الأمم المتحدة تلك المنظمة الدولية التي يُفترض فيها التعامل مع جميع الأطراف المتنازعة والتي تتعرض منذ فترة لانتقادات شرسة؛ لأنها لم تعد قادرة على لعب هذا الدور.. حيث زادت الصراعات والحروب في الكثير من دول العالم دون أن تحرك ساكناً وأصبحت قراراتها "مسيّسة" وفي كثير من الأحيان تكون حبرا على ورق لا تسمن ولا تغني من جوع. تدريس محرقة اليهود في غزة وقد كشفت صحيفة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية في تقرير لها أن الأممالمتحدة طلبت مؤخراً من حركة حماس "الحكومة المقالة في غزة" تعديل المناهج التعليمية للطلاب في غزة في كافة المراحل التعليمية من المرحلة الابتدائية وحتى الثانوىة من أجل إدراج الهولوكوست أو ما يسمى مقتل ستة ملايين يهودي على أيدي النازيين في عهد هتلر، وتستند المنظمة في سبب طلبها هذا إلى أن ذلك سوف يساعد أجيالا جديدة من الفلسطينيين على فهم الحاجة إلى احترام حقوق الإنسان كما سوف يساعدهم على البعد عن الخطاب المعادى للسامية وبالتالي تنشأ أجيال تنبذ العنف والكراهية ضد الآخر؛ لأنهم يقدّرون أنهم عانوا "أي الفلسطينيين" مثلما عانوا هم أيضاً "أي الإسرائيليين"، فلا حاجة إذن لزيادة معاناة الجميع أكثر من ذلك، وهذا يعدّ نشراً لثقافة السلام بشكل سلس دون إجبار أو ضغط أو تسييس من خلال التركيز فقط على الجانب الإنساني. وأضافت الصحيفة أن مطلب الأممالمتحدة نُقل إلى حماس عن طريق وكالة الأونروا غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة والتي توفر المساعدات الإنسانية للفلسطينيين الذين يعيشون في ظروف مروّعة نتيجة الحصار والحرب. حماس مصدومة من النسف الناعم وأكدت لوس انجلوس تايمز أن هذا المطلب قوبل برفض تام وغير قابل للنقاش من جديد من جانب حكومة حماس في غزة، والسبب جاء على لسان يونس الأسطل عضو المجلس التشريعي عن حماس الذي قال: إن تدريس المحرقة المزعومة لليهود في عهد هتلر ستكون بمثابة تسويق لكذبة مزعومة حيث إنه لم تتأكد صحتها حتى الآن، فإذا كان هناك 10 دلائل على وجود هذه المحرقة فهناك ألف دليل على عدم وجودها من الأساس، وتمت فبركتها كمبرر للبحث عن وطن لليهود الذين كانوا يعيشون مشتتين في أوروبا وكانوا يعبثون بأمنها، وكان لابد من التخلص منهم، ومن ثم تم توطينهم باغتصاب أراضي فلسطين في الشرق الأوسط فكيف -والحديث للأسطل- نسوّق لكذبة كانت سببا في تشريدنا وتشريد أجيال سابقة ولاحقة. وأضاف الأسطل أن طلب الأممالمتحدة أصاب حماس بالصدمة وعند طرحه على سكان غزة أثار استياءهم وزيادة غضبهم على تلك المنظمة التي لم تنصفهم يوماً بل وتواصل إهدار حقوقهم. المعاملة بالمثل ضعيفا وقويا د.عماد جاد رئيس تحرير مختارات إسرائيلية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية قال: إذا كان مطلب الأممالمتحدة تدريس الهولوكوست المزعومة يدخل في إطار احترام حقوق الإنسان وتقبل الآخر فيجب من منظمة الأممالمتحدة أن تطبق طلبها في إطار المعاملة بالمثل وتطلب من إسرائيل التي تحتل فلسطين تدريس معاناة الشعب الفلسطيني طيلة أكثر من خمسين عاماً منذ أن اغتصبت واحتلت أرضهم، وتطلب من أمريكا التي تحتل العراق وأفغانستان، والدول المستعمرة في القرن الماضي ما يجب تسميته بالهولوكوست الذي تقوم به أمريكا ضد الشعب العراقي والأفغاني والهولوكوست الذي قامت به فرنسا ضد الشعب الجزائري والإفريقي، والهولوكوست الذي قامت به إيطاليا ضد الشعب الليبي..... إلخ. وما إلى ذلك من انتهاك لأبسط حقوق الإنسان إبّان حقبة الاستعمار في القرن الماضي ليشبّ جيل من الإسرائيليين والأوروبيين على تقبل وجود العرب في منطقة الشرق الأوسط؛ لأنه وطنهم الأساسي وليسوا مغتصبين محتلين بل مغتصبين ومستعمَرين من الآخرين. وأضاف جاد: كما تدرك هذه الأجيال أن الشعوب العربية بصفة عامة والشعب الفلسطيني بصفة خاصة تعرضوا للمعاناة تفوق مئات المراحل ما تعرض له اليهود بما يُزعم "الهولوكوست النازية ضدهم". وأشار جاد إلى أن المطالبة باحترام حقوق الإنسان وتقبل الآخر من الأَوْلى أن يتم عند الذي يملك القدرة والتفوق العسكري الذي تتيح له انتهاك حقوق الإنسان واقتصرت خسائره على أربعة قتلى وعشرة مصابين بجروح طفيفة وليس عند الطرف الضعيف الذي لا يملك أي قدرات عسكرية تكفل له على الأقل حماية نفسه وليس الهجوم على الغير، وكانت خسائره ما يزيد عن 1500 شهيد وآلاف المصابين بتشوهات شديدة، واعتبر د.عماد جاد طلب الأممالمتحدة بأنه "مجحف" وأن عليها سحبه.