أنا كنت عادية زي أي بنت، كنت ساعات باحس إني جميلة وباحس بنفسي، وساعات تانية كنت باكره شكلي وجسمي؛ لغاية ما ارتبطت أول مرة وأنا في ثانوي، وحبيته أوي؛ بس ما كانش ينفع نكمّل عشان مشاكل كتير. كان أول واحد يقول لي إني جميلة، وبعدين ارتبطت بواحد تاني حبني أوي وحسسني بجمالي؛ بس أنا ما حستش بيه، وفضلت سنة معاه لغاية ما نسيت الأول، وسيبته. لما دخلت الكلية بدأت أحس بنظرات الناس ليّ، كنت بافتكر إنهم بيألسوا عليّ أو أنا فيّ حاجة غلط، كانوا أصحابي يقولوا لي إني جميلة وأنا ما كنتش باحس بكده. أعجبت بواحد أوي أول ما دخلت الكلية وارتبطت بيه؛ بس للأسف طلع كداب ومنافق. السنة اللي بعديها كان فيه واحد صاحب أصحابي بيحبني؛ بس أنا ما كنتش بحبه؛ فضلوا يزنّوا عليّ إني أرتبط بيه لغاية ما ارتبطت بيه، وأوهمت نفسي إني بحبه زي ما كنت باعمل كل مرة؛ ولكن في يوم اكتشفت إنه بخيل جداً، وغير كده جه اليوم اللي حصل فيه مشاكل بين ماما وبابا وقلت له؛ لكنه اتهرب مني لما عرف إنهم ممكن يتطلقوا، تاني يوم لما عرف إنهم اتصالحوا كان بيتأسف لي وبيترجاني نرجع. كانت حياتي فاضية ما فيهاش أي حاجة مهمة، كل اللي كنت باعمله كنت بارتبط وأسيب أو كنت باقعد في الكلية مع أصحابي بدون شغلة أو مشغلة. لغاية ما اتعرفت على صحفي مشهور كان بيدرب فريق صحافة في الكلية، أعجب بشخصيتي أوي. ومن ساعتها اتقلب الحال، وبدأت أتشغل بحاجات كتير غير الولاد وتفاهات الصحاب؛ بدأت العلاقة بيه تقوى أكتر وخلاني أشتغل في جريدة معروفة، وساعدني في حياتي كتير، وعرّفني على ناس كتير، وعمل لي علاقات عامة مع شخصيات مهمة. عمل لي كارنيهات في نوادي كتير. ولكن كل ده لا يهم قدام اللي إداهوني؛ إداني حاجة كنت بادور عليها من زمان (الثقة)، قعد مرة معايا، حسسني إني ملكة؛ قال لي إني غاية في الجمال، ذات أنوثة طاغية بجمال ملائكي، شخصية فريدة من نوعها، ذكية جداً، وقال لي إن أي حد بيعرفك بيحبك غصب عنه. نصحني بالمحافظة على نفسي من أي حاجة وقال لي إن مش أي حد يستاهل إنك تكلّميه، ومش أي حد يستاهل إنك تضحكي في وشه، وقال لي إني كنز لازم اللي يمتلكه يكون معاه قيمتك وأكتر من قيمتك، واللي أرتبط بيه لازم يحافظ عليّ ويستاهلني. روّحت عيّطت، ما كنتش متخيلة إن فيّ كل ده؛ ده حتى لما كان بيعرّفني على شخصيات كبيرة في البلد كانوا بيحبوني أوي؛ ولو إني مش أول واحدة أكيد يقابلوها، فيه أحسن مني بكتير. بدأت أتغرّ وأحس بنفسي وأحافظ على كرامتي مع أي حد، وأتحفظ في الكلام، اتغيرت طريقة تعاملي مع الناس، كان كل الناس بيقولوا لي إني طيّبة بدرجة الهبل، لغاية ما تخلصت من الهبل اللي عندي؛ ولكن احتفظت بالطيبة. بدأت أبعد عن تفاهات الكلية وأهتم بالثقافة والسياسة؛ كل يوم أكتشف إن فيه واحد زميلي بيحبني ويتعذب عشاني؛ ده أنا حتى الأربعة اللي ارتبطت بيهم، لغاية دلوقتي بيتصلوا بيّ وبيعيطوا، ونفسهم يرجعوا لي. وفي مرة كنت قاعدة مع أستاذي الصحفي، وقال لي إنه حبني (وهو عنده 60 سنة ومطلّق وعنده أولاد أكبر مني). وقال لي إنه فكر ولقى إني أستاهل أكون مع حد في سني وأحسن منه ويستاهل قيمتي الغالية، وقال لي إنه بيحبني؛ بس عمره ما هيفكر يؤذيني بإنه يحسسني بكده أو إنه يكون أناني ويحتفظ بيّ. مشكلتي إني كل يوم باعرف إن فيه حد بيحبني وبيتعذب من حبي (ناس كتير قوي)، فكرت إني أتنقب، وفكّرت إني أتعامل وحش مع الناس؛ ولكن ما ينفعش أتنقب لأن أهلي مش هيرضوا، ولا أنا مقتنعة بالنقاب، ولا ينفع أغضب ربنا وأتعامل وحش مع الناس. أعمل إيه؟ إزاي أمنع حد من إنه يحبني لأني بجد بازعل قوي، لما ألاقي حد بيحبني وأنا مش عارفة أعمل له إيه!! s.w
حلاوة الخَلْق والتصوير؛ إنما هي إحدى إبداعات خالق الجمال وصانعه، يهبه لمن يشاء رضاء عنه أحياناً وابتلاء له في أغلب الأحيان. فالجمال -دونما أدنى شك- ابتلاء نوضع فيه تحت رقابة دقيقة من الله عز وجل في كيفية تصرفنا وتعاملنا مع هذا الجمال، هل نحوّله لوسيلة نغضبه بها، ونفتن بها خلقه، أم نجعله نموذجاً حياً على إطاعتنا له بعدم إبرازه كما أمرنا. لم يتضح لي في رسالتك كيف استجبت تحديداً لهذا الابتلاء؛ ولكني لا أجد أمام هذه الإغماءات الرومانسية المتكررة لشباب وقع في حبك؛ سوى أن أفترض أنك أطلقت العنان لجمالك كي يسعى خراباً في قلوبهم ويفتن عقولهم كما هو جليّ. سؤالك تعرفين إجابته بداخلك؛ ولكنها ربما تراوغك وترفض أن تظهر لك بشكل بيّن، أنت جميلة وتعرفين ذلك، جميلة الشكل والجسد، وما أجمل أن يشعر الإنسان بشيء كذلك؛ فيحب أن يسمع الثناء من الآخرين على شكله ومظهره مرة واثنان وثلاث، وبالتالي يكون السبيل المثالي لسماع كلمات تطري القلب وتشنف الأسماع وغير ذلك، عن طريق التأنق الزائد؛ سواء بالمستحضرات التجميلية التي تلفت نظر الضرير، أو بالملابس التي -ربما أكون مخطئاً في ذلك- تبرز أكثر مما تخفي، وبطيب العطر؛ مما يذهب العقل ويتلاعب بمشاعر إنسانية يصعب على أي شخص مقاومتها. المعطيات السابقة إذا ما أضيفت لفتاة بالغة الجمال في الأصل لا يستغرب معها أن يتساقط ضحاياكِ شخصاً بعد الآخر، ويبتغون حبك بضاعة ثمينة يدفعون فيها كل ما امتلكوا وحتى ما لم يمتلكوا. شيء في غاية الأهمية لم تسعفني الذاكرة كي أذكره بالأعلى، وهو أن جمال الشكل والجسد صحيح يبدو لوحة إلهية خلاّقة ناطقة بالجمال؛ ولكنه إلى الزوال، وكمنطق أي شيء خلقه الله القدير دائماً إلى الزوال، مع تسارع دقات الساعة التي تجرّ في أذيالها أوراق النتيجة من أيام وشهور، والنتيجة تتبدل خريفاً بعد خريف، لتستيقظي في يوم كئيب تشتاقين فيه لمرآتك التي تصدمك بأن جلدك المشدود قد خارت قواه وتكرمش، كما تفعل أرض طينية عطشى للماء؛ بينما هالات غامقة، لونها كبركة سوداء استقرّت أسفل عينيك وثليج اللون الأبيض قد زحف على سواد شعرك اللامع. هل أحبطك هذا المشهد خمسينيّ العمر؟ معذرة لاستثارة غضبك؛ ولكنه كان مقصوداً كي تتذكري أن جمال الروح هو الباقي ولا يفارق جسدك أبداً ما حييتي؛ المهم هو أنت، هو الطاقة الكامنة بداخلك والتي تشع نوراً على كل من حولك، هو طيبة النفس التي يستنكرها عليك الآخرون، هو حب الخير، وغذاء العقل، كل هذه الأمور لم يخلق لها الله عدّاداً يهتم بالأيام والسنين؛ بل هي أشياء كلها تُعنى بالكيف وليس بالكمّ. هل عرفت الآن معنى وكيف تكونين جميلة؟