أكتب اليوم عن ذلك الفارق الرهيب بين دين الإسلام العظيم الذى أنزل على سيدنا محمد بن عبدالله -صلى الله عليه وسلم- كما نفهمه وتربينا عليه منذ الطفولة، وذلك الإسلام الآخر الذي يفسره الأخرون بشكل مختلف تماما، ليتهموا من يخالفهم بالكفر والفسوق والعصيان. وبعد شكوانا من تصرفات بعض الإسلاميين الخاطئة التى لا تتفق وجوهر الإسلام العظيم، وتعاليمه السامية، إذ بأمواج السياسة وأحداثها الساخنة تخرج لنا من الكهوف، طيور الظلام الحقيقيين، الذين يصبح الإخوان والسلفيين أمامهم مجرد حملان وديعة! هل سمعتم من قبل عن الشيخ محمد العزومي؟ إنه مجرد عقل خرب أطل علينا في حلقة سابقة ببرنامج "القاهرة اليوم" من خلال مداخلة تليفونية مع الإعلامي عمرو أديب، هاجم فيها الرئيس محمد مرسي ووصفه ب"الكافر"! مستندا في فتواه إلى أن مرسي لم يقم حتي الآن بتطبيق الشريعة الإسلامية في مصر، مذكرا إياه بقوله تعالي {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ} وأكد العزومي في مداخلته اللوذعية أن مرسي لم يقم بتطبيق شرع الله الذى كان يتشدق به في الحملات الإنتخابية، مشيرا إلى أن الذنوب التي ارتكبها تكفّره وتبعده عن الإيمان . وأضاف العزومي أن فتواه هذه جاءت بسبب الاستهزاء بالشريعة وعدم فرضها، وأن هذه الفتوى تنطبق علي جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين الذين لم يقوموا بخطوات جدية نحو تطبيق الشرع . وألقى العزومي قنبلته حين قال: أعمل في مجال الدعوة الإسلامية منذ 28 عاما، ولي أتباع من نفس الفكر في سيناء وفي مطروح، لككننا لن نحمل السلاح ضد أحد إلا إذا اقتضي الامر ذلك، مشيرا الي أنه ضد العمل العسكرى لكنه في نفس الوقت سيضطر إلي الجهاد لو توفر إليه ذلك من العدة والعتاد! وفي سؤال له علي أحداث رفح التي تم فيها مقتل 16 من جنود القوات المسلحة، قال العزومي أن الإخوة الذين قاموا بهذه العملية في سيناء من "السلفية الجهادية" التي يختلف معها؛ ولكنه لا يكفرها بالضرورة . والآن تعالوا نربط الجمل ببعضها "مرسي كافر.. لي أتباع من نفس الفكر في سيناء وفي مطروح.. سأضطر إلى الجهاد لو توفرت العدة والعتاد.. اختلف مع السلفية الجهادية التى قتلت جنودنا الأبرياء لكنى لا اكفرهم رغم أننى أكفر مرسي"، فأى مفاجأة غير سارة فى الإنتظار في ظل وجود أمثال هذا الرجل وأتباعه؟! وفي نفس الأجواء المخيفة التي لا تبشر بقدوم أي خير للبلاد في ظل وجود أمثال من يعتنقون إسلاما غير ذلك الإسلام الذي تربينا عليه، إذا بقنبلة أخرى تنفجر مع تلك التهديدات التي تلقتها بعض الأسر المسيحية في "رفح"، حيث تم اطلاق النيران على أحد المحلات المملوكة لشخص قبطي من قبل مجهولين، في حين تلقى رسالة من مجهول كتب فيها :"أيها النصراني أمامك مهلة لمغادرة المكان خلال 48 ساعة، وإلا فلا تلومن إلا نفسك"! ومن باب الإنصاف نؤكد أن اللواء سيد عبد الفتاح حرحور- محافظ شمال سيناء قد التقى بعدد من الأسر المسيحية هناك، بعد أن طلب بعض أفرادها الندب إلى مدينة "العريش"، خشية من التهديدات؛ ليعلن المحافظ أنه تم تزويد مدينة "رفح" بعدد إضافي من قوات الجيش والشرطة؛ من أجل توفير الحماية والأمن لجميع المواطنين، خاصة الأسر المسيحية وتأمين ممتلكاتها الخاصة. إلى جانب الإسراع في إنشاء مبنى قسم شرطة "رفح" وإعادة تشغيله لشعور المواطن بالأمن، والعمل على انتشار أفراد الشرطة لضبط الخارجين عن القانون والمشتبه فيهم، علاوة على تأمين المدارس، والمصالح الحكومية، والمساكن؛ لمنع أي سلوكيات خارجة عن القانون، ووقوف مشايخ القبائل وأهالي "رفح" إلى جوار الأقباط، والتمسك بوجودهم في وطنهم، والتعهد برد أي اعتداء عليهم من قبل البلطجية. لكن ماذا عن عقيدة البعض التكفيرية وإسلامهم الخاطىء الذي سول لهم تهديد مواطنين آمنين من أهل الذمة؛ رغم أن الرسول-عليه الصلاة والسلام- قد أوصى بهم، وقال في حديثه الشريف الشهير "من آذى ذميا فأنا خصمه، ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة"؟! ومن الذي يضمن ألا تتحول تلك التهديدات لواقع يفتك بنا؛ لاسيما وأننا تلقينا من قبل تهديدات وتحذيرات حول قرب اندلاع اعتداء على بعض جنودنا فى "رفح"، قبل أن يتحول التهديد إلي حادث راح ضحيته جنود أبرياء في غفلة من اجهزة الأمن؟ وأمام مثل هذه التهديدات المخيفة، والتفاسير المغلوطة للدين التي صنعت دينا أخر به قواعد وأصول نابعة من التشدد في الدين وتفسير الإسلام بالهوى، أصبحت كوارث وفضائح بعض الإسلاميين مجرد هفوات بسيطة بالمقارنة بما هو قادم إن لم تتمكن الدولة من السيطرة على الأوضاع! والطريف أننى كنت أنوي الحديث عن دخول حزب "النور" في نفق مظلم بعد تلك الصراعات الحادة بين قياداته، بعد افتضاح لقاء بعض مشايخه وكوادره بالفريق أحمد شفيق في منزله ليلة إعلان نتيجة إنتخابات رئاسة الجمهورية، في الوقت الذي كان فيه أتباعهم يفترشون الأرض في ميدان التحرير ويرفضون أى مفاوضات معه؛ بل وخوضه للإنتخابات من الأساس! وكيف تبرأ الإخوان المسلمين من تبريرات الشيخ ياسر البرهامي وباقى قيادات الدعوة السلفية من مقابلتهم للفريق بحجة حقن الدماء في حالة فوزه، وتأكيد الإخوان بأنهم لم يفوضوا أحدا للحديث مع الفريق أو التوسط باسمهم، إلى جانب تناقض أقوال البرهامي الذي قال مع الإعلامي وائل الإبراشي بأنه لم يذهب لمنزل الفريق وهاتفه تليفونيا فقط، ثم عاد ليقول مع دكتورة هالة سرحان أنه بالفعل التقى الفريق في منزله. لكن يبدو أن هناك ما هو أكثر رعبا وظلاما في انتظار هذا الوطن من الذين يعتنقون إسلاما غير إسلام محمد بن عبدالله –عليه الصلاة والسلام- الذي جاء لينشر الرحمة والإنسانية والصدق والأمانة، فإذا بالبعض يستبدل التعاليم، ويغير التفاسير، ليصنع من فهمه الضيق المريض للدين إسلاما غير الإسلام، وتعاليما وقيما تفسد في الأرض وتسفك الدماء كتلك التي حذرت منها الملائكة قبل خلق أبونا آدم، ولا حل لإنقاذ البلاد إلا بالبحث عن كل مسيلمة كذاب يبشر بإسلاما مفبركا خاطئا غير إسلامنا الصحيح المعتدل، للتخلص منه، والقضاء على أفكاره وقناعاته في مهدها، وإلا فعلى البلد السلام!