أولاً: أحب أن أشكر كل القائمين على الموقع، وبالأخص قسم "فضفضة"؛ لما يقدمه من استفادة كبيرة جداً لي وللقراء والمتابعين له، وعلى الجهود الطيبة التي يبذلونها لمساعدة الآخرين؛ ومنهم أنا، ولا أزال أستفيد منها. ثانياً: مشكلتي باختصار هي أنني خاطب منذ سنة تقريباً، خطيبتي تصغرني ب8 سنين.. بداية لم تكن هي الإنسانة التي في خيالي؛ ولكن بعد تعرّفي عليها ومعرفتي بأهلها حملت لها حباً شديداً، وتغاضيت عن كل المواصفات التي كانت في مخيّلتي؛ لما فيها من صفات طيبة تستحق الحب والتمسك؛ مثل حنيتها وطيبة قلبها وفطرتها السليمة, وهي أول حب في حياتي، وأول إنسانة أخطبها.
وأحد الأيام دخلت على منتدى أعرف أنها تكتب فيه لأنها أخبرتني بذلك سابقاً؛ لأجد ما أذهلني وما لم أصدقه للوهلة الأولى: وجدتها تشتكي مني وتقول عليّ صفات؛ منها أنني "كسول، وليس عندي تحمّل للمسئولية، وغير ناجح، وأناني، ومتدلع، وعندي حب للنفس، وليس عندي خبرة في التعامل مع البنات، وهادئ جداً، وغير ناجح في شغلي، ومش عارف أنجح"، وأشياءأخرى.. وبالفعل أنا أُقِرّ لها ببعض ما قالت؛ بأني هادئ جداً لدرجة البرود -على حد تعبيرها- وكسول بعض الشيء، وليس لي خبرة قوية بالبنات؛ ولكني تعلّمت.. وتقول "إنها تحبني جداً، وأنها لمست فيّ صفات مش عاجباها؛ لكنها إديت له فرصة عشان هي بتحبه، واستحالة تغدر به، وبقالها سنة كاملة مستحملة، ويوم عن يوم الصفات دي المواقف بتثبتها أكتر وأكتر.. وهي الحمد لله متفوقة في دراستها جداً، وطموحة، وذكية، وعندها تحمّل للمسئولية، وبتحب النشاط، والذكاء، وسرعة البديهة، والتخطيط لكل جوانب الحياة".. وأخيراً تسأل وتقول: "هل أستمر معه أم أتركه؟ وهل أكون بذلك قد غدرت به وظلمته أم لا؟ مع العلم أنها تحبني حباً شديداً".
عندما قرأت هذا الكلام لم أصدق نفسي، وأرسلت لها رسالة أخبرتها أننا لن نستمرّ مع بعض؛ فاتصلت بي وسألتني عن السبب؛ فقلت لها وواجهتها بالكلام؛ فبكت، وقالت إنها كانت مضغوطة ولم تقصد ذلك، وأنها تحبني حباً شديداً، ولا تستطيع العيش دوني.
لكني شعرت بمدى جرحها لي وطعنها لي في ظهري, وجرح كرامتي؛ فقررت أن أفسخ الخطوبة؛ لكنها تصرّ على أني لا بد أن أسامحها، ولا يوجد كرامة في الحب؛ مع أني مقتنع تماماً أن الحب لا بد أن يُبنى على الاحترام والكرامة.. فهل ما فعلته صحيح أم لا؟ ولكم جزيل الشكر.
m.a.d
صديق "بص وطل".. شكراً جزيلاً على ثقتك في موقعك، وأدعو الله أن تجد في كلماتي ما يُقنعك، وألا تعتقد أني متحيّزة لفتاة من جنسي.
بداية أتفهم جيداً مشاعرك ومدى الحيرة التي تنتابك؛ خاصة وأنت في مثل هذا الرقِيّ الأخلاقي والذوق؛ حتى في وصف مشاعر الضيق من خطيبتك؛ حينما ذكرت صفاتها الجميلة "حنيّتها وطيبة قلبها وفطرتها السليمة".
وأُقرّ معك بمدى خطئها؛ ولكن مع ثقة كاملة في أنها لم تقصد -بالمرة- المساس بكرامة الإنسان الذي تحبه بهذا القدر، والذي تتمنى أن تُكمل معه حياتها؛ بدليل دموعها ومحاولتها التمسك بك، إلى هذا المدى الذي وصَفْتَه بنفسك.. لكني لستُ معها في قول "لا كرامة في الحب"؛ فالحب يعادل الكرامة؛ ولكننا بشر، ولنا أخطاؤنا والله يسامح؛ فما بال العبد لا يصفح؟!
ربما أرادت خطيبتك التمسّك بك أكثر وأكثر، وأرادت أخذ نصيحة من آخرين لا يعرفون كليكما؛ لتكون نصيحة موضوعية، ولم تُرِد أن تستشير أسرتها حتى لا تكبُر المواضيع أو تتحمل ما لا تحتمله.
وربما لم تُرِد مواجهتك؛ خوفاً من أن تعتقد أنها "تُعدّل عليك" أو تنتقد تصرّفاتك، أو أن تستثير داخلك عناد الرجل، والدفاع عن كبريائه، وبأنه "سي السيد" الذي لا يُخطئ، والدليل على "فطرتها السليمة" أنها قالت لك على اسم المدوّنة أو المنتدى الذي تكتب فيه قبل ذلك.
تذكّر معي قولك "بعد تعرّفي عليها ومعرفتي بأهلها، حملت لها حباً شديداً"؛ أي أن هناك توافقاً وتفاهماً وارتياحاً بين الأسرتين، تولّد عنه حب شديد متبادل، وصدّقني ليس هذا بالأمر السهل.
نعم الحب والحياة الزوجية قوامهما الاحترام، وباهتزازه يهتزّ هذا الكيان؛ ولكننا أيضاً كثيراً ما نخطئ -دون قصد- في حق مَن نحبهم، وأكبر دليل على ذلك تصرفات بعض الأبناء تجاه والديهم.
صدقني، إذا أردنا تخطي أي صعوبة في حياتنا سنتخطاها، فقط علينا الإصرار على تفهّم الموقف وإعطاء الفرصة لمن نحب، ولا نغلق الأبواب دفاعاً عن كرامتنا؛ فالكرامة محفوظة ما دام المخطئ قد اعترف بخطئه ولم يكابر ولم يكرره.
كما أن خطيبتك قد أخطأَتْ في حق نفسها حينما امتنعت عن محاورتك، واختيار الأسلوب الأمثل للتواصل معك، وانتظار الرأي من الغرباء، وعدم أخذ النصيحة من أشخاص تثق في حسن تفكيرهم.. أخطأَتْ حينما لم تُخبرك بمشاعرها، وأنها بحاجة إلى أن تشعر بمسئوليتك تجاهها.
أخطأَتْ حينما استسلمت للأمر الواقع؛ متناسية أن الحب يصنع المعجزات، وأن التفاهم يزلزل أي حواجز، وأن الطموح يُولَد من الإيمان والثقة في الله، ثم الثقة في النفس، وأن من حقها الشعور باهتمامك، والتعبير عن المشاعر الصادقة، وعمل كل ما في وسعك لتُحيطها برجولتك الفعلية.
لقد قلت بنفسك "أُقرّ بأني هادئ جداً؛ لدرجة البرود -على حد تعبيرها- كسول بعض الشيء، وليس لي خبرة قوية بالبنات"؛ إنه اعتراف ضمني بأنك قد أخطأت في حقها، وتعطيها بعض الأعذار؛ لكنّ لك تحفظاً على أسلوبها الذي اعترفت بنفسها بأنها مخطئة في اتّباعه.
صديق "بص وطل".. اختيار الإنسان المناسب صعب للغاية، وحب وتوافق الأسرتين هو الأصعب، والحياة خطوات، وفرق السن والصفات بحاجة منا لمزيد من التفهّم، وحينما نجد إنساناً متمسكاً بنا، يجب أن نستمع له، ونعطيه فرصة لإثبات حسن نيته؛ خاصة إذا كنا نعترف بتقصيرنا في بعض الأمور.
أرجو أن تجد نصيحتي صدى لديك، وأن تعطي خطيبتك فرصة جديدة، وأن تحاول التغيير من نفسك إذا كنت تحبها وتحب أسرتها.. لا تفكرْ في خطئها، واعتبره وكأن شيئاً لم يكن، وكل منكما تعلّم منه شيئاً في حياته.
استمع لها وأعطِها حقوقها، واقتدِ برسولنا الكريم، الذي أرشدَنا إلى أن نلتمس لإخواننا المسلمين العذر؛ وإلا فلنتّهم أنفسنا بسوء الفهم.