محافظ القاهرة يعتمد جدول امتحانات الفصل الدراسي الثانى.. اعرف المواعيد    وزير العمل: وقعنا اتفاقية ب10 ملايين جنيه لتدريب وتأهيل العمال    تحت رعاية الرئيس السيسي| منظمة المرأة العربية تناقش سبل حماية السيدات من العنف السيبراني على مدار يومين بالقاهرة.. والمشاركون: الحماية الرقمية جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان    سد الروافعة بوسط سيناء يحتجز 350 ألف متر مكعب من مياه الأمطار    محافظ القاهرة يعتمد جدول امتحانات الفصل الدراسي الثاني| صور    «جبران»: تصديق الرئيس السيسي على قانون العمل في عيد العمال قرار تاريخي    عصام شيحة ل "الحياة": قانون الإيجار القديم تأخر كثيرا ومناقشة البرلمان اليوم أكثر تنظيما    وزير الاتصالات يغادر إلى طوكيو للمشاركة فى فعاليات مؤتمر "سوشى تك" SusHi Tech TOKYO 2025    بعد معاناة قاسية.. الاحتلال يفرج عن معتقلين من غزة بحالة صحية صعبة    أيرلندا تحذر من توسيع إسرائيل حربها على غزة: ما يتعرض له الفلسطينيون مقزز وعديم الرحمة    عقب زيارة «زيلينسكي».. التشيك تعلن دعم أوكرانيا بالذخيرة والتدريبات العسكرية    تعرف على تشكيل الزمالك امام البنك الأهلى في دورى نايل.. ناصر منسي يقود الهجوم    الرابطة ترفض الاتهامات: لا نفرق بين الأندية    جدول امتحانات الثانوية العامة 2025.. مواعيد دقيقة وأسئلة دون أخطاء وفقًا لتعليمات الوزارة    تعرف على التقنيات الحديثة التي استخدمها بيتر ميمي في فيلم "مشروع X"    وفاة نجم "طيور الظلام" الفنان نعيم عيسى بعد صراع مع المرض    وصول كارول سماحة عزاء زوجها المنتج وليد مصطفى    دبلوماسي فلسطيني سابق: الاحتلال الكامل لغزة خطة إسرائيلية لفرض أمر واقع    أمين الفتوى: المؤذن يغفر له بمد صوته ويصدقه كل من سمعه حتى الجماد    وكيل "صحة الشرقية" يتفقد معمل الرصد البيئي بالعصلوجي لمتابعة جودة الخدمات    محافظ بني سويف يشهد انطلاق فعاليات تنظمها وزارة العدل ضمن المبادرة الرئاسية بداية جديدة لبناء الإنسان بنادي القضاة    الأرصاد: طقس غداً الثلاثاء حار نهاراً معتدل ليلاً على أغلب الأنحاء    وضع السم في الكشري.. إحالة متهم بقتل سائق وسرقته في الإسكندرية للمفتي    جنايات بورسعيد تؤيد سجن متهم ثلاث سنوات لتهديد سيدة بصورها الخاصة وابتزازها ماليًا    سفيرة الاتحاد الأوروبي ومدير مكتب الأمم المتحدة للسكان يشيدا باستراتيجية مصر لدعم الصحة والسكان    جانتس: التأخير في تشكيل لجنة تحقيق رسمية بأحداث 7 أكتوبر يضر بأمن الدولة    محافظ المنوفية: تعزيز منظومة إنتاجية القطن والارتقاء به    وصلت لحد تضليل الناخبين الأمريكيين باسم مكتب التحقيقات الفيدرالي.. «التصدي للشائعات» تناقش مراجعة وتنفيذ خطط الرصد    الغرف السياحية: التأشيرة الإلكترونية ستؤدى إلى زيادة كبيرة في أعداد السائحين    حظك اليوم.. تعرف على توقعات الأبراج اليوم 5 مايو    مهرجان مسرح الجنوب يُكرم الكاتب محمد ناصف    سيخضع لفحص طبي جديد.. يوفنتوس يعلن إصابة كامبياسو    ما حكم الاقتراض لتأدية فريضة الحج؟.. عضو مركز الأزهر تُوضح    هل يجوز التحدث أو المزاح مع الغير أثناء الطواف؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    مصر تحصد 62 ميدالية بالبطولة الأفريقية للمصارعة بالمغرب وتتصدر كؤوس المركز الأول    رئيس جامعة المنوفية يعقد اجتماع لجنة البحوث العلمية «أون لاين»    «المركزي» يطرح سندات خزانة ب3 مليارات جنيه    الرئاسة الروسية: سننظر إلى أفعال المستشار الألماني الجديد    أسعار الأسماك اليوم الإثنين 5 مايو 2025 .. البلطي ب 100 جنيه    حقيقة تعثر مفاوضات الزمالك مع كريم البركاوي (خاص)    لمدة 20 يوما.. علق كلي لمنزل كوبرى الأباجية إتجاه صلاح سالم بالقاهرة    «اللعيبة كانت في السجن».. نجم الأهلي السابق يفتح النار على كولر    رئيس الاتحاد الدولي للترايثلون: مصر تستحق تنظيم دورة الألعاب الأولمبية    صلاح سليمان: مؤمن سليمان الأجدر لقيادة الزمالك    مستقبل الذكاء الاصطناعي ضمن مناقشات قصور الثقافة بالغربية    محافظ الجيزة يوجه بصيانة مصعد فرع التأمين الصحي ب6 أكتوبر    الهند تحبط مخططا إرهابيا بإقليم جامو وكشمير    العملات المشفرة تتراجع.. و"بيتكوين" تحت مستوى 95 ألف دولار    وزارة الصحة تعلن نجاح جراحة دقيقة لإزالة ورم من فك مريضة بمستشفى زايد التخصصي    قطاع الرعاية الأساسية يتابع جودة الخدمات الصحية بوحدات طب الأسرة فى أسوان    الدكتور أحمد الرخ: الحج استدعاء إلهي ورحلة قلبية إلى بيت الله    "وُلدتا سويا وماتتا معا".. مصرع طفلتين شقيقتين وقع عليهما جدار في قنا    شيخ الأزهر يستقبل والدة الطالب الأزهري محمد أحمد حسن    فيديو.. ترامب يكشف عن نيته بناء قاعة رقص عالمية في البيت الأبيض    جوري بكر في بلاغها ضد طليقها: "نشب بيننا خلاف على مصروفات ابننا"    مقتل شاب على يد آخر في مشاجرة بالتبين    نتنياهو: خطة غزة الجديدة تشمل الانتقال من أسلوب الاقتحامات لاحتلال الأراضى    ارتفعت 3 جنيهات، أسعار الدواجن اليوم الإثنين 5-5-2025 في محافظة الفيوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أفلام الحافظة الزرقاء.. المواطن كين
نشر في بص وطل يوم 12 - 01 - 2011

لست ناقدًا سينمائيًا؛ لكني أعرف جيدًا تلك الأفلام التي هزّتني أو أبكتني أو أضحكتني أو جعلتني أفكّر طويلاً... أعرفها وأحتفظ بها جميعًا في الحافظة الزرقاء العتيقة التي تمزّقت أطرافها، وسوف أدعوك لتشاهدها معي لكنها أثمن من أن أقرضها! معظم هذه الأفلام قديم مجهول أو لا يُعرض الآن، لكنها تجارب ساحرة يكره المرء ألا يعرفها من يحب.
لدي مكتبة سينمائية ضخمة بها كتب عديدة تتكلم عن تقنيات السينما وحرفياتها، ومنذ بدأتُ القراءة في هذه الكتب كان اسم فيلم "المواطن كين" (1941) يتكرر نموذجًا للتقنيات الثورية في كل شيء تقريبًا.. يبدو أن هذا الفيلم مرجع للسينمائيين في فنون السيناريو والتصوير والقطع والمزج والمسح، والانتقال من كادر لكادر واستخدام الإضاءة، والإفراط في استعمال البؤرة العميقة... إلخ. الأغرب ما عرفته فيما بعد أن مخرج الفيلم وبطله الفنان الظاهرة أورسون ويلز كان في سنّ صغيرة جدًا عندما قدّم هذا الفيلم، ولم يكن يملك أية خبرة سينمائية لذا تظاهر بأنه يعرف، وعلّم نفسه السينما أثناء العمل! أي أن معظم هذه التقنيات من ابتكاره، ولم تكن معروفة قبل ذلك.. هذا نموذج لشخص جاء من الخارج، فلم يعرف تقاليد الوسط الذي جاء له، والتي يكررها الجميع جيلاً بعد جيل.. فكّر خارج القوقعة فلم يقلّد أحدًا، وصار كل ما قدّمه جديدًا وذا أهمية مرجعية في تاريخ السينما.
في أوائل الثمانينيات عرض الفيلم "المواطن كين" في برنامج نادي السينما في التليفزيون أيام مجده، فعرفت على الفور أنه عالم خاص جدًا. ومن حين لآخر تصدر إحدى المجلات أو الهيئات حصرًا لأفضل 200 أو 250 فيلمًا في التاريخ.. هناك فرصة لا بأس بها أن يكون هو رقم واحد في كثير من هذه القوائم، حاليًا هو رقم 37 ضمن 250 فيلمًا في موقع IMDB. الناقد الأمريكي روجر إيبرت كتب بصراحة: الأمر منتهٍ.. المواطن كين هو أعظم فيلم في تاريخ السينما! كما أن ويلز ينال غالبًا لقب أفضل مخرج في التاريخ في استفتاءات معاهد السينما.
صار العالم كله يعرف اسم أورسون ويلز عام 1938 عن طريق المذياع، ومعظمكم يعرف قصة تمثيلية حرب العوالم الشهيرة.. التمثيلية الإذاعية التي أخرجها ويلز، والتي بدأ تقديمها في الولايات المتحدة، وابتكر طريقة عجيبة لأول حلقة منها: الإرسال ينقطع لتغطية هبوط طبق طائر في مزرعة.. صوت المراسل المذعور يصف لنا الأحداث، ثم ينفتح الطبق الطائر ونسمع مؤثرات دقيقة جدًا، ويبدأ غزو فضائي.. كل هذا بدأ كتغطية إعلامية على الهواء، مما أحدث ذعرًا في أمريكا كلها، وامتلأت الطرقات بالفارين من بيوتهم والسيارات.. لقد انفلت الوضع تمامًا، واضطر المذياع إلى أن يعلن مرارًا أن كل هذا تمثيل..
أورسون ويلز ينال غالبًا لقب أفضل مخرج في التاريخ في استفتاءات معاهد السينما
هكذا اتصلت هوليوود شركة RKO الباحثة عن الأسماء اللامعة بويلز الذي لا يفقه شيئًا في السينما، لكنه لم يخبرهم بهذا طبعًا. لقد نال وضعًا قلّما يحلم به شاب آخر هو أن بوسعه أن يفعل ما يريد كما يريد. فكّر أولاً في قصة "قلب الظلام" لكونراد، ثم قرر أن يعمل على سيناريو أعدّ خصيصًا للسينما، وكتبه بنفسه مع السيناريست هيرمان مانكفيتش، والأخير كاتب سيناريو عبقري لكنه سكير مما أدى لتحطيم مستقبله. استطاع ويلز بخياله القوي البكر أن يحفر اسمه بقوة في تاريخ السينما، لكن مشاكله وصراعاته مع الاستوديوهات في الأفلام التالية كلّفته الكثير من قوّته، ولم يستطع قط أن يقدّم عملاً له قوة المواطن كين حتى توفي عام 1985، وإن عرف العالم ملامحه القوية له أصل تتري ومواهبه العديدة كمدير مسرح وساحر ومخرج وممثل ممتاز ومذيع له صوت مميّز.
عندما قدّم ويلز فيلم المواطن كين، كان كل واحد يعرف أنه يتحدث عن عملاق الصحافة الأمريكي وليم راندولف هيرست، لكن لم يقل هذا بشكل رسمي طبعًا، وتظاهر الجميع بأنهم لا يفهمون.
للمرة الأولى تتخذ قصة الفيلم شكل تحقيق صحفي.. ومع اكتمال كل جزء من أجزاء التحقيق نعرف جانبًا آخر من حياة المواطن كين..
إن المواطن كين هو أحد أعمدة الاقتصاد الأمريكي، وإمبراطور الصحافة.. الرجل الذي يملك كل شيء، وبنى لنفسه مملكة خاصة اسمها زانادو فيها كل شيء حتى الأفيال والنمور! مات كين وحيدًا.. وكانت آخر كلمة قالها هي برعم الوردة rosebud.. فيما بعد لاحظت مجلة إمباير خطأ في هذا المشهد؛ لأن أحدًا لم يكن جواره على الإطلاق عندما لفظ هذا الاسم في الفيلم!
مشهد الوفاة يعجّ بالظلال والغموض، كما ينطق بتلك الحقيقة القاسية المثيرة للشفقة: مهما بلغ ثراؤنا ونفوذنا فنحن نموت وحيدين... تصوير جريج تولاند الأبيض والأسود جعل المشهد أقرب للكوابيس:
شاهد هذا المشهد المهيب مع مقدمة الفيلم هنا
إضغط لمشاهدة الفيديو:
الآن تجمع الصحف مخبريها، وتكلّفهم بالبحث في كل مكان وتحت كل حجر لمعرفة ما هو برعم الوردة هذا؟ هل هو اسم تدليل لعشيقة لا يعرفها أحد؟ هل هي مملكة جديدة؟
هكذا تدور التحقيقات طيلة الفيلم.. يقابل الصحفيون كل من تعامل كين، ومع الوقت نعرف جوانب مهمة من شخصيته وتاريخ صعوده...
مثلاً في جولة في ملفات المحاسب الخاص به يعرف الصحفي الكثير عن طفولة الرجل.. لقاء زوجته يخبرنا بحياته العاطفية.. يقابل الصحفي خادمه ومدير أعماله.. هنا نعرف القصة من عدة رواة، بعضهم ضعفت ذاكرته وبعضهم غير موثوق به، كما نعرف جزءًا كبيرًا من نشرات الأخبار السينمائية.. هذه طريقة لم تكن معروفة قط في ذلك الوقت. هناك أساليب لا حصر لها مثل مرور الزمن بسرعة على علاقة كين وزوجته التي تبدأ بالسعادة وتنتهي بالخلافات.. نحو خمسة عشر عامًا تمر أثناء الجلوس إلى مائدة الإفطار، فقط يكبر الاثنان وتتبدل ثيابهما والمحادثة مستمرة..
إضغط لمشاهدة الفيديو:
هكذا تتكون لدينا ببطء الصورة الكاملة.. طفولته الفقيرة التعسة.. حياته وصعوده في عالم الصحافة وشراء جريدة انكوايرر. خيانته لزوجته مع مطربة أوبرا.. ثم افتضاح هذه العلاقة وزواجه من عشيقته.. ثم كيف حاول أن يصنع منها نجمة أوبرا وفشل.. ثم عاملها بلا مبالاة وقسوة لدرجة أنها حاولت الانتحار..
شاهد مدرّب الأصوات الإيطالي يوشك على الجنون، هنا يذكرني بعبد السلام النابلسي جدًا
إضغط لمشاهدة الفيديو:
الفيلم يرسم لنا ببراعة شخصية متسلطة متشككة تحاول السيطرة على كل شيء، وتنتهي حياتها بعزلة كريهة فعلاً.
في النهاية يعلن الصحفي يأسه من معرفة كنه برعم الوردة ويرحل..
لكن الفيلم يحتفظ لنا بتفسير بسيط أخير.. نرى زحافة ثلج صغيرة مهملة يتم حرقها، وقد كتب عليها برعم الوردة. الزحافة التي كان يلعب بها في طفولته وتخلّصت منها أمه. لقد صار مليارديرًا وامتلك أمريكا كلها تقريبًا، لكنه ظل يشعر بعدم اكتمال؛ لأنه لم ينل الشيء الذي كان يحبه حقًا في طفولته.. طفولته عندما كان سعيدًا بلا شروط. وهذا نوع من تكرار تعبيرنا الشعبي: "اللي ما شبعش على طبلية أبوه مش هيشبع أبدًا".
شاهد النهاية هنا
إضغط لمشاهدة الفيديو:
عرف هيرست -ملك الصحافة الأمريكية- أن الفيلم يتكلم عنه، وقاد حربًا إعلامية عنيفة ضده، كما منع نشر أي خبر عنه في أية جريدة يملكها.. طبعًا كان يملك كل الجرائد تقريبًا.. وعرض مبالغ ضخمة على الشركة مقابل تدمير الفيلم دون عرضه. هكذا لاقى الفيلم حربًا حقيقية استمرت لعدة عقود.
عرفنا أن الفيلم كان ثورة فنية، لكنه لم يحقق نجاحًا تجاريًا يُذكر، وهذا جعل هوليوود أكثر تحفظًا مع ويلز بعد ذلك.. لم يعد هو الملك المتحكم في كل شيء، بل صار من حق الشركة أن تراقب المونتاج وتعدّل النهايات... إلخ. وقد ظهر هذا في فيلمه التالي آل أمبرسون العظماء، الذي لم يعد هو فيلمه على الإطلاق من كثرة التدخّل.
تميز الفيلم كما قلنا بابتكارات تقنية لا حصر لها، كما تميز بالبؤرة العميقة في التصوير، بحيث يظهر ما هو قريب وما هو بعيد عن الكاميرا بذات الوضوح. أحيانًا اقتضى هذا تعريض نفس الفيلم مرتين مرة للخلفية ومرة للمقدمة. باختصار كان كين طفلاً مزعجًا مصرّا على عمل كل شيء بطريقة متعبة غير التي استكان لها السينمائيون.
هذا فيلم آخر من الحافظة الزرقاء...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.