رئيس جامعة المنوفية يؤكد الاستعدادات لامتحانات الفصل الدراسي الثاني    إسلام عفيفى: الدولة لم تراهن على المواطن إلا وكسبت.. والإعلام جسر للتواصل    مصرع شاب بطلقات نارية على يد زوج شقيقته في قنا    محافظ الدقهلية يبحث أسباب الهبوط الأرضي بجسر النيل بميت غمر| صور    بدون وسطاء أو سماسرة.. تفاصيل وخطوات التقديم في فرص العمل باليونان وقبرص    العاصمة الإدارية: تغطية 19% من احتياج الحي الحكومي بالطاقة الشمسية    برلماني: قرارات «العدل الدولية» وضعت الاحتلال في عزلة    مراسل القاهرة الإخبارية: الطائرات الحربية تقصف مدينة رفح الفلسطينية    الأهلي يتوج بدوري أبطال إفريقيا للمرة الثانية على التوالي    يوفنتوس يفوز على مونزا بثنائية في الدوري الإيطالي    لا شكاوى في أول أيام امتحانات الدبلومات الفنية بالقليوبية    رئيس «إسكان النواب»: حادث معدية أبوغالب نتيجة «إهمال جسيم» وتحتاج عقاب صارم    ارتفاع عدد ضحايا التنقيب عن الآثار بجبل نجع سعيد في قنا ل 3 أشخاص    إطلالة ملائكية ل هنا الزاهد بحفل ختام مهرجان كان (صور)    مصدر مطلع: عرض صفقة التبادل الجديد المقدم من رئيس الموساد يتضمن حلولا ممكنة    شكرًا للرئيس.. الإعلام حقلة "وصل" بين التنمية والمصريين    سلوى عثمان تنهمر في البكاء: لحظة بشعة إنك تشوفي باباكي وهو بيموت    شيماء سيف تكشف:" بحب الرقص الشرقي بس مش برقص قدام حد"    الأزهر للفتوى يوضح العبادات التي يستحب الإكثار منها في الأشهر الحرم    الأزهر للفتوى يوضح حُكم الأضحية وحِكمة تشريعها    خلال زيارته لجنوب سيناء.. وفد «صحة النواب» يتفقد أول مستشفى خضراء صديقة للبيئة.. ويوصي بزيادة سيارات الإسعاف في وحدة طب أسرة وادى مندر    أصدقاء وجيران اللاعب أكرم توفيق يتوقعون نتيجة المباراة من مسقط رأسه.. فيديو    «الري»: إفريقيا تعاني من مخاطر المناخ وضعف البنية التحتية في قطاع المياه    أب يذب ح ابنته ويتخلص من جثتها على شريط قطار الفيوم    نتيجة الصف الرابع الابتدائي 2024 .. (الآن) على بوابة التعليم الأساسي    مصلحة الضرائب: نعمل على تدشين منصة لتقديم كافة الخدمات للمواطنين    بعد استخدام الشاباك صورته| شبانة: "مطلعش أقوى جهاز أمني.. طلع جهاز العروسين"    الأربعاء.. يوم تضامني مع الشعب الفلسطيني بنقابة الصحفيين في ذكرى النكبة    الأعلى للجامعات يقرر إعادة تشكيل اللجنة العليا لاختبارات القدرات بتنسيق الجامعات 2024- 2025    وائل جمعة مدافعا عن تصريحات الشناوي: طوال 15 سنة يتعرضون للأذى دون تدخل    موعد عيد الأضحى 2024 ووقفة عرفات.. ومواعيد الإجازات الرسمية المتبقية للعام 2024    عاجل.. تشكيل يوفنتوس الرسمي أمام مونزا في الدوري الإيطالي    شريف مختار يقدم نصائح للوقاية من أمراض القلب في الصيف    نائب رئيس جامعة عين شمس تستقبل وفداً من جامعة قوانغدونغ للدراسات الأجنبية في الصين    القوات المسلحة تنظم المؤتمر الدولي العلمي للمقالات العلمية    بعد إصابة شاروخان بضربة شمس- 8 نصائح للوقاية منها    محافظ أسيوط يكلف رؤساء المراكز والأحياء بتفقد مشروعات "حياة كريمة"    تفاصيل مالية مثيرة.. وموعد الإعلان الرسمي عن تولي كومباني تدريب بايرن ميونخ    5 أبراج محظوظة ب«الحب» خلال الفترة المقبلة.. هل أنت منهم؟    «الملا» يفتتح المرحلة الأولى بغرفة التحكم والمراقبة SCADA بشركة أنابيب البترول    توقيع برتوكول تعاون مشترك بين جامعتي طنطا ومدينة السادات    وزير الأوقاف: تكثيف الأنشطة الدعوية والتعامل بحسم مع مخالفة تعليمات خطبة الجمعة    مهرجان الكى بوب يختتم أسبوع الثقافة الكورية بالأوبرا.. والسفير يعلن عن أسبوع آخر    عقيلة صالح: جولة مشاورات جديدة قريبا بالجامعة العربية بين رؤساء المجالس الثلاثة فى ليبيا    ضبط تشكيل عصابي تخصص في الاتجار بالمواد المخدرة فى المنوفية    علاج 1854 مواطنًا بالمجان ضمن قافلة طبية بالشرقية    باحثة بالمركز المصري للفكر: القاهرة الأكثر اهتماما بالجانب الإنساني في غزة    مفاجآت جديدة في قضية «سفاح التجمع الخامس»: جثث الضحايا ال3 «مخنوقات» وآثار تعذيب    «أكاديمية الشرطة» تنظم ورشة تدريبية عن «الدور الحكومي في مواجهة مخططات إسقاط الدولة»    وزارة التجارة: لا صحة لوقف الإفراج عن السيارات الواردة للاستعمال الشخصي    ضبط 14 طن قطن مجهول المصدر في محلجين بدون ترخيص بالقليوبية    "كولر بيحب الجمهور".. مدرب المنتخب السابق يكشف أسلوب لعب الترجي أمام الأهلي    برنامج تدريبى حول إدارة تكنولوجيا المعلومات بمستشفى المقطم    نهائي دوري أبطال إفريقيا.. الملايين تنتظر الأهلي والترجي    متصلة: أنا متزوجة وعملت ذنب كبير.. رد مفاجئ من أمين الفتوى    عيد الأضحى 2024 الأحد أم الاثنين؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    مباحثات عسكرية مرتقبة بين الولايات المتحدة والصين على وقع أزمة تايوان    فصيل عراقى يعلن استهداف عدة مواقع فى إيلات ب"مسيرات"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الروح الطفولية من الواقعي إلى الحركي في أعمال ربيعة الشاهد
نشر في صوت البلد يوم 15 - 11 - 2017

تكاد تكون موهبة الفن «عطية سماوية»، أو نوعا من الملكات التي يتم اصطفاء أشخاص معينين بدقة لمنحهم إياها، من قِبل السماء أو الطبيعة، والأمر سيان. من هذا القصد تنطلق التشكيلية المغربية ربيعة الشاهد، التي يمكن أن نصفها بأنها «مُتَيَّمة بالفن»، لقد قطعت الشاهد أشواطا كثيرة بين الدراسة والتدريس، والتنشيط الفعلي والفاعل للفن، في بقعة تكاد تكون منسية في مغرب اليوم. والحديث عن مدينة سطات هذه المدينة الصغيرة التي تحيطها مروج وهضاب وسهول خصبة.
بين خصوبة الأرض وتدفق الصباغة تحاول ربيعة الشاهد أن تشكل أعمالها في حركية وتماوج وتمازج وانسيابية للون، كأنها تحاول تجسيد تلك الموسيقى القروية بأنغامها المتصاعدة والحادة تارة والمتسارعة أو الحزينة تارة أخرى. بينما يبقى الضوء هو المسعى الأكيد الذي تنطلق منه شخوص أعمالها، كأنها تنبعث من اللامتوقع.
ربيعة الشاهد المنحدرة من مدينة سطات (1963) مولدا وعشقا وإقامة، تكاد لم تفارق تربة هذه المدينة المطلة من بعيد على أمل أخضر، بل نحسب أنها جزء لا يتجزأ منها. ستأخذها ريح هذه الجغرافية الخصبة إلى أن تعرج إلى مدينة مراكش هناك، حيث ستتدرج وتتخرج من مدرسة الفنون التطبيقية، لتعرض أولى أعمالها منذ سنة 1984. ستختار الرسم الواقعي اتجاها تستند إليه للتعبير عن دواخلها ورؤيتها للعالم، أو تنقله لتعيد صياغته عبر تذبذبات وتعرجات ودرجات اللون، والكيفية التي تختارها بعناية. فاختيار التشخيصية لم يكن عبثا، بل إنه نتاج لتلك العوالم الطبيعية التي عاشت وتعايشت فيها الفنانة وكبرت وترعرعت، فما كان منها إلا أن تتخذها مرجعا أساسيا في اشتغالاتها الأولى منذ أواسط سنوات الثمانينيات وعثرات البداية.
ولأن روح الفنان لا تتسم بالاستقرار والثبات والخضوع والخنوع والبقاء على حالة واحدة، فلم يستقر بال الفنانة التشكيلية ربيعة الشاهد عند نقل العالم الخارجي، ولو عبر تلك الواقعية الفائقة التي انطلقت في أعمالها الأولى، إلا أنها ستختار الذهاب إلى الاشتغال عبر أساليب تبتغي غنائية روحانية تمتزج والواقع، فتؤثر عليه لا أن يؤثر هو عليها وعلى العمل الفني. فوقع الاختيار على التصوير الحركي لما يتخلله من انسيابية وسلاسة وحرية من لدن الفنان في اختيار ألوانه وزوايا نظره ورؤاه، كما الزوايا العينية للاشتغال على الأثر الفني، إذ هذه الرؤية تتقاطع مع فكرة هيغل حول العمل الفني المتجسدة في كونه «ليس مجرد كشف عن الروح المتجسدة في أشكال خارجية، لكن ما ينبغي عليه أن يعبر عنه في المقام الأول هو حقيقة الواقع الممثل وعقلانيته». سَعت بهذا ربيعة الشاهد لمطاردة ورسم الحركة والضوء، باعتبارهما «حقيقة الواقع»، إذ إن العالم لا يستقيم دونما حركة ودونما حركية الضوء ووجودهما، إذ هما روحه ودوامه.
هذا المسعى، سيدفعها لاتخاذ مجموعة من المكونات المحيطية التي أتت منها مادة لاشتغالها، لهذا كان أول أعمالها عامرا بالخيول والمناظر الفلاحية والطبيعية، إلا أن الفنانة ستجد نفسها أمام اشتغال يزاوج بين الشبه التجريدي والتصوير الصباغي، معتمدة في أعمالها الأخيرة لذلك على خلفية معتمة أو حمراء وزرقاء، تبعا للانطباع الذي ترغب في تركه في نفسية المتلقي، عبر التماس مع شخوصها المصورة.
تجعل ربيعة الشاهد من خلفيات لوحاتها مجردة وتجريدية، في حركية تبحث عن منابع الضوء، موظفة شخوصا عبر تصويرها بأسلوب شبه تشخيصي لا يبتغي الدقة ولا النقل الحرفي (لوحة عازف الكمان مثالا)، بل موسيقى داخلية، لتقترب الشخوص من أن تصير سيمولاكرات لعالم علوي. السيمولاكر الذي يأتي هنا باعتباره «الصورة الوهمية أو الظل أو الشبح، وفي جميع الحالات فإن الأمر لا يتعلق بصورة حقيقية، بل بما يمكن أن تسقطه الذات لحظة إصابتها بالهوى، كما هو حال الغيور عندما يتصور فرجة تجمع بين غريمه ومحبوبه». فشخوص ربيعة الشاهد إذن ليست سوى تصاوير تصير حقيقية وأصلا في الآن نفسه، إنها تلك الأشباح التي تتلبس أجساداً وأرواحاً وتغدو هي ذاتها الأصل، فتتماهى فيه ولا نستطيع التفرقة بينهما، ليس لصعوبة الأمر، بل لما يخبرنا به بودريار بأن «السيمولاكر لا يخفي الحقيقي أبدا، بل إن الحقيقي هو الذي يخفي واقع عدم وجود شيء حقيقي، إن السيمولاكر هو الحقيقي."
إذن لا تعد شخوص ربيعة الشاهد شخوصا منسوخة أو ممسوخة، بل إنها شخوص حقيقية تحيا داخل الحركية والضوء، إلا أنها شخوص لا- تكبر، تظل عالقة في الزمن الذي خُطّ لها، بعناية الألوان، التي تختارها ربيعة الشاهد في الأغلب مائية، لما تتمتع من خواص التدفق والانسكابية والسلاسة.
لا تفارق ربيعة الشاهد القماشة إلا إلى القماشة أو إلى دورها الأساسي، إلى جانب كونها فنانة، المتمثل في عملها الذي اختارته بعناية وحب كما تختار شخوص لوحاتها، كفاعلة جمعوية تكرس وقتها للفن التشكيلي وأساليبه داخل المجتمع المدني، من خلال مهرجانات عدة نظمتها، أهمها مهرجان بصمات الذي يبلغ ذروته في السنوات الأخيرة بعدما بلغ سن الرشد. فالفنان باعتباره مبدعا وحاملا لرسالة يصير بالضرورة ملتزما أمام قضايا المجتمع وفاعلا أساسيا في تطوره.
تروض ربيعة الشاهد الضوء وتراوده على نفسه، فقد استطاعت أن تجعل منه انبعاثا لشخوصها وخلفية تستند إليها إلى جانب الحركية والتصوير شبه الواقعي، وأن تتخذ لنفسها أسلوبها الشخصي، عبر لعب يشابه توظيف وتلطيخ الأطفال باللون، إنها إذن روح طفولية تسكنها إلى جانب نفس عامرة بالفن وتقعيده على أرض تكاد تكون مغيبة أو يتم تغييبها.
تكاد تكون موهبة الفن «عطية سماوية»، أو نوعا من الملكات التي يتم اصطفاء أشخاص معينين بدقة لمنحهم إياها، من قِبل السماء أو الطبيعة، والأمر سيان. من هذا القصد تنطلق التشكيلية المغربية ربيعة الشاهد، التي يمكن أن نصفها بأنها «مُتَيَّمة بالفن»، لقد قطعت الشاهد أشواطا كثيرة بين الدراسة والتدريس، والتنشيط الفعلي والفاعل للفن، في بقعة تكاد تكون منسية في مغرب اليوم. والحديث عن مدينة سطات هذه المدينة الصغيرة التي تحيطها مروج وهضاب وسهول خصبة.
بين خصوبة الأرض وتدفق الصباغة تحاول ربيعة الشاهد أن تشكل أعمالها في حركية وتماوج وتمازج وانسيابية للون، كأنها تحاول تجسيد تلك الموسيقى القروية بأنغامها المتصاعدة والحادة تارة والمتسارعة أو الحزينة تارة أخرى. بينما يبقى الضوء هو المسعى الأكيد الذي تنطلق منه شخوص أعمالها، كأنها تنبعث من اللامتوقع.
ربيعة الشاهد المنحدرة من مدينة سطات (1963) مولدا وعشقا وإقامة، تكاد لم تفارق تربة هذه المدينة المطلة من بعيد على أمل أخضر، بل نحسب أنها جزء لا يتجزأ منها. ستأخذها ريح هذه الجغرافية الخصبة إلى أن تعرج إلى مدينة مراكش هناك، حيث ستتدرج وتتخرج من مدرسة الفنون التطبيقية، لتعرض أولى أعمالها منذ سنة 1984. ستختار الرسم الواقعي اتجاها تستند إليه للتعبير عن دواخلها ورؤيتها للعالم، أو تنقله لتعيد صياغته عبر تذبذبات وتعرجات ودرجات اللون، والكيفية التي تختارها بعناية. فاختيار التشخيصية لم يكن عبثا، بل إنه نتاج لتلك العوالم الطبيعية التي عاشت وتعايشت فيها الفنانة وكبرت وترعرعت، فما كان منها إلا أن تتخذها مرجعا أساسيا في اشتغالاتها الأولى منذ أواسط سنوات الثمانينيات وعثرات البداية.
ولأن روح الفنان لا تتسم بالاستقرار والثبات والخضوع والخنوع والبقاء على حالة واحدة، فلم يستقر بال الفنانة التشكيلية ربيعة الشاهد عند نقل العالم الخارجي، ولو عبر تلك الواقعية الفائقة التي انطلقت في أعمالها الأولى، إلا أنها ستختار الذهاب إلى الاشتغال عبر أساليب تبتغي غنائية روحانية تمتزج والواقع، فتؤثر عليه لا أن يؤثر هو عليها وعلى العمل الفني. فوقع الاختيار على التصوير الحركي لما يتخلله من انسيابية وسلاسة وحرية من لدن الفنان في اختيار ألوانه وزوايا نظره ورؤاه، كما الزوايا العينية للاشتغال على الأثر الفني، إذ هذه الرؤية تتقاطع مع فكرة هيغل حول العمل الفني المتجسدة في كونه «ليس مجرد كشف عن الروح المتجسدة في أشكال خارجية، لكن ما ينبغي عليه أن يعبر عنه في المقام الأول هو حقيقة الواقع الممثل وعقلانيته». سَعت بهذا ربيعة الشاهد لمطاردة ورسم الحركة والضوء، باعتبارهما «حقيقة الواقع»، إذ إن العالم لا يستقيم دونما حركة ودونما حركية الضوء ووجودهما، إذ هما روحه ودوامه.
هذا المسعى، سيدفعها لاتخاذ مجموعة من المكونات المحيطية التي أتت منها مادة لاشتغالها، لهذا كان أول أعمالها عامرا بالخيول والمناظر الفلاحية والطبيعية، إلا أن الفنانة ستجد نفسها أمام اشتغال يزاوج بين الشبه التجريدي والتصوير الصباغي، معتمدة في أعمالها الأخيرة لذلك على خلفية معتمة أو حمراء وزرقاء، تبعا للانطباع الذي ترغب في تركه في نفسية المتلقي، عبر التماس مع شخوصها المصورة.
تجعل ربيعة الشاهد من خلفيات لوحاتها مجردة وتجريدية، في حركية تبحث عن منابع الضوء، موظفة شخوصا عبر تصويرها بأسلوب شبه تشخيصي لا يبتغي الدقة ولا النقل الحرفي (لوحة عازف الكمان مثالا)، بل موسيقى داخلية، لتقترب الشخوص من أن تصير سيمولاكرات لعالم علوي. السيمولاكر الذي يأتي هنا باعتباره «الصورة الوهمية أو الظل أو الشبح، وفي جميع الحالات فإن الأمر لا يتعلق بصورة حقيقية، بل بما يمكن أن تسقطه الذات لحظة إصابتها بالهوى، كما هو حال الغيور عندما يتصور فرجة تجمع بين غريمه ومحبوبه». فشخوص ربيعة الشاهد إذن ليست سوى تصاوير تصير حقيقية وأصلا في الآن نفسه، إنها تلك الأشباح التي تتلبس أجساداً وأرواحاً وتغدو هي ذاتها الأصل، فتتماهى فيه ولا نستطيع التفرقة بينهما، ليس لصعوبة الأمر، بل لما يخبرنا به بودريار بأن «السيمولاكر لا يخفي الحقيقي أبدا، بل إن الحقيقي هو الذي يخفي واقع عدم وجود شيء حقيقي، إن السيمولاكر هو الحقيقي."
إذن لا تعد شخوص ربيعة الشاهد شخوصا منسوخة أو ممسوخة، بل إنها شخوص حقيقية تحيا داخل الحركية والضوء، إلا أنها شخوص لا- تكبر، تظل عالقة في الزمن الذي خُطّ لها، بعناية الألوان، التي تختارها ربيعة الشاهد في الأغلب مائية، لما تتمتع من خواص التدفق والانسكابية والسلاسة.
لا تفارق ربيعة الشاهد القماشة إلا إلى القماشة أو إلى دورها الأساسي، إلى جانب كونها فنانة، المتمثل في عملها الذي اختارته بعناية وحب كما تختار شخوص لوحاتها، كفاعلة جمعوية تكرس وقتها للفن التشكيلي وأساليبه داخل المجتمع المدني، من خلال مهرجانات عدة نظمتها، أهمها مهرجان بصمات الذي يبلغ ذروته في السنوات الأخيرة بعدما بلغ سن الرشد. فالفنان باعتباره مبدعا وحاملا لرسالة يصير بالضرورة ملتزما أمام قضايا المجتمع وفاعلا أساسيا في تطوره.
تروض ربيعة الشاهد الضوء وتراوده على نفسه، فقد استطاعت أن تجعل منه انبعاثا لشخوصها وخلفية تستند إليها إلى جانب الحركية والتصوير شبه الواقعي، وأن تتخذ لنفسها أسلوبها الشخصي، عبر لعب يشابه توظيف وتلطيخ الأطفال باللون، إنها إذن روح طفولية تسكنها إلى جانب نفس عامرة بالفن وتقعيده على أرض تكاد تكون مغيبة أو يتم تغييبها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.