عضو بالشيوخ: الإقبال الكبير على الانتخابات يعكس وعي الشعب المصري    طلاب كلية العلاج الطبيعي بجامعة كفر الشيخ في زيارة علمية وثقافية للمتحف المصري الكبير    وزير العدل الأوكراني يقدم استقالته على خلفية فضيحة فساد    «غانم» تحقيق أولى خطوات تنفيذ استراتيجية البنك (2025 – 2030)، امتدادًا لمسيرة النجاح التي واصلها خلال الأعوام الماضية    مصر تحتفظ بعضوية اللجنة التنفيذية للمنظمة الدولية لمراقبي المعاشات وصناديق التأمين الخاصة    استقالة وزيري العدل والطاقة الأوكرانيين على خلفية فضيحة الفساد    كندا تفرض عقوبات إضافية على روسيا    بالمستندات| تعرف على نص عقوبات كأس السوبر المصري    موعد مباراة مصر وسويسرا في مونديال الناشئين    مدرب فرنسا: هدفنا الفوز على أوكرانيا والتأهل لكأس العالم    «كان نايم ولم يسمع الصراخ».. انتشال جثة شاب من عقار الإسكندرية المُنهار| صور    الداخلية تكشف تفاصيل استهداف عناصر جنائية خطرة    وزيرالتعليم: شراكات دولية جديدة مع إيطاليا وسنغافورة لإنشاء مدارس تكنولوجية متخصصة    أسما إبراهيم تهنئ مي عز الدين بزواجها    محمود الليثي أول الحضور في عزاء إسماعيل الليثي بإمبابة | صور    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    رئيس الوزراء ونائبه لشئون التنمية البشرية يشهدان جلسة حوارية في مؤتمر السكان    من انقاص الوزن إلى بشرة صحية.. فوائد لشرب الماء بالليمون في الصباح    رسميًا.. ستاندرد بنك يفتتح مكتبًا في مصر لتعزيز الاستثمارات بين إفريقيا والشرق الأوسط    سعر كرتونه البيض الأحمر والأبيض للمستهلك اليوم الأربعاء 12نوفمبر2025 فى المنيا    أسماء جلال ترد بطريقتها الخاصة على شائعات ارتباطها بعمرو دياب    المتحف المصري الكبير ينظم الدخول ويخصص حصة للسائحين لضمان تجربة زيارة متكاملة    كرة يد - بعثة سموحة تصل الإمارات مكتملة تحضيرا لمواجهة الأهلي في السوبر    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    ضبط مصنع حلويات بدون ترخيص في بني سويف    ما عدد التأشيرات المخصصة لحج الجمعيات الأهلية هذا العام؟.. وزارة التضامن تجيب    طريقة عمل فتة الشاورما، أحلى وأوفر من الجاهزة    موعد مباراة عمان والسودان الودية.. والقنوات الناقلة    البابا تواضروس الثاني يستقبل سفيرة المجر    هبة التميمي: المفوضية تؤكد نجاح الانتخابات التشريعية العراقية بمشاركة 55%    بحماية الجيش.. المستوطنون يحرقون أرزاق الفلسطينيين في نابلس    19 ألف زائر يوميًا.. طفرة في أعداد الزائرين للمتحف المصري الكبير    بعد افتتاح المتحف المصري الكبير.. آثارنا تتلألأ على الشاشة بعبق التاريخ    جنوب سيناء.. تخصيص 186 فدانا لزيادة مساحة الغابة الشجرية في مدينة دهب    إخلاء سيدة بكفالة 10 آلاف جنيه لاتهامها بنشر الشائعات وتضليل الرأي العام في الشرقية    ذكرى رحيل الساحر الفنان محمود عبد العزيز فى كاريكاتير اليوم السابع    نجم مانشستر يونايتد يقترب من الرحيل    الغرفة التجارية بمطروح: الموافقة على إنشاء مكتب توثيق وزارة الخارجية داخل مقر الغرفة    الرئيس السيسي يصدق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    حجز محاكمة متهمة بخلية الهرم لجسة 13 يناير للحكم    أثناء عمله.. مصرع عامل نظافة أسفل عجلات مقطورة بمركز الشهداء بالمنوفية    رئيس الوزراء يتفقد أحدث الابتكارات الصحية بمعرض التحول الرقمي    «المغرب بالإسكندرية 5:03».. جدول مواقيت الصلاة في مدن الجمهورية غدًا الخميس 13 نوفمبر 2025    عاجل- محمود عباس: زيارتي لفرنسا ترسخ الاعتراف بدولة فلسطين وتفتح آفاقًا جديدة لسلام عادل    بتروجت يواجه النجوم وديا استعدادا لحرس الحدود    الرقابة المالية تتيح لشركات التأمين الاستثمار في الذهب لأول مرة في مصر    موعد مباراة مصر وأوزبكستان الودية.. والقنوات الناقلة    «عندهم حسن نية دايما».. ما الأبراج الطيبة «نقية القلب»؟    وزير دفاع إسرائيل يغلق محطة راديو عسكرية عمرها 75 عاما.. ومجلس الصحافة يهاجمه    عاجل- رئيس الوزراء يشهد توقيع مذكرة تفاهم بين مصر ولاتفيا لتعزيز التعاون فى مجالات الرعاية الصحية    إطلاق قافلة زاد العزة ال71 بحمولة 8 آلاف طن مساعدات غذائية إلى غزة    الحبيب الجفرى: مسائل التوسل والتبرك والأضرحة ليست من الأولويات التى تشغل المسلمين    «العمل»: التفتيش على 257 منشأة في القاهرة والجيزة خلال يوم    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    وزير الخارجية يعلن انعقاد المنتدى الاقتصادي المصري – التركي خلال 2026    «وزير التنعليم»: بناء نحو 150 ألف فصل خلال السنوات ال10 الماضية    رئيس هيئة الرقابة المالية يبحث مع الأكاديمية الوطنية للتدريب تطوير كفاءات القطاع غير المصرفي    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تعرّف على المحاولات الأولى لكتابة القصة القصيرة في مصر
نشر في بص وطل يوم 04 - 05 - 2010

المتابع للإصدارات الأدبية التي تصدر عن المؤسسات الحكومية كالهيئة العامة لقصور الثقافة والهيئة العامة للكتاب مثلاً فضلاً عن عشرات دور النشر الخاصة، يلاحظ حالة الزخم الأدبي التي نعيشها هذه الأيام وسط عشرات إن لم يكن مئات المجموعات القصصية والأسماء الجديدة الموهوبة ونصف الموهوبة التي تشق طريقها بجد وحماس في عالم الأدب..
ولهذا ربما يكون من المثير ومن الصعب في نفس الوقت أيضاً أن نحاول أن نتتبع فروع شجرة القصة القصيرة المصرية الوارفة لنصل إلى بذرتها الأولى، ونتساءل متى كتبت أول قصة قصيرة مصرية..
والحقيقة أنه لا توجد إجابة قاطعة لهذا السؤال، ولكن المؤكد أن شجرة القصة القصيرة المصرية -كأي كائن حي- قد مرّت بمراحل وأطوار كثيرة حتى تصل إلى ما هي عليه الآن.. فكان دور البعض يتوقف على تمهيد الأرض للزراعة، ومنهم من قام بالحرث، ثم البذر، وأخيراً الحصاد..
وسنتحدث هذه المرّة عن المحاولات الأولى لكتابة القصة القصيرة، على أن نتحدث في المرّة القادمة عن بوادر ظهور القصة القصيرة المصرية بصورتها المكتملة الناضجة..
وأول من قام بتمهيد الأرض وإعدادها للزراعة كما يرى العديد من النقاد كان "عبد الله نديم" في مجلته (التنكيت والتبكيت)..
والواقع أن "نديم" لم يقصد أن يقدم فناً قصصياً بقدر ما كان هدفه أن يقدم مادة صحفية بطريقة مشوقة تختلف عن الصحافة التي كانت سائدة في عصره والتي كانت لغتها الأساسية تعتمد على السجع والمحسنات البديعية، فإذا به يكتب ما يشبه القصة القصيرة بلغة سلسة وحوار ناضج، ويمكننا أن نقرأ مثلاً ما كتبه "عبد الله نديم" في أول أعداد مجلة (التنكيت والتبكيت) بعنوان (عربي تفرنج)، مع ملاحظة أن "نديم" قد ولد في 1843 وتوفي سنة 1896م، وهي بالضبط نفس الفترة التي عاش فيها الكاتب الروسي الكبير "أنطون تشيكوف"، والفارق بين الاثنين أن "تشيكوف" سبقه عدد كبير من كتاب القصة الروسية، بينما كان "نديم" هو أول من كتب بالعربية شيئاً كهذا..
وبعد أن استمر "عبد الله نديم" ينشر أقاصيصه في (التنكيت والتبكيت)، انشغل عنها بالكفاح الوطني مع "أحمد عرابي" خاصة بعد احتلال الإنجليز لمصر، ولم يعد بعدها لكتابة القصة..
يسلمنا "عبد الله نديم" بعد ذلك إلى قصص إخواننا الشوام الذين هاجروا إلى مصر، واستقروا بها ك"لبيبة هاشم"، و"موسى صيدح"، و"خليل مطران"، وكانت محاولاتهم القصصية ذات طابع واحد يهدف في الأساس إلى تسلية القرّاء ولا مانع من وعظهم وإرشادهم، فنجد مثلاً "لبيبة هاشم" (وهي لبنانية الأصل هاجرت إلى مصر واستقرت بها) تنشر في سنة 1898م أولى قصصها "حسنات الحب" والتي بدأتها قائلة: (ليأذن لي القارئ أن أقص على مسامعه حادثة جرت حقيقة، وهي مع ما فيها من غرابة الواقعة وفكاهة الحديث لا تخلو من فائدة للمُطالع؛ إذ تنبهه إلى التحذر من مثلها مما يمكن حدوثه في كل زمان ومكان).
ونرى مثل هذه المقدمة كثيراً في قصص المحاولات الأولى، وكان كتّاب هذه المرحلة يحرصون دائماً على التنبيه على أن حوادث هذه القصة حقيقية تماماً، وأن لهذه القصة فائدة وعبرة، ويبدو أن هذا كان لنظرة الناس حينها للقصة على أنها مجرد فكاهات للتسلية واللهو، فكان الكاتب يحاول بمثل هذه المقدمات أن ينفي عنه تهمة كتابة التفاهات التي لا نفع لها..
وتقص "لبيبة هاشم" بعد هذه المقدمة حادثة تجري وقائعها في إسطنبول، ولكي تؤكد أنها وقعت بالفعل تذكر أنها قد حدثت مساء يوم 15 مايو سنة 1898م، حيث طرقت فتاة جميلة في ثياب راهبة باب قصر إحدى الأسر ففتح لها البواب الذي فتن بجمالها، وقالت لصاحبة القصر إنها راهبة من مصر أرسلتها رئيسة الدير لتؤدي بعض المهام في تركيا، وقد تأخر الوقت وتريد أن تبيت الليلة في القصر لما سمعته عن أهله من كرم الأخلاق، فرحبت بها صاحبة القصر، وأنزلتها في إحدى الغرف، واستبد بالبواب الشوق لرؤية الراهبة التي أحبها من أول نظرة، فتسلل إلى غرفتها ونظر من ثقب الباب فرآها مدججة بالسلاح وقد خلعت ثياب الرهبنة ورآها تشير بالمصباح إلى آخرين في الخارج، فأبلغ البواب سادته، وقبض عليها رجال الشرطة هي وأفراد العصابة، وكان كشف أمر هذه اللصة من (حسنات الحب)..

واستمرت "لبيبة هاشم" تنشر في مجلة (الضياء) قصصاً كهذه، ولما توقفت (الضياء) أصدرت هي مجلة (فتاة الشرق) واستمرت تنشر فيها قصصها، وظل مفهوم "القصة القصيرة" عندها لا يزيد على مجموعة من الحوادث الكثيرة تعتمد على المبالغة والتشويق والوعظ..

وفي نفس الوقت الذي كانت تنشر فيه مثل هذه المحاولات القصصية، كان هناك تيار آخر آخذ في الظهور يريد أن يضع فن القصة موضع الاعتبار في الأدب العربي الحديث، ونشأ هذا التيار كطريق وسيط بين حركة بعث التراث العربي وحركة الاتصال بأدب الغرب وثقافته، ولذلك اصطلح على تسمية هذا التيار بالتيار المزدوج..
وكان كتاب التيار المزدوج متأثرين بالأساس بدعوة الإصلاح التي أثارها "جمال الدين الأفغاني" وحمل رسالتها تلاميذه من بعده، والاتجاه العام الذي هدفت له كتابات هذا التيار هو الدعوة إلى التمسك بالقيم والمثل الموروثة، والأخذ بالصالح من المدنية الغربية ومحاربة الفاسد منه، ومن أعلام هذا التيار "محمد المويلحي"، و"مصطفى لطفي المنفلوطي"..

وقد نشر "المنفلوطي" مجموعته القصصية (العبرات) في سنة 1915م، وبعض قصصها كان من تأليفه وبعضها مترجم عن لغات أجنبية، ولم يكن "المنفلوطي" يعرف أي لغة أجنبية، فكانت القصص تترجم له من لغتها الأصلية، ثم يكتبها هو بأسلوبه دون أن يتقيد بالأصل بل كأنه يكتبها من جديد..

وتدلنا اختيارات "المنفلوطي" لنوعية القصص التي تولى صياغتها على اتجاهه الأدبي الذي التزمه طوال حياته، فقد كانت كلها من الأدب الفرنسي الرومانسي المغرق في الخيال والعاطفة، المؤمن بفضيلة الفقراء ورذيلة الأغنياء، والثائر على النظام الاجتماعي الذي تحكم فيه فئة ضئيلة من المترفين ملايين الفقراء والكادحين..
وقد كان لهذا الأدب الحزين الباكي أحسن الوقع في نفوس معاصريه؛ إذ كان الناس يعانون من ضغوط كثيرة، على رأسها الاحتلال الأجنبي الذي كان يشل كل حركة نحو التقدم، ويعجز الأفراد عن المقاومة فيلجأون إلى التنفيس بالبكاء والدموع التي يحدثنا عنها المنفلوطي، ولهذا نجد أن كل أبطال المنفلوطي دائماً ضعاف لا حول لهم ولا قوة كانعكاس لما كان يعيشه الناس حينها..

أما "المويلحي" فقد سلك طريقاً آخر، حيث اتجه لتطوير كتابة المقامات لتناقش وتعالج المشاكل الاجتماعية التي كان يمر بها المجتمع المصري حينها، ولكن "المويلحي" في العموم لم يخرج عن الشكل الكلاسيكي للمقامة، من حيث الالتزام بالسجع والمحسنات البديعية..
ومهما كانت رؤيتنا أو تقييمنا لهذه المحاولات الأولى، إلا أننا يجب أن نعترف أنها نجحت في خلق وعي قصصي سواء في جماهير القرّاء أو الكتاب الشباب المتطلعين لكتابة قصص قصيرة مصرية كالقصص الأوروبية التي يطالعونها مترجمة أو في لغاتها الأصلية، كما نجحت في التهيئة لفن القصة كي يأخذ مكانه بين فنون الأدب العربي الحديث، وقد كافحت القصة في هذا السبيل كفاحاَ شاقاً وصادف كتّابها عقبات كثيرة، لم يكن أقلها نظرة الناس والأدباء لهم على أن صنعتهم هي التسلية، وأن المكان الوحيد الصالح لنشر إبداعاتهم القصصية في أي جريدة أو مجلة، هو صفحة الفكاهات!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.