انخفاض أسعار الخضروات بسوق محطة مصر في الإسكندرية.. وكيلو الطماطم يصل ل6.5 جنيه    صندوق الأمن القومي البريطاني.. هل يصبح الاستثمار في الشركات الناشئة سلاح بريطانيا الجديد في مواجهة التحديات الجيوسياسية؟    الإسكان: كراسات شروط الطرح الثاني لإعلان سكن لكل المصريين7 متاحة عبر منصة مصر الرقمية    وزيرة البيئة تعقد لقاءا ثنائيا مع الأمينة التنفيذية لاتفاقية الأراضي الرطبة لبحث التعاون متعدد الأطراف    آلية جديدة لتسهيل سفر العمالة الموسمية المصرية إلى اليونان    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الخميس    7 بنود لاتفاق وقف العمليات العسكرية في السويداء.. تعرف عليها    إصابة جنديين إسرائيليين في معارك مع المقاومة.. وهذه أحدث تطورات غزة    مقتل امرأة وإصابة 3 إثر هجمات بطائرات مسيرة أوكرانية في روسيا    الداخلية العراقية: إنقاذ أكثر من 45 شخصًا كانوا عالقين داخل المبنى المحترق    صفقة زملكاوية جديدة.. تفاصيل وصول كياد للقاهرة وموعد انضمامه للمعسكر    الأهلي يستبعد وسام أبو علي من معسكر تونس    يوفنتوس يقترب من ضم سانشو.. ويتحرّك لاستطلاع موقف راشفورد    تشيلسي يستهدف التعاقد مع مهاجم جديد    الحداد 3 أيام إثر وفاة وإصابة 70 شخصا في حريق بالعراق    الأرصاد تنصح المواطنين بتجنب التعرض المباشر للشمس: اليوم ذروة ارتفاع درجات الحرارة    عاصفة ترابية تضرب أسوان.. إغلاق الملاحة الجوية والنهرية ورفع درجة الاستعداد    التعليم تعلن الخريطة الزمنية للعام الدراسي 2025-2026    موعد نتيجة الثانوية العامة 2025.. رابط وخطوات الحصول فور اعتمادها    المرور: تحرير 110 آلاف مخالفة مرورية خلال 24 ساعة    تعرف على جدول حفلات مهرجان العلمين 2025    موعد ومكان تشييع جنازة والدة هند صبري    صيف بلدنا ينطلق من العلمين الجديدة بعروض فنية مبهجة وإقبال كبير    بالصور.. إدوارد ولولا جفان يشاركان في أول حفل لهما بالعلمين الجديدة    فيلم الشاطر.. أمير كرارة: الأكشن بالنسبة لي ولا حاجة    ما الفرق بين المتوكل والمتواكل؟.. محمود الهواري يجيب    الصحة تبحث مع ممثلي القطاع الطبي الخاص بالمنيا إجراءات تنفيذية لتقليل الولادات القيصرية غير المبررة    لماذا تتدخّل إسرائيل في سوريا؟    التفاصيل والشروط.. إدارة المنح والقروض ب"الصحة" تعلن احتياجها لكوادر بشرية    ‬آية وإسراء وأسماء.. غرق ثلاث شقيقات في ترعة بأسيوط    إصابة 4 أشخاص فى انقلاب سيارة ملاكى على طريق "رأس غارب الشيخ فضل"    "قصص متفوتكش".. رسالة إبراهيم سعيد ل شيكابالا.. وحقيقة مفاوضات الأهلي مع مصطفى محمد    «الصناعة» تدعو المستثمرين للتسجيل بمنصة المنتجات الصناعية والتعدينية العربية    الاحتلال يفرض حظر تجول ويدمر منازل جنوبي جنين في الضفة الغربية    فرص الالتحاق بالمعهد الفني للتمريض والصحي وشروط القبول في تنسيق الدبلومات الفنية 2025    «التضامن» توافق على إشهار 3 جمعيات في محافظة البحيرة    أهالي وسط سيناء يشكرون الرئيس السيسي لإقامة محطة تحلية مياه للشرب بالمنطقة    كيف نواجه الضغوطات الحياتية؟.. أمين الفتوى يجيب    ارتفاع الأسمنت.. أسعار مواد البناء اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    نائب وزير الصحة تبحث إجراءات تقليل الولادات القيصرية غير المبررة في المنيا    إعلان القائمة النهائية بأسماء مرشحى الشيوخ وانطلاق الدعاية الانتخابية    «التعليم» تطوّر كتاب «القيم واحترام الآخر» للمرحلة الابتدائية    دراسة تحذر: الأطباء يتجاهلون "سببا شائعا" لارتفاع ضغط الدم    فنان من الزمن الجميل.. «ستوديو إكسترا» يعرض تقريراً عن رشوان توفيق    الرئيس السورى: إسرائيل أشعلت فتنة السويداء.. والدروز جزء من نسيج الوطن    رحيل مفاجئ ل صوت الزمن الجميل.. ضياء عز الدين يودّع الحياة بهدوء (بروفايل)    أكذوبة بعث القومية العربية في عهد ناصر    زلزال يضرب اليونان الآن    أول رد رسمي من «كوكاكولا» على تصريحات ترامب عن إضافة السكر الطبيعي    الأهلي يكشف كواليس عرض الحزم السعودي لضم أحمد عبد القادر    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة    رشوان توفيق: الفن له تأثير خطير.. و"الليل وآخره" يحمل رسائل دينية    الأهلي يكشف الحقيقة الكاملة حول التعاقد مع مصطفى محمد    الزمالك يقترب من ضم المغربى عبد الحميد معالى نجم اتحاد طنجة    بعد رحيل والدها.. ريهام عبدالغفور تعود بمسلسل «كتالوج» وتوجه رسالة مؤثرة    مفتي الجمهورية: «تجميد البويضات» مشروع بضوابط الشرع والأخلاق    فوائد البنوك حلال أم حرام؟.. أمين الفتوى يحسم الجدل    لو لقيت حاجة فى الشارع اتصرف إزاى؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غباء ودماء على رمال سيناء
نشر في بص وطل يوم 06 - 08 - 2012

للحظة انفصلت عما حولي من متابعة سياسية وإحصاء لنتائج العملية الإجرامية التي تمت على تراب سيناء، وملاحقة ردود الأفعال والمكاسب والخسائر.. ورحلت إلى سيناء بروحي، وكأني أجلس أتناول طعام الإفطار مع هؤلاء المجندين والضباط في هذه النقطة الآمنة في قلب الصحراء.. تجمّع الجنود والضباط معا، ملتفين حول مائدة مستديرة لا تبيّن من القائد ومن المقود، من الكبير ومن الصغير، وتوحدت كل الرتب في الجلوس القرفصاء أمام الطعام..
هذا يبدأ بالتمر المنقوع منذ الصباح، وذاك يرفع إناء الماء يملأ به جوفه، وثالث يلتقط تمرة جافة، ورابع يمنح زميله رغيفا بعيدا عن متناول يده..
أجول في وجوههم المتحرقة من حر الشمس، وملابسهم المتربة من آثار الغبار والرمال، شفاههم تتمتم بكلمات لا تخلو أن تكون دعاء لله سبحانه بقبول الصيام، وبالأجر العظيم في الدنيا والآخرة..
اللهم لك صمنا وعلى رزقك أفطرنا وبك آمنا..
ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله..
اقتطع أحدهم لقمة من رغيفه وأقبل يضعها في الطبق، ورفع آخر ملعقة الأرز إلى فيه، وبدا الود وروح الصيام الجميلة ترتسم على ملامح الجميع في حالة رضا مثالية عن الحياة رغم ما يبدو فيها حولهم من صعوبات..
لم تبلغ اللقمة فم الجائع، ولم تتجاوز جرعة الماء حلق الظامئ، بل ارتمى هذا وذاك على المائدة، وقد اخترقت بدلا منها رصاصات الغدر جسده، وانفجرت الدماء في الوجوه التي ارتسم الهلع عليها، وقفز كل حي إلى سلاحه الذي لا يعرف له مكانا، وكان خطأه الأكبر أنه أمن على نفسه من الغدر، ومن قال له إن الغدر ليس موجودا في كل مكان..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجلٍ مسلم".. [رواه الترمذي والنسائي].. فمن قتل ستة عشر مسلما آمنين لم يرفعوا سلاحا في وجه أحد.. بسطاء يحرسون حدود مصر، ليس لديهم خبرة ولا صلاحيات قتل وقبض.. بل مجرد عناصر حفظ أمن.. من الذي استحلّ دماءهم وأفتى بأن قتلهم وتفجيرهم كالذباب جائز شرعا..
لن أستبق التحقيقات فأقول إنه "جهادي" أو "إسرائيلي" أو "حمساوي" أو "إيراني" أو أو أو.. لكن الغالب على الظن أنه كان يعمل لصالح قضية كبرى، يقتل الجنود ثم يختطف المدرعة ثم يدخل بها في قلب كمين إسرائيلي، فيفجّرها ويموت شهيدا ومعه حفنة من جنود الاحتلال الغاصب..
هذه قناعته أو هكذا استغلّ من آخرين لا يهم.. المهم أنه ترك أثرا فعليا من ستة عشر شهيدا خلفه..
اليهود لا يموتون في سبيل مبادئهم ليكونوا هم المنفّذين، ولا أظن بهم البراءة وسلامة النية التامة لأفترض أنهم لا دخل لهم بالموضوع، لكن المنفّذ غالبا شباب مسلم مخدوع يظنّ أن نصرة الدين لا تقف كثيرا أمام بعض التضحيات كأثر جانبي لتحقيق الغاية العظمى.. وقتل ستة عشر شهيدا في وقت الإفطار لم يكن أكثر من أثر جانبي لإرهاب الاحتلال وتنفيذ عملية انتحارية سيتحدث عنها العالم.. صدقت يا رسول الله: "لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجلٍ مسلم"..
معظمنا يستميت من أجل إثبات الفرق بين الإرهاب والمقاومة المشروعة، وليؤكد أن هذا شيء وهذا شيء، ونشعر جميعا بالظلم عندما نرى قادة المقاومة المشروعة عن النفس والعرض والوطن مصنفة على رأس المنظمات الإرهابية العالمية.. ولذا ليجبني أحدكم إلى أي جانب تنضمّ هذه الحادثة؟ إلى المقاومة المشروعة عن النفس والوطن ولو سقط في سبيلها بعض الأبرياء، أم هو عين الإرهاب والعدوان على حياة الآمنين من أجل مخطط شخصي لا يخدم القضية ولا يؤتي ثمرة تستحق أن تغتال لأجلها أراوح آمنة مطمئنة..
نتفق جميعا على المقاومة المشروعة، ولا نقبل بأن تضع إسرائيل ظهور الفلسطينيين في الحائط متحدية كل القوانين والقرارات العالمية، وتحرمهم كل حقوقهم ولا تريد منهم أن يدافعوا عن أرضهم بالمقابل، لكن هذه المقاومة لا تتأتى عبر جسر الإرهاب، ولذا واجبنا أن ندافع عن مقاومة الاحتلال أن يلتصق بها هذا الإرهاب الذي لم يراع حرمة جعلها الله فوق حرمة البيت الحرام، وجعل الدنيا كلها أهون منها..
المقاومة شرف، والمقاومون رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ولكن الإرهاب جبن، والاستخفاف بالأرواح وقتل الآمنين غدرا لم يكن أبدا ليخدم قضية كبرى.. بل هو ضعف نفسي، وأدلّ دليل على ذلك أنك دائما ترى الإرهابيين مطية يركبها الظالمون لتحقيق أهدافهم هم، مستغلين حالة الغباء وحب الدماء لدى فئة جاهلة تدّعي خدمة الدين والدين منها براء..
إذا كان هدف هؤلاء الإرهابيين نبيلا ويهدف لخدمة القضية الفلسطينية حقا، فلماذا لا يحاولون تنفيذ أهدافهم بأنفسهم بعيدا عن غيرهم؟ ولماذا يقتلون في سبيل ذلك مسلمين مثلهم آمنين في وقت يستجيب فيه الله الدعاء ويعد الصائم فيه بالفرحة؟
لا يمكن أن يكون قتل النفس الآمنة من الإيمان ولا يمكن أن يكون قتل المسلم وسيلة تقرّب إلى الله زلفى.. ولكنه الإرهاب لا دين له ولا عقل..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.