السلام عليكم ورحمة الله.. أنا شاب عندي 26 سنة، طبيب في بداية حياتي، اتعرفت بصديق كويس أوي ورشّح لي عروسة بنت ناس؛ بس كان الفرق في المادة؛ يعني هي أغنى مني شوية. قابلتها هي ومامتها لأن باباها متوفى، وارتحنا أوي لبعض، واتكلمنا لمدة أسبوع في التليفون، وبعدين اتقابلنا تاني، وتقريباً ارتحنا لبعض ارتياح فوق الوصف، مش عاوز أبالغ وأقول حب. المهم في اليوم اللي كنا هنتفق فيه، هي نفسيتها تعبت أوي ومامتها كلمتني، وكانت حابة أكلّمها وأشوف ما لها؛ بس خالها جه وكلّمني، وقال لي: اصبر شوية عليها.. وبعد شوية قال كل شيء نصيب. أنا الحمد لله مؤمن بالقَدَر والنصيب، وكل ما هو في الغيب بيد الله؛ بس أنا تعبان أوي؛ لدرجة عدم القدرة على التفكير، ومش عارف إيه اللي حصل، وهل ممكن 7 ساعات كنا فيها منتهى الحب والسعادة، تنقلب الحكاية بعدها؟!! amiro قال تعالى: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ، وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}. هل تدري كمّ الأحداث والمواقف التي تحدث للإنسان يومياً على مدار حياته، ويرى أنها شرّ، وأنها من غضب الله تعالى عليه، أو أن حياته وسعادته كانت فيها، ثم تتضح له حكمة الله تعالى من منعها أو حجبها عنه، وفي المقابل كم من أشياء يشتهيها الإنسان؛ فإذا صارت بين يديه إذا به يزهدها ويدرك خطأه في التمسك بها، ويعرف أنها لم تكن خيراً كما تصوّر؟ أعلم أن الموقف صعب جداً بالنسبة لك، ومحيّر، ويحتمل الكثير من الاحتمالات؛ منها ما قد يكون متعلقاً بمشاعر هذه الفتاة تجاهك بالذات، أو رغبتها في الارتباط بصفة عامة أو ربما هو موقف أسرتها وليس لها دخل مباشر فيه. لكن في كل الأحوال أرى أنك قصّرت بعض الشيء في معرفة السبب؛ فلم تسأل خالها مثلاً أو والدتها، أو حتى تسألها هي إذا استطعت هذا.. فقد تكون مرتبطة بآخر، وحدثت ضغوط من أسرتها عليها للارتباط بك؛ حتى انهارت نفسياً بسبب عدم قدرتها على التوفيق بين رغبتها ورغبة أسرتها، وقد تكون فكرة الارتباط نفسها مزعجة -بشكل ما- بالنسبة لها؛ فليس من الضروري أن تكون أنت السبب الوحيد لموقفها هذا هي وأسرتها. إن الرضا بالقضاء والقدر لا يكون قولاً فقط؛ ولكن فعلاً ويقيناً أيضاً؛ فإذا كانت لديك الرغبة بشدة في معرفة سبب تغيّر موقفها؛ فلتسأل بشكل مباشر، ولو صديقك الذي رشّحها لك. لكن نصيحتي أن تتجاهل الأمر؛ حتى وإن لم تظهر لك حكمة الله تعالى في ذلك الآن؛ فقد تظهر يوماً ما، وتدرك وقتها كم كان خيراً لك ألا تُكمل المشوار. ولا تقُل إنك أحببتها؛ فما بينكما لم يصل أبداً لدرجة الحب؛ لأن كلاً منكما لم يتعرّف على الآخر بشكل يصل به لهذه المرحلة؛ لكنه مجرد تعلّق وإعجاب، وسيزول إن شاء الله بمرور الوقت، وبتركيزك في عملك وفي حياتك؛ حتى تجد الإنسانة المناسبة لك، ووقتها توخَّ الحرص الشديد قبل أن تمنح كل مشاعرك سواء كانت إعجاباً أو حباً؛ فمنا من يتعامل مع أشخاص لسنوات، ثم يكتشف أنه لم يعرفهم حق المعرفة. والزواج يا صديقي ليس لعبة؛ بل هو مشروع لبناء أسرة، لا بد أن يكون هدفك الأول فيه أن تكوّن أسرة مستقرة أساسها سليم، قائم ليس فقط على القلب وأهوائه؛ ولكن أيضاً على العقل وحساباته، التي قلما تخطئ. وصحيح أنك عرفت هذه الفتاة بطريق رسمي ومن خلال صديق لك؛ لكن كان عليك أن تتمهل لتُعَرّفها بنفسك وبعقلك، من خلال مواقف كثيرة؛ لتعرف مشاعرها بالفعل وأخلاقها الحقيقية، وأهدافها في الحياة، وهل تتفق مع أهدافك أم لا، وغيرها من أمور لا ينبغي أبداً التسرّع فيها. فلا تحزن وراجع نفسك أيضاً، وأكثِر من الدعاء لله تعالى أن يرزقك الزوجة الصالحة، وهو جلّ وعلا سيستجيب برحمته وحبه لعباده، ولا تيأس.