أكد حبيب العادلي -وزير الداخلية الأسبق والمتهم الخامس في قضية قتل المتظاهرين- أمام المحكمة أنه لم يكن يتوانى في إحالة رجال الشرطة المتهمين للنيابة، متسائلا: "إذا كان الضباط أطلقوا النار بالفعل، فكيف لم يتم ضبط شرطي واحد متلبسًا؟". وأضاف العادلي أمام المحكمة: "لا أنكر أن هناك ضباطًا استخدموا سلاحهم الشخصي بشكل فردي، وأن ما حدث هو مخطط خارجي للنيل بمصر". واستطرد أن سر العداء "المستحكم" بين الشعب والشرطة يرجع إلى مخالفة بعض الخارجين على القانون وعتاة الإجرام لنصوص القانون، قائلا: "رجل الشرطة فرد من أفراد الوطن، وعلّمناه أن يحترم حقوق الإنسان ويعمل لخدمة المجتمع". وعن الوضع الأمني منذ توليه منصب وزير الداخلية، أكد أنه استطاع القضاء على البؤر الإرهابية التي كانت تهدد أمن الوطن، وحدث بعدها نمو اقتصادي ملحوظ، وأنه اعتمد خطة للتعامل مع التطرف الديني لنبذ العنف والدعوة للحوار، وتم عمل مراجعات فكرية صحيحة من قبل قيادات الجهاديين، وأنه تدخّل لوقف حكم الإعدام الصادر ضد 4 من هذه القيادات. وأوضح العادلي: "تحقق بفضل الله تعالى الكثير من الإنجازات، ومواجهة تجار المخدرات، مما يدل على أن الفكر الأمني كان يتمثل في الصبر والاستيعاب وليس العنف". جدير بالذكر أن هذه هي المرة الأولى منذ بدء جلسات محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه وحبيب العادلي -وزير الداخلية الأسبق- وستة من مساعديه في قضية قتل المتظاهرين وإهدار المال العام، التي تحدّث فيها العادلي أمام المحكمة، وبدأ كلامه بترديد عبارة: "سبحان الله وبحمده.. سبحان الله العظيم"، وتلا قول الله تعالى: {تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير}، {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين}. وخاطب العادلي المحكمة قائلا: "إذا سمحتم لي سيادتكم.. أريد أن أتحدث عن بعض الجوانب المهمة، وأقول إن كل التحقيقات التي تمّت بمعرفة النيابة والمحكمة قد أظهرت الحقائق أمام التاريخ، وأقسم بالله العظيم أن ما أقوله هو الحق، وليس التنصل من جريمة القتل". وأضاف أنه سيتحدث عن 3 محاور هي: مصر قبل 25 يناير، ووضع الشارع في مصر، ومصر بعد 25 يناير؛ وفقا للأهرام. وبدأ العادلي في سرد الأحداث منذ بدايتها، وقال إن الأجهزة الأمنية توصّلت إلى أن تظاهرات ستخرج يوم 25 يناير قبل الماضي، ولدينا معلومات عن أنها سلمية، فأخطر رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء بها، وعقد اجتماعاً بتكليف من مبارك لدراسة الأحداث، واتفق الجميع على قطع الاتصالات التليفونية؛ لتأمين التظاهرات بالشكل المطلوب. وأشار إلى أنه قبل 25 يناير كان هناك العديد من حوادث الإرهاب، حيث تولى وزارة الداخلية منذ 14 عامًا في عام 1997 عقب الحادث الإرهابي بالأقصر، والذي راح ضحيته العديد من المواطنين وضباط الشرطة، ووصف الحادث بأنه كان امتدادًا لعدة حوادث إرهابية. ولفت العادلي -خلال تحدثه لمدة أكثر من ساعتين- إلى أن أكثر من وزير داخلية تعرض لحوادث اغتيال، وأنه بفضل الله توقف في عهده الإرهاب، وبدأت معدلات النمو الاقتصادى في الارتفاع، وشعر المواطنون بالأمن والأمان. وأنكر العادلي الاتهام الموجه له بقطع الاتصالات، والتسبب في إنهاك قوات الشرطة، مؤكداً أن الأجهزة الأمنية تجري اتصالاتها عبر شبكة لاسلكي مؤمّنة جيداً، ومحظور استخدام التليفون في وزارة الداخلية، وأن هذا القرار جاء للحدّ من توجّه المتظاهرين ناحية ميدان التحرير؛ نتيجة لوجود عدد من المنشآت الحيوية المحيطة به، وكذلك حرصاً على أرواح المتظاهرين. وأشار العادلي إلى أنه دعا إلى اجتماع آخر يوم 24 و 27 يناير 2011 ليتم استعراض المعلومات والقدرات في مواجهة التظاهرات، وأنه قد أصدر تعليمات صريحة بعدم استخدام الأسلحة النارية إلا في حالة التجاوز والدفاع الشرعي عن النفس، وطلب من الضباط عدم الاستجابة لأي استفزازات من قبل المتظاهرين، وذكر لهم التظاهرتين اللتين حدثتا في غضون عامي 2002/ 2003 التي دعت لإحداهما جماعة الإخوان المسلمين، والأخرى الحزب الوطني في نفس الوقت؛ اعتراضاً على الاحتلال الأمريكي للعراق، وتم اختيار استاد القاهرة حتى يتسع لجميع المتظاهرين، ونجحتا دون أي خسائر. وأضاف العادلي أنه أصدر تعليمات للحدّ من الحشد في ميدان التحرير؛ للحفاظ على الأرواح، ونفى أن يكون قد علم بنية استخدام عناصر مندسة وخارجين على القانون للأسلحة النارية وزجاجات المولوتوف في التعدي على رجال الشرطة، وقيام بعض العناصر الأجنبية باقتحام السجون وتهريب المسجونين، وأن جميع الأجهزة المعلوماتية في الدولة تفاجأت بهذا الأمر؛ لأن هذه التظاهرات بدأت سلمية للتعبير عن تردي الأوضاع الاقتصادية والصحية والتنديد بتفشي البطالة، وأضاف العادلي أن هذه التظاهرات قد حققت ثورة بالفعل لم يكن لها قائد.