يحفُل تاريخنا العربي بكثيرٍ من النوادر والطرف والفكاهات، التي تخبرنا عن ظرفاء العرب وحكمائهم أيضاً.. نتخير بعضاً منها لنقرأه سوياً؛ علها ترسم بسمة على شفاهكم، وتنقل لنا ولكم لمحات من زمانهم الذي عاشوا فيه! *** دخل رجل كفيف سوق الدواب لشراء حمار، فوقف عند البائع، وقال سارداً مواصفات الحمار الذي يريد شراءه: - أريد حماراً ليس بالصغير المحتقر، ولا الكبير المشتهر.. إذا خلا له الطريق تدفّق، وإذا كثر الزحام ترفّق، وإن أقللتُ علفه صبر، وإن أكثرته شكر، وإذا ركبته هام، وإن ركبه غيري نام. قال البائع: - اصبر أيها الشيخ؛ فإذا مسخ الله القاضي حماراً أصبت به حاجتك إن شاء الله! *** الحجاج وكارهوه! دخل الحجاج بن يوسف الثقفي المسجدَ يوماً -وكان طاغية يكرهه الناس لظلمه- فوجد على المنبر مكتوباً قوله تعالى: "قل تمتّع بكفرك قليلاً إنك من أصحاب النار"، فكتب الحجاج ردّه بقوله تعالى أيضاً: "قل مُوتوا بغيظكم إن الله عليم بذات الصدور". *** أأنت أكبر أم رسول الله؟ قال رجل للعباس بن عبد المطلب عم الرسول صلى الله عليه وسلم: - أأنت أكبر أم رسول الله؟ قال "العباس": - إن رسول الله أكبر، وأنا وُلدتُ قبله. *** لا أتكلم بالنحو أبداً! كان أحد المتكلمين بالنحو يعلّم ابنه قائلا: - يا بنيّ.. إذا أردت أن تتكلم بكلمة فاصبر عليها ساعة، ومرّرها على عقلك حتى تخرج الكلمة بحقها من غير خطأ. وذات يوم شديد البرد، كان الرجل يرتدي ثوباً من الحرير، فوقعت شرارة من النار عليه، فلم يرها، بينما رآها ابنه.. ظل الابن ساعة يفكّر، ثم قال: - يا أبي.. أريد قول شيء، أتأذن لي فيه؟ - إن كان حقاً فقله يا بني. - إني أرى شيئاً أحمر. - وما هو؟ - شرارة وقعت في ثيابك. فنظر الأب، فوجد أن قطعة من ثيابه قد احترقت، فقال: - ولمَ لم تخبرني سريعاً؟ - اتبعتُ نصيحتك، ومرّرتُ الكلام على عقلي ساعة، ثم أخرجتُ الكلمة بحقها بلا خطأ. فحلف أبوه بالطلاق أنه لن يتكلم بالنحو مرة أخرى.