لن يقتصر التصوير ثلاثي الأبعاد على ما يجري فقط على الأرض سينتقل أيضاً للفضاء وتحديداً إلى "المريخ".. مؤخراً اتفق المخرج "جيمس كاميرون" مع وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" باستخدام كاميرا ثلاثية الأبعاد في رحلتها المزمع انطلاقها إلى المريخ في مطلع العام القادم لتصوير كل شيء عن هذا الكوكب.. وهكذا أصبح التصوير ثلاثي الأبعاد حقيقة على الأرض وأيضاً في الكواكب المحيطة بنا!! هل تنتصر التقنية الثلاثية 3.D. وتصبح هي السينما السائدة في العالم بعد أن يزداد عدد الشاشات المؤهلة للعرض لاستقبال العديد من هذه الأفلام في العالم كله؟ دعونا قبل أن نجيب على هذا السؤال نقلب قليلاً في صفحات الماضي.. هذه التقنية ليست وليدة السنوات الأخيرة كما يعتقد البعض ولكننا بدأنا نعرفها منذ الخمسينيات قبل نحو 60 عاماً كان التليفزيون وقتها قد بدأ يستحوذ على جمهور السينما في أمريكا وأوربا فقرر صناع السينما وهي تسعى من أجل البقاء أن تبحث عن طوق نجاة ومن أجل حماية النوع السينمائي من الفناء والاندثار أمام الغزو التليفزيوني فكانت تلك التقنية هي الحل.. في البداية أصيب الجمهور الذي شاهد تلك الأفلام بدوار ولم تكن لا تقنية التصوير أو العرض قادرة على تحقيق هذه المتعة فلم يكن "الديجيتال" قد اخترع بعد ولا المستجدات العلمية داخل دار العرض قادرة على مساعدة الجمهور للاستمتاع ولهذا ماتت التجربة ولم تكتمل مسيرة سينما البعد الثالث إلا أن العالم ظل في حالة ترقب لما هو قادم حتى ولو كانت مجرد أمنية بدت في تلك السنوات مستحيلة.. ثم حدثت القفزة الأخيرة خلال الأعوام العشرة مع بداية الألفية الثالثة.. العالم العربي لم يكن مهيئاً لها وليس لدينا دور عرض قادرة على استيعاب تلك التقنية.. مؤخراً بدأت أكثر من دولة عربية خاصة في الخليج ثم لبنان في إعداد دور عرض لاستقبال هذه الأفلام وفي مصر في العامين الأخيرين فقط أصبح هناك سبع شاشات مهيأة لذلك وهي قابلة للزيادة العددية.. المخرج "جيمس كاميرون" صاحب "أفاتار" ظل أكثر من 12 عاماً وهو ينتظر تلك الفرصة التي تتقدم فيها التقنيات لاستيعاب فيلمه بعد أن أخرج "تيتانيك" عام 1997 الحاصل على عشرة جوائز "أوسكار" لم يقدم منذ ذلك العام أي أفلام ولكنه لم يتخل عن حلمه ليقفز به خطوات.. الفيلم لا يعتمد على نجوم شباك ولكن الناس ذهبت إلى مخرج صار اسمه منفرداً هو نجم الشباك وانتقلوا إلى تلك الحالة التي أرادها لهم في "افاتار" وهي التجسيم أي أنك تصبح جزءاً من الشاشة.. السينما منذ أن اخترعها الأخوين "لوميير" لويس و أوجست عام 1895 وهي تحاول أن تحاكي الواقع.. الإمكانيات كانت بالطبع محدودة ولكن هناك دائماً توجه إلى الواقعية وهكذا بدأت السينما صامتة ثم عرفت الصوت عام 1927 ثم بعدها بأقل من عشر سنوات تم التلوين وباتت ترنو للتجسيم لأن الحياة بها صوت ولون وأيضاً مجسمة ولهذا فإن السينما المجسمة هي سينما المستقبل وربما بعد عقدين من الزمان سوف تصبح الأفلام المصورة بالتقنية العادية مثل أفلام الأبيض والأسود الآن لا تتجاوز 10% فقط من كم إنتاج الأفلام في العالم كله وليس صحيحاً أن أفلام الخيال العلمي والأطفال هي فقط المؤهلة لسينما الأبعاد الثلاثة أتصور أن كل النوعيات الدرامية السينمائية ستذهب إلى هذا الاتجاه مثل أفلام الرعب والرومانسية والحركة الكل سوف يسعى إلى هذا الاتجاه.. الآن يحاولون مع أفلام "شارلي شابلن" القديمة بإنتاج هندي فرنسي مشترك لكي يتم تقديمه مرة أخرى مجسماً.. "جيمس كاميرون" وعد جمهوره بأنه سوف يعيد تقديم فيلمه الشهير "تيتانيك" بتقنية الأبعاد الثلاثة بعد أن يتحول الشريط السينمائي إلى ديجيتال.. المخرج والنجم الأمريكي الراحل "أورسون ويلز" يفكرون في إعادته مرة أخرى للحياة من خلال مزج بعض مشاهد من أفلامه القديمة مثل "المواطن كين" بعد تحويلها إلى 3D.. عشاق "مارلين مونرو" سوف يشاهدونها مجسمة أمامهم. وماذا بعد هل تتوقف السينما عند فقط حدود التجسيم؟ الحقيقة أن السينما لن تتوقف عند هذا الحد بالرؤية والسمع والتجسيم ولكن أيضاً انتظروا الرائحة.. أتصور أن السينما بعد أن تمتلك ناصية السينما المجسمة سوف ترنو إلى التعامل أيضاً بحاسة الشم عندما يلتقي البطل مع البطلة في الحديقة تشم رائحة الزهور وعندما يتواعدان على شاطئ البحر تشم رائحة اليود وعندما يتعاركان ضرباً بالرصاص تشم رائحة البارود ثم ننتقل بعد ذلك إلى حاستي اللمس والتذوق. نعم كل شيء يبدأ بالخيال وينتهي إلى الواقع الملموس ولهذا انتظروا أن نشاهد الفيلم السينمائي بالحواس الخمس.. أما أنا فأنتظر أن أرى مرة أخرى نجمتي المفضلة "مارلين مونرو" مجسمة وذلك عندما يصنعون لها فيلم عنوانه "مارلين مونرو في المريخ"؟!