سنة أولى قصة.. باب جديد ينضم إلى ورشة "بص وطل" للقصة القصيرة سننشر فيه بالتتابع القصص التي تعدّ المحاولات الأولى للكتّاب في كتابة القصة البسيطة. تلك الكتابات التي لا تنتمي لفن القصة القصيرة بقدر ما تعد محاولات بدائية للكتابة.. سننشرها مع تعليق د. سيد البحراوي حتى تتعرّف على تلك المحاولات وتضع يدك على أخطائها.. وننتظر منك أن تُشارك أصحاب تلك المحاولات بالتعليق على قصصهم بإضافة ملاحظات إضافية حتى تتحقق الاستفادة الكاملة لك ولصاحب أو صاحبة القصّة.. في انتظاركم...
"الذي صرخ"
جذبنى بشده ، هذا القرد يتحرك فى جنون داخل قفصه الحديدى ....... يمر من يمر عليه ويضحك ويكمل جولته ، اما انا فبقيت انظر اليه ......... الناس يمرون عليه .....يستفزونه ، فاحيانا يتحرك فى صمت واحيانا يصرخ ......... ومع تزايد صوت صراخه يزداد جنون الناس ويبالغون فى ذلك. هل الناي يستهزؤن به ام هو الذى يستهزأ بهم؟ هل الناس يضحكون عليه ام هو الذى يضحك عليهم؟ يتعالى صوت صراخه.... ترى ما معنى هذا الصراخ ، هو احيانا ثائرا واحيانا هادئا ..... انه يضحك على تلك الحيوانات ......... يضحك على البشر .. يريد لنفسه النجاه .....يريد ان يفر من وجه هؤلاء الذين يقدمون له الطعام ، ليصرخ ، ليقفز ..... يريدون الصراخ فيصرخ . يحس بان لدى البشر رغبه مكبوته فى الصراخ .... يفرغون همومهم فيه هو ، يمقت حارسه ، يمقت قفصه ، يمقت الناس ........يصرخ لكى يحيي ...... يعتقد بزياده صراخه فى إمكانيه التحرر. اراه فاشفق عليه . عملى ينتهى كل يوم فى الثالثه..... اتجه مباشرة الى هذا القرد .........يعتقد انى مثل كل الناس ، فقط انظر لعينه وينظر الى .......... المكان هادىء نسبيا ......... لا اعرف ما الذى حدث بينى وبينه ....... يصرخ ويقفز لكى اقدم له الطعام، لكنى لا اتحرك .........فقط انظر الى عينه . اخذ يكرر فعلته اكثر من مره ، لكنى لا افعل شىء ، لما يأس ادار لى ظهره ....مضى على وضعه خمس دقائق ، وعندما ادار وجهه لى ، واخذ ينظر الى ويتفحصنى ...لا اعرف كيف ، لكنه بدا وكأنه صديق.... يظن من حولى أنى معتوه مجنون .. ولكنى اعتقد أنى اعقل شخص فى هذا الوجود. اننا نعيش فى حياتنا ، مثل هذا القرد ......نعيش فى حياتنا ، كما لواننا فى قفص ، لا نشعر بالحريه ، ولكننا نتظاهر بذلك . كل شخص يشعر بالوحده مهما كان اجتماعى .... يشعر بالوحده عندما ينفرد بنفسه ، يفكر فى الوجود ..... يغضب ...ينفعل .... يضحك... عندما نقف امام المرأه نتحدث الى انفسنا مهما كبر او صغر عمرنا ...وعندما نخرج الى الناس نتصنع الوقار ....نتعقل.... ما احقر هذا المخلوق . من اجل هذا كله فضلت صداقه القرد ، انه يصرخ انه شجاع ....ليس جبان مثلى ........ انه يستطيع الصراخ فى اى وقت، يستطيع ان ينفس عن غضبه ، انه يصرخ دائما فتخيل حجم غضبه. تخيل لو وقفت انا فى وسط الطريق ، وبدون سبب صرخت ، سيظن الناس أنى مجنون .... ولو فحصت نفس كل البشر ......... لوجدت انهم يريدون الصرخ مثلى ومثل القرد الف مره. لهذا فضلت صحبه هذا القرد ، فضلت ان ارى صراخى فى صراخه ، فضلت ان اصرخ عن طريقه. فضلت ان اكون عاقل بمقياس نفسى ، مجنون بمقياس الناس ، صديق بمقياس قردى ، حر امام الله ولكن لا يهمنى كل ذلك . كنت كل يوم ارى فيه قردى ويرانى..... لا اقدم له شىء ، بل اكتفى بالنظر اليه. على نقيض كل الناس ، عندما اقدم له شىء كان يرفضه ، كان يرميه بعيدا ...... مضت على علاقتى بالقرد شهر واحد .. بعد ذلك ذهبت اليه ، فوجدت القفص خاليا ، سألت الحارس قال مات ، والعجيب انه كان يخبط رأسه بشده فى القفص ويمد يده ويصرخ ............................ بكيت واردت ان اراه ، ظن الحارس أنى معتوه ، ولكنى اخرجت له كل ما فى جيبى ، فاخذنى اليه... كان ملقى فى كيس. شهرا واحدا عشت فيه حرا، شهرا واحدا صرخت فيه ، شهرا واحدا شعرت فيه بأنى انسان بأنى موجود. أخذت انظر اليه واتمعن فيه ، بعد البكاء ابتسمت وفرحت بصديقى الذى لاقى راحته، الذى وجد دنياه ، الذى عبر عن وجوده . صديقى الوحيد ......... الذى صرخ علاء محمد عبد الظاهر
التعليق: - تجربة القصة جيدة والسرد سلس، ولكن هناك استطرادات وزيادات خاصة بالتأملات المباشرة في الصفحة التي تبدأ ب"إننا نعيش...." فالتباهي بين الإنسان والقرد كافٍ في حد ذاته للدلالة على ما تريد القصة الوصول إليه، وكذلك الأحداث. - ثمة أخطاء لغوية. د. سيد البحراوي أستاذ الأدب العربي الحديث بكلية الآداب، جامعة القاهرة