفيين بذكرى نصر أكتوبر المجيد    أبرز إنجازات خالد العنانى المرشح لمنصب مدير اليونسكو    وكيل صحة سوهاج يتابع أعمال لجنة الكشف الطبي للمرشحين المحتملين لمجلس النواب    السيسي يتابع توفير التغذية الكهربائية للمشروعات الزراعية الجديدة.. فيديو    المتحف المصري بالتحرير يبرز دور الكهنة في العصر الفرعوني    " سي إن بي سي": توقعات باستمرار الإغلاق الحكومي الأمريكي حتى 14 أكتوبر وسط تعثر المفاوضات    وكيل الشباب والرياضة بالفيوم يشهد انطلاق الدورة الأساسية رقم 578 للمدربين والإداريين    قوافل طبية وغذائية لدعم الأسر المتضررة من ارتفاع منسوب مياه النيل بدلهمو بالمنوفية    وزير الزراعة يعلن تحقيق الصادرات الزراعية المصرية 7.5 مليون طن حتى الآن    طرح النهر يغرق ومصر تُجيد إدارة الفيضان.. خطة استباقية تُثبت كفاءة الدولة في موازنة الأمن المائي وسلامة المواطنين    الرعاية الصحية ببورسعيد بعد إجراء جراحة دقيقة: التكنولوجيا الصحية لم تعد حكرا على أحد    ننشر أسماء المرشحين للفردى والقائمة للتحالف الوطني ببنى سويف للانتخابات البرلمانية 2025 (خاص)    هالة عادل: عمل الخير وصنع المعروف أخلاق نبيلة تبني المحبة بين البشر    بينهم طفلان.. 6 شهداء في قصف الاحتلال غزة وخان يونس    مصرع سيدتين وإصابة 7 في حادث تصادم مروّع بالفيوم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 4-10-2025 في محافظة قنا    موعد انخفاض أسعار الطماطم في الأسواق.. الكيلو وصل 35 جنيه    دار الإفتاء توضح: حكم الصلاة بالحركات فقط دون قراءة سور أو أدعية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. ميشيل حنا يكتب.. تحياتي من أديس أبابا (8)
نشر في بص وطل يوم 13 - 03 - 2013

كانت الأوضاع في الملاجئ ودور المسنين التي عملنا فيها في غاية المأساوية، الناس يعانون من العوز لكل شيء، لا توجد مياه للشرب ولا للتنظيف، الطعام شحيح جدا، يسكنون في عشش من الصفيح الصدئ الذي لا يقي من برد ولا من مطر.
الرعاية الطبية شبه معدومة لدرجة أن أي مرض بسيط يمكن أن يتفاقم إلى حد مُهدِّد للحياة، هناك انتشار كبير للجرب وفطريات الجلد، للأسف لم تكن لدينا أدوية للجرب ولا للفطريات، وحين بحثنا عنها في الصيدليات المحلية لم تكن متوفرة.
ثم هناك الإيدز، يقدر عدد الأشخاص المصابين بالإيدز في إثيوبيا بحوالي مليون شخص، يموت منهم 67 ألفا جراء المرض سنويا وفق تقديرات 2007، ولعل الرقم قد صار أكبر بكثير الآن (تذكر بعض المصادر أن عدد المصابين بالمرض نحو مليونيّ شخص).
علاج الإيدز مكلف جدا وغير متوفر لذا لا يلقى هؤلاء المرضى أي رعاية في الغالب، كما أن الإيدز مسئول عن معظم أمراض الجلد الفطرية المنتشرة هنا، يقدر عدد الأطفال الذين صاروا يتامى بسبب هذا المرض بحوالي 650 ألف طفل.
متوسط العمر في البلاد يصل إلى 57 عاما (رقم منخفض جدا)، هناك 12 ألف طفل شوارع في أديس أبابا وحدها، هناك تقارير حديثة تحذر من اقتراب شبح مجاعة من البلد بسبب التناقص المستمر في معدل الأمطار في السنين الماضية وموجات الجفاف، عدد المشردين الذين بلا مأوى في الشوارع كبير جدا، إذ تقدرهم مؤسسة اليونيسيف بمائة ألف في أديس أبابا وحدها، وحوالي 600 ألف على مستوى إثيوبيا.
الحقيقة أن الفقراء في مصر في غاية الترف إذا قارناهم بفقراء إثيوبيا!
ورغم كل هذه الأوضاع المأساوية، وحالة الفقر المدقع، وسوء التغذية الحقيقي، إلا أنني وجدت -في تعاملي معهم في تلك المستوصفات البدائية التي ارتجلناها- أن الناس لطيفو المعشر وقنوعون ويستجيبون للنظام، وهو ما يتناقض تماما مع خبراتي السابقة في الأمور المماثلة في مصر!
كانت لي خبرة مسبقة في العمل الطبي الخيري في مصر، والذي يتم توزيع الأدوية فيه مجانا، كما عملت لحوالي سنتين في مركز طبي حكومي من النوع الذي يتم الكشف فيه بجنيه واحد ثم يتم صرف الأدوية مجانا.
كنت أعاني الأمرين مع المرضى، أي شيء يوزع مجانا في مصر يتسبب في مشاكل لا حصر لها، بغض النظر عن التزاحم والتكالب ومحاولة الحصول على أكبر كم من الدواء، كان المرضى دائما ما يدّعون أمراضا ليست فيهم ليأخذوا أدويتها! أتذكر رجلا كان يتردد عليّ في صيدلية المركز الطبي باستمرار ويظل يلحّ في طلب علاجات عديدة ملصقا أمراض الدنيا والآخرة في زوجته المقيمة في الصعيد.
في مرة أتى طالبا دواء للإسهال لزوجته، سألته:
- بتقول مراتك في الصعيد عندها إسهال؟
- آه.. إسهال جامد.
- آخر مرة شفت مراتك إمتى؟
- من ثلاث شهور..
- بقى لها ثلاث شهور عندها إسهال؟
- آه..
- ممممممممممم.. وعندها إمساك كمان؟
- آه عندها إمساك..
- عندها إسهال وإمساك في نفس الوقت؟!
- هه؟ آه!
ثلاثة أشهر من الإسهال كانت كفيلة بجعلها تصاب بصدمة جفاف، ثم هل يعقل أن يكون لديها إسهال وإمساك في نفس الوقت؟ لم يفهم الفخ الذي نصبته له K بالطبع لا تعاني زوجته من شيء، هو يريد أن يأخذ الأدوية لتحويشها في البيت أو لبيعها، فهي ببلاش وأبو بلاش كتّر منه، سلوك مؤسف ما انفككنا نعاني منه في مصر.
لكن ما أعتقد أنه يخفف -إلى حد ما- من حدة أوضاع الفقراء المتردية في إثيوبيا هو جمال الطبيعة. إن وضعك المأساوي وأنت تجلس على الحشائش أسفل شجرة في إثيوبيا، هو أمر يختلف حتما عن وضعك المأساوي في المناطق العشوائية المكدسة في مصر، حيث لا ترى عيناك سوى عواميد الأسمنت الرمادية وحوائط الطوب الأحمر غير المبيضة.
أن تكون معدما في جو نقي ومعتدل دائما، يختلف عن أن تكون كذلك وأنت تستنشق كل يوم أطنانا من الملوثات والأتربة، ثم إن توزيع السكان على مساحة كبيرة من الأرض يخلق حالة من البراح المريح للأعصاب، بعكس حالة الزحام والتكدس التي نعاني منها في مصر، والتي تؤدي إلى انفلات الأعصاب.
لعل هذا ما يجعل نفوس الناس -برغم الأوضاع المتردية- أكثر هدوءا وتقبلا ورضا.

يُتبع
الحلقات السابقة:
د. ميشيل حنا يكتب.. تحياتي من أديس أبابا (1)
د. ميشيل حنا يكتب.. تحياتي من أديس أبابا (2)
د. ميشيل حنا يكتب.. تحياتي من أديس أبابا (3)
د. ميشيل حنا يكتب.. تحياتي من أديس أبابا (4)
د. ميشيل حنا يكتب.. تحياتي من أديس أبابا (5)
د. ميشيل حنا يكتب.. تحياتي من أديس أبابا (6)
د. ميشيل حنا يكتب.. تحياتي من أديس أبابا (7)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.