بداية باشكركم على الموقع الجميل ده، والآراء المتّزنة اللي فيه.. أنا شاب عندي 27 سنة، عِشت أكتر من قصة حب كانت كلها بتنتهي بحالة زهق، وغالباً بتكون مني؛ لأني باحس بعدم الانسجام والتفاهم وبانسحب بهدوء.. لحدّ ما قابلتها واتعرفت عليها، ووصلت معاها لدرجة تفاهم وتواصل غريب؛ بنفكر في نفس الحاجة في نفس اللحظة، بنفهم بعض من مجرد نظرات العينين! وعلاقتنا اتحوّلت لقصة حب جميلة جداً؛ بس المشكلة إن عندها 35 سنة، ومتجوزة، وعندها ولدين، والمشكلة الأكبر إنها من ديانة تانية. لفترة في علاقتنا كان بينّا علاقة جسدية؛ لكن أنا حسيت بتأنيب الضمير، وطلبت نوقّف أي علاقة جنسية بينّا، وهي كمان تقبّلت ده أوي، ووافقتني ومابقيتش عارف أعمل إيه. ديانتها مافيهاش طلاق، وأنا الحب والحنان والتفاهم ده والحالة اللي هي عملتها في حياتي مش هاتنازل عنها، والمشكلة الأكبر في ضغط أهلي عليّ عشان أختار عروسة وأتمم جوازي. بصراحة مش عارف أعمل إيه، وفي نفس الوقت مش عايز أبدأ حياتي مع أي واحدة تانية على الغشّ، وكمان مش هاقدر أبعد عن حبيبتي. أنا في حيرة وبين نارين، بافكّر جدّياً إني أسافر وأبعد تماماً عن البلد كلها.. أرجو النصيحة وشكراً. mmm
لقد وضعت يا صديقي كل العقد التي قدّرك الله عليها لتكون شهيداً أمام نفسك ومظلوماً أمام المجتمع، وتخدع قلبك وتوهمه بأن سلطانه قد غلبك، ووقعت في هوى من لن تكون أبداً من نصيبك؛ فيكفي أن تكون أكبر منك ب8 سنوات ليتردّد عقلك أمام مستقبل علاقتكما.. أما إذا كانت متزوجة؛ فالتفكير هنا من المحرّمات؛ إضافة إلى أن لها -حتى لو قُدّر لكما الارتباط الرسمي- أطفالاً ستتحمل مسئوليتهم.. لكن كل هذا لم يكفِك؛ فاخترتها أيضاً من ديانة أخرى. عندما ذكرت أن ديانتها لا يصحّ فيها الطلاق اتضح أنها مسيحية، وأنت ربما تكون مسلماً؛ ولكن ظني أن هذا ليس هو لبّ الموضوع، ولا المشكلة؛ لكنها في رأيي فرصة أتت لك على صينية من ذهب، لتضع المزيد من العُقَد والعقبات؛ حتى تهرب وتنجو بنفسك من المارد الأعظم، والعفريت المخيف (الزواج). نعم يا صديقي، هذا هو التفسير الوحيد لتفكيرك في هذه الإنسانة دوناً عن الآلاف بل الملايين من الفتيات اللاتي تقابلهن بالتأكيد يومياً في عملك، أو بين جيرانك أو أقاربك. إن نظرة واحدة لحالتك تؤكد نجاحك التامّ في إيجاد المبرر القوي لتجلس دون زواج، وتستمرّ في هذه الحالة لفترة لا يعلمها إلا الله عزّ وجل؛ فتعلّقك بامرأة؛ بل وإقامة علاقة محرمة معها، يُشيع في نفسك الطمأنينة إلى أنك إنسان طبيعي تحب وتمارس العلاقة الزوجية؛ أي أنك لست متحجر القلب، ولا تعاني مرضاً يمنعك الزواج؛ لكن ماذا تفعل في قلبك وحكمه الذي لفّ ودار، ولم يجد إلا إنسانة ليست مناسبة لك بأي حال من الأحوال، ولن تكون مناسبة لك في أي وقت من الأوقات؛ فلا سنها، ولا ديانتها، ولا ظروفها الاجتماعية، ولا ظروفك أيضاً ستسمح في يوم من الأيام بإقامة علاقة شرعية ومتّزنة بينكما؛ حتى لو كانت ستُحَمّلك مسئوليات فوق طاقة شاب مثلك!! أفِق يا صديقي ولا تخدع نفسك بمبرر واهٍ مثل عدم رغبتك في بناء حياتك مع إنسانة أخرى على الغشّ؛ فما بينك وبين هذه الزوجة ليس حباً، ولن يكون أبداً؛ فالحب لا يتساوى أبداً مع الرغبة، كما أنه لا يُشَجّعنا على الحرام والخوض فيه؛ بل والتمسّك به، والحب لا يتعارض مع العقل؛ بل يستنجد به ويأخذ بمشورته، وهذا ما لا تفعله أنت إطلاقاً. إن ما بينكما هو مجرد حالة جنون ورغبة في الهروب من واقع تعيشه، وقد رويت لنا جزءاً منه، وبالتأكيد هناك ما تعانيه هي؛ مما دفعها للوقوع في فخّ هذه العلاقة، التي بالتأكيد ستكون نتائجها مدمّرة لك ولها على وجه التساوي، بالإضافة لأطفالها ولأسرتك التي بالتأكيد لن تتصور -في أسوأ كوابيسها- أن تكون لك مثل هذه العلاقة، وهم الذين يحثّونك على الزواج لتعفّ نفسك. أفِق من الوهم الذي تعيشه والذي أفسد عليك بالفعل حياتك ودنياك؛ فلا تجعله يدمّر آخرتك أيضاً.. إن توقفكما عن العلاقة الجسدية؛ وإن كان يحسب لكما بالتأكيد؛ إلا أنه مع استمرار ما بينكما لن يطول هذا العزم، وسرعان ما سيكون الشيطان ثالثكما. أفِق، ولا تستهِن بستر الله تعالى لك حتى الآن؛ فهو جلّ وعلا قد مَنَحك كل هذا الوقت لعلّك تعود للطريق المستقيم، وتنفّذ شرعه وتُكمل نصف دينك بالزواج على شرع الله تعالى وسنة رسوله. إن مشكلتك لا يمكن فيها وجود حلول وسطى؛ ف"اقطع عرق وسيّح دمه" واجتثّ جذور المشكلة، وأنهِ هذه العلاقة فوراً، وابحث عن إنسانة تصلح زوجة لك. إن الزواج ليس "بُعبعاً"؛ بل هو شرع الله الذي بالتأكيد فيه كل الخير لعباده؛ فواجه مشكلتك، ولا تخدع نفسك؛ فأنت تخشى المسئولية، وتهرب منها بهذه العلاقة؛ لكنك لو أدركت عِظَم ذنبك وضخامة مسئوليتك عن هذا الذنب بالتأكيد، ستتراجع وتعرف أن الحب بعيد تماماً عن علاقتكما، وتبحث عنه بجدّية وتوازن مع إنسانة مناسبة لك اجتماعياً ومادياً وسناً وديناً، تكون فيه سكناً لها، وتكون هي سكناً لك، تهبك أبناء يكونون عوناً لك في شيخوختك ومرضك. اقطع علاقتك فوراً بهذه السيدة، ولا تتوانَ عن العودة لربّك وطلب غفرانه ورحمته، ولا تكفّ عن دعائه تعالى بأن يرزقك الزوجة الصالحة التي تُنسيك هذه العلاقة المجنونة.