تفوق للجانرز.. تاريخ مواجهات اليونايتد وأرسنال في الدوري الإنجليزي    "قلبه كان حاسس".. منشور غريب من تيمور تيمور قبل وفاته    إلزام المؤسسات التعليمية بقبول 5% من ذوى الإعاقة في المنظومة.. اعرف التفاصيل    البورصة المصرية تربح 14.5 مليار جنيه في ختام تعاملات الأحد    وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تلتقي السفير الياباني والممثل الرئيسي لهيئة التعاون الدولي اليابانية «جايكا»    مصر تجدد رفضها تهجير الفلسطينيين وتدعو الدول لعدم المشاركة في الجريمة النكراء    وكيل الأزهر ووزير الثقافة.. غدًا تكريم الفائزين في مسابقة (ثقافة بلادي 2)    طقس يوم الاثنين .. حار نهارا ونشاط رياح يلطف الأجواء والعظمى بالقاهرة 35 درجة    حماة الوطن: بدأنا استعدادات مبكرة لخوض انتخابات النواب..وانتقاء دقيق للمرشحين    شرم الشيخ للمسرح الشبابي يعلن تفاصيل مسابقة "أبو الحسن سلام" في دورته 10    مرصد الأزهر: تعليم المرأة في الإسلام فريضة شرعية والجماعات المتطرفة تحرمه بقراءات مغلوطة    الأمم المتحدة: مقتل 1760 من الباحثين عن المساعدات    إنفانتينو عن واقعة ليفربول وبورنموث: لا مكان للعنصرية في كرة القدم    المجلس الوطني الفلسطيني: إدخال الخيام في غزة «مؤامرة ومقدمة للتهجير»    الأنبا ثيئودوسيوس يترأس القداس الإلهي بكنيسة العذراء مريم بفيصل    على خطى بالمر.. هل يندم مانشستر سيتي وجوارديولا على رحيل جيمس ماكاتي؟    أزمة الراتب.. سر توقف صفقة انتقال سانشو لصفوف روما    رئيس هيئة قناة السويس يوجه بصرف مليون جنيه دعما عاجلا لنادى الإسماعيلى    مصر تحصد ذهبية التتابع المختلط بختام بطولة العالم للخماسي الحديث تحت 15 عامًا    مدير عام الطب البيطري سوهاج يناشد المواطنين سرعة تحصين حيواناتهم ضد العترة الجديدة    الداخلية تكشف ملابسات تداول منشور تضمن مشاجرة بين شخصين خلافا على انتظار سيارتيهما بمطروح    عاجل| قرار وزاري جديد بشأن عدادات المياه المنزلي والتجاري    أمن قنا يكثف جهوده لضبط مطلقي النيران داخل سوق أبودياب    شئون البيئة بالشرقية: التفتيش على 63 منشآة غذائية وصناعية وتحرير محاضر للمخالفين    نقيب السكة الحديد: 1000 جنيه حافز للعاملين بالهيئة ومترو الأنفاق بمناسبة المولد النبي    الخارجية الروسية تتوقع فوز خالد العناني مرشح مصر في سباق اليونيسكو    انطلاق العرض المسرحي «هاملت» على مسرح 23 يوليو بالمحلة    25 باحثا يتناولون تجربة نادي حافظ الشعرية بالدراسة والتحليل في مؤتمر أدبي بالفيوم    أحمد سعد يغني مع شقيقة عمرو «أخويا» في حفله بمهرجان مراسي «ليالي مراسي»    رئيسة القومي للمرأة تهنئ المستشار محمد الشناوي بتوليه رئاسة هيئة النيابة الإدارية    136 مجلسا فقهيا لمناقشة خطورة سرقة الكهرباء بمطروح    «الرعاية الصحية» تطلق مبادرة NILE وتنجح في أول تغيير لصمام أورطي بالقسطرة بالسويس    «يوم أو 2».. هل الشعور بألم العضلات بعد التمرين دليل على شيء مفرح؟    مدير تعليم القليوبية يكرم أوائل الدبلومات الفنية على مستوى الجمهورية    مصرع 3 عناصر إجرامية في تبادل إطلاق نار مع الشرطة بأسيوط    المفتي يوضح حكم النية عند الاغتسال من الجنابة    الأونروا :هناك مليون امرأة وفتاة يواجهن التجويع الجماعي إلى جانب العنف والانتهاكات المستمرة في غزة    وزير الصناعة والنقل يتفقد معهد التبين للدراسات المعدنية التابع لوزارة الصناعة    930 ألف خدمة طبية بمبادرة 100 يوم صحة في بني سويف    الصحة: 30 مليون خدمة طبية للمواطنين خلال النصف الأول من 2025    مركز تميز إكلينيكي لجراحات القلب.. "السبكي" يطلق مبادرة لاستعادة "العقول المهاجرة"    صحفي فلسطيني: أم أنس الشريف تمر بحالة صحية عصيبة منذ استشهاد ابنها    يسري جبر: الثبات في طريق الله يكون بالحب والمواظبة والاستعانة بالله    دعوى قضائية أمريكية تتهم منصة روبلوكس ب"تسهيل استغلال الأطفال"    إصلاح الإعلام    ما الذى فقدناه برحيل «صنع الله»؟!    7 بطاركة واجهوا بطش الرومان وقادوا الكنيسة المصرية ضد تيار الوثنية    حظك اليوم وتوقعات الأبراج    "يغنيان".. 5 صور لإمام عاشور ومروان عطية في السيارة    قوات الاحتلال تُضرم النار في منزل غربي جنين    «ميلعبش أساسي».. خالد الغندور يهاجم نجم الزمالك    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2025 بحسب أجندة رئاسة الجمهورية    هيئة الأركان الإيرانية تحذر الولايات المتحدة وإسرائيل: أي مغامرة جديدة ستقابل برد أعنف وأشد    نتنياهو: لا اتفاق مع حماس دون إطلاق الأسرى دفعة واحدة ووقف الحرب بشروطنا    راحة للاعبي الزمالك بعد التعادل مع المقاولون واستئناف التدريبات الاثنين    المصرية للاتصالات تنجح في إنزال الكابل البحري "كورال بريدج" بطابا لأول مرة لربط مصر والأردن.. صور    عيار 21 الآن بعد الانخفاض الجديد.. سعر الذهب اليوم الأحد 17 أغسطس محليًا وعالميًا (تفاصيل)    أخبار 24 ساعة.. إطلاق البرنامج المجانى لتدريب وتأهيل سائقى الشاحنات والأتوبيسات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خالد غازي يقدم نساء نوبل للناشئة
نشر في صوت البلد يوم 30 - 12 - 2018

تتوزع الإسهامات الفكرية والثقافية للدكتور خالد محمد غازي على مناحي عديدة، بالإضافة لكتبه وأبحاثه في مجال الصحافة والاعلام ومنها "الصحافة الالكترونية العربية..الالتزام والانفلات في الخطاب" و"ما بعد العولمة .. صناعة الاعلام وتحول السلطة" و"التوظيف الاعلامي السياسي لشخصية الجاسوس"و" مي زيادة سيرة حياتها وأوراق لم تنشر"..
وقد فاز كتابه عن "مي زيادة.. سيرة حياتها وأدبها وأوراق لم تنشر".." بجائزة الدولة التشجيعية في الدراسات الأدبية، كذلك أصدر مجموعتين قصصيتين ورواية "المنتهى الأخير"، وأخيرا استهدف الناشئة بكتاب عنوانه "نساء نوبل" ويقدم تراجم أدبية للفائزات بجائزة نوبل في الآداب، وقد سبق لخالد غازي أن أصدر عنهن كتابه الممتع " التفاحة الذهبية"، لكنه هنا لا يكرر نفسه، بل يخاطب فئة أخرى من الصبية والشباب، وقد اعتاد من يتوجهون بالكتابة لهذه الفئة أن يقدموا قصصا أو كتبا تاريخية، وقليلون من اهتموا بتبسيط العلوم، لكن الجديد في كتاب " نساء نوبل" هو نوعية المادة المقدمة للناشئة، مقدما بذلك على مغامرة كبيرة.
النساء للناشئة.. لماذا؟
في تقديمه للكتاب يشير المؤلف إلى أن النساء حققن نجاحات كبيرة في كافة ميادين العلم والثقافة، لكنهن يواجهن عنتا وتحيزا ذكوريين، وقد تجلى ذلك في جائزة نوبل بفروعها المختلفة، فعدد الفائزات بها لا يقارن بعدد الرجال، فوفقا للمقدمة كان عدد من فزن بالجائزة ثمانية وأربعين امرأة فقط، في مقابل ثمانمائة وخمسة وعشرين رجلا، وكنوع من الرفض لهذا التحيز، وفي محاولة لرفع الظلم عن المبدعات المضطهدات يأتي هذا الكتاب عن النساء الفائزات بالجائزة الأدبية الأرفع. شارحا مقدار معاناتهن وطرق تغلبهن على الصعاب، وموضحا كيفية تحويلهن للنكبات التي مررن بها إلى وقود للمضي قدما في طريق الإنجاز وإثبات الذات.
لكن لماذا استهدف الكاتب الناشئة بكتابه؟
الإجابة ببساطة ، لأنه يدرك أن أهم أهداف أدب الأطفال وقصصهم وحكاياتهم يتمثل فيما يتعلم الأطفال من قصصهم وحكاياتهم، وهم يرافقون أبطال الحكايات، وشخوص القصص، وما يتشربون من قيم، وأنماط سلوك وأساليب عمل تضاف إلى خبرات حياتهم التي ما تزال غضة، فتساعدهم على مواجهة ما في الحياة من مشاق وآلام ، لذلك عمد الكاتب في فصول كتابه، وقد ترجم في كل فصل لواحدة من الفائزات، على استخلاص المشترك الإنساني بينهن فضلا عن كونهن جميعا من النساء ومن الأديبات، فكلهن جميعا مررن بتجارب قاسية ونجحن في مقاومة آلامهن وتحقيق آمالهن، فهو يرى أن الألم وحده هو المفجر لطاقات الإبداع لدى نساء نوبل، فلم ليس مجرد أحاسيس عابرة وذكريات أليمة، وإنما كان بمثابة ثقافة وفكر وخيال واختزال لمآسي البشر ومحفز للبحث عن النور في ظلمة الأيام والمسؤول الأول عن ولادة الإبداع. فها هي "سلمى لاجيرلوف"، والتي يلقبونها ب "ملكة الأدب السويدي" تقول: "حينما أكتب أعيش في وحدة كبيرة وعليَّ أن أختار ببن عيشي لوحدي ووحدتي ومن ثم انطلاق القلم أو أن أكون بين الآخرين فلا أسطر شيئاً".
حيواتهن في قصص
قدم الكاتب سير الكاتبات في قالب أدبي يمكن اعتباره مقال قصصي ، فقد اهتم بسرد مواقف تكشف عن كنه الشخصيات، وكتبها بلغة بسيطة فصيحة تناسب المرحلة العمرية التي يخاطبها، فمثلا افتتح مقالته القصصية عن " سلمى لاجيرلوف" أولى الفائزات بنوبل الآداب بسطور عذبة معبرة ، نقرأ: " في السماء حلقت وكان مقامها بين الطيور والسحاب، بالرغم مما هي فيه من حالة صحية متردية إلا أنها تحدت المستحيل"، ويدلف من تلك المقدمة ساردا بنفس المستوى اللغوي قصة كفاح ونجاح سلمى لاجيرلوف، وهي المريضة الفقيرة اليتيمة التي ملأت الدنيا إبداعا ونجاحا أتاح لها الفوز بجائزة نوبل ثم بوأها مكانها بين أعضاء الأكاديمية السويدية المانحة للجائزة، وقد تحدثت لاجيرلوف في كلمتها أمام الأكاديمية المانحة عن تلك المعاناة التي لازمتها مبكرا حيث أصيبت في طفولتها بمرض شلل الأطفال الذي أتلف ساقيها، وتضاعفت المعانة برحيل الأب مدينا. وهي التجربة التي كانت بمثابة البوتقة التي صهرت موهبتها فأخرج إبداعها الفذ وجعلها حتى اللحظة الاسم الأهم في الأدب السويدي.
أما الإيطالية جراتسيا ديليدا ، فمعاناتها ترجع لحرمانها من إكمال تعليمها، فتقاليد مجتمعها في جزيرة سردينيا الإيطالية لم تكن تسمح بتعليم الفتيات، وقد قاومت حرمانها من التعليم بالقراءة ثم كتابة الشعر والقصة القصيرة قبل أن تتجه لكتابة الرواية، وعانى أبطال رواياتها من تسلط القساوسة، وضغط التقاليد السائدة في المجتمع ، والمفارقة في حالة جراتسيا أنها اتجهت للكتابة هربا من رغد العيش، ورفضا للقيم الأخلاقية التي كانت سائدة في طبقتها الإجتماعية، وقد تجلت معاناتها في روايتها " الأم" وهي ليست رواية أحداث بل رواية تعبير عن أزمة نفسية، فجراتسيا ديليدا ، وكما جاء بالكتاب في مقدمة الحديث عنها " دائما ما ترى الطيور في السماء تحلق دون قيود، لذا أرادت أن تكون مثلها طائرة وهائمة في سماء الفكر والثقافة"، لذا فإن شخصيات رواياتها غالبا ما تتمرد على التقاليد البالية، وتحاول الهروب من واقعها الاجتماعي.
وتخطين الصعاب
"حلم الطفولة هو ما يصنع منا أشخاصا قساة القلوب، أو يجعل منا ملائكة نقية تعيش على الأرض كي تعمرها وتنشر فيها الخير"، هذا ما آمنت به " سيجريد آندسيتلا" ثالث الفائزات بنوبل الآداب، وهي تنتمي للدانمرك والنرويج معا بحكم جنسية والديها، فالأب عالم آثار والأم مثقفة ابنة محام شهير، ارتبطت سيجريد بوالدها كثيرا، وتأثرت بعشقه للآثار والتاريخ والأساطير، فكانت ترسم شخوص الأساطير وتحلم بدراسة الرسم والتفرغ له، لكن فجأة وهي في الحادية عشرة تتبدل أحوال الأسرة، فيمرض الأب ويموت مورثا أسرته ديونا طائلة قضت على أحلام الفتاة، التي تجرعت مرارات الفقر واليتم بعدما ذاقت رغد العيش، وقد اضطرت للعمل وهي في السادسة عشرة لتعول نفسها، وقد دفعها حبها للفن للسفر إلى روما وهناك تعرفت بمجموعة من التشكيليين الاسكندنافيين، وارتبطت بعلاقة حب مع أحدهم، وكان نرويجيا كوالدها، بادلها الحب فطلق زوجته وتزوج من سيجريد وعادا للنرويج ليمارس الرسم ولتمارس هي الانجاب وكتابة الروايات خصوصا التاريخية. وكانت تؤمن بأن الأدب الجيد هو الذي يعرف كيف يصور النفس البشرية مهما اختلفت العصور.
وهكذا تتواصل سير الفائزات، كحبات عقد خيطه الرابط هو المعاناة، وكانت معاناة الأميركية بيرل بك مزدوجة، فهي ابنة لقس بروتستانتي متشدد، عمل مبشرا في الصين، فانتقل بأسرته إلى هناك، لذا عاشت طفولة مغتربة من ناحية وحزينة قلقة من ناحية أخرى إذ فقدت أربعة من أشقائها بسبب الكوليرا التي كانت متفشية في الصين وقتها، كذلك نشأت نادين جورديمر في بيئة شبيهة بتلك التي نشأت فيها بيرل بك، فهي ابنة لقس كاثوليكي ينحدر من أصول ليتوانية بينما أمها بريطانية الأصل، أما التشيلية جابرييلا ميسترال وهي أول شاعرة تفوز بنوبل حُرمت من أبيها وهي ابنة ثلاث سنوات، وبعدها كان الفقر رفيقا لها، وهكذا ذقن جميعا مرارات الفقر أو اليتم أو المرض، وعانين من الاضطهاد أو التفرقة العنصرية أو الحرب، لكنهن نجحن بإرادتهن في تحقيق أحلام طفولتهن، وتخطين الصعاب، وهذا هو الدرس الأهم الذي يلقنه الكاتب للناشئة عبر استعراضه لسير نساء نوبل.
خدمة ( وكالة الصحافة العربية )
تتوزع الإسهامات الفكرية والثقافية للدكتور خالد محمد غازي على مناحي عديدة، بالإضافة لكتبه وأبحاثه في مجال الصحافة والاعلام ومنها "الصحافة الالكترونية العربية..الالتزام والانفلات في الخطاب" و"ما بعد العولمة .. صناعة الاعلام وتحول السلطة" و"التوظيف الاعلامي السياسي لشخصية الجاسوس"و" مي زيادة سيرة حياتها وأوراق لم تنشر"..
وقد فاز كتابه عن "مي زيادة.. سيرة حياتها وأدبها وأوراق لم تنشر".." بجائزة الدولة التشجيعية في الدراسات الأدبية، كذلك أصدر مجموعتين قصصيتين ورواية "المنتهى الأخير"، وأخيرا استهدف الناشئة بكتاب عنوانه "نساء نوبل" ويقدم تراجم أدبية للفائزات بجائزة نوبل في الآداب، وقد سبق لخالد غازي أن أصدر عنهن كتابه الممتع " التفاحة الذهبية"، لكنه هنا لا يكرر نفسه، بل يخاطب فئة أخرى من الصبية والشباب، وقد اعتاد من يتوجهون بالكتابة لهذه الفئة أن يقدموا قصصا أو كتبا تاريخية، وقليلون من اهتموا بتبسيط العلوم، لكن الجديد في كتاب " نساء نوبل" هو نوعية المادة المقدمة للناشئة، مقدما بذلك على مغامرة كبيرة.
النساء للناشئة.. لماذا؟
في تقديمه للكتاب يشير المؤلف إلى أن النساء حققن نجاحات كبيرة في كافة ميادين العلم والثقافة، لكنهن يواجهن عنتا وتحيزا ذكوريين، وقد تجلى ذلك في جائزة نوبل بفروعها المختلفة، فعدد الفائزات بها لا يقارن بعدد الرجال، فوفقا للمقدمة كان عدد من فزن بالجائزة ثمانية وأربعين امرأة فقط، في مقابل ثمانمائة وخمسة وعشرين رجلا، وكنوع من الرفض لهذا التحيز، وفي محاولة لرفع الظلم عن المبدعات المضطهدات يأتي هذا الكتاب عن النساء الفائزات بالجائزة الأدبية الأرفع. شارحا مقدار معاناتهن وطرق تغلبهن على الصعاب، وموضحا كيفية تحويلهن للنكبات التي مررن بها إلى وقود للمضي قدما في طريق الإنجاز وإثبات الذات.
لكن لماذا استهدف الكاتب الناشئة بكتابه؟
الإجابة ببساطة ، لأنه يدرك أن أهم أهداف أدب الأطفال وقصصهم وحكاياتهم يتمثل فيما يتعلم الأطفال من قصصهم وحكاياتهم، وهم يرافقون أبطال الحكايات، وشخوص القصص، وما يتشربون من قيم، وأنماط سلوك وأساليب عمل تضاف إلى خبرات حياتهم التي ما تزال غضة، فتساعدهم على مواجهة ما في الحياة من مشاق وآلام ، لذلك عمد الكاتب في فصول كتابه، وقد ترجم في كل فصل لواحدة من الفائزات، على استخلاص المشترك الإنساني بينهن فضلا عن كونهن جميعا من النساء ومن الأديبات، فكلهن جميعا مررن بتجارب قاسية ونجحن في مقاومة آلامهن وتحقيق آمالهن، فهو يرى أن الألم وحده هو المفجر لطاقات الإبداع لدى نساء نوبل، فلم ليس مجرد أحاسيس عابرة وذكريات أليمة، وإنما كان بمثابة ثقافة وفكر وخيال واختزال لمآسي البشر ومحفز للبحث عن النور في ظلمة الأيام والمسؤول الأول عن ولادة الإبداع. فها هي "سلمى لاجيرلوف"، والتي يلقبونها ب "ملكة الأدب السويدي" تقول: "حينما أكتب أعيش في وحدة كبيرة وعليَّ أن أختار ببن عيشي لوحدي ووحدتي ومن ثم انطلاق القلم أو أن أكون بين الآخرين فلا أسطر شيئاً".
حيواتهن في قصص
قدم الكاتب سير الكاتبات في قالب أدبي يمكن اعتباره مقال قصصي ، فقد اهتم بسرد مواقف تكشف عن كنه الشخصيات، وكتبها بلغة بسيطة فصيحة تناسب المرحلة العمرية التي يخاطبها، فمثلا افتتح مقالته القصصية عن " سلمى لاجيرلوف" أولى الفائزات بنوبل الآداب بسطور عذبة معبرة ، نقرأ: " في السماء حلقت وكان مقامها بين الطيور والسحاب، بالرغم مما هي فيه من حالة صحية متردية إلا أنها تحدت المستحيل"، ويدلف من تلك المقدمة ساردا بنفس المستوى اللغوي قصة كفاح ونجاح سلمى لاجيرلوف، وهي المريضة الفقيرة اليتيمة التي ملأت الدنيا إبداعا ونجاحا أتاح لها الفوز بجائزة نوبل ثم بوأها مكانها بين أعضاء الأكاديمية السويدية المانحة للجائزة، وقد تحدثت لاجيرلوف في كلمتها أمام الأكاديمية المانحة عن تلك المعاناة التي لازمتها مبكرا حيث أصيبت في طفولتها بمرض شلل الأطفال الذي أتلف ساقيها، وتضاعفت المعانة برحيل الأب مدينا. وهي التجربة التي كانت بمثابة البوتقة التي صهرت موهبتها فأخرج إبداعها الفذ وجعلها حتى اللحظة الاسم الأهم في الأدب السويدي.
أما الإيطالية جراتسيا ديليدا ، فمعاناتها ترجع لحرمانها من إكمال تعليمها، فتقاليد مجتمعها في جزيرة سردينيا الإيطالية لم تكن تسمح بتعليم الفتيات، وقد قاومت حرمانها من التعليم بالقراءة ثم كتابة الشعر والقصة القصيرة قبل أن تتجه لكتابة الرواية، وعانى أبطال رواياتها من تسلط القساوسة، وضغط التقاليد السائدة في المجتمع ، والمفارقة في حالة جراتسيا أنها اتجهت للكتابة هربا من رغد العيش، ورفضا للقيم الأخلاقية التي كانت سائدة في طبقتها الإجتماعية، وقد تجلت معاناتها في روايتها " الأم" وهي ليست رواية أحداث بل رواية تعبير عن أزمة نفسية، فجراتسيا ديليدا ، وكما جاء بالكتاب في مقدمة الحديث عنها " دائما ما ترى الطيور في السماء تحلق دون قيود، لذا أرادت أن تكون مثلها طائرة وهائمة في سماء الفكر والثقافة"، لذا فإن شخصيات رواياتها غالبا ما تتمرد على التقاليد البالية، وتحاول الهروب من واقعها الاجتماعي.
وتخطين الصعاب
"حلم الطفولة هو ما يصنع منا أشخاصا قساة القلوب، أو يجعل منا ملائكة نقية تعيش على الأرض كي تعمرها وتنشر فيها الخير"، هذا ما آمنت به " سيجريد آندسيتلا" ثالث الفائزات بنوبل الآداب، وهي تنتمي للدانمرك والنرويج معا بحكم جنسية والديها، فالأب عالم آثار والأم مثقفة ابنة محام شهير، ارتبطت سيجريد بوالدها كثيرا، وتأثرت بعشقه للآثار والتاريخ والأساطير، فكانت ترسم شخوص الأساطير وتحلم بدراسة الرسم والتفرغ له، لكن فجأة وهي في الحادية عشرة تتبدل أحوال الأسرة، فيمرض الأب ويموت مورثا أسرته ديونا طائلة قضت على أحلام الفتاة، التي تجرعت مرارات الفقر واليتم بعدما ذاقت رغد العيش، وقد اضطرت للعمل وهي في السادسة عشرة لتعول نفسها، وقد دفعها حبها للفن للسفر إلى روما وهناك تعرفت بمجموعة من التشكيليين الاسكندنافيين، وارتبطت بعلاقة حب مع أحدهم، وكان نرويجيا كوالدها، بادلها الحب فطلق زوجته وتزوج من سيجريد وعادا للنرويج ليمارس الرسم ولتمارس هي الانجاب وكتابة الروايات خصوصا التاريخية. وكانت تؤمن بأن الأدب الجيد هو الذي يعرف كيف يصور النفس البشرية مهما اختلفت العصور.
وهكذا تتواصل سير الفائزات، كحبات عقد خيطه الرابط هو المعاناة، وكانت معاناة الأميركية بيرل بك مزدوجة، فهي ابنة لقس بروتستانتي متشدد، عمل مبشرا في الصين، فانتقل بأسرته إلى هناك، لذا عاشت طفولة مغتربة من ناحية وحزينة قلقة من ناحية أخرى إذ فقدت أربعة من أشقائها بسبب الكوليرا التي كانت متفشية في الصين وقتها، كذلك نشأت نادين جورديمر في بيئة شبيهة بتلك التي نشأت فيها بيرل بك، فهي ابنة لقس كاثوليكي ينحدر من أصول ليتوانية بينما أمها بريطانية الأصل، أما التشيلية جابرييلا ميسترال وهي أول شاعرة تفوز بنوبل حُرمت من أبيها وهي ابنة ثلاث سنوات، وبعدها كان الفقر رفيقا لها، وهكذا ذقن جميعا مرارات الفقر أو اليتم أو المرض، وعانين من الاضطهاد أو التفرقة العنصرية أو الحرب، لكنهن نجحن بإرادتهن في تحقيق أحلام طفولتهن، وتخطين الصعاب، وهذا هو الدرس الأهم الذي يلقنه الكاتب للناشئة عبر استعراضه لسير نساء نوبل.
خدمة ( وكالة الصحافة العربية )


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.