محافظ القليوبية يقدم التهاني للأقباط بمناسبة عيد القيامة المجيد    الذهب يستقر في الصاغة رغم احتفالات عيد القيامة    الآن.. طريقة الاستعلام عن معاش تكافل وكرامة لشهر مايو 2024    وزير الدفاع الإسرائيلي: هجوم رفح سيجري «في أقرب وقت ممكن»    انتشال أشلاء شهداء من تحت أنقاض منزل دمّره الاحتلال في دير الغصون بطولكرم    أخبار الأهلي : الأهلي يهدد بالإنسحاب من صفقة العسقلاني    الأهلي يبحث عن فوز غائب ضد الهلال في الدوري السعودي    هيئة الأرصاد تعلن تفاصيل الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة غداً الاثنين    فى لفتة إنسانية.. الداخلية تستجيب لالتماس سيدة مسنة باستخراج بطاقة الرقم القومى الخاصة بها وتسليمها لها بمنزلها    بعد 45 عاما.. سليم سحاب يكشف حقيقة اتهام محمد عبد الوهاب بسرقة الألحان من الخارج    وزير الرياضة يتفقد مبنى مجلس مدينة شرم الشيخ الجديد    البطريرك كيريل يهنئ «بوتين» بمناسبة عيد الفصح الأرثوذكسي    البابا تواضروس الثاني يتلقى تهنئة آباء وأبناء الكنيسة بعيد القيامة    «مراتي قفشتني».. كريم فهمى يعترف بخيانته لزوجته ورأيه في المساكنة (فيديو)    هل يجوز أداء الحج عن الشخص المريض؟.. دار الإفتاء تجيب    «الزراعة» تواصل فحص عينات بطاطس التصدير خلال إجازة عيد العمال وشم النسيم    ندوتان لنشر ثقافة السلامة والصحة المهنية بمنشآت أسوان    تقرير: ميناء أكتوبر يسهل حركة الواردات والصادرات بين الموانئ البرية والبحرية في مصر    التخطيط: 6.5 مليار جنيه استثمارات عامة بمحافظة الإسماعيلية خلال العام المالي الجاري    قبل ساعات من انطلاقها.. ضوابط امتحانات الترم الثاني لصفوف النقل 2024    كردون أمني بعد مقتل شخص على يد ابن عمه لخلافات على قطعة أرض في أسيوط    إصابة 3 إسرائيليين بقصف على موقع عسكري بغلاف غزة    قوات روسية تسيطر على بلدة أوتشيريتينو شرقي أوكرانيا    الحكومة الإسرائيلية تقرر وقف عمل شبكة قنوات الجزيرة    رئيس مدينة مرسى مطروح يعلن جاهزية المركز التكنولوجي لخدمة المواطنين لاستقبال طلبات التصالح    5 مستشفيات حكومية للشراكة مع القطاع الخاص.. لماذا الجدل؟    اعرف حظك وتوقعات الأبراج الاثنين 6-5-2024، أبراج الحوت والدلو والجدي    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية ميت كنانة بطوخ    "خطة النواب": مصر استعادت ثقة مؤسسات التقييم الأجنبية بعد التحركات الأخيرة لدعم الاقتصاد    التنمية المحلية: استرداد 707 آلاف متر مربع ضمن موجة إزالة التعديات بالمحافظات    استشهاد ثلاثة مدنيين وإصابة آخرين في غارة إسرائيلية على بلدة ميس الجبل جنوب لبنان    طوارئ بمستشفيات بنها الجامعية في عيد القيامة وشم النسيم    في إجازة شم النسيم.. مصرع شاب غرقا أثناء استحمامه في ترعة بالغربية    رفع حالة الطوارئ بمستشفيات بنها الجامعية لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    الصحة الفلسطينية: الاحتلال ارتكب 3 مج.ازر في غزة راح ضحيتها 29 شهيدا    بالصور.. صقر والدح يقدمان التهنئة لأقباط السويس    البابا تواضروس: فيلم السرب يسجل صفحة مهمة في تاريخ مصر    «شباب المصريين بالخارج» مهنئًا الأقباط: سنظل نسيجًا واحدًا صامدًا في وجه أعداء الوطن    أنغام تُحيي حفلاً غنائيًا في دبي اليوم الأحد    بالتزامن مع ذكرى وفاته.. محطات في حياة الطبلاوي    جناح مصر بمعرض أبو ظبي يناقش مصير الصحافة في ظل تحديات العالم الرقمي    الليلة.. أمسية " زيارة إلى قاهرة نجيب محفوظ.. بين الروائي والتسجيلي" بمركز الإبداع    ميسي وسواريز يكتبان التاريخ مع إنتر ميامي بفوز كاسح    الإفتاء: كثرة الحلف في البيع والشراء منهي عنها شرعًا    دعاء تثبيت الحمل وحفظ الجنين .. لكل حامل ردديه يجبر الله بخاطرك    اتحاد الكرة يلجأ لفيفا لحسم أزمة الشيبي والشحات .. اعرف التفاصيل    بين القبيلة والدولة الوطنية    لتجنب التسمم.. نصائح مهمة عند تناول الرنجة والفسيخ    صحة مطروح تطلق قافلة طبية مجانية بمنطقة أولاد مرعي والنصر لمدة يومين    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية ميت كنانة في طوخ    نهاية موسم مدافع بايرن    الأهلي يجدد عقد حارسه بعد نهائي أفريقيا    اليوم.. انطلاق مؤتمر الواعظات بأكاديمية الأوقاف    السيطرة على حريق شقة سكنية في منطقة أوسيم    مختار مختار: عودة متولي تمثل إضافة قوية للأهلي    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    محافظ القليوبية يشهد قداس عيد القيامة المجيد بكنيسة السيدة العذراء ببنها    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نيكولا..البائس الذي لا وطن له!
نشر في بص وطل يوم 21 - 12 - 2009

في ثنايا صفحات الرواية العربية، ظهرت شخصيات خيالية تم تخليدها في أذهان القراء؛ إما بفضل الخصائص المميزة لبعضها أو نظراً لعوالم الرواية التي ظهرت فيها أو لأن بصمة السينما قد حفرتها في قلوب المشاهدين فيما بعد..
أياً ما كان السبب!! فقد اخترنا لكم عشر شخصيات خيالية لن نكون مبالغين لو قلنا إنها الأفضل، قد يختلف معنا البعض في تقييم هذه الشخصيات، لكن سعينا أن نبيّن سبب اختيار كل شخصية ضمن الملف الذي نقدّمه لك عزيزي القارئ، حيث كل أسبوع شخصية، ولكل شخصية حدوتة..
(... وكل نهار قائظ.. يصعد (نيكولا) إلى قمة جبل "الدرهيب" بالصحراء الشرقية قرب حدود السودان.. يبقى عاريًا ومصلوبًا "تحت شمس أغسطس الجهنمية" كما قرر بنفسه طقوس عذابه.. ويظل إلى أن "تنحرف الشمس عن مجلسها العمودي", فيرى أنه "غير جدير باحتمال العذاب بهذه الطريقة".. فيدحرج جسده العاري على حصى دقيقة وبلورات رخامية ذات أسنة قاطعة تفرش سطح الجبل الهلالي التكوين ليصل إلى مأواه في باطن الجبل "ليواصل الطقوس بطريقته الأخرى").
هذا المشهد ذو الملمح السيزيفي هو بداية تعرفنا على مأساة (نيكولا) في رواية "فساد الأمكنة".. ويعود كاتبها (صبري موسى) لذات المَشهد ليختتم به أحداث تلك الرواية الفارقة في تاريخ الأدب العربي..
تأتي الأهمية الروائية ل(نيكولا) "الذي لا وطن له" كما وصفه الكاتب؛ ليس فقط كونه غير عربي في صميم مجتمع جبلي عتيق مغرق في المحلية.. فهو متعدد الهوية.. خرج من قرية روسية صغيرة مهاجرًا إلى (إسطنبول) ثم إلى (إيطاليا) حيث قابل (إيليا) الزوجة.. وأنجب منها (إيليا) الابنة.. ومن ثم تمتزج هوية (نيكولا) مع طبيعته المحبة للتجوال والهجرة، ورغبته في السفر والتحليق في سماوات الأمكنة كلها.. مع الأحداث والحضور الغريب لجبل "الدرهيب" الأسطوري والأشياء والأمكنة والأشخاص، وامتزاجه بالمكان والمصادفات القدرية التي صنعت مأساة ذلك الأوروبي الذي يحمل اسم قديس قديم.. (نيكولا).. البائس الذي يلقى الأشياء والأحداث ببراءة طفل.. وكما يقول الكاتب في بداية الرواية:
- "ذلك الذي كانت فاجعته في كثرة اندهاشه.. وكان كل شيء يحدث أمام عينيه جديدًا يلقاه بحب الطفل, لدرجة أنه لم يتعلم أبدًا من التجارب"..
فهو إذن البطل الأوروبي في بيئة جبلية عربية، والذي يخرج من الأنماط الغربية المعتادة للرجل الأوروبي الاستغلالي السلطوي والشهواني أحيانًا, كما صنّفته غالبية الروايات العربية التي تطرقت إلى الشخصية الأجنبية عمومًا.. بل هنا تتبدل الأدوار.. وتنبع مأساة (نيكولا) الذي يأتي إلى جبل "الدرهيب" بناءً على نصيحة من صديقه (ماريو) المهندس الإيطالي، ليصبح مالكًا للجبل وباحثًا على رأس فريق من العمال عن ثرواته.. تنبع المأساة من شهوانية الملك وحاشيته وهم الباحثون عن اللهو والمتعة والملذات في أي شكل كانت.. فيأتون إلى المكان ليرى الملك (إيليا) ابنة (نيكولا), الفاتنة ذات الستة عشر عامًا بوجهها الأبيض كنور الصباح وشعرها الذهبي.. فيطلبها لتخرج معه في رحلة صيد وهمية لا تخفي كثيرًا رغبته الحقيقية في مضاجعة العذارى.. ويجد (نيكولا) نفسه مجبرًا على الموافقة وفي صدره تعربد آلاف الانقباضات.. وتأتي المصادفة القدرية الأغرب والتي في ذات الوقت تمثل فاجعة (نيكولا) ومأساته الحقيقية وتعتبر هي ذروة الرواية.. فيحلم (نيكولا) الغارق في غيبوبة الخمر الذي ظل يعبه طوال الليل في الكابين الصغير حيث يسكن؛ بأنه يضاجع ابنته.. وأثناء الحلم يأتي الرجال ب(إيليا) بعد أن فرغ منها الملك فيضعوها جوار والدها الغارق في غيبوبة الجنس والمضاجعة حتى شحمة أذنه.. وعندما يصحو يفجع عندما يرى ابنته الغارقة في الدماء والعرق والنعاس وبقايا الشهوة الملكية, بينما رائحة شهوته هو تأتي بعد الحلم طازجة تفعم أنفه.. ويظن أنه الفاعل.. وتتوالى الأحداث إلى أن يقتل (نيكولا) ابنته (إيليا) بانهيار صخري غادر بعد أن يحبسها في إحدى مغارات جبل "الدرهيب".. تلك هي مأساة (نيكولا).. الأوروبي البائس الذي جاء باحثًا عن حياة جديدة.. وعن ثروات جبل في صحراء دولة لا يحكمها أهلها..
يصف (صبري موسى) طقوس عذاب (نيكولا) في جمل عبقرية:
- "ويتناول زجاجة الخمر فيجدها فارغة.. وكان قد تناولها بالأمس ووجدها فارغة أيضًا.. وسوف يتناولها بعد حين ويجدها أيضًا فارغة..".
ويصفه وهو يلعب الشطرنج مع نفسه:
- "وكانت عظمة (نيكولا) في أنه يعرف النتيجة سلفًا, ومع ذلك يواصل اللعبة!"
- "كانوا يتحدّثون عن الوطن, فيتحسّر (نيكولا) الذي لا وطن له".
- "روحه تحلق بعيدًا متطلعة إلى أمكنة جديدة ومتنوعة لم يحلق فيها بعد"
الصراع هنا ليس صراعًا تقليديًا بين خير وشر أو بين إنسان ومكان رغم الحضور القوي لجبل "الدرهيب" الأسطوري.. و(نيكولا) نفسه ليس قديسًا رغم أنه يحمل اسم قديس.. وبراءته ليست تامة, فالرغبات والشهوات هي المتحكم الرئيسي في الرواية, وهي ما سيّرت الأحداث.. لولا رغبة الهجرة والتجوال لما قابل (إيليا) الإيطالية.. ولولا الشهوانية والرغبة الجنسية لما سلمت له نفسها فضاجعها وأنجب منها (إيليا) الابنة.. ولولا حلم (نيكولا) بالثروة وامتلاك الجبل لما جاء إلى صحراء بلاد لا يعرفها فيهتك جبل وأرض وثروات ليس له أنه يهتكها.. إنه كل ذلك.. ولعبة القدر حين يقرر أن يقسو بحق..
على الهامش:
• أتت فكرة الرواية كما يخبرنا الكاتب في بداية الرواية من ليلة قضاها في جبل "الدرهيب" في ربيع 1963 وأقام في الجبل من نوفمبر عام 1966 حتى نوفمبر عام 1967 معايشًا الجبل برغبة محاولة الكتابة.. لكنه بدأ كتابتها في بداية عام 1968.
• نشرت الرواية مسلسلة بمجلة "صباح الخير" خلال عامي 1969 و1970 حتى صدرت طبعتها الأولى في يوليو عام 1973.
• فازت "فساد الأمكنة" بجائزة الدولة التشجيعية في عام 1974 وفاز كاتبها (صبري موسى) بوسام الجمهورية للفنون من الطبقة الأولى.
• فازت الرواية بجائزة "بيجاسوس" الدولية في عام 1978.
• تم ترجمة الرواية إلى الإنجليزية وصدرت طبعتها الأولى عن دار "هوتن مفلن" الأمريكية في (بوسطن) في عام 1980.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.