عقدت الولاياتالمتحدةالأمريكية خلال شهر إبريل الجاري مؤتمراً حول الأمن النووي بحضور زعماء 40 دولة. وقد تفاجأ كثيرون بإعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الامتناع عن المشاركة في هذا المؤتمر، وإيفاد "دان مريدور" -وزير شئون المخابرات الإسرائيلي- لحضوره بدلاً منه، وقد فسّر نتنياهو موقفه بأنه يتوقع أن تقوم مجموعة من الدول؛ من أبرزها مصر وتركيا، بطرح مسألة الترسانة النووية الإسرائيلية المفترضة خلال المؤتمر، والمطالبة بانضمام إسرائيل إلى معاهدة حظر انتشار السلاح النووي. أحياناً قد تنتصر ضغوط العرب وتعليقاً على ذلك نشرت صحيفة "الجارديان البريطانية" في 9 إبريل مقالاً للكاتب إيان بلاك بعنوان "الضغط العربي يمنع نتنياهو من المشاركة في القمة النووية"، يرى هذا المقال أن قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي يعدّ نصراً للضغوط العربية والإسلامية ضد البرنامج النووي الإسرائيلي السرّي والمثير للجدل، ووفق المقال أخذت هذه الضغوط العربية عدة مظاهر خلال الفترة الأخيرة، منها: - الحملة الطويلة التي قامت بها مصر ضد الترسانة النووية لإسرائيل. - قيام جامعة الدول العربية بتوجيه دعوة إلى الأممالمتحدة لإعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية. - دعم تركيا للمطالب العربية في هذا الصدد في مقابل عرض القيام بالوساطة بين الغرب وإيران بشأن برنامج طهران النووي. كما يلقي المقال الضوء على طبيعة البرنامج النووي الإسرائيلي، مشيراً إلى أن إسرائيل تمتلك ما بين 150 إلى 200 قنبلة ذرية، قابلة للنقل بواسطة الطائرات أو القذائف أو الغوّاصات. فقد بدأ تطور البرنامج النووي الإسرائيلي بعد قيام فرنسا ببناء مفاعل نووي في ديمونة في صحراء النقب في الخمسينيات، كما يشير المقال إلى أن إسرائيل لم توقّع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية لعام 1970، التي تسمح للدول الموقّعة عليها بتطوير برامج للطاقة النووية تستخدم للأغراض السلمية والمدنية في مقابل التخلي عن الأسلحة النووية، بحيث يظل الحق في الحصول على تلك الأسلحة مقصوراً على الدول الخمس التي تتمتع بعضوية دائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (الولاياتالمتحدةالأمريكية - بريطانيا - فرنسا - الصين - روسيا). نووي إيران أثار الجدل حول نووي إسرائيل ويشير المقال لاختلاف موقف إسرائيل عن بعض الدول مثل الهند وباكستان وكوريا الشمالية التي أعلنت عن امتلاكها أسلحة نووية، إلا أن إسرائيل لم تفعل نفس الشيء، وأبقت الأمر سراً، وفضّلت اتباع سياسة تُعرف بالغموض النووي، عبر التأكيد المستمر على أنها لن تكون أول من يستعمل الأسلحة النووية في الشرق الأوسط. ويرى المقال أن تزايد المخاوف بشأن طموحات إيران النووية في الفترة الأخيرة أدى إلى زيادة دعم الرأي العام الإسرائيلي لسياسة الحكومة الإسرائيلية في هذا الأمر، كما أدى إلى زيادة قبول المجتمع الدولي لفكرة احتفاظ إسرائيل بترسانتها النووية. ولكن من ناحية أخرى أدى التركيز على البرنامج النووي لإيران إلى اتجاه الدول العربية والإسلامية إلى تكوين موقف إقليمي يدعو إلى نزع السلاح النووي بشكل كامل من المنطقة. وكان من نتيجة ذلك، فشل إسرائيل والولاياتالمتحدةالأمريكية في سبتمبر 2009 وللمرة الأولى منذ 18 عاما في منع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من إصدار قرار يدعو إسرائيل لتوقيع معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وفتح مفاعل ديمونة أمام المفتشين الدوليين. تجدر الإشارة إلى أن مصر لعبت دوراً رئيسياً في المفاوضات التي جرت في الستينيات وأسفرت عن الوصول إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية في عام 1970، كما حاولت مصر ربط تجديد المعاهدة في 1995 بتحويل منطقة الشرق الأوسط إلى منطقة خالية من الأسلحة النووية إلا أن جهودها في هذا الإطار فشلت. واليوم يبدو أن هناك حالة من الاستياء واسع النطاق في منطقة الشرق الأوسط بشأن هذه المعاهدة خاصة فيما يتعلق بالأهداف التي تسعى لتحقيقها، والمعايير المزدوجة التي تتبعها، إلى جانب غياب الإرادة السياسية لتنفيذ ما جاء بها. وللتأكيد على هذا يشير المقال إلى ما قاله السفير هشام بدر ممثل مصر في الأممالمتحدة حول شعور دول وشعوب الشرق الأوسط بأنها تشعر بأنها خُدعت؛ لأنها قدّمت تنازلات مقابل وعود لم يتم تحقيقها.