السلام عليكم أنا بنت عمري 21 سنة، طبعي هادئ أوي، بحب الهدوء ورغم إني هادية بحب أقعد وسط ناس، أحب أسمع وقليلاً ما أتكلم؛ ورغم إني وسط بنات وشباب في الجامعة، وعارفة طريقة تفكيرهم حصل سوء فهم بيني وبين ماما. بداية الكلام إني كنت باقرأ على النت عن بنت تفوّقت وحصلت على الدكتوراه، تمنيت أكون زيها لأن من أحلامي أحصل على ماجستير؛ لكن ماما رافضة، عايزاني أخلّص آخر سنة وأتعلم طبخة وأكلة وأستنى العريس، وتبقى حياتي تقليدية زيّها؛ أصحى من نومي أفكر هاطبخ إيه، والظهر في الشغل، وبالليل نايمة يا بتتفرج على مسلسل، وينتهي اليوم. فأنا عايزة تغيير، عايزة تبقى معايا شهادة أعلى علشان أقدر أفهّم أولادي وأتعايش مع تفكيرهم، وغير كده تفكيري ووعيي هيكون أكبر لما ييجي عريس مش أفرح بيه وأتصدم بعد كده. بعد ما قرأت عن البنت اللي حصلت على الدكتوراه رحت قلت لها قرأت عن البنت حصلت على الدكتوراه، ياه لو أحقق الحلم ده؛ فقلت لها لو مش حققته هاخد دورات في التنمية البشرية علشان مش عايزة أكلّفهم، والماجستير قلت لها هتاخد وقت؛ فردت عليّ وزعقت وقالت لي: وإنتي هتقعدي كل ده مش هتتجوزي؟ وقالت لي إنتي مش بتتفاءلي وغير البنات، وسألتني فايدة التنمية البشرية إيه؟ قلت لها علشان تغيّر في الإنسان والناس اللي عندهم خوف أقدر أخليهم يتغلبوا عليه. ردتت عليّ يعني إنتي عرفتي تعالجي نفسك من الخوف علشان تعالجي غيرك!! زعلت أوي. وقالت لي إنتي مش زي البنات، وقعدت تقارن بيني وبين بنات العيلة قلت لها على الصورة اللي شايفها فيهم، وهم بيخدعوا أهليهم وبيعملوا حاجات من ورا أهليهم، كل يوم مع ولد وقدام أهليهم حاجة تانية. وماما طريقتها في الكلام عالية؛ فلما بتتكلم باحسّ إن أعصابها مشدودة، باقول لها اهدي لأنها مريضة بالضغط والسكر، والله علشانها مش قصدي أنرفزها؛ ترد تقول لي هو أنا مجنونة علشان تقولي لي اهدي. ولما كنت باقعد أحكي لها على أصحابي إني علشان مش باكلم ولاد بيقولوا عليّ مختلفة، وإحنا بنتكلم قالت لي إنتي اللي مش زي البنات. أنا ندمت إني حكيت لها حاجة.. هو أنا مش أبقى بنت علشان أنا طموحة ونفسي أكبر في تفكيري؟!! أنا بحب القراءة فطبيعي لما تقرأ عقلك بيبقى أكبر من سنك، وهي زعلانة علشان أنا كده. قالت لي عيشي سنّك، ولما سألتها أعيشه إزاي سكتت ومش بترد عليّ، وقالت لي ما اعرفش. أكتر كلمتين مزعّلنّي منها هما: "إن أنا مش بنت، وعالجي نفسك" أعمل إيه؟ وأنا نويت مش هاتكلم معاها في أسراري.
الكلام العادي اللي أي حد ممكن يعرفه؛ لكن أسراري مع نفسي لأ لأني مش بقيت باثق في حد. sh لكل منا هدف في حياته، بعض الناس طموحها هو الثراء أو نيل دراسات عليا أو منصب أو غيره، وقد يكون طموحك كله أن تكوني زوجة وأماً وأن تستريحي في المنزل، وهناك بشر يكون حلم حياتهم أن يساعدوا غيرهم ويشعرون بهمومهم ويمسحون دموعهم. وهناك من يريدون هذا كله وأنت منهم، وتحقيقه ليس مستحيلاً كما تظن أمك، وسيتحقق بإذن الله إذا وضعتِهِ أمامك وسعيت لتحقيقه في الوقت المناسب وبالطرق المثلى. هذا ما رأيته في رسالتك؛ فبداخلك كل هذا الرغبات تتصارع، رغبتك في النجاح، ورغبتك في أن تكوني بنتاً مثالية كما تظنّ أمك، ورغبتك في تهدئة أمك وتفريج همها الذي تشعرين أنها تعاني منه بسببك. صديقتي في الحقيقة أنت جميلة جداً ومختلفة، وكثيراً ما تأتيني رسائل من فتيات لا يشغل بالهن سوى الحب والزواج، وأظلّ أرجوهن أن يفكرن كما تفكرين... ربما يكون تفكير أمك قاصراً لسبب يعود إلى مستواها التعليمي أو تربيتها أو البيئة المحيطة بك؛ ولكن أيّ أم تفخر أن يكون لها ابنة جميلة مثلك. كما أنه في كل طريق عقبات، ولكل نجاح أعداء، والناجحون هم من لم يجدوا ظروفاً مواتية لأحلامهم فصنعوها. لذلك يجب أن نسير ونناضل؛ ليس فقط من أجل النجاح الشخصي؛ بل لوجه الله تعالى، ولوجهه أيضاً يجب أن نحاول أن نسعد أهلنا ونساعدهم ونقف بجانبهم؛ حتى لو كانوا يحاولون الوقوف دون نجاحنا أو تحقيق أحلامنا. صديقتي لقد واجهت نفس مشكلتك شخصياً في حياتي ومازالت أواجهها؛ فبعض الناس لا يريدون من البنت سوى الزواج والاستكانة، ولا يدركون أنهم بذلك يمنعون عنها متعاً حلال كثيرة منها السفر والتعلم والعمل. ولكني عاندت ولم أسمع سوى صوت عقلي مع احترامي للآخرين؛ فكنت أحاول دائماً الموازنة بين أن أقنع من حولي باستمراري في الدراسة مع العمل بوظيفة ما لأوفّر احتياجاتي المادية أثناء الدراسة وأيضاً أن أرضيهم ولا أكلّفهم، وأحاول أن أثبت لهم دائماً نجاحي. وبالفعل يا صديقتي؛ فأنا ناجحة بعملي، وسافرت للدراسة بأمريكا في منحة، وسافرت إلى دول عديدة، ولن تصدقي أني لم أرَ أمي سعيدة لشيء من هذا مثلما رأيتها سعيدة يوم خطبتي؛ فهذه هي طبيعة جيل أمي وأمك؛ يرون الحياة من بُعد واحد فقط. وصدقيني طريق العلم والعمل والنجاح ليس طريقاً سهلاً مثل الزواج وإنجاب الأطفال؛ فهذا الطريق صعب وتكلفته كبيرة؛ خاصة في مجتمع شرقي كمجتمعنا. فاليوم أمك هي الوحيدة التي تنتقدك ولكنك ستجدين في الغد الكثير من الانتقاد؛ ولكن النجاح دائماً من نصيب هؤلاء الذين كلما تعثّروا وقفوا وصمدوا وكافحوا من جديد. لذلك سأقول لك سيري إلى الأمام، وكما قال مصطفى أمين "إذا قمت بعمل ناجح وبدأ الناس يرمونك بالطوب؛ فاعلم أنك وصلت بلاط المجد، وأن المدفعية لا تطلق في وجهك بل احتفاء بقدومك".