كشفت إدارة الشئون الثقافية والاجتماعية بمنظمة المؤتمر الإسلامي عن تقرير صادر عن مركز خاص يقوم على رصد كل أشكال العنف والاضطهاد ضد المسلمين بالعالم الغربي من أجل تعزيز الوعي العالمي حول ظاهرة "الإسلاموفوبيا". التقرير حوى العديد من حالات اضطهاد المسلمين في أمريكا وبريطانيا وفرنسا وسويسرا وبلجيكا. وجاء في التقرير أن اتحاد الطلاب الليبراليين في بلجيكا أصدر بيانًا يرفض فيه توجّه الحكومة البلجيكية نحو حظر ارتداء الحجاب، وأكد رفضه لأي تدخل من جانب السلطات في خيارات الطالبات المسلمات أيًا كانت المبررات التي تروّج لها الحكومة. المسلمون في أوروبا وراء القضبان بتهمة الإرهاب قبل أن نسرد تفاصيل التقرير يجب الإشارة أولا إلى عدة نقاط أساسية أولها أن تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا في أوروبا وأمريكا يرجع بالأساس إلى أنه مع كل حادث إرهابي صغيرا كان أم كبيرا يحدث في الغرب يلتصق به أسماء عرب أو مسلمين، ولعل تفجيرات لندن التي وقعت في صيف 2005 والتي كانت بمثابة الرصاصة الأولى في الحرب ضد الإرهاب على حد تعبير القاضي الأوروبي المتخصص في شئون الإرهاب "جون لوي بريجيير". والثابت أنه رغم أن هجمات 11سبتمبر في الولاياتالمتحدة كانت نقطة مفصلية في استراتيجية مكافحة الإرهاب، إلا أن أوروبا كانت تعيش هذا الهاجس قبلا حين اكتوت فرنسا بنيران الإرهاب عام 1995 عندما حصدت القنابل نحو 200 قتيل في مترو الأنفاق الباريسي، وظهرت جماعات تحمل أسماء منها خالد قلقال ورشيد رامدا "وهما فرنسيان من أصول عربية".. كل هذه الأحداث التي تسبب فيها مسلم أو عربي أو أوروبي له جذور عربية إسلامية جعلت الغرب -شعوبا وحكومات- يصابون بهاجس من العرب والمسلمين، وبسبب هذا الهاجس يدفع المهاجرون العرب والمسلمون كثيرا.. فأصبحوا يقفون بالجملة وراء القضبان بتهمة الإرهاب والتطرف لا لشيء إلا لأنهم يشتركون مع أمثال (بن لادن، والظواهري، والزرقاوي) في الدين وليس في التوجه!! والمضحك بل المحزن أن الخوف جعلهم يخافون حتى من الأطفال المسلمين، فيباح لهم اضطهاد طفل بريء وتفتيش طفل وإدخال الخوف في قلبه لمجرد هاجس جعلهم لا يميزون ولا يفكرون!!! النازيون الجدد وحالقة الرءوس جماعات كارهة للإسلام فمهد ذلك لظهور جماعات كارهة للعرب والمسلمين مثل "النازيون الجدد"، و"حالقو الرءوس"، كما قويت شوكة أحزاب اليمين المتطرف التي ترى العربي والإسلامي في أوروبا احتلالا، وهكذا بين عشية وضحاها أصبح مسلمو أوروبا وأمريكا في قفص الاتهام! فلا يكاد يمر يوم إلا ويتم اعتقال شاب في ألمانيا أو مجموعة شباب في فرنسا أو لندن أو مدريد أو بروكسل للاشتباه في تورطهم في أعمال عنف وقتل وإرهاب، كما حامت الشبهات حول العرب والمسلمين لمشاركتهم في أحداث 11 سبتمبر 2001 في أمريكا، حدث الشيء نفسه بالنسبة لأحداث 11 مارس 2004 في مدريد.. فأكد رئيس الوزراء الإسباني أن الإرهاب الدولي الناجم عن التطرف الإسلامي هو وحده المسئول عن الهجمات التي وقعت في بلاده، وأسفرت عن مقتل 191 شخصا وإصابة المئات وأصبحت أذرع تنظيم القاعدة تمتد كالأخطبوط لتدرب الإسلاميين المتطرفين في ماليزيا وبانكوك وجنوب إفريقيا ومن هنا اتسعت دوائر الشك لتشمل كل المسلمين في جميع الدول الغربية. أما النقطة الثانية والتي تقف خلف الانتهاكات وأشكال العنف التي رصدها التقرير التي سبقت الإشارة إليه أنه بجانب كل هذه الأحداث بات الغرب يرى في الحركات الإسلامية نوعا من التبشير على غرار التبشير المسيحي من منطلق روح الحرب الصليبية؛ وذلك بسبب أنه تردد خلال الآونة الأخيرة في أوساط أكاديمية أجنبية أن "التاريخ الإسلامي على مدى 1400 سنة يؤكد أن الصراعات بينه وبين الغرب لم تتوقف في أي لحظة بدءا من حروب الفتوحات الإسلامية الأولى مرورا بالحروب الصليبية وانتهاء باحتلال الغرب لدول الإسلام ثم الصراعات الإقليمية والدولية التي ينازع الحرب عليها في كل مكان".. حرب باردة بين الغرب والإسلام.. وأوروبا مسرح لها ومن هنا كثر الحديث عن خطر الإسلام في أوروبا استنادا إلى إحصائيات موثقة تؤكد أن 25% إلى30% من الشباب الأوروبيين الذين تقلّ أعمارهم عن 25 عاما ينحدرون من أصول عربية إسلامية، وأصبح يردد الغرب عن حرب باردة بين الغرب والإسلام تكون أوروبا مسرحا لها على أن يغذي العقل السياسي الأمريكي هذه الحرب. والواقع يقول إن 50% من الحروب التي وقعت على كوكب الأرض في الفترة من 1820 إلى 1929 تتعلق بالأديان, ويردد في الصحف الأجنبية في هذا الصدد مقولة أحد رجال الدين الإسلامي يقول فيها: "إن عدد المسلمين في أوروبا يبلغ 26 مليون شخص وإذا شعر هؤلاء بسوء معاملة من الحكومات الأوروبية غير الإسلامية فإنهم سوف يضطرون إلى النضال؛ لأن القرآن الكريم يحثهم على ذلك، ويرفض أن يكونوا مضطهدين، وكان طبيعيا أمام ترويج مثل هذه الأفكار الصادمة أن ترتعد أوروبا شعوبا وحكومات خوفا من العرب والمسلمين الذين يعيشون بينهم، بل أصبحوا أغلبية في عدد من الأحياء والمدن، وهو ما يقلق بلدا مثل فرنسا حيث إن حوالي 63 شخصا يعتنقون الإسلام يوميا، وهنا يتخوف الفرنسيون من أن تتحول فرنسا إلى جمهورية إسلامية. ولذلك لم يكن غريبا بالمرة أن يحوي التقرير الذي كشفت عنه منظمة المؤتمر الإسلامي كل أشكال العنف والاضطهاد ضد المسلمين بالعالم الغربي، بداية من الجرائم والاعتداءات العنصرية في فرنسا وسويسرا، ومنها حالة من العنصرية الشديدة ضد ستة من رجال الشرطة الفرنسيين المسلمين حيث تعرضوا لإهانات بعبارات عنصرية في وحداتهم. العربي في القواميس الأوروبية متشرد صايع عاطل التقرير يؤكد أيضا استمرار مسلسل التحريض المتصاعد ضد كل ما يمتّ بصِلة للإسلام والعرب في الغرب بشكل عام والولاياتالمتحدة بشكل خاص. لكن الخطير في الأمر أن بعض المؤلفات العلمية كالقواميس مثلا لم تتخلص من هذا التحيز ضد العرب وعرض صورة مشوهة لهم، فيذكر أحد القواميس المعاني التالية كمترادفات للفظ العربي: "متشرد. صايع. عاطل. إنسان بلا هدف.. بائع متجول.. مساوم.. غشاش. بائع روبابيكيا.. قطاع رقاب".. الغريب أن الطبعات القديمة من القواميس كانت تضع مرادفات لكلمة "يهودي" مشابهة، ولكن حذفت في الطبعات الحديثة!! هذه التعريفات التي يقدمها ذلك القاموس للفظ "عربي" هي خير دليل على صورة العرب المبتذلة المشوهة التي تسود الثقافة الشعبية الأمريكية، والتي نجدها في نصوص أغاني وموسيقى الروك والنكت الشعبية. ولقد رسخت وسائل الإعلام الغربية هذه المعاني في أذهان الأوروبيين عن العرب والمسلمين، ثم نفخت فيها روحها ونشرتها في كافة الأرجاء بحيث أصبحت عبارة "أنا عربي مسلم" مرادفة لعبارة "أنا إرهابي" من وجهة نظر الغرب.
العرب عبارة عن أميين وبدو متخلفين وتؤكد دراسة علمية أن المسلسلات التي يقدمها التليفزيون الأمريكي وتتناول العرب والمسلمين تعتمد على جملة من الأساطير منها أن العرب سيقومون بشراء أمريكا بأموالهم وأن لغتهم ليست لغة بالمعنى الحقيقي، وإنما هم عبارة عن أميين وبدو متخلفين كما يؤمنون بالخرافات.. ويصل تشويه صورة العرب إلى أقصى درجاته في برامج الأطفال التي توحي بأن العرب قوم أشرار ومغفلون، ولم يحدث أن ظهر في هذه البرامج "بطل عربي".. يعجب به الأطفال وإنما العربي هو حقير وهمجي وإرهابي يأسر الأطفال في أفلام الكارتون. وتذكر الدراسة أنه بسبب هذا الإلحاح الإعلامي على تشويه صورة العرب فإن الأطفال الأمريكيين عندما يفكرون في لفظ عربي فإنهم يربطونه بتعبيرات ومعانٍ معينة مثل بترول، بنزين، شيوخ، طماعين، إرهابيين.. بدو) لماذا الإسلام وحده الذي يحرض الأوروبيون على الإساءة إليه؟!! وليس خافيا أن قاعدة ازدواجية المعايير هي التي حكمت ولا تزال تحكم هذه القضية، فالحجة التي تُساق في حالة العرب والمسلمين هي عدم الاعتداء على قيمة حرية التعبير، أما في حالة إسرائيل فذبح هذه القيمة يكون حلالا حتى لا تغضب إسرائيل "الصديقة المدللة للغرب"، ومرة أخرى نتساءل أين حرية الرأي الموجودة في كل هذا أم إن ما يتعلق باليهود يكون دائما فوق القانون أما ما يتعلق بالعرب والمسلمين فترسانة القواعد والقوانين لا يمكن تجاوزها؟! وأعتقد بعد كل ذلك أن نكون قد أدركنا إجابات أسئلة مثل: لماذا الإسلام دون غيره هو الذي يحرض الأوروبيون على النيل منه والإساءة إليه؟ وما سبب هذه الكراهية؟ بل ما دوافع ممارسة العنصرية ضد المسلمين؟؟ وما سبب خوف الغرب من المسلمين والإسلام؟؟؟