يوما تلو الآخر تطالعنا الصحف الإسرائيلية عن طبيعة زنا المحارم واستشراء مهنة الدعارة في إسرائيل وبصور غير مسبوقة؛ فلا يمر يوم إلا ونقرأ عن جريمة زنا المحارم، أو مطالب بالكنيست الإسرائيلي للقضاء على مهنة الدعارة؛ ولكن يبدو أن إسرائيل تحاول القضاء على سراب. فقد طالعتنا مؤخرا صحيفة يسرائيل هيوم في الرابع والعشرين من الشهر الجاري بخبر مهم مفاده أن مهن الدعارة في إسرائيل تدر على القائمين عليها 2.4 مليار شيكل سنويا، وهو رقم مخيف بالنسبة لسلطة الضرائب الإسرائيلية نفسها، التي طالبت على الفور بمحاكمة المترددين على النوادي الليلية أو الأماكن المشبوهة حتى يمكن التغلب على مشكلة الدعارة وزنا المحارم التي استشرت بشدة في المجتمع الإسرائيلي، وباتت تهدد مضاجع المسئولين وسادة الحكم في تل أبيب، وكذا لاستعادة الضرائب عن هذه الأندية والأماكن المعروفة بالدعارة، والتي يمكن أن تدر على مصلحة الضرائب ما يزيد على مليار شيكل سنويا؛ خصوصا وأن المترددين على تلك النوادي الليلية وبيوت الدعارة يقدرون بمليون إسرائيلي سنويا، وهي إحصائية صادرة عن مركز الإحصاء التابع لجامعة تل أبيب. أخبار زنا المحارم والدعارة وجرائم الاغتصاب لا تخلو منها الصحف الإسرائيلية اليومية، وكأنها مادة طازجة ويومية تقدم كشهية صباحية لقارئ الصحف باللغة العبرية، وغالبا لا تقدم هذه الصحف أرقاما حقيقية عن معدل الجريمة في إسرائيل؛ لكن بمتابعة دقيقة لهذه الجرائم، سنجد أن زنا المحارم والدعارة وحوادث التحرش الجنسي والاغتصاب -وما أكثرها- تتفنن هذه الوسائل في قصها؛ رواية المرأة أو البنت المغتصبة وكيفية اغتصابها، ومن بعدها محاكمة الجاني إذا ألقت الشرطة الإسرائيلية القبض عليه، وعقوبته، وبأي محكمة في إسرائيل. الغريب -وللمرة الأولى- تنشر صحيفة يسرائيل هيوم ذات الطابع الديني المتشدد والتي يمتلكها مقربون من رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو أرقاما حول مهنة الدعارة في إسرائيل، والتي قدرتها ب 2.4 مليار شيكل كدخل سنوي للقائمين على هذه المهنة، والأغرب أن الصحيفة تلتمس العذر لمن يمتهن هذه الحرفة أو المهنة، والتي أرجعتها لأسباب اقتصادية أو اجتماعية أو بيئية؛ لكنها مع ذلك تطالب بمحاكمة المترددين على أماكن الانحراف واللهو والسمر؛ حتى تتمكن مصلحة الضرائب من زيادة دخلها السنوي من هذه المهنة والذي ربما يزيد عن مليار شيكل سنويا. من المعروف أن إسرائيل تستقبل المئات سنويا -وربما الآلاف- من الفتيات والسيدات الأجنبيات للعمل في مهنة الدعارة، وفي أغلبهن من روسيا أو الدول التي كانت تابعة للاتحاد السوفييتي السابق، وهي مهنة تدر دخلا هائلا على القائمين عليها. وغالبا ما كانت تقدم طلبات إحاطة للكنيست الإسرائيلي من بعض أعضائه المتدينين لوضع حلول ناجعة لهذه المهنة التي اعتبرتها أكثر من وسيلة إعلامية إسرائيلية تتوغل وتستشري بقوة داخل المجتمع الإسرائيلي، وتهدد استقراره؛ خاصة وأن منظمات الجريمة المنظمة تستغل الدعارة في عملياتها، كما أن معدل الجريمة الناجم عن حوادث الاغتصاب والتحرش الجنسي تفوق بكثير ما يعلن عنه؛ حتى أن 80% من الإسرائيليات قد تحرش بهن جنسيا، وفي الأغلب من القائمين على عملهن، ولا ننسى الرئيس السابق موشيه كاتساف، المتهم بجرائم تحرش واغتصاب، والوزير السابق حاييم رامون، وغيرهم ممن تطول القائمة كتابة أسمائهم. فإلى أين تتوجه إسرائيل مع ارتفاع معدلات البطالة والغلو والتشدد الديني وممارسة الدعارة واستشرائها وكذا زنا المحارم داخل المجتمع الإسرائيلي؟ وهل ستحارب إسرائيل سرابا؟!