يعني إيه تبقي انتي هبة النيل يا بوبا.. وكل يوم المية تقطع... يعني إيه لما اشتكي غلو الفاتورة... يقولوا تشكي بس تدفع... لما قشّ الرز ثروة بتتحرق... وأما نفط الأمة ثروة بتتسرق!!! كلمات ل"هشام الجخ" في قصيدته "جحا" التي انتشرت بين المصريين بقوة عبّرت بأسى وشجن عن حالنا الذي يسرّ العدو ويغمّ الحبيب!!.
وآخر ما يغمّ هو قرار الحكومة الذكية بترشيد الاستهلاك الكهربائي؛ لأن معدات الحكومة فجأة كده اكتشفوا أنها لا تتحمل الضغط الزائد وأجهزة التكييف التي فجأة كده برضه اكتشفوا أن الناس هتستخدمها في الصيف؛ بسبب موجات الحر الشديدة التي تتعرض لها البلاد!!! وسلم لي بقى على الصيانة والتحديث والإحلال والاستبدال والتكنولوجيا والحكومة الذكية وغيرها من مصطلحات صدّعوا رؤوسنا بها!!!. أعتقد أنه من المنطقي جدا التنبؤ بأن معدلات استخدام الكهرباء ستزداد في فصل الصيف لأسباب عديدة، وأهمها ارتفاع درجات الحرارة، وعلب الكبريت التي يسكنها أغلب الشعب المصري والتي معها من المستحيل على كل صاحب دم ومروءة أن يفتح بابا أو شباكا أو بلكونة - هذا إن وجدت- لأنه وببساطة سيستضيف الجيران وجيران الجيران عنوة في بيته الذي لا يتعدى الغرفتين!!!! بفضل الشوارع الضيقة والبيوت التي تكشف العورات!!. وبالتالي أصبح حلم أي إنسان بسيط يسكن مثل هذه العلب أن يحصل على جهاز تكييف لكي يشعر بأنه بني آدم، ويتنفس بحرية؛ فالهوا النضيف أصبح بفلوس، وهو لن يستطيع الذهاب لمارينا لكي يقضي الويك إند ولا إلى شواطئ إسطنبول ليتمتع بالعطلة الصيفية بعد نجاح الأولاد!!. فأصبح تكييف الهواء هو منتهى الرفاهية التي يلهث خلفها، وتدبّر الزوجة الجمعية و"تحبّق وتدبّق" من هنا ومن هنا من أجل الحصول على مقدّم الاختراع الفظيع الذي يمكّنهم من مواصلة العيش في علبة الكبريت.. فهم "راضيين وحامدين وشاكرين" ولا يطلبون الكثير.. لا يطلبون شقة أوسع ولا بيتا على النيل، ولا حديقة تطلّ عليها البلكونة، ولا أي حاجة إلا جهاز تكييف يهوّن عليهم جحيم الصيف وحكومة نظيف!! إلا أن حكومة نظيف استكثرت عليهم هذا الحلم؛ فبعد شراء السيد محدود الدخل التكييف وعَمل الحفلة وتوزيع الشربات على الجيران احتفالا بقصّ الشريط وتشغيل التكييف قطع عليهم وزير الكهرباء التيار!!. لأن السيد "محدود" مفتري وسفيه وبيبالغ في استهلاك الكهربا!! مما أدى إلى عطل مفاجئ في إحدى محطات الكهرباء، نتيجة للحمل الزائد على الشبكة القومية للكهرباء، وحذّر الدكتور "محمد عوض" -رئيس الشركة القابضة لكهرباء مصر- من حدوث كارثة قومية حقيقية ما لم تتغير ثقافة استهلاك الكهرباء لدى المواطنين من أمثال السيد "محدود". ونسي الدكتور "محمد عوض" أن يغيّر ثقافة استهلاك الكهرباء لدى أصحاب الفخامة والمعالي ممن يعيشون في الفيلات والقصور المليئة بأجهزة التكييف والنجف المرصّع والمصابيح الداخلية والخارجية لزوم الشياكة والوجاهة والأناقة المشتعلة ليلا ونهارًا!!
نسي أن يطفئ أعمدة الإنارة المضيئة نهارًا والمطفأة ليلاً!!.. نسي أن يُرشّد استهلاك الكهرباء بالفنادق والملاهي الليلية والديسكوهات!!.. فشل الدكتور أحمد نظيف في تنفيذ أول تصريح له عقب توليه رئاسة مجلس الوزراء بالوصول إلى حلول غير تقليدية للمشاكل المستعصية!!.. لم يكلّف خاطره ويتوجّه إلى المركز القومي للبحوث لاستغلال مئات الأبحاث والاختراعات التي تملأ الأدراج، والتي تهدف إلى توليد طاقة رخيصة.. فشل في استخدام العلم والتكنولوجيا والدوت كوم.. واكتفى بتجفيف المنابع كحاله في أي مشكلة!!.. عندنا مشكلة في الكهرباء يا سيادة الوزير.. اقطع!! أسهل حل.. لم يجهدوا أنفسهم، ولم يسخّروا العلم ولا أكاديمية البحث العلمي، ولم يستفيدوا من علمائنا في مثل هذه المشكلة أو غيرها، وإنما استسهلوا، وقرّروا أن يدفع المواطن البسيط الثمن!. فالمواطن في حكومة "نظيف" لُقطة؛ فهو يدفع ثمن أخطاء ومصائب لا ذنب له فيها!! دين خارجي.. ضرائب على الدخل.. وضرائب عقارية.. وفواتير كهرباء وزبالة... إلخ. وكما بدأت بكلمات "هشام الجخّ" سأنهي بها.. أنا اللي صاحب البيت.. عايش بدون لازمة.. ولما مرة شكيت.. إدوني بالجزمة.. أنا اللي زارعك دهب.. بتأكليني سباخ.. إن كان ده تُقْل ودلع.. بزيادة؛ دلعك باخ.. كرامتنا متهانة.. واللقمة بإهانة... بتخلّفينا ليه لما انتي كارهانا!! بتخلّفينا ليه لما انتي كارهانا!!