اليوم الذكرى الأولى لوفاة الكاتب الساخر الجميل عم جلال عامر.. أحببنا أن نستذكر معا بعض الذكريات والمحطات في رحلة عامر العامرة بالوفاء والثورة والضحك والبكاء.. فهيا بنا،،، جلال عامر.. كاتب وصحفي ساخر، وُلد في 25 سبتمبر عام 1952 بمحافظة الإسكندرية، ويُعدّ أحد أهم الكتّاب الساخرين في مصر والعالم العربي، وقامت محافظة الإسكندرية بتكريمه بإطلاق اسمه على شارع بمنطقة بحري بحي الجمرك مسقط رأسه. تخرّج جلال عامر في الكلية الحربية، وكان أحد ضباط حرب أكتوبر، وشارك في 3 حروب مصرية، ودرس أيضا القانون في كلية الحقوق، والفلسفة في كلية الآداب، وكان يكتب في مجالي القصة القصيرة والشعر. عمل عامر ككاتب صحفي في جريدة القاهرة الصادرة عن وزارة الثقافة المصرية، وأشرف على صفحة مراسيل ومكاتيب للقرّاء في الجريدة نفسها، وكان له عمود يومي تحت عنوان "تخاريف" في جريدة المصري اليوم، كما كان يكتب في جريدة الأهالي الصادرة عن حزب التجمع، وجريدة العرب القطرية، وجريدة الشرق السعودية، إلى جانب العديد من المقالات التي كانت تنشر له في عدة صحف ومواقع إلكترونية. وقد ابتكر جلال عامر مدرسة جديدة في فن الكتابة الساخرة، تعتمد في أساسها على التداعي الحر للأفكار، والتكثيف الشديد للفكرة، والتعبير عنها في أقل عدد من الكلمات، وطرح عددا كبيرا من الأفكار في المقال الواحد، وربطها معا بشكل غير قابل للتفكيك، بحيث تصير المقالة وحدة واحدة شديدة التماسك، على الرغم من احتوائها على أفكار منفصلة عن بعضها، وقد تميز أسلوبه بالتورية التي كان يجيد استخدامها، والتي تعمل على جذب انتباه القارئ حتى نهاية المقال، كما أنها تجعله يرى حقائق ربما غابت عنه. ترتبط كتابات جلال عامر بالمواطن البسيط لأنه يعبر عن مشكلاته بمنتهى السهولة، ولأنه كان يعتبر نفسه واحدا من هؤلاء البسطاء، وقال عن نفسه: "اسمي جلال وفي البيت المخفي، وأنا أول مواطن يدخل قسم الشرطة ويخرج حيا.. وأنا المصري الوحيد الذي كتبت في إقرار ذمتي المالية أن عندي حصوة، فأنا لا أمتلك سلسلة مطاعم بل فقط سلسلة ظهري وسلسلة كتب، عندي بطاقة تموين حمرا خالية من الدهون، لأن البقال كل شهر يسرق الزيت، ولا أصرف معاشا بسبب عيب خلقي، وأخوض معكم حرب الثلاث وجبات، وأرتدى بيجامة مخططة، ولعلها الشيء الوحيد المخطط فى هذا البلد العشوائي، وأؤمن أن أعظم كاتب في البلد هو المأذون، وأن مصر بخير ولا ينقصها إلا أكلة "جنبري" على البحر..". كان عامر من أشد منتقدي نظام الرئيس السابق حسني مبارك في كل المجالات تقريبا، بل كانت مقالاته تخرج على رؤوسهم كالطلقات، وقد خاض انتخابات مجلس الشعب عام 2010 عن دائرة المنشية والجمرك في الإسكندرية. وبالرغم من حياته العسكرية التي عايشها لم يمنعه ذلك من انتقاد المجلس العسكري، بعد توليه زمام الأمور بعد تنحي مبارك عقب ثورة 25 يناير، التي شارك فيها بكل ما أوتي من قوة. كان جلال عامر متزوجا وله 4 أبناء، هم: رامي ورانيا وراجي وريهام، وقد صدر له كتاب "مصر على كف عفريت"، وهو كتاب ساخر صادر عن دار العين، وصدرت منه طبعات عديدة، وقد قال جلال عامر عنه: "هو محاولة لبحث حالة وطن كان يملك غطاء ذهب فأصبح من دون غطاء بلاعة.. لماذا وكيف؟ فقد بدأت مصر بحفظ الموتى، وانتهت بحفظ الأناشيد، لأن كل مسئول يتولى منصبه يقسم بأنه سوف يسهر على راحة الشعب، من دون أن يحدد أين سيسهر وللساعة كام؟ في مصر لا يمشي الحاكم بأمر الدستور، بل بأمر الدكتور، ولم يعد أحد في مصر يستحق أن نحمله على أكتافنا إلا أنبوبة البوتاجاز، فهل مصر في يد أمينة أم في إصبع أمريكا أم على كف عفريت؟". كما صدر له أيضا كتاب "استقالة رئيس عربي"، وقد حصل على جائزة أفضل عمود صحفي لعام 2009 من دار التحرير للنشر، ومن أقواله المأثورة: "لكنني صعلوك عابر سبيل، ابن الحارة المصرية، ليس لي صاحب، لذلك كما ظهرت فجأة سوف أختفي فجأة، فحاول تفتكرني". وتوفي جلال عامر فجر يوم 12 فبراير عام 2012، إثر إصابته بأزمة قلبية أثناء مشاركته في مسيرة ضد حكم العسكر في رأس التين بالإسكندرية، حينما شاهد مجموعة من البلطجية يهاجمون المتظاهرين، فسقط وهو يردد عبارة "المصريين بيموتوا بعض"، وبعدها تم نقله إلى المستشفى إلا أنه فارق الحياة، وقام ابنه الأكبر بجمع أعمال الراحل التي لم تنشر في كتاب بعنوان "قصر الكلام"، صدر بعد وفاته عن دار الشروق.