صدر عن دار "شمس" للنشر والإعلام بالقاهرة كتاب "الصهيونية: الغرب والمقدس والسياسة" للكاتب والباحث "عبد الكريم الحسني". يقع الكتاب في 832 صفحة من القطع الكبير، وينقسم إلى 20 فصلاً، بالإضافة إلى الوثائق والصور التاريخية. والكتاب يُعتبر وجهة نظر يتقاسمها الكاتب مع من يرون بأنه لا بد من إعادة الأمور إلى نصابها، بدلاً من التمادي في التيه والقفز إلى المجهول؛ لهذا تمّ إعداد الكتاب بطريقة يسهل معها التمتع بقراءته؛ فالكاتب أراده لكل الطبقات ولكل الفئات، لأجل أن يصبح للشارع العربي رأي عام مستنير، وأثر في قضية تعتبر أهم تحدٍّ واجه الأمة العربية في العصر الحديث. فلقد أريد أن يكون هذا الكتاب لكل من يتحسس طريقه إلى المعرفة أينما كان موقعه في المجتمع؛ لأن من المرارة أن القضية الفلسطينية قد عولجت على مدى ما يزيد على اثنين وستين عاماً من قِبل العرب والفلسطينيين بطريقة ليست لها علاقة بمعرفة ما هي الصهيونية؛ فالكثيرون لا يعرفون عن الصهيونية سوى الاسم، أو يستبدلونه أحياناً بكلمة "إسرائيل" دون أن يعرفوا الفرق بينهما. الكتاب يجيب على ذلك بطريقة أو بأخرى، محاولاً توضيح الصورة على حقيقتها؛ فالصهيونية عند أصحابها ليست مجرد اسم جبل صهيون أو اسم تل من تلال جبال القدس في الوطن المغتصب فلسطين. يقول المؤلف في مقدمة كتابه "منذ عرفت ما عرفت عن الصهيونية؛ خصوصاً بعد هجرتي إلى بلاد الغرب -مَهْد الصهيونية الحديثة- فقد حلمتُ على مدى سنوات وسنوات؛ أن أضع أمام القارئ العربي بعض الحقائق عن الصهيونية، وعن علاقتها بالحضارة الغربية؛ فمِنْ بين آلاف الكتب والمخطوطات التي تعجّ بها المكتبات في العالم، بكل لغات أهل الأرض عن اليهود والصهيونية، ومن خلال الممارسة الميدانية بما يحلّ بالفلسطينيين والعرب، لم تكن المهمة سهلة لغربلة ما يمكن أن يُقدم في كتاب واحد؛ خصوصاً وأن الأحداث تتسارع بردود الأفعال والتفاعلات ولم تتوقف حتى الآن؛ لكنني حاولت -كان تحدياً ليس سهلاً- أن أسهب فيه أو أن أوجز، وأن أحشر قناعاتي كمواطن عربي أو أن أحافظ على حياد الباحث عن الحقيقة. فدائماً تصدمنا القراءات التي نحدثها صدفة أحياناً، فتفتح بصائرنا على ما يُذهل من حقائق، وحينها نتمنى لو بقينا على حالنا من الجهل، خانعين مختبئين في دهاليز الضياع، ولأننا كما قال أحدنا: "شعب؛ عَفُوّاً؛ شعوب عربية بلا ذاكرة محترمة، بسبب ما وصلنا إليه"؛ فيجب أن تكون الكتابة بكافة أشكالها، الفأس الحاد الذي يُهشم جماجمنا المتحجرة، لنجعل عقولنا المتجمدة تعود للحياة، لكي تصنع فكراً متجدداً، يعي جيداً دروس الماضي، ويجعلنا نستحق العيش أعزاء على تراب بلادنا".