ترجمها: كريم هشام في صيف 2009 اندلعت بطول إيران وعرضها مظاهرات من قِبَل فئات المجتمع المختلفة ضد نظام آية الله على خامنئي؛ احتجاجا على تزوير نتائج الانتخابات التي أعادت أحمدي نجاد للرئاسة، وهو حليف آية الله، وفي مشهد أذهل العالم أجمع رأينا "الحركة الخضراء" تعلن احتجاجها على التصويت، ومن ثم على النظام الملالي الكهنوتي. ولكن ما إن بدأ المتظاهرون في حشد الدعم الشعبي لإنهاء 30 عاما من النظام الملالي حتى قامت قوات المقاومة "الباسيج" -التابعة للنظام وفرعها العسكري؛ منظمة "الباسيج" للطلاب- بقمع هذه الانتفاضة، وفي حين أن الكثير قد كتب عن "الباسيج" وعلاقتها بالحرس الثوري، وأدوار المجموعتين في إدارة إيران وإسكات المقاومة، فإننا ما زلنا لا نعرف الكثير عن فرع الطلاب في هذه الحركة، والذي تزداد أهميته باعتباره أداة تُستخدم من قبل النظام للمساعدة في قمع الطلاب أو أساتذة الجامعات المنشقّين. إنشاء منظمة "الباسيج" للطلاب على الرغم من أن الجامعات الإيرانية تخلّصت من المعارضين والعناصر المنشقّة قبل الحرب بين إيران والعراق (1980 - 1988)، فإن نظام آية الله الخميني كان منشغلا باهتمامات أخرى أثناء القتال، وبعد وقت قصير من وقف إطلاق النار الذي فرضه مجلس الأمن بالقرار رقم 598، ألقى الخميني خطابا في نوفمبر 1988 في دعوة منه لتكثيف وجود "الباسيج" في الجامعات الإيرانية، وعندما توفّي الخميني في 1989 ضعفت فكرة إنشاء منظمة "الباسيج" للطلاب، ليتم طرح الفكرة بعدها بفترة وجيزة في نوفمبر من ذلك العام، عند تعيين آية الله العظمى علي خامنئي كقائد أعلى، والذي أعلن في البداية قائلا: "إنني أشجّع منظمة "الباسيج" للطلاب، وأؤمن بأهميتها، ولكن يجب الإشارة إلى أنه لا يجوز المشاركة فيها إلا للطلاب فقط، ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن تدخل القوات المسلّحة إلى الجامعات بهدف إنشاء المنظمة أو إدارتها". وبالتالي تمّ استبعاد القوات المسلّحة النظامية، وتمّ تكليف هيئة الأركان العامة للقوات المسلّحة بتشكيل تلك المنظمة الطلابية شبه العسكرية, وأنشأت هيئة الأركان مركزا ل"الباسيج" في 25 نوفمبر 1989، وأسندت مسئولية تنفيذها بعد ذلك للحرس الثوري الإيراني، وكان من أهداف المنظمة تجنيد الطلبة ل"الباسيج" وتعزيز قدرات "الباسيج" الأيديولوجية والسياسية، كان مقر "الباسيج" بجامعة طهران هو أول مكتب للمنظمة في 3 يناير 1990، وبعدها بفترة بسيطة تولّى هذا المكتب مسئولية إنشاء مكاتب "الباسيج" في الجامعات الأخرى، والتحق الكثير من الطلاب بهذه المكاتب. وبالطبع فقد عارضت بعض الجهات المنشقّة هذه المنظمة مثل مكتب "ترسيخ الوحدة" والمجموعات الوطنية والدينية، التي قالت بأن هذه المنظمة ليست منظمة طلابية مستقلة، بل هي مؤسسة حكومية تتمتّع بوضع قانوني غير واضح، ولم يمرّ وقت طويل حتى شهدت المنظمة تطوّرا سريعا على مستوى الجامعات، لدرجة إبرام اتفاقات بين "الباسيج" والوزارات الحكومية المختلفة خلال تلك الفترة. سنوات من المعارضة عندما فاز محمد خاتمي في الانتخابات الرئاسية عام 1997، وكان لطلاب الجامعات دور فعال، ولا سيما أعضاء المجالس الإسلامية الطلابية، ومكتب "ترسيخ الوحدة" في دعم ما يسمّى بالحركة الإصلاحية، تمّ وقتها الدفع بمنظمة "الباسيج" للطلاب لدخول الساحة السياسية ولمعارضة "خاتمي" ومؤيديه، وفي 31 يناير 1998 خاطب المرشد الأعلى خامنئي طلاب "الباسيج" في جامعة طهران؛ ليحثهم على أن يكونوا نشطين سياسيا بشكل أكبر، وأوصي "خامنئي" أيضا أن تأخذ المنظمة الإرشادات من آية الله "مصباح اليزدي"، ويتم الآن حثّ طلاب المنظمة على الانخراط في الأنشطة السياسية أكثرمن السابق؛ من أجل مواجهة الطلاب الإصلاحيين، وأيدت هذه الدعوة تشريعيا من خلال قانون جديد لتعزيز المنظمة، والذي صدر بعد حصوله على أغلبية ساحقة في 13 ديسمبر 1998 من قبل المجلس الخامس، وتوالت بعد ذلك تبعات القانون الجديد، والذي غيّر جوهريا الوضع السابق، وأشار إلى أن الجامعات "ستكون مأهولة بالقوات العسكرية، ولن يكون للطلاب أي دور فعال في إدارة منظمة "الباسيج" للطلاب." وتوالت بعدها أنشطة المنظمة ضدّ طلاب الجامعة، وخاصة بعد تعاون المنظمة مع غيرها من الجماعات شبه العسكرية في قمع الحركة الطلابية في يوليو 1999، في حادثة احتجاج الطلاب على إغلاق الصحيفة الإصلاحية "سلام"، مما أدى لمقتل طالب، واندلاع الشغب لستة أيام قُتِل خلالها ثلاثة آخرون على أقل تقدير، وجُرِح أكثر من 200 شخص. والجدير بالذكر أنه بعد أن فاز أحمدي نجاد بالانتخابات الرئاسية في 2005، دخلت علاقة المنظمة بالحكومة إلى مرحلة جديدة، وأصبحت مهمّة المنظمة الدفاع ودعم حكومة أحمدي نجاد، وأن يواجهوا الطلاب المعارضين والمنشقّين. تدار المنظمة من المقر الرئيسي في طهران، ويوجد في كل من المحافظات الثلاثين بإيران منطقة للمنظمة، وهي تسيطر على مناطق متعددة، وتقوم كل منطقة بتوجيه من عشرة لخمسة عشر قاعدة للمنظمة، والتي تتواجد تقريبا في كل كلية بداخل كل جامعة، وتشير بعض الدراسات غير الدقيقة إلى أن نسبة الإناث في "الباسيج" أكبر من نسبة الذكور. لماذا يشترك الطلاب في "الباسيج"؟ وإذا تحدّثنا عن العوامل التي تدفع الطلاب للاشتراك في المنظمة، فسنجد أنها تختلف من فئة لأخرى، يعتقد 62% من الإيرانيين أن الاعتبارات المادية هي العوامل الرئيسية الدافعة للانضمام ل"الباسيج"، وعلى الرغم من الاعتقاد الواسع بأن "الباسيج" كانت تدفع الأموال نقدا أثناء الأزمات والاضطرابات، ولكن لا يوجد دليل واضح على ذلك، وتنضمّ فئة أخرى إلى المنظمة؛ نتيجة لرغبتهم في دخول مرحلة الدراسات العليا والعثور على عمل. وتقدّم المنظمة لأعضائها مجموعة من الامتيازات وخاصة للطلبة القادمين من مستويات اجتماعية واقتصادية متدنّية، وعلى الرغم من أنهم لا يحصلون على المال بصورة مباشرة، فإنهم يحصلون على خصومات على الكتب المدرسية والترفيه والغذاء واستخدام حمامات السباحة، والسفر داخل إيران، وكذلك السفر إلى الأماكن المقدّسة خارج البلاد مثل مكةالمكرمة وسوريا والعراق، ويعدّ هذا الأمر امتيازا مهما جدا في المجتمع الإيراني، وخاصة للطالبات الإيرانيات من الأسر الفقيرة أو المحافظة. وهناك فئة مختلفة تماما من الطلاب تنضمّ إلى "الباسيج"؛ بسبب معتقداتهم الإسلامية واتّباعهم للنظام الإسلامي في الدولة، وينضمّ هؤلاء إلى المنظمة للدفاع عن الإسلام والثورة. ولا يوجد توثيق دقيق لنسبة الطلاب الذين يندرجون تحت هذه الفئة، ولكن يُعتقد أنها نسبة منخفضة. وفي النهاية يمكن القول بأنه بعد أن برزت هذه المنظمة في العِقد الثاني من الثورة الإسلامية، وبعد أن أصبحت هي المدافعة عن النظام بعد انتخابات 2005 والتي فاز بها الأصوليون، أصبحت "الباسيج" أداة مفيدة جدا للقائد الأعلى علي خامنئي ونظامه؛ حيث يستعملهم كجنود في الحرب الثقافية والسياسية داخل الجامعات الإيرانية. وتعمل هذه المنظمة على قمع الطلاب المنشقّين مما يجعل من المنظمة واحدة من أهم المجموعات في المجتمع الإيراني، وتلعب أيضا دورا مهما في تحديد طلاب المعارضة وتقديم تقارير عن النشاطات المنشقّة، وتعتبر المنظمة الآن دعامة أساسية للحفاظ على إدارة أحمدي نجاد، والنظام الثيوقراطي في البلاد.