«صوتك في أمان».. الوطنية للانتخابات تتصدى لأي مخالفات وصناديق الاقتراع تحت رقابة صارمة    رئيسة المجلس القومي للمرأة تدعو جميع سيدات مصر للإدلاء بأصواتهن في الانتخابات    «التضامن» تقر تعديل قيد 3 جمعيات في البحيرة والغربية    جامعة حلوان تطلق منافسات الألعاب الإلكترونية وسط مشاركة طلابية واسعة وحماس كبير    وزير البترول يدلي بصوته في انتخابات النواب بالتجمع الخامس    تعرف على أسعار الخضراوات بمحافظة المنيا اليوم الاثنين 24-11-2025    منال عوض تؤيد دعوة "اليونيدو" اعتبار 21 إبريل يوما عالميا للمرأة في مجال الصناعة    ننفرد بنشر تفاصيل تعديلات قانون الضريبة العقارية الجديدة المقدمة من الحكومة    الوزراء: مصر في المركز 65 عالميًا من بين أفضل 100 دولة والأولى على مستوى دول شمال إفريقيا في بيئة الشركات الناشئة لعام 2025    الوفدان الأميركي والأوكراني اتفقا على معظم بنود خطة التسوية الأميركية    وزارة الدفاع الروسية: مسيرات روسية تدمر 3 هوائيات اتصالات أوكرانية    قائد الجيش السوداني يرفض مقترح اللجنة الرباعية لوقف إطلاق النار ويصفه ب«أسوأ ورقة»    ترامب يؤكد انتظاره لقرار المحكمة العليا بشأن الرسوم الجمركية    التشى ضد الريال.. الملكى يعانى وألونسو يبحث عن حلول عاجلة    توروب يحاضر لاعبي الأهلي بالفيديو استعدادًا لمباراة الجيش الملكي    كيفو: محبط من الأداء والنتيجة أمام ميلان.. وعلينا التركيز أمام هجمات أتلتيكو مدريد المرتدة    مصرع وإصابة 3 فى حادث على طريق المحلة طنطا    بانوراما الفيلم الأوروبي تعلن عن برنامج دورتها ال 18    أحمد صيام يعلن تعافيه من أزمة صحية ويشكر نقابة المهن التمثيلية    عمرها سبعون عاما.. سعودية تتم حفظ القرآن الكريم فى جمعية ترتيل بالباحة    وزير التعليم العالي يبحث مع وفد شركة أسترازينيكا تعزيز التعاون في علاج الأمراض النادرة    أسباب ونصائح مهمة لزيادة فرص الحمل بشكل طبيعي    رئيس جامعة قنا يتفقد فعاليات مبادرة "اطمن 2" للكشف عن السكري    العدو الخفي | مقاومة الإنسولين وإضطرابات السكر في الجسم    بدء توافد المواطنين على لجان الانتخابات بشمال سيناء للإدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع    ماراثون التصويت ينطلق بقوة.. شبين القناطر تسجل كثافة لافتة أمام اللجان    مأساة على طريق القاهرة-الفيوم.. وفاة شخصين وإصابة آخرين في تصادم سيارتين    حالة الطقس.. انخفاض بالحرارة وأمطار متفاوتة الشدة على مناطق متفرقة    محافظ دمياط يتابع انتخابات مجلس النواب من مركز السيطرة    مباريات اليوم 24 نوفمبر 2025.. مواجهات قوية في أبرز الدوريات والبطولات العالمية    وزير الصحة يبحث إطلاق المنصة الموحدة للمبادرات الرئاسية الصحية    غرفة عمليات الداخلية تتابع سير العملية الانتخابية لحظة بلحظة    نائب رئيس البورصة المصرية يلقي كلمة تثقيفية لنشر الوعي الاستثماري لطلاب المدارس    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الاثنين 24 نوفمبر 2025    مواعيد مباريات الإثنين 24 نوفمبر 2025.. نهائي مرتبط السلة والمربع الذهبي بمونديال الناشئين    لماذا ضربت إسرائيل ضاحية بيروت الجنوبية؟    زيلينسكي: يتعين أن تكون خطوات إنهاء الحرب فعالة    أسعار الذهب في مصر اليوم الاثنين 24 نوفمبر 2025    وزارة الداخلية تقرر إبعاد 5 أجانب خارج مصر    وزير الأوقاف يدلي بصوته فى انتخابات مجلس النواب بالقاهرة    رئيس الهيئة الوطنية: كل صوت في صندوق الاقتراع له أثر في نتيجة الانتخابات    اليوم.. نظر محاكمة 9 متهمين بخلية داعش مدينة نصر    مسلم: «رجعت زوجتي عند المأذون ومش هيكون بينا مشاكل تاني»    تجديد ديكور البيت بدون أي تكلفة، 20 فكرة لإعادة تدوير الأشياء القديمة    أدعية المظلوم على الظالم وفضل الدعاء بنصرة المستضعفين    تامر حسني يعود إلى مصر لاستكمال علاجه.. ويكشف تفاصيل أزمته الصحية    ردد الآن| دعاء صلاة الفجر وأفضل الأذكار التي تقال في هذا الوقت المبارك    الزمالك يكشف تفاصيل إصابة عبد الله السعيد أمام زيسكو الزامبي    تحطم سيارتين بسبب انهيار جزئي بعقار قديم في الإسكندرية (صور)    أحمد عبد الرؤوف: الزمالك كان قادرًا على حسم مواجهة زيسكو من الشوط الأول    نتيجة وملخص أهداف مباراة ريال مدريد ضد إلتشي في الدوري الإسباني    مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 24نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    رئيس البرازيل السابق: هلوسة ناجمة عن تغيير الأدوية دفعتني لخلع جهاز المراقبة    نقيب المأذونين ل«استوديو إكسترا»: الزوجة صاحبة قرار الطلاق في الغالب    اللجنة العليا للحج: 2 مليون جنيه غرامة والحبس سنة لسماسرة الحج    ريمون المصري يدعو المنتجين لتقديم أعمال سينمائية عن التاريخ المصري القديم    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : فانصروا الوطن يرحمكم الله !؟    القمة النارية بين آرسنال وتوتنهام الليلة.. موعد المباراة القنوات الناقلة والتفاصيل الكاملة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخطيفة
نشر في بص وطل يوم 23 - 03 - 2014


ميرفت البلتاجي
الملخص الداخلي
في سن التاسعة كانت عروسه.. وعندما شبت عن الطوق عرفته على خطيبها.. وبعد غروب الشمس عادت له زوجته… وقبل أن تُزف إليه هربت لتجد نفسها خطيفته…
سوريانا وفراس
وقصة عشق مستحيلة تتحكم بها أعراف وتقاليد رسمت خطوطها بالدماء على رمال الصحراء…
هل تهرب سوريانا لتنجو بحياتها.. أم تسلم بيدها قيدها لخاطفها؟؟
ليلة من الحمى ضاعت من ذاكرته فاتهمها في شرفها.. وكانت رصاصة أخوها هي جائزة وعقاب الخطيفة….
الفصل الاول
كانت كفرات السيارة الرينو تنهب الأسفلت الأسود الملتهب بفعل حرارة شمس الظهيرة نهباً عندما التفت سائق السيارة نحو رفيقته بابتسامة ناعمة بينما كانت تحرك شعرها الكستنائي الذي التمعت خصلاته النحاسية تحت شعاعات ضوء الشمس المتسرب من نافذة السيارة.. وكانت تبعده عن عنقها لتسمح بمرور بعض الهواء ليرطب حرارة جسدها..
علق ضاحكاً:
محترة كتير حبيبتي؟.. أفتح لك التكيييف البارد؟..
تطلعت له بعينيها المدورتين والشبيهتين بعينيّ قطة شيرازي شرسة:
بتتضحك على لكان!!.. يا ليتني ما سمعت كلامك وكنت سافرت بالطيارة.
تحبي أنعش ذاكرتك حياتي, لا تنسي إنكِ إنتِ اللي خربتِ التكييف.. نصحتك وما سمعتيني, ما بتسمعي إلا اللي براسك وبس… قلتلك لازم التكييف يرتاح شوي, ركبتِ راسك تتبردي حتى احترق…
وليه ما تقول إن سيارتك هي اللي خربانة وما منا رجا؟..
وصاحب السيارة..ِ شو رأيك في؟…
رفعت عينيها لسقف السيارة:
يا الله منك يا معتز!!…
شووووو!!… بدي اسمعا من تمك… من حقي سوريانا أعرف أديش بتحبيني… أنا رايح أطلبك من أهلك…
ردت بزفرة حانقة:
ووجودي معك هلا شو معناته؟… متحملة الحر والزهق ميشان شو؟…الله يرضى عليك يا معتز ما تسألني إياه لهادا السؤال مرة تانية خاصة وأنا محترة وزهقانة, وإلا بفش خلقي فيك…
آه… يئبرني ها اللسان ما أطوله بس… شو ما بتعملي معي.. بموت فيكِ بعشقك يا بنت الأكرمي!!..
ردت بملل:
يعني باختصار ما في منك خلاص!!..
نوووو… للقبر يا حياتي… هيك حبي إلك.. ما إله علاج ولا فاكسين!!… من هون على أمك وبيك, أطلبك منون قبل ما يطلع راس فارس من فرسان ضيعتكم وياخدك…
قهقهت ضاحكة:
كنت أعمل فيني معروف واتركني لإله.. بلكي يطيرني معه على حصانه الأبيض… ويعيشني ملكة عقلبه…
تمتم ساخراً:
شو.. ملكة عقلبه!!.. ولا شغيلة عنده؟!!.. من بكرة الصبح كنس وتنضيف, وروحة عالسوق.. وبالليل… جارية تحت إجلين حضرته!!…
شهقت:
إييييه فشرت… سوريانا الأكرمي ما بتكون جارية لأي زلمة مفكر حالو رجال بنوب..
رد بفخر:
ولهيك يا بنت الأكرمي جيتك من آخر البلاد لأنقذك من مصيرك الأسود….
حاجة عاد…. بيكفيك غرور وكأنك بتعمل فيني معروف… وأنا اللي أصلاً راح أرأف بحالك وأقبل فيك احسان ونبل أخلاق مني, بدل ما أبتلي فيك وتقتل حالك يا عمري….
هز رأسه باعتراض:
ما تعذبي حالك خانو… الصبايا من كترهم طق الموبايل من كتر مسداتون… بس أنا ما مافي جوات قلبي غير سوريانا وبس…
لعبت بعينيها متنهدة:
آه… خلاص يا معتز, حزنت قلبي… راح أوافق وأمري لله… أديش باقي تنوصل؟…
حوالي عشرين كيلو بس.. خبرتِ أهلك إني معك؟…
لا.. ما حكيت مع حدا… حبيت تكون مفاجاة.. أمي راح يطير عقلا…
طبعاً من وين راح تلاقي عريس متلي!!…
لا يا قلبي مو من شانك… بس ميشان بنتها حبيبتها بدا تتزوج… طول عمرا بتحلم بيوم زواجي..
ليش تركتك لكان تتعلمي بعيد في العاصمة, والمدينة القريبة من ضيعتكم فيا جامعة منيحة؟!!..
ما بعرف.. هي أصرت على بابا أني أكمل دراستي في العاصمة, ما بتذكر السبب, بس بابا كان معصب كتير وكان معترض.. بس ماما إلها دلال كبير على الشيخ حامد الأكرمي.. ما بيقدر يردلها طلب ولو شو ما صار… فاهم يا معتز بيك… أنا هيك اتربيت..
لا.. لا يا عيوني… أنا في بيتي أرجل من أي رجال.. فتحي عيونك منيح أنا معتز السوالمي…
حدجته بنظرة مذهولة وعندما لمحت ابتسامته الشريرة غمغمت وهي تشيح بعينيها في الإتجاه الآخر:
أووووف.. أديشك غليظ.. ما بعرف كيف بتحمل سخافاتك هاي!!…
لأنك بتموتي فيني.. واضح وضوح الشمس…
تنهدت بصعوبة إذ أصبح الجو خانقاً مع ازدياد الحرارة داخل السيارة…. وفجأة أصدر الموتور أصوات غريبة وبدأت السيارة تتباطئ حتى توقفت تماماً…
حدقا ببعضهما, فتساءلت:
شو صار… ليش وقفت؟
هز أكتافه:
ما بعرف…. ما سمعتِ صوت الموتور؟!.. الله يستر…
كام باقي تنوصل؟..
شي.. عشرة كيلو… راح افتح الكبوت وإنتِ اقعدي ورا الدريكسيون, لما أعطيكِ إشارة, دوري الموتور..
ردت بتأفف:
أوك… بلكي الموضوع بسيط.
ردد وهو يخرج من السيارة:
إن شاء الله…
اختفى خلف غطاء الموتور وسمعت أصوات احتكاك أشياء ببعضها ثم ظهر رأسه من خلف الغطاء المعدني:
سوريانا حياتي.. دوري الموتور…
أدارت المفتاح في الكونتاكت.. أصدر الموتور نفس الحشرجة التي تدل على استحالة إكمال الطريق وهو على هذا الحال….
صاحت بصوت ملول:
شو يا فارس الفوارس… صلحت الموتور؟!!…
أغلق غطاء الكبوت بانزعاج واضح ووقف جوارها وهو يمسح يديه مما علق بها من شحوم بخرقة قديمة:
ما بعرف… بظن محتاجة ميكانيك متخصص…
وضعت رأسها متأوهى على عجلة المقود:
آه… يا ربي شو ها الورطة هاي… اتطلع حواليك بلكي تلاقي حدا يساعدنا…
لوح بيديه بعصبية:
أتطلع حواليي!!.. اتطلعي إنتِ منيح وشوفي, ولا شي على مد البصر غير الجبال والصخور.. وكأنا مقطوعين عن العالم… كيف أهلك لساتهم عايشين في ضيعة متل هاي؟!!…
معتز.. اترك أهلي بحالهم هلا, وشوف لنا حل لها الورطة…
طال الوقت بانتظار أن تمر أي سيارة أو أي مخلوق بلا جدوى… خرجت من السيارة زافرة الهواء الساخن بقوة من صدرها لعلها تشعر ببعض البرودة:
يا الله.. أديش الجو حر!!… أنا بمشي..
رد بملل:
لفين يا سمو البرنسيس؟!!..
لأي محل.. أكيد بنلاقي شي حدا…
سوريانا.. وقفي ما بصير هيك….
لم تستمع له وهي تمشي بسرعة مبتعدة عنه… لحق بها وأمسك بيدها:
حبيبتي.. اهدي شوي…
أهدا!!.. أهدا!!.. ما بدي أهدا…. بكفينا هدوئك الطافح وبزيد… أما أنا فبحمل حالي وبنقلع من هون… وأنت ما تعذب حالك, خليك هون ولما بوصل لمكان ببعت لك نجدة!!..
زفر بعصبية وهو يحكم إغلاق أبواب السيارة, ثم لحق بها يحاول إمساك يدها فدفعته بعيداً دون أن تنظر تجاهه… ظلا يسيران على الطريق بما يقارب الساعة حتى صاحت بارتياح:
معتز… اتطلع لهونيك…
وين؟
هونيك… شوف في خيمة… أكيد بنلاقي فيا شي أو حدا بيدلنا على الطريق وبيساعدنا..
أطرق معتز برأسه قائلاً بضيق:
وشو رأي حضرتك لو طلع قاتل متسلسل, بيذبحنا أنا وياك وبيقبرنا بمكانا ولا من شاف ولا من دري!!….
معتز حبيبي.. إنت بتشوف أفلام أمريكي كتير… بطل هاي العادة مش صحية بالمرة… عندي حل.. إنت خليك هون وأنا بروح للخيمة, لو صار وطلع الرجال قاتل متسلسل, بيقتلني وإنت بتلحق حالك وبتفل… شو رأيك بالخطة هاي؟؟
قالت كلماتها بغيظ وبدأت في السير باتجاه الخيمة المنصوبة بعيداً عن الطريق بعشرات الأمتار.. ابتسمت في نفسها عندما سمعت خطوات معتز خلفها بعد دقائق يرغي ويزبد…
وصلت للخيمة لاهثة وقد نال منها الحر والعطش….
نادت بصوت كاد أن يختفي من شدة الإنهاك:
يا أهل الخيمة… في حدا هون؟
رمقت معتز بنظرة فوجدت ابتسامته المقيتة المنتصرة تلوح على وجهه, فعلا صوتها بعناد:
يا أهل الخير… في حدا سامعني؟… يا….
كادت تدخل من باب الخيمة المفتوحة عندما اصطدمت بجبل صخري نبت فجأة في طريقها… شهقت متراجعة وكل كلمات معتز عن القاتل تعود لرأسها دفعة واحدة وهي تتطلع للرجل الطويل برهبة وخوف شديدين…
الفصل الثاني
بادلها النظرات المتعجبة, وراح يفصل جسدها بنظراته الوقحة متطلعاً لثوبها القصير وحمالاته الرفيعة وفتحة صدره المتسعة باستخفاف…
كان بدوره يملك مظهراً مرعباً بعمامته التي يلفها على رأسه بشموخ, وعينيه الضيقتين, فبدا لونهما في الظل أشبه بعيني أسد متربص بفريسته, وزادت لحيته السوداء الخشنة من مظهره المخيف…
أنزلت عينيها على قميصه المفتوح الصدر يظهر منه شعره الكثيف, ثم إلى سرواله الشامي المتسع والضيق عند الكاحلين… أفاقت من تحديقها على صوته الرجولي المتكامل والذي أصابها بصدمة أخرى:
شو… مين إنتو وشو بتعملوا هون؟
انعقد لسانها فجأة ولم تدري ما تقول.. وبدوره لم يبعد عينيه عنها لحظة واحدة حتى عندما تدخل معتز ليشرح ما حدث.. ولكنه لم يلتفت إليه أو يعلق على أي مما قال….
اضطر معتز مع هذا التجاهل للتدخل مرة ثانية ليمنع ما يحدث من إقصاء لوجوده فوقف بينه وبين سوريانا ليقطع سيل النظرات المتبادل بينهما ويعيد كلماته بصوت أعلى:
هاد يا شيخنا الكريم.. كنت بحكي لك إن سيارتي أنا وخطيبتي اتعطلت, وكنا بنسأل لو بتعرف بشغلات الموتور أو بتعرف حدا بيعرف؟…
رد الرجل بصوته القوي:
وإنتو لوين طريقكن؟…
رد معتز:
ضيعة ال… الشو..؟.. حياتي.. شو اسمها ضيعتكم؟
ردت بصوت خافت, محاولة تجاهل عينيّ الغريب المحدقتين:
ضيعة "أم الطنافس"
همهم الرجل رافعاً حاجبيه بتعجب:
أنت وياه من "أم الطنافس"؟.. متأكدين!!… أنا من هونيك, وما شفتكو من قبل
باشر معتز بالشرح:
إحنا كنا في….
قاطعته سوريانا بحدة مبالغ فيها:
معتز… ما تحكي حكي ما له طعمة… اتكلم في المفيد اسأله إن كان فيه يساعدنا بس…
غمغم معتز بإحراج:
معك حق… لو ممكن يا سيدي….
قاطعه الرجل برد فاجئهما معاً:
لأ.. ما فيني…
صاحت سوريانا بانفعال:
شو!!…
رد الرجل بشبح ابتسامة كان لها تأثير مدمر على ما تبقى من أعصابها:
اتطلعي وراك… الشمس غربت… وقبل ما يطلع الضو ما فينا نتحرك من هون…
نظرت خلفها وفوجئت بالليل وقد أسدل أستاره الثقيلة على الكون حولها فشهقت بذهول:
بالسرعة هاي!!… من شوي كان الضو مالي الدنيا… شو صار؟!…
رد الرجل بصوته الرخيم:
في الصحرا غير المدينة… في لحظة بيكون النهار, وقبل ما تفتحي عيونك وتغمضيون بتلاقي الليل إجا…
نظرت لمعتز وسألته:
شو بنعمل هلا؟..
رفع صديقها أكتافه بعجز لتدرك كم هو قليل الحيلة في المواقف الصعبة… تدخل الرجل الغريب:
تقدروا تتقبلوا ضيافتي ساعات الليل… الخيمة ممكن ما تكون قد المقام…. بس…
وافق معتز بالرغم من نظراتها المستاءة:
تسلم يا أخي… بس ما نكون راح نزعجك؟
كلياتون كام ساعة, فيني أتحمل.. اتفضلي أختى.. خِدي راحتك والعشا على النار…
تلفتت حولها متسائلة:
أي نار؟!!..
لكزها معتز هامساً:
مجازاً يا حبيبتي..
رد الرجل بصوت فيه نبرة غضب:
ولو يا خيو… العرب أهل كرم, ولو مافي بجيوبنا ولا قرش.. سفرتنا ما بتنضب بنوب للغريب قبل القريب…
تمتم معتز بوجه محمر من الإحراج:
والله ما قصدت الإهانة بس…
أومأ الرجل برأسه متفهماً:
ارتاحوا هلا… وبنحكي بعدين.. الليل لساته في أوله…. بعتذر منكو مضطر راح غيب شوي وارجع… اتضيفوا وارتاحوا, الخيمة فيها المي والشاي والقهوة…
رفع شاله ليلتف حول عنقه وانطلق ليبلعه ظلام الليل في ثواني…
دخلت سوريانا مع معتز للخيمة لتتهالك على الوسائد المحيطة بجدران الخيمة من الداخل وقد توسطها ركوة النار ووضع عليها أبريقان, أحدهما للقهوة والآخر للشاي..
جلست تئن من آلام قدميها التي لم تشعر بوجعهما إلا الآن..
سألها معتز بقلق:
إنت بخير حبيبتي, فيك شي؟
لا أنا منيحة… بس رجليا بتموتني, معتز.. شو بك سرحان؟…
هاد الرجال.. ما بعرف… نظراته غريبة… كان بياكلك أكل… والله لو ما كنا محتاجينه كان أكل مني قتلة… كانت نيمته في سريره أسبوعين!!…
ردت بنبرة ساخرة:
بالله جد!!.. من إمتى ها الشهامة والرجولية يا سبع الفلا؟!!…
صاح بانفعال:
سوريانا!!… شو قصدك؟!… إني ماني رجال!!…
ردت ضاحكة:
لا يا حبيبي.. إنت رجال ونص… بس كنت مستغربة.. من امتى بتغار؟
رد حانقاً:
ماشفت رجال اتطلع فيك بها الطريقة من قبل.. العمى يضربه خلا الدم يفور بعروقي.
حاجة بقى… راح أصدق حالي إنك فعلاً بتغار…. اسمع الظاهر إنو صاحبك رجع وكأني سمعت صوت حصان…
استمع حتى تأكد من صوت الحصان, وبعد قليل سمعا صوت نحنحة خشنة وكأنه ينبئ عن وجوده, ثم دخل يحمل بيده صرة كبيرة:
السلام عليكم… بعتذر اتاخرت عليكم… إن شاء الله مرتاحين…
تطلعت سوريانا حولها بتأفف ثم ردت بتكبر:
منو باوتيل فايف ستار.. بس ماشي حاله..
تطلع لها معتز مذهول من تصرفها, بينما كتم الرجل ضحكة أثارت غضبها أكثر, ثم فتح الصرة لتفاجئ بما لذ وطاب من أطعمة, جبنة.. وقشدة.. وخبز محلي..
كان منظر الطعام يسيل اللعاب, خاصة أنها تعشق رائحة جبن الماعز والقشدة ذات النكهة الغريبة والتي لا تجدها إلا في ضيعتها…
انقض معتز على الطعام بنهم شديد, حاولت مجاراته ولكن نظرات الغريب ظلت تنغزها, فراحت تتذكر إن كانت تعرفه من قبل… يبدو أنه من ضيعتها, فلا يوجد أي ضيعة أخرى بالجوار… أنهت تناول لقيماتها بعد أن تسببت نظراته لها بعسر هضم, وواجهته بشجاعة:
شو اسمك؟…
رد بصوت فخور:
فراس…. فراس القاسمي..
أومأت برأسها مفكرة..
"كنت بعرف… هيدا أخوا لزوجة أخي.. بس هلا هوا عرفني ولا لا؟… آخر مرة شافني كان عمري تسع سنين, يوم زواج أخي"
حبيبتي…. ليه ما أكلت؟
ردت دون أن تحيد بعينيها عنه:
شبعت…الحمد لله
مد فراس لها يده بالشاي:
اتفضلي الشاي.. بيدفيك…
كانت تمد يدها لتأخذه منه عندما لاحظت السخرية في جملته وهو يرمق ملابسها باستهانة, فردت بتبجح:
ليش عم تطلع فيني هيك؟… ما في بنات عندكو بالضيعة؟
رد باستخفاف وهو يرشف من كأس الشاي الذي تجاهلته:
أكيد عنا بنات… حلاوتون مخباية بحجابون… من شان هيك غلاوتون بزيادة في قلوب رجالهن..
انتفضت متعصبة:
شو بتقصد بالضبط؟..
ربت معتز على ذراعها مهدئاً:
اهدي حبيبتي.. الرجال ما قصدوا..
صرخت بحدة:
لا قصدوا…. إنت ما شفت كيف بيتطلع فيني, وكإنه بيخلع تيابي بعيونه.!!…
رد مقهقهاً:
تياب!!.. أي تياب؟!!… بتسمي القطع اللي عليكي تياب؟!… بالكاد ساترة حالك…
صاح معتز بتوتر:
سيد فراس أرجوك ما تتجاوز حدودك… خطيبتي معي, ولو جرحتا معناتو إنك بتقلل من قيمتي بعيونا.
أوما فراس برأسه:
آسف… يمكن تيابون لأهل المدن بتختلف عن تياب الضيعة, بس الرجال هنا وهنيك واحد… المفروض ما تسمح لخطيبتك تلبس هيك تياب ما بتترك شي للخيال.. ولا مانك رجال؟….
أطرق معتز برأسه بينما هم فراس بالخروج من الخيمة عندما سمع معتز يحدثها محاولاً تهدئتها ويديه تربتان برقة على ظهرها:
سوريانا حياتي… اهدي شوي….
تسمر فراس في مكانه ثم عاد يتطلع إليهما متسائلاً بحذر وكأن اجابتهما ستتوقف عليها دمار الكون:
اسمك… سوريانا؟…. من أي عايلة إنتِ؟…
ردت بفخر شامخة بأنفها:
من عايلة الأكرمي… أنا سوريانا الأكرمي….
ولم تفهم سر غضبه الشديد ولا سبب قبضتاه المنقبضتان بقوة حتى يكاد يعتصر الدماء منهما, وبصوت لم تسمع بحدته من قبل صاح لترتعد فصائلهما رعباً صرخ يحدث معتز:
إيم إيدك عن مرتي….


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.