وزارة النقل: مشروع تطوير ميناء السخنة يزيد حصة مصر من تجارة الترانزيت    فرنسا تنهى وجودها العسكرى فى السنغال بعد 65 عاما    4 أندية ترغب في التعاقد مع وسام أبو على من الأهلى    جامعة أسيوط... صرح أكاديمي متكامل يضم 19 كلية في مختلف التخصصات و5 معاهد بحثية متميزة    الخميس المقبل إجازة مدفوعة الأجر للعاملين بالقطاع الخاص بمناسبة ذكرى ثورة 23 يوليو    البورصة تربح 15 مليار جنيه بختام تعاملات جلسة نهاية الأسبوع    توريد 515 ألف طن قمح بالمنيا منذ بدء الموسم    إعداد القادة: تطبيق استراتيجيات البروتوكول الدولي والمراسم والاتيكيت في السلك الجامعي    الأزهر يدين العدوان الإسرائيلي على سوريا.. ويحذر من ويلات الفرقة    روسيا: يجب اكتمال عملية تبادل الجنود الأسرى قبل الجولة الثالثة من المفاوضات مع أوكرانيا    دبلوماسي إثيوبي يفضح أكاذيب آبي أحمد، ومقطع زائف عن سد النهضة يكشف الحقائق (فيديو)    لاعب الأهلي: قطع إعارتي جاء في مصلحتي بسبب ريبيرو.. و«النجوم مصعبين فرصتي»    وزير الشباب يوجه برفع كفاءة أنظمة الحماية المدنية بجميع المنشآت الرياضية    إعادة تشغيل حركة الملاحة الجوية والنهرية بأسوان بعد تحسن الطقس.. صور    غلق كلى لمحور حسب الله الكفراوى من محور الأوتوستراد بسبب تسريب مياه    "رحلة عطاء محمد بن عيسى" في ندوة على هامش معرض مكتبة الإسكندرية للكتاب    الحصول على ربح مفاجئ.. توقعات برج العقرب في النصف الثاني من يوليو 2025    استخدام القسطرة المخية الدقيقة لأول مرة بالمعهد الطبي في دمنهور    طريقة عمل الكريب في البيت بحشوات مختلفة    واتكينز يرحّب باهتمام مانشستر يونايتد رغم تمسك أستون فيلا    بين التحديات الإنتاجية والقدرة على الإبداع.. المهرجان القومي للمسرح يناقش أساليب الإخراج وآليات الإنتاج غير الحكومي بمشاركة أساتذة مسرح ونقاد وفنانين    بمنحة دولية.. منتخب الكانوى والكياك يشارك فى بطولة العالم للناشئين بالبرتغال    سحب قرعة دوري الكرة النسائية للموسم الجديد ..تعرف علي مباريات الأسبوع الأول    وزارة الدفاع الروسية تعلن سيطرة قواتها على قرى في ثلاث مناطق أوكرانية    الأونروا: 6 آلاف شاحنة مساعدات تنتظر على حدود غزة.. والآلية الحالية لا تعمل مطلقا    ضبط قائد سيارة نقل متهور على أحد الطرق السريعة    «الداخلية» تضبط 3 عناصر إجرامية لغسل 90 مليون جنيه من تجارة المخدرات    مستوطنون يقتحمون باحات المسجد الأقصى .. والاحتلال يعتقل 8 فلسطينيين فى الضفة    للعام الثالث.. تربية حلوان تحصد المركز الأول في المشروع القومي لمحو الأمية    إسلام عفيفي: تراث مصر كنز معرفي.. والشراكة مع الإمارات تفتح آفاقاً جديدة    "IPCC" الدولي يطلب دعم مصر فى التقرير القادم لتقييم الأهداف في مواجهة التحديات البيئية    مدبولي يتابع خطة تحلية مياه الساحل الشمالي الغربي حتى 2050.. وتكليف بالإسراع في التنفيذ وتوطين الصناعة    ترامب: كوكاكولا وافقت على استخدام سكر القصب في منتجاتها    ليفربول يقدم عرضا ضخما إلى آينتراخت لحسم صفقة إيكيتيتي    أصوات البراءة غرقت.. كيف ابتلعت ترعة البداري أحلام الطفولة لثلاث شقيقات؟    سقوط 54 قتيلا جراء الأمطار الموسمية فى باكستان خلال 24 ساعة    إغلاق حركة الملاحة الجوية والنهرية بأسوان بسبب سوء أحوال الطقس    التربية والتعليم تطلق حملة توعوية حول "شهادة البكالوريا المصرية" (فيديو)    ب«التسلق أو كسر الباب».. ضبط 14 متهما في قضايا سرقات بالقاهرة    الإسكان: كراسات شروط الطرح الثاني ل"سكن لكل المصريين7" متاحة بمنصة مصر الرقمية    شوبير يكشف مفاجأة بشأن موعد عودة إمام عاشور لتدريبات الأهلي    بيتكوين تستقر قرب 118 ألف دولار وسط تراجع لقيمة الدولار    تشييع جثمان والدة الفنانة هند صبري ودفنها بعد صلاة عصر غد بتونس    احتفالاً بالعيد القومي لمحافظة الإسكندرية.. فتح المواقع الأثرية كافة مجانا للجمهور    فيلم الشاطر لأمير كرارة يحصد 2.7 مليون جنيه في أول أيامه بدور السينما    جامعتا القاهرة وجيجيانغ الصينية تبحثان تعزيز علاقات التعاون المشترك    كابتن محمود الخطيب يحقق أمنية الراحل نبيل الحلفاوى ويشارك في مسلسل كتالوج    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 17-7-2025 في محافظة قنا    خلال زيارته لسوهاج.. نقيب المهندسين يلتقي المحافظ لبحث أوجه التعاون    بشرى لطلاب الثانوية العامة: الأكاديمية العربية تقدم كلية العلاج الطبيعي بفرع العلمين الجديدة    ارتفاع حصيلة ضحايا حريق مول «هايبر ماركت» في العراق ل63 حالة وفاة و40 إصابة (فيديو)    نائب وزير الصحة يعقد الاجتماع الثالث للمجلس الأعلى لشباب مقدمى خدمات الرعاية الصحية    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: بروتوكول تعاون مع الصحة لتفعيل مبادرة "الألف يوم الذهبية" للحد من الولادات القيصرية    ما الفرق بين المتوكل والمتواكل؟.. محمود الهواري يجيب    كيف نواجه الضغوطات الحياتية؟.. أمين الفتوى يجيب    أكذوبة بعث القومية العربية في عهد ناصر    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة    لو لقيت حاجة فى الشارع اتصرف إزاى؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ابن أمير الشعراء: طلبتُ من والدي تمساحاً فلم يتردّد في إحضاره!
نشر في بص وطل يوم 08 - 11 - 2010

"شوقي كان خليقاً بالنعمة التي عاش فيها من حيث هو رب بيت، ومن حيث هو وجيه قوم، وأنه جمع عبقرية العقل وعبقرية القلب؛ فكان كبيراً في أصغر دعاباته كما كان كبيراً في أسمى مبتدعاته".
بهذه الكلمات الجامعة افتتح شاعر القطرين خليل مطران بك كتاب "أبي شوقي"، الذي أعادت طبعه حديثاً دار الشروق في ظلّ الاحتفالات بميلاد أمير الشعراء.
كثيرة هي الكتب النقدية التي تناولت حياة أحمد شوقي بالتفصيل.. نشأته، حياته، شعره، تفاصيل حياته، كان مثار حديث الجميع، كيف لا وهو الشاعر الوحيد الذي نصبّه الشعراء أميراً عليهم ببيت حافظ إبراهيم الخالد:
أمير القوافي قد أتيت مبايعاً .. وهذي وفود الشرق قد بايعت معي
لكن أن يتحدث عن أحمد شوقي ابنه "حسين أحمد شوقي"، فسيكون الطرح بالتأكيد مختلفاً.. ثمة أمور لا يعرفها أحد سوى أهل بيت الشاعر؛ كيف كانت حياته، تصرفاته، معاملته لمن حوله. خاصةً أن الكاتب صاحب الأسلوب الأدبي البليغ كان صريحاً وجريئاً ووافياً لأبعد الحدود.
الحديث عن مكان إقامة أمير الشعراء كان مهماً للغاية؛ حيث ذَكَر أنهم كانوا يقطنون قصراً بالمطرية، بإيعاز من الخديوي عباس؛ وذلك لعشقه الشديد ل"شوقي"، ورغبته في أن يظلّ قريباً منه.. هذا القصر الذي حوت حديقته ألواناً مختلفة من الحيوانات الأليفة وغير الأليفة! فكنت تجد بها غزلاناً وسلاحف وقردة وطواويس وببغاوات ومئات من العصافير الملونة. وعلاوة على ذلك عندما طلب "حسين" من أبيه تمساحاً.. لم يرفض "شوقي" ذلك الطلب، وأحضر تمساحاً صغيراً وضعه في حوض بناه له خصيصاً!
هكذا كان أميراً في كل شيء؛ حبه لأبنائه، تهيئته لمنزله الكبير الذي حمل اسم "كرمة ابن هانئ"؛ وذلك من فرط حب أحمد شوقي للشاعر الكبير "أبو نواس"؛ الذي كان يراه مظلوماً في تاريخ الشعر العربي؛ حيث يضع الناس صورة له ماجنة وفاسقة.
"كرمة ابن هانئ" كانت باستمرار مرتعاً لِكبار الأدباء ورجال السياسة والأجانب والأمراء؛ حيث يحضرون في ولائم يقيمها "الأمير" بقصره؛ حتى بعد أن انتقل بمنزله إلى الجيزة ليكون على مقربة من النيل رمز الخلود، لم يختلف هذا الوضع كثيراً.
علاقة أحمد شوقي بالخديوي كانت عامرة إلى الحد الذي جعل الخديوي يحضر بنفسه حفل زفاف ابنة "شوقي"، التي كان يدلّلها بشدّة "أمينة"، وزوجة الخديوي جلست طويلاً مع السيدات، في إشارة بالغة لحجم العلاقة.
لكن الكاتب ينحّي كونه ابن الشاعر جانباً، ويتحدّث عن أنانية والده.. رآه أنانياً حتى في علاقته بالخديوي الذي أغدق عليه كل معاني العطف والحب، وقابلها "شوقي" بكل معاني الهروب، وظهر ذلك جلياً عندما لم يرغب "شوقي" بأداء واجب الحج مع الخديوي؛ ولكن الخديوي أصرّ أن يصحبه معه، وأمام إصرار الخديوي لم يجد "شوقي" بُدّاً من السفر معه؛ ولكن عندما بلغ الركب الملكي بنها، هرب أحمد شوقي منه واختبأ عند أحد أصدقائه، ولما لامه أفندنينا فيما بعد؛ عوّض الشاعر الكبير هذا التقصير بقصيدة ترحيب وتهنئة عامرة الأبيات مطلعها:
إلى عرفات الله يا ابن محمد ... عليك سلام الله في عرفات
فلعب شعره دوراً في صفح الخديوي ورضاه عنه من جديد، صدق من قال إن الشعراء هم الأقرب لبلاط السلاطين.
يستشهد الكاتب بشهادة خفية داخلية تحت جانب أنانية "شوقي" وهي والدته؛ السيدة الرقيقة المستسلمة تماماً، التي كانت من أهم أسباب بزوغ نجم "شوقي" وتوهّجه؛ حيث لم تتبرم يوماً أو تشكو من أمر ما؛ برغم أن الشاعر كان له بعض التصرفات الغريبة مثل: ألا يأكل أحد إلا عندما يقرصه الجوع؛ بغضّ النظر عن أهل البيت، يحضر الضيوف ويسهر معهم في أغلب الأحيان، ويأكل معهم ولا يأبه بها، ولا بحقوقها عليه؛ حتى عندما تمّ نفي "شوقي" لإسبانيا، وتعرّضا لبعض المشكلات المالية المتمثلة في عدم إرسال الأموال بانتظام من مصر، لم تشكُ الحال يوماً؛ بل كانت خير عون وسند ل"الأمير".
في أحد أجزاء الكتاب يتحدث عن عشق "شوقي" لتركيا؛ لدرجة أنه اشترى منزلاً كبيراً هناك، وإيمانه بالخلافة الإسلامية، كما أن نظافة الشعب التركي ورُقِي أهله كان مثار إعجاب الكاتب ودهشته.
كما تحدّث الكاتب في جزء كبير جداً من الكتاب باستفاضة عن نفيهم لإسبانيا، وعن سحر برشلونة، ومدريد وقصورها، وحياتهم هناك، وزيارتهم للعديد من المتاحف والأماكن التاريخية في الأندلس، واستيحاء "شوقي" لروايته "أميرة الأندلس".. عن زيارته لقصر الحمراء وبكائه هناك على غرناطة وأمجاد المسلمين الضائعة، ونسجه قصيدة طويلة منها:
لم يرعني سوى ثرىً قرطبيّ .. لمست فيه عبرة الدهر خمسي
يا وقى الله ما أصبّح منه .. وسقى صفوة الحيا ما أمسي
وكذلك عندما ذهب "حسين" لفرنسا للدراسة كان "شوقي" يزوره أحياناً للاطمئنان على أحواله، ويحكي له باستمرار عن عشقه الباريسي، وذهابه الدائم للمسرح الفرنسي، ومعرفته بالشاعر الفرنسي الشهير "فرلين".
كما أن دور أمير الشعراء في الحياة السياسية كان بارزاً؛ حيث كان قريباً للغاية من الزعيم مصطفى كامل، لدرجة أنه عندما اختار مصطفى كامل جملته الخالدة "لا يأس مع الحياة".. "شوقي" هو من أكملها "ولا حياة مع اليأس"، كما أن علاقته بزعيم الأمة سعد زغلول كانت متوطّدة؛ حتى إنه قد شغل منصب نائب بمجلس الشيوخ عن سيناء.
من الأشياء التي قد تبدو جديدة وغير معروفة كذلك عن "شوقي" أنه كتب قصيدة عامية غنّاها محمد عبد الوهاب في فرح "علي أحمد شوقي" كان مطلعها:
دار البشاير مجلسنا .. وليل زفافك مؤانسنا
إن شاالله تفرح يا عريسنا .. وإن شاالله دايماً نفرح بك
كما أنه قد كتب العديد من الخطب النثرية القوية، ومن الأشياء المدهشة أنه قد ترجم قصيدة للأمير "حيدر فاضل" من الفرنسية للعربية، ومطلع هذه القصيدة:
عفيف الجهر والهمس .. قضى الواجب بالأمس
ولم يعرض لذي حق .. بنقصان ولا بخس
تناول الكاتب علاقة "شوقي" القريبة بكثيرين أمثال أمين بك الرافعي، شكيب أرسلان، بشارة الخوري، و"النشاشيبي".
ومن الجدير بالذكر أن "شوقي" كان بوهيمياً رقيقاً أرستقراطياً يخشى الموت.
رحل أحمد بك شوقي في 13 أكتوبر من عام 1932 على عكس ما يذكر البعض بأنه توفي في ديسمبر.. مات في يوم كان فيه بكامل صحته وعافيته، وترك عالم الأحياء بجسده؛ لكنه خُلّد بما يربو على ثلاثين ألفاً من أبيات الشعر نصبّته أميراً، ووضعته في مكانة لا يجرؤ أحد على الاقتراب منها.
دُفن وكتب أولاده على قبره -بتوصية منه- بيتين من قصيدته نهج البردة في مدح الرسول:
يا أحمد الخير لي جاه بتسميتي ... وكيف لا يتسامى بالرسول سمي
إن جلّ ذنبي عن الغفران لي أملٌ .. في الله يجعلني في خير معتصم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.