رغم أهمية إقامة الجدران والحوائط والأسوار لإسرائيل منذ إقامتها في عام 1948، وحتى أثناء إقامة المستعمرات الصهيونية قبل هذا التاريخ، بإقامة الأسوار وفق سياسة "السور والبرج"؛ فإن كاتبا إسرائيليا يعتبر إقامة هذه الجدران هو جيتو يهودي جديد تحيط به إسرائيل نفسها من جديد. كتبت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية الأربعاء الماضي أن ثمة جيتو عبري هو الأول من نوعه بعيد إنشاء جدران أو أسوار عالية تحيط بإسرائيل من كل الجوانب لتفصلها عن جيرانها؛ حيث قال المحلل السياسي للصحيفة "أفيعاد كلاينبرج" إن إقامة أسوار وجدران حول إسرائيل هو إعلان باختلاف الثقافة الإسرائيلية عن الثقافات والعادات والتقاليد العربية المجاورة؛ باعتبار أن إسرائيل من دول العالم الأول، والعالم العربي المحيط بها من دول العالم الثالث ، وبالتالي فإنه ما من حل لإسرائيل سوى إقامة الجدران والأسوار حول حدود ما يسمى "بإسرائيل" من كافة الجوانب، وهو ما أشار إليه رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو في أحاديث مغلقة، من ضرورة تحوّل إسرائيل إلى جزيرة مغلقة ومحصنة ومسلحة من أخمص القدم إلى أعلى الرأس؛ محاطة بحقوق ألغام، وأسوار عالية من الإسمنت، وهو ما يعني العودة إلى الجيتو مرة أخرى لليهود؛ ولكن هذه المرة على الأرض الفلسطينية المحتلة.
كتب كلاينبرج إن إقامة الأسوار والجدران أمر ضروري للحفاظ على الأمن القومي الإسرائيلي وعلى أمن الإسرائيليين من العمليات الإرهابية التي بدأت تتوحش وتزداد ضراوة، وخوفا من زيادة الهجرة من القارة الإفريقية والعمالة الإفريقية والهجرة غير الشرعية التي تزيد عن طريق عمليات التهريب، واصفا ذلك بأن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي يمكن الوصول إليها سيرا على الأقدام من القارة الإفريقية؛ حيث اعتبر الكاتب الإسرائيلي أن هذه النظرة هي نظرة ضيقة بالمفهوم العام؛ بمعنى أنه يوضح أن نتانياهو حينما قرر إقامة الأسوار والجدران من أجل منع الهجرة غير الشرعية وتدفق وتسلل الأفارقة من سيناء إلى إسرائيل يعني النظرة الدونية للعالم العربي والدول المحيطة والتي لا تستحق الاهتمام أيضا.
وذكر الصحفي الإسرائيلي أن السلام بالنسبة إلى نتانياهو هو كابوس رغم أنه حلم للكثيرين من الإسرائيليين، وبأن الثقافة الإسرائيلية تختلف كلية عن الثقافة العربية المجاورة لأن تل أبيب ليست دولة عادية؛ وإنما دولة عالمية من دول العالم الأول وليس الثالث كالدول المجاورة؛ معتبرا إدارة الظهر لكل ما هو غير إسرائيلي، سواء كان مسيحيا أو مسلما أو فقيرا أو غنيا أو أبيض أو أسود يعني الجيتو العبري الأول.
يجب الإشارة إلى أن هذا المقال هو الأول من نوعه أو النادر الذي ينتقد بشدة إقامة الجدران والأسوار حول ما يسمى بإسرائيل، رغم الاهتمام الطاغي بضرورة إقامتها -خاصة- الجدار الفولاذي حول خطوط التماس المصرية مع قطاع غزة، ومقابله الإسرائيلي مع مصر.