أنا عندي مشكلة وعايزة رأيكم ورأي الدين كمان فيها.. أنا سيدة متزوجة من 25 سنة، كنت مع جوزي على الحلوة والمرة، ودلوقتي -الحمد لله- بقينا مرتاحين جداً ومستوانا ارتفع كتير، ووصلت بناتي لأعلى الكليات. المشكلة بقى بدأت لما أخو جوزي مات، وترك أربع أطفال.. وربنا يعلم أنا كنت مُشفقة عليهم قد إيه، كانوا بييجوا عندي في الإجازة أفسّحهم هم وأمهم وأُحسن ضيافتهم، وكنت ساعات آجي على راحتي عشانهم، وأقول: حرام دول أيتام، وربنا ما يكتب على بناتي حاجة وحشة.
وفضل الموضوع ده بالسنين، وتكون آخرة المعروف ده إن أمهم (سِلفتي) تعمل علاقة حب مع جوزي من ورايا، وأنا مش دريانة، وبعد كده هي وجوزي يتجوزوا عُرفي؟! هو ده جزاء الإحسان ليها ولعيالها الأيتام؟ ولا جزاء اللي عملته مع جوزي ووقفتي جنبه، وتَعَبْنَا وشُغلنا طول السنين دي؟
ولما واجهته قال لي: لو مش عاجبك سيبي البيت.. وأنا كمان فكّرت في كده؛ بس لو سيبت البيت بناتي هيعملوا إيه من غيري وهم على وش جواز؟ فيه ناس قالت لي: اغفري، والمغفرة صفة إلهية.. وحتى لو سامحت، هاسامح على الخيانة، ولا عشرة السنين اللي ضاعت، ولا عمري، ولا ثقتي اللي بقت مش موجودة في أي إنسان؟
بس كل اللي باقدر عليه إني أقول: حسبي الله ونِعم الوكيل في كل واحد ظلمني، ده حتى هي مش مكفّيها اللي عَمَلِته فيّ؛ ده أول ما عرِفت الموضوع جات تغيظني!!
أنا مش عارفة عملت لها إيه وحش عشان كل ده؟ وإزاي أنا ماكنتش شايفة كل الحقد والكره اللي جوّاها ده؟ hodhoda
سيدتي الفاضلة.. ما أجمل ما فعلتِ وما أحسنه، وهذا ما حثّ عليه الحبيب صلى الله عليه وسلم حين أوصى باليتيم، ووعد بالمرافقة في الجنة لمن كفل يتيماً وقام على أموره، وكان له نبعاً من منابع الحنان؛ فهنيئاً لك ما فعلتِ، وجعله الله تعالى في ميزان حسناتك.. آمين.
الصالحون في كل مكان يبحثون عن منبع لأعمالهم الصالحة بُغية الاستزادة من الأجر والثواب، ومن يحبه الله تعالى هو من يهبه هذا الطريق للعمل الصالح؛ فمن لا يحبه الله تعالى ولا يرضى عنه؛ فإنه يصرف عنه كل باب للتوبة، ومن ثَمّ كل باب للعمل الصالح، يقول تعالى {ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا}، ويقول كذلك {وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ}.. فهي مِنّة من الله تعالى، إن يسّر لك هذا الباب للخير؛ فلا تُضيّعي أجرك بالندم على ما فعلتِ؛ فالله تعالى يمتحننا بعد أفعالنا الصالحة.
أحكي لك حكاية عن رجل تاب وأناب، وكان أول يوم يذهب فيه لصلاة الفجر؛ فكافأه الله بسرقة نعله؛ فهمّ أن يندم على صلاته، لولا أن ذكّره الشيخ وقال: إنها ضريبة المحبة وثمن الوصول لله، لتجد بعد ذلك النعيم الكثير.. فاصبري وادعي الله تعالى يستجِبْ لك؛ فالله يستجيب دعاء عباده الصالحين.
سيدتي.. بداية أنا لا أفهم فعل زوجك هل كان لغرض أن يكون أكثر حرصاً على أبناء أخيه ويتربون في كنفه حين يُلزم نفسه بمسئوليتهم بزواجه من والدتهم؟ ربما.. وبذلك يكون قد ابتغى الأجر؛ لكن قد يكون أخطأ الطريق.. وربما يكون ذلك بدافع أن تلك السيدة قد شغلت ولعبت بعقله؟ ربما.
لكن ألا يُحمد له أنه لم يصارحك أو يصدمك بفعلته؟ ألا يمثل ذلك معزّة واحترماً وإجلالاً يُكنّها لك؟ وما كان أبسط مقولته الأخيرة "هذا ما حدث؛ فإن أردت وإلا فالباب يفوّت جمل"؛ لكنه لم يفعل ذلك، ولم يُرِد أن يخسرك.
قد يكون من الصعب غفران زَلّته إن كانت زلة ونزوة، وقد يكون قد أخطأ التقدير حين أراد خير أبناء إخوته؛ لكن ألا تغفر العشرة الطيبة والأيام الحلوة ومستقبل الأبناء المشرق والمشترك؟؟! بلى يمكن أن تغفر.
إن القلب يحكم بأنها تغفر، والعقل يحكم بأنها تغفر؛ فليس من العقل أن أهدم حياتي التي بنيتها بيدي لأترك غيري تتمتع بها دون أدنى مشقة أو تعب.
كوني أنت الأخيَر والأفضل؛ فلا تُعيني تلك السيدة ولا الشيطان على نفسك وعلى زوجك.. تجاهلي وجودها؛ فأنت الأفضل عند زوجك وعند الله إن شاء الله، ولا تقطعي خيراً فعلتِه وتفعلينه بهؤلاء الأيتام، ولا تتوقفي عن حثّ زوجك على الخير لهم، وأكملي وكأن شيئاً لم يكن؛ وكأنها ليست في حياتكم.. لكن أخبري زوجك بأن عليه احترامك بألا يذكرها أو يأتي بها أمامك.
صدّقيني.. إنك بذلك تزيدين احتراماً ووقاراً وهيبة أمام الجميع، وعلى رأسهم زوجك وضرتك.