رفع الرئيسي الأمريكي رأسه، يستقبل مدير مخابراته في مكتبه، وانعقد حاجباه على الرغم منه، وهو يسأله في شيء من التوتر: - ما الجديد؟!... وضع مدير المخابرات ملفاً صغيراً، أمام الرئيس الأمريكي، وهو يقول: - الرجال وضعوا نظرية جديدة، بشأن ما حدث في (مصر) يا سيادة الرئيس. ازداد انعقاد حاجبي الرئيس الأمريكي، وهو يقول في عصبية: - ألن تنتهي هذه القصة أبداً؟!... انتقل توتّره إلى مدير مخابراته، وهو يجيب: - خبراؤنا يتصوّرون أنه من المحتمل أن المصريين قد خدعونا. هتف الرئيس الأمريكي في حدة واستنكار: - خدعونا؟!... نحن؟!... أومأ مدير المخابرات الأمريكية برأسه إيجاباً، ثم عاد يشير إلى الملف، وهو يندفع قائلاً: - قبل سقوط رجالنا في قبضة المصريين بدقائق قليلة، أبلغونا أنهم قد رصدوا شظايا المركبة الفضائية، بعد سماعهم دوي انفجار عنيف، ثم فحصوا جثة كائن غير أرضي؛ فلماذا هذا التوقيت بالتحديد؟! أجابه الرئيس الأمريكي في عصبية: - لأن المصريين لم يمنحوهم دقيقة أخرى. أشار مدير المخابرات بيده، متسائلاً: - ولماذا ليس قبل أن يرصدوا كل هذا؟!... تطلَّع إليه الرئيس الأمريكي لحظات في توتر، قبل أن يسأله: - ما الذي ترمي إليه يا رجل؟!... عاد مدير المخابرات الأمريكية يشير إلى الملف، قائلاً: - خبراؤنا يقولون إنه من المحتمل أن تكون كل هذه مجرَّد خدعة... هتف الرئيس الأمريكي في استنكار: - خدعة؟!... هل يتصور خبراؤك أن المصريين سيضحّون بأعظم أسرارهم؛ من أجل خدعة مال مدير المخابرات نحوه، حتى استند براحتيه على سطح مكتبه؛ مجيباً: - سيفعلونها... لو أن الأمر يستحق. حدَّق الرئيس الأمريكي في عينيه، قائلاً: - وهل يستحق هذا؟!... اعتدل مدير المخابرات في حركة حادة، مجيباً في حزم: - بالتأكيد. عاد حاجبا الرئيس الأمريكي ينعقدان في توتر، وهو يستغرق في التفكير بضع لحظات، قبل أن يقول في شك: - لست أعتقد أن المصريين قد بلغوا هذا الحد من الذكاء والبراعة. حان دور مدير المخابرات ليعقد حاجبيه، وهو يقول: - هذا بالضبط ما قاله الإسرائيليون، قبيل أكتوبر 1973م. مباشرة حدَّق فيه الرئيس الأمريكي كالمصدوم لحظات، ثم تنحنح في توتر، وسأله في صرامة، أراد بها أن يخفي عصبيته: - ألديكم أية أدلة على هذا؟!... أجابه مدير المخابرات في سرعة: - بالتأكيد. ثم عاد يميل على مكتب الرئيس الأمريكي، مكملاً في لهجة خاصة: - (إيفان تروتسكي). سأله الرئيس الأمريكي في عصبية: - من (تروتسكي) هذا؟!.. اعتدل مدير المخابرات، وقال بلهجة من ربح المعركة: - عالم فضاء وفلك روسي، تخصّص في احتمالات الحياة على كواكب أخرى، ولديه شهادة خاصة، في علم اللغات النادرة والقديمة. سأله الرئيس الأمريكي، في عصبية أكثر: - وماذا عنه؟! انعقد حاجبا مدير المخابرات، وهو يجيب في صرامة حازمة: - لقد أحضروه إلى (مصر)... وبطائرة خاصة. اتسعت عينا الرئيس الأمريكي، وكأنه قد استوعب الأمر، ثم عاد حاجباه ينعقدان في شدة، وهو يقول: - وماذا يقترح خبراؤك، في هذا الشأن؟! تنفّس مدير المخابرات الأمريكية الصعداء، قبل أن يقول في حزم: - السيطرة. كانت كلمة موجزة؛ ولكنه استغرق في شرح مضمونها ما يقرب من ساعة كاملة... والواقع أنها كانت تعني الكثير... والخطير... جداً...
إنه ذكي كما ترى (رسوم: فواز) "أظن أنه من الأفضل أن نتفق..." قالها العالم الروسي في برود، جعل (جو) يقول في توتر: - إننا لم نختلف. ابتسم الروسي ابتسامة باهتة باردة، والتفت يتطلَّع إلى (موجال)، داخل قفصه الزجاجي، قبل أن يقول بلكنته المستفزة: - ما أقصى ما توصَّلت إليه معه؟! راقب رجل الأمن حوارهما في اهتمام، و(جو) يجيب، في لهجة أشبه بالتحدي: - إننا نتحاور. ارتفع حاجبا الروسي في دهشة، وهو يقول: - تتحاوران؟!... هل يتحدث إحدى اللغات المعروفة؟! التقط (جو) نفساً عميقاً، وقال في زهو: - ليست مسألة لغات. ثم راح يشرح له ما يفعله، من تحويل أصوات الفضائي وحركات جسده، إلى معان لغوية واضحة، واستمع إليه الروسي في اهتمام شديد؛ في حين راح الفضائي (موجال) يتابع حديثهما في قلق واضح، وهو يرمق الروسي بنظرات لا تشف عن أيّ ارتياح، ثم لم يلبث أن يتراجع إلى الجدار، و(جو) ينهي حديثه، قائلاً: - إنه ذكي كما ترى. التفت الروسي إلى (موجال)، وحدجه بنظرة طويلة، قبل أن يغمغم: - هذا يبدو واضحاً. تبادل معه (موجال) نظرة عصبية، قبل أن يشير إليه، ثم ينظر إلى (جو)، ويتحدث على نحو عصبي، جعل (جو) يلتفت في لهفة إلى شاشات جهازه، ورجل الأمن يسأله في اهتمام شديد: - ماذا يقول؟! ترجم (جو) تلك الإشارات، وهو يقول: - قال إنه لا يشعر بالارتياح تجاهه. قالها، وهو يشير إلى الروسي، الذي لم يُبد أي اهتمام للأمر؛ على الرغم من فهمه للعربية؛ وإنما هتف: - دعه يقولها مرة أخرى. التفت إليه (جو) في استنكار، قائلاً: -إنه ليس مهرجاً في سيرك فقير. هتف به الروسي، مكَّرراً في انفعال: - دعه يقولها مرة أخرى. انعقد حاجبا (جو) في غضب، والتفت إلى رجل الأمن بنظرة مستاءة؛ ولكن هذا الأخير قال في اهتمام متوتر: - دعه يكررها... لن نخسر شيئاً. أشار (جو) إلى (موجال)، وطلب منه أن يعيد ما قاله، فنقل الفضائي بصره، بين الرجال الثلاثة في حذر، قبل أن يكرر ما قاله في بطء؛ فاتسعت عينا الروسي، على نحو عجيب، وهو يحدَّق في الفضائي بنظرة مخيفة؛ حتى أن هذا الأخير تراجع بحركة أشبه بحيوان مذعور، والتصق بالجدار، وهو يدير عينيه إلى (جو) بنظرة مستنجدة؛ فقال هذا الأخير في عصبية: - لم يضف شيئاً. هتف به الروسي، في انفعال جارف: - خطأ. ثم عاد يحدَّق في الفضائي، بتلك النظرة العجيبة، مردفاً: - لقد أضاف الكثير... والكثير جداً. اللهجة التي نطق بها عبارته، أثارت دهشة وقلق (جو)، ورجل الأمن معاً؛ ولكن الأخير وحده ترجم مشاعره إلى لغة مسموعة، وهو يقول: - ماذا أضاف بالضبط؟! أجاب الروسي بنفس الانفعال، دون أن يرفع عينيه عن الفضائي: - اللغة. تبادل (جو) ورجل الأمن نظرة دهشة كبيرة، ثم قال الأوَّل في تردد: - إنها لغة كوكبه، و... قاطعه الروسي، في انفعال حاد: - هراء.. ارتد (جو) في دهشة، في حين هتف رجل الأمن، في توتر بالغ: - ماذا تعني يا رجل؟!... أفصح عما لديك؟!.. التفت إليهما الروسي، وقال دون أن يفارقه انفعاله: - تلك اللغة، التي تحدّث بها، ليست لغة فضائية. جفّ حلق رجل الأمن، وهو يسأله: - كيف؟!.. ألقى (جو) السؤال، في الثانية التالية، وكأنه لم يسمع رجل الأمن؛ فتضاعف انفعال الروسي، وهو يجيبهما: - إنها لغة أرضية بالغة الندرة... لغة أرضية، وليست فضائية... على الإطلاق. واتسعت عيون (جو) ورجل الأمن عن آخرهما... فالمفاجأة كانت قاسية... للغاية. يتبع
لقراءة الأعداد السابقة من "أكشن" إضغط على لينك أكشن الموجود بجوار اسم د. نبيل فاروق