مشكلتي إني بنت وحيدة في بيت فيه 3 أولاد وأمي ووالدي، والشغل كله عليّ.. أنا دايماً باعمل كل حاجة، ودايماً يقولوا إني مش باعمل أي حاجة.. على طول مشاكل مع أمي بسبب الموضوع ده، وتصحّيني من النوم بدري، ووالدي خُلْقه ضيق، وممكن يشتمني على أهون الأسباب. بجد أنا مش لاقية أي استقرار في البيت، ودايماً بابكي، وهم لو شافوني متضايقة شوية، يقولوا لي: عندك كل أساليب الترفيه؛ إيه اللي مضايقك؟ وحاسة إن شخصيتي بقت ضعيفة؛ مع إنهم بيتباهوا بشخصيتي وبجمالي.
محددين لي موضوع الخروج يوم واحد مع صاحباتي، وكمان كل ما أقول لأمي عاوزة أتمشى شوية؛ عشان تخرج معايا، تقول لي: أنا مش فاضية، أو تعبانة.
بابا يطلب الطلب، وقبل ما أقول أي حاجة يقول لي: طبعاً لو طلبت كذا هتقولي لا. مع إن أنا -والله- عمري ما باقول كده؛ صحيح ممكن أوقات بابقى تعبانة، فباقول له: حاضر شوية يا بابا؛ لكن هو لازم يقول الحاجة تبقى مقدّسة في وقتها.
أنا جالي القولون العصبي بسبب اللي باكتمه في نفسي وباضغط على أعصابي؛ مع إن عندي 20 سنة، وحاسة إني ممكن أتعب بحاجات كتير تانية.. نفسي أريّح نفسي وأريّحهم كمان علشان أتجنب أي مشاكل.
shosho
عزيزتي: أعلم جيداً شعورك، وأقدّر معاناتك؛ ولكن يا عزيزتي ليس منا شخص يختار أسرته، أو يختار والديه وإخوته؛ فنحن نولد على وجه الدنيا لنعرف أن هذين هما والديْنا وهؤلاء هم إخوتنا، وعلى الإنسان أن يرضى باختيار المولى عزّ وجل له؛ لأنه بالتأكيد الاختيار الصائب.
ومهما شعرت أن الوضع صعب؛ فأنت تعيشين داخل أسرة من أب وأم وإخوة؛ في الوقت الذي يعيش فيه آخرون في أُسَر مفككة، قد يكون الوالدان فيها منفصلين، أو حتى مرتبطين على الورق فقط، وكل يوم ترى الفتاة والدتها وهي تتعرض للإهانة والضرب والعنف، وهي أيضاً تتعرض لهذا.. وقد تجدين في هذه الحياة من وُلدت دون أسرة، لكي تلطمها أمواج الحياة، فتارة ترتفع بها، وتارة أخرى تغرق.. وقد نرى الأيتام، الذين لا حول لهم ولا قوة، وهم يعانون الوحدة وقسوة السنين والأيام، وكانوا يتمنون نصف ما أنت فيه، مهما بلغت قسوة وشدة الأب أو الأم.
لذا يا عزيزتي فأنت بالتأكيد -مقارنة بكل هؤلاء- في نعيم؛ فمهما كانت قسوة والديك عليك، فهما أحنّ عليك من نفسك.. صدقيني.. قد لا ترين هذا الآن، ولكن في المستقبل القريب إن شاء الله، عندما تكونين زوجة وأماً ستعرفين فائدة ما أنت فيه الآن؛ فأنت الآن لا ترين إلا الوجه المُظلم من الأمر، وتتجاهلين الوجه المشرق؛ فأنت الآن تقومين بأعباء أسرة، وهذا ثقلك كربّة منزل، وجعلك تعتادين الخدمة، وتعرفين معنى المسئولية، وتستطيعين أن تكوني على قدر المسئولية؛ مقارنة بفتيات في مثل سنك يغرقن في شِبْر ماء لمجرد أن تتركها والدتها بمفردها في المنزل، أو تطلب منها أي طلب، أو يأتي ضيف لزيارتهم.
إن والدتك وحياتك معها في أسرتك قد زادت خبرتك دون وعي منك؛ فقد اعتدت على طبع الرجل الصعب، وعرفت كيف تكونين مطواعة لطلباته وأوامره، وكيف تُرضينه، وكيف تتعاملين معه.. وكل هذا في صورة إخوتك ووالدك؛ وهذا سوف يثقلك في حياتك الزوجية، ويعلّمك كيفية التعامل مع زوجك، وكيف تكونين زوجة ناجحة وعاقلة.
صدقيني كلنا يمرّ في وقت ما بشعور الاضطهاد، وبأن أقرب الناس إليه يقسو عليه، وبأنه يشعر أنه سجين ووحيد؛ ولكن عندما توضعين في مواقف، تستدعين فيها ما حدث معك، وما كنت تقومين به، وتجدين أنك على قدر الموقف، وتعرفين كيفية التصرف فيه بشكل صائب وصحيح؛ عندها فقط تنسين كل ما مررت به، وتعرفين قيمة المِحَن التي جعلتْك أنجح في التعامل مع الحياة.
احمدي الله على النعم التي حباك بها الله بها، ولم يمنحها لغيرك، وحاولي أن تكوني واسعة الصدر.. واعلمي أن كل عمل تقومين به ستأخذين عليه الأجر والثواب؛ فأنت تخدمين والديك وإخوتك، وليس شخصاً غريباً، وهذا في حد ذاته برّ للوالدين، كما أوصانا الله تعالى.