كثيرة هي الأسئلة التي تسم المشهد التشكيلي في المغرب، منها ما يتصل بالحداثة الفنية ومنها ما يتصل بتجربة الفنانين التشخيصيين والتجريديين، لاسيما منهم فنانو المادة والأثر والحروفيون ورسامو الجسد، إلي جانب تجربة النحت والخزف وفنون النسخ، فضلاً عن التعبيرات التشكيلية الجديدة المتأثرة بفنون ما بعد الحداثة. سؤال الحداثة الفنية تتصل الحداثة في التشكيل المغربي بظهور نخبة من المبدعين الذين تلقوا تكويناً فنيّاً بالمدارس الأوروبية يُوجد علي رأسهم الفنانان فريد بلكاهية ومحمد شبعة، وأيضاً الفنانان جيلالي الغرباوي وأحمد الشرقاوي اللذين يعود لهما الفضل في إرساء دعائم الفن الحديث في المغرب، إذ أوليا اهتماما كبيرا للآثار التصويرية والأشكال النموذجية للرسم الحديث. وتُعَدُّ تجربتهما التشكيلية من التجارب المغربية الأولي التي تأثرت بالفن التجريدي الذي انطلق قويّاً مع "مدرسة باريس" مع سولاج وديبري وكلود فيالا وهارتونغ وماثيو، وقبلهم شنايدر، زد علي ذلك التأثر بمدرسة نيس التي قادها إيف كلاين وراييس وأرمان ، إلي جانب التأثر بحصيلة الصراع المحتدم بين أوروبا وأمريكا في مجال الفن والذي حدث في ضوء التطاحنات السياسية وحروب النازية والفاشية، ما جعل الكثير من المبدعين التشكيليين والشعراء والكتاب يهجرون نحو أمريكا التي كانت تعيش آنذاك الفنون القديمة والكلاسيكية. هكذا وبكثير من الاشتغال الخاص حاول المبدعان الغرباوي والشرقاوي التأسيس لخطاب صباغي حداثي بالمغرب يستمد عناصره وقواعده من التراث والجذور والأصول مع الانفتاح الواعي علي التحوُّلات البصرية والجمالية التي شهدها الفن العالمي لاسيما بأوروبا، وقد ساعدهما في ذلك ولوجهما المبكر للمؤسسات الأكاديمية المتخصصة في التكوين الفني ومستوي الإبداع بالمهجر. سؤال التشخيص ارتبط التصوير التشخيصي لدي كثيرين في المغرب بذهنية التحريم والإنكار الديني للتصوير حيث ربطوا غياب الرسم والتصوير في التعبير التشكيلي في المغرب بذلك مستدلين في هذا السياق بتأويلات خاطئة لنصوص دينية ضعيفة. شاعت هذه النصوص واستفحلت في ظل سياسة فقهية متزمِّتة ومنغلقة عدَّت الرسم والتجسيد حراماً استناداً إلي بعض الأحاديث النبوية الناهية عن التصوير، كما أن عبد الله بن المؤقت المراكشي تناول في كتابه "الكشف والتبيان من حال أهل الزمان" (الفصل المعنون ب: المصوِّر وحكم التصاوير) الموقف من التصوير. زد علي ذلك كتاب "القول المحرّر، في اتخاذ الصور" لمحمد بن عبد الكبير الكتاني 1909م)، يتناول مسألة اتخاذ الصور وإقنائها واستعمالها. والواقع أن التصوير بمفهومه الغربي الخاضع للمعايير الأكاديمية، ونعني بصورة أساسية لوحة الحامل (الشوفاليه)، برز في المغرب منذ مطلع القرن التاسع عشر مع الحملة الاستشراقية ومع دخول الرسام الفرنسي أوجين دي لاكروا تحديداً لمنطقة الشمال. وارتبط في ما بعد مع تجربة فنان طنجة محمد بن علي الرباطي. ويعود انكباب العديد من المبدعين المغاربة بشكل مبكر علي الفن التشخيصي A. figuratif إلي بداية الاستقلال، حيث تزايد لديهم الشعور الوطني لاسيما وأن المستعمر الأجنبي، بالشمال كما بالجنوب، مارس طويلاً كل الأساليب لطمس وتشتيت المعالم المميِّزة للشخصية المغربية انطلاقا من الاستخفاف بتجربة الرسامين الفطريين والتبخيس والتحقير البرَّاني الذي مارسته المؤسسة الكولونيالية علي المبدعين والمثقفين المغاربة. من ثم، انصب إبداع العديد من الرسامين والمصوِّرين المغاربة (والنحاتين أيضاً) علي تسجيل ملامح متنوِّعة جسِّدت بحس تصويري صادق العادات والتقاليد والاحتفاليات الاجتماعية (الأعراس، الختان، الأفراح الدينية..) واللباس والمعمار التقليدي ومختلف عناصر الثقافة الشعبية كشكل من أشكال تحصين الذات والحفاظ علي الهوية الوطنية. منذ ذلك الوقت، أمسي الفن التشكيلي في المغرب يتعزَّز تدريجياً بمجموعة مهمة من المبدعين الذين تباينت أساليبهم في التصوير الواقعي والتعبير التشخيصي، منهم علي سبيل المثال: محمد السرغيني، مريم أمزيان، أحمد بن يسف، الفقيه الركَراكَي، محمد كريش، حسن العلوي وغيرهم كثير. سؤال التجريد شهدت فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية مفهوماً جديداً للتعبير التشكيلي، حيث أمسي التركيز علي المادة واللون، وتزايد الاهتمام بالبصمة والأثر والحركة والجسد وخلق التواشجات الممكنة بين الجسد واللون. في التجربة المغربية، برز فنانون عديدون داخل هذا الصنف من التعبير، نذكر من بينهم النماذج والتوجهات الفنية التالية: فنانو المادة والأثر نذكر في هذا الاتجاه الفنان العصامي الراحل ميلود لبيض الذي تعدَّدت أبحاثه الصباغية: غنائية، تركيبية، هندسية، لكنها رغم ذلك ظلت تقوم علي نظام الأشكال المدوَّرة وانفلات الخطوط داخل الظلال التي تولدها الألوان الداكنة المستعملة.. وأيضاً الفنان المكي مغارة الذي تميّز بالبحث في جسد المادة والسند مقدما بذلك أعمالا صباغية تتأرجح بين التجريد والتشخيص وتعكس، في الحالتين معا، شغفه بالاشتغال علي المادة وتحولات اللون والضوء فوق السند، إلي جانب الفنان فؤاد بلامين الذي تأثر في بداية ممارسته الصباغية بتجربة مدرسة باريس وعلي الأخص بأعمال الفنانين إيستيف وبولياكوف وفي ما بعد بَدَا تأثره واضحاً بالفنان إنسيلم كيفر ، فقد انشغل منذ سنة 1983 بمحاورة المادة والفضاء والسند، وهي المرحلة التي يسميها ب"خرق الجدار"، وصار خلالها يوظف بصمات لونية غليظة ومنثالة تظهر في هيئة قوس في الجدار. نذكر أيضاً الفنان عبد الكريم الغطاس الذي ينفذ لوحات حداثية بامتياز وهي ذات مضمون تشكيلي مستوحي من عوالم البحر والغطس إحياء لذاكرة أبيه. ثم الفنان ربيع الذي ترسم لوحاته قوَّة الأثر..أثر السواد علي السناد الأبيض الذي يقود إلي المطلق واللامتناهي..سواد صوفي عامر بالأسرار والحقائق المتوراية خلف اللوحة. مدارات حروفية في التجربة الحروفية المغربية نذكر الفنان عبد الله الحريري الذي بدأ شغوفا بتوظيف الحرف العربي داخل تكاوين هندسية مستعارة من الزخرفة المغربية (الزليج، الفسيفساء..)، قبل أن يختفي هذا الاهتمام الهندسي لديه، ليتحوَّل إلي تجربة حروفية أخري مختلفة. كما يبرز الفنان حسن المقداد الذي يبدع لوحات ملأي بإيقاعات كاليغرافية حرَّة..متطايرة تمنح اللوحة صفة "الحروفية النَّصية" Textuelle الأقرب إلي الترميز بدل الإفصاح. أما زميله الفنان الراحل عمر أفوس فقد انطلق في مجال الحروفية العربية قويّاً، حيث بدأ اهتمامه بالخط العربي كتيمة تشكيلية وكموضوع جمالي لازم قماشاته وورقياته طويلاً. يُمكن الحديث أيضا عن التجربة الحروفية الحداثية لدي الفنان حكيم غزالي الذي ينجز ما يمكن تسميته ب"اللوحة/الوثيقة" حيث يتعالق الحرف مع سطح اللوحة ويكاد يذوب في ثناياها بفعل سحر التكوين وبلاغة الأثر ولعبة الحجب والكشف، إلي جانب حروفيين آخرين كالعربي الشرقاوي ومحمد بستان ونور الدين ضيف الله. سؤال الجسد الجسد في التشكيل المغربي الحديث، علامة أيقونية ترسم في معانيها وأبعادها الدلالية ملامح القهر والاضطهاد والقتل الرمزي ومصادرة الحلم..وصورة محرجة تعكس الاغتراب الداخلي الذي ينخر وجداننا الجمالي المشترك. هكذا، وعلي خلفية جمالية لا تخلو من إغراء، برزت مجموعة من التجارب التشكيلية المغربية التي كان لها سبق الممارسة والتي قدَّمت الجسد في صور مختزلة ذات أبعاد جنسية. من ذلك تجربة الفنان فريد بلكاهية الذي تظهر الأجساد في لوحاته في هيئة أشكال ملتوية ومتموِّجة وحرَّة عائمة في الفضاء متباعدة أحياناً..متلاحمة أحياناً أخري علي طريقة الذكر والأنثي يتمُّ إنجازها علي سنائد ورقية وصفائح معدنية وقطع جلدية خاضعة لتصاميم جغرافية ذات أبعاد كونية. أضف إلي ذلك، التجربة التصويرية الأولي للفنان محمد حميدي المليئة بالرموز الجنسية والإيروسية، كما يجسِّد ذلك توظيفه الصوفي للعلامات والرموز المستعارة من رحم الثقافة الشعبية المغربية: العين، الكف، الرموز الجنسية. فاعتماداً علي مجموعة من المفردات الجسدية، ومنها الانحناءات والتكوُّرات الموحية إلي الأرداف والعضو الأنثوي والأشكال القضيبية، ينشئ الفنان حميدي مناخاً مليئاً بالدلالات الجنسية المأخوذة من الجسد. من التجارب الصباغية المغربية التي قدَّمت الجسد في صور تعبيرية، يجدر بنا ذكر تجربة الفنان سعد بن شفاج الذي يظهر الجسد في لوحاته علي هيئة تكوينات هندسية متراكبة يلفها ضياء أطياف بشرية قائمة علي التداخل والتماس، وكروكيهات (إسكيزات) قائمة علي الدقة والمهارة اليدوية وهيئات آدمية بدينة متلاطمة..ملتصقة تارة ومتشظية تارة أخري حسب الموضوع والفكرة. أما الراحل محمد القاسمي، حتي وإن لم يعمِّر طويلاً في هذه التجربة، بإعطائه الجسد/الجسد المسلوخ أبعاداً تشكيلية أخري، تتجلَّي في تلك العلامات والرموز المتطايرة والمتلاشية التي تغطي فضاء اللوحة، قبل أن يعود إليه بقوَّة في مرحلة موالية وبأكثر إنشائية إيروسية. فضلا عن ذلك، قدَّم الفنان محمد القاسمي إبداعات تشكيلية أخري رائدة وظف فيها الجسد الحي، حيث أنجز بحثاً كوريغرافياً رائعاً بأحد المسارح اليونانية بتركيا أشبه بنحت حي، شاركته فيه الراقصة الفرنسية المشهورة كاترين بوزي، بحث جمالي حركي يقوم علي ثنائية الإيماءة والنغمة الموسيقية المعبِّرة. بينما تعود تجربة عزيز سيد الأولي بالجسد إلي مرحلة التكوين الأكاديمي (1968) ببولونيا، وتحديداً بأكاديمية الفنون الجميلة بكراكوفيا، حيث كانت طبيعة هذا التكوين تفرض الاشتغال يوميّاً علي أجساد النساء العاريات كموديلات للرسم. وكان ينقل هذه الأجساد بحرفية عالية وبأكبر صدق مرئي ممكن علي السند. كما كان يتلاعب (صباغياً) ببنياتها وهيئاتها البدنية بقدر الاشتهاء بالاستدارات والانحناءات والتكوُّرات التي تكتنز بها أعضاء حسَّاسة من الجسد. نخلص إلي تجربة الفنان محمد الدريسي الذي برز حفَّاراً Graveur ونحَّاتاً ومصِّوراً متمرِّساً اشتغل تعبيريّاً علي الوجوه الفزعة والأقنعة والأجساد المحطَّمة والمنهوكة، خصوصاً الأنثوية منها، التي تظهر لديه بئيسة ومكتئبة مختزلة في بنياتها وتكويناتها حالات متعدِّدة من الفزع والقلق الوجودي والتأمُّل الميتافيزيقي، بل وقائمة علي العنف والقتل الرمزي والانغلاق والأسرار الدفينة ودرجات التذمر والصراخ المكبوت والبوح المؤجل. سؤال النحت والتجسيد ارتبط النحت في المغرب بداية بمبدعين قلائل: تجربة الفنان جيلالي الغرباوي الذي أبدع بعض القطع النحتية في دير تومللين إلي جانب الفنان الفطري مولاي أحمد الإدريسي بالرباط والفنان المكي مغارة والفنان عبد الله الفخار بتطوان..ثم التجربة النحتية الرائدة التي قام بها التهامي القصري- المزداد بالقصر الكبير سنة 1932- الحاصل علي شهادة الإجازة في النحت من كلية سان خوان بإسبانيا والذي سبق له الحصول علي جائزة عالمية مهمة بإشبيلية وكذلك الفنان الراحل عزيز أبي علي الذي أبدع منحوتات تعبيرية عديدة تمحورها الكائن البشري. هناك أيضا تجربة الفنان حماد حلمي - مزداد سنة 1927 بالقصبة بمراكش- الذي مارس تدريس فن الصباغة والتصوير وفي حوزته العديد من المعارض التشكيلية ظهرت لأول مرة سنة 1941 . زد علي ذلك تجربة الفنان عبد الحق سجلماسي وذلك منذ أواخر الستينات، حيث قدم أعمالا نحتية متنوِّعة أطلق عليها أسماء من قبيل: الزوج، النظر، المرأة المحتجبة.. وجلها قريب الشبه من منحوتات هنري مور. ومن منجزاته الأخري: نافورة ساحة 11 يناير بالدار البيضاء ونافورة المركز الرئيسي لتأمينات الأمل..فضلا عن أعماله الموجودة بحدائق إقامة مولاي يوسف، وغيرها كثير. ثم هناك الفنان حسن السلاوي - من مواليد 15 أكتوبر 1946- المتخرج من المدرسة الوطنية العليا لمهن الفن/ تخصص خزف، والذي وجد ابتداء من سنة 1977 في أخشاب العرعار ما يفتح شهيته لإبداع منحوتات خشبية مرصعة بعظام وبخيوط معدنية غاية في الجمال. أما الفنان عبد الرحمان رحول، فقد عُرف بافتتانه بالجسد وبالمتواليات المعمارية واشتهر كخزاف أيضا، إلي جانبه يبرز الفنان موسي الزكاني الذي يجمع بكثير من الإبداع بين النحت والخزف..فهو نقل الخزف من بوتقة الصنائع الحرفية إلي إبداعات تشكيلية وجمالية راقية بدت في شكل كتل منتصبة وتكوينات هوائية مطهرة تتجاوز الأبعاد الوظيفية والجمالية لتصير خطابا خزفيا ناطقا بالتجربة والمراس. كما أن التجربة النحتية للفنان محمد العادي تميزت بمحاورته لمادة الخشب بأسلوب تعبيري مفتوح علي تعدد المعاني، ومن ذلك أشجار الليمون والليتر والأوكاليبتوس والعرعار. أما راهنا، فإن الفنان العادي أصبح يميل أكثر إلي مادة الحجر (سامبوزيوم الجديدة مثلا) التي يقوم بتطويعها بحس جمالي حداثي متبعا في ذلك طرقا وأساليب نحتية منسجمة السطوح. فيما يستثمر الفنان عبد السلام أزدم تقنيات الخزف في إبداع تماثيل نصفية تعبيرية قائمة علي الانحناءات والاستدارات لدرجة انصهار الأعضاء المنحوتة مع بعضها البعض لتبدو علي هيئة كتل مصمّتة ترتكز علي الفكرة والمفهوم. غير أن تجربة النحاتة إكرام القباج تظل متفردة داخل أعضاء جيلها من النحاتين. فمسارها النحتي متنوّع: الحديد- 1983، مرحلة التحوُّلات- 1988، الطين والتراب- 1993 وفي ما بعد الاشتغال علي البوليستير والحجر. في مجال الجوَّانيات Girouettes، سبق للفنان حسين موهوب أن عرض "دوَّارة هواء" ضمن معرض دولي متنقل نظمه الصديق والناقد الفرنسي دانييل كوتورييه قبل سنوات بمشاركة نحاتين عالميين. سؤال الخزف والديزاين بالنسبة للخزف الفني "السيراميك" والديزاين في التجربة التشكيلية المغربية فكلاهما ينحصر في تجربة معدودة جديرة بالذكر. في ما يخص الجنس التشكيلي الأول، برز الفنان عبد الرحمان رحول بعد استفادته من تدريب أكاديمي في السيراميك بهولندا، لكنه سرعان ما انطفأ بسرعة ليجد نفسه أسيراً لصباغة سطحية متكرِّرة ورتيبة لا ترحم. وفي الجنس التشكيلي الثاني، تميَّز الفنان سعيد كَيحيا كمصمِّم فني ولم يشفع له تكوينه الفني ببلجيكا في نشر هذا الفن والتعريف به في المغرب لقلة الإمكانيات. ثم هناك الفنان هشام لحلو الذي درس هندسة الديكور الداخلي بأكاديمية شاربونتييه Charpentier بباريس، مصمِّم إضاءة وآثاث البيت الفاخر، والفنان كريم العلوي سبَّاك برونز ومختص في صناعة اللَّمْبَات والمزهريات وحوامل الشموع والطاولات مستفيداً من تكوين أكاديمي مزدوج تلقَّاه بفرنسا وإيطاليا. سؤال الغرافيك وفنون النسخ يظل الحديث عن فنون الغرافيك في المغرب مرتبطاً بالتجارب الأولي لمشاغل الحفر التي تقام خلال موسم أصيلة الثقافي، والتي كان يؤطرها كل من الفنان البولوني رومان أرتموسكي والفنان العراقي رافع الناصري والفنان السوداني محمد عمر الخليل. مثلما يظل الحديث عن هذه الفنون يرتبط أيضا بتجربة "جماعة فن الغرافيك" التي أقامت عدة معارض جماعية حول فن الغرافيك انطلقت في نسختها الأولي سنة 1988 بقاعة النادرةDécouverte بالرباط. ضمن هذه الجماعة، يبرز الفنان شفيق الزكاري والفنان نور الدين فاتحي المختصان في السيريغرافيا وكلاهما يمتلك رصيدا مهما من المشاركات الدولية في مجال الرشمات Estampes والنسخ الفني. غير أنه توجد تجارب غرافيكية أخري جديرة بالذكر، أهمها لعزيز أبي علي، وكذلك الفنانة مليكة أكَزناي وعبد الكريم الأزهر والفنان مصطفي بميش (خزاف أيضاً)، فضلاً عن الفنان سعيد المساري الذي يوظف تقنية الحفر علي الزنك والبصم علي سنائد من ورق، لكنه كثيراً ما يمزج بين أكثر من تقنية تشكيلية (نحت، حفر، رسم وتلوين، لصق وتغرية..)، سعياً نحو تقليص تذويب الفوارق بين التعبيرات التشكيلية. صحوة جمالية، ولكن!! سجلت سنة 1998 البداية الفعلية لانخراط مجموعة من الفنانين الشباب في التعبيرات الجديدة للفن التشكيلي من خلال مشاركتهم في معرض "من أجل المشاهدة فقط الذي نظم ببهو إحدي المؤسسات المصرفية بالدار البيضاء. عقب ذلك بسنة واحدة، وفي إطار سنة المغرب بفرنسا، نظم معرض "المادة التائهة" بمتحف الفنون الزخرفية بباريس بمشاركة فنانين شباب هم: يونس رحمون، هشام بن أحود، منير الفاطمي، صفاء الرواس، فوزي لعتيريس والباتول السحيمي. ولا شك أن جلَّ هذه التجارب تظهر تواضع الفنون المعاصرة في المغرب، وفي طليعتها الفيلم المفاهيمي والبرفورمانس الوسائطي والنحت الحي، إلي غير ذلك من التعبيرات التشكيلية الجديدة التي صاغها الوعي الأوروبي والأمريكي علي نحو خلاق ومبتكر. فهذه التعبيرات تبدو طارئة بالنسبة للجمهور المغربي ولم تحظ بالاهتمام اللازم من طرف الكتاب والنقاد، ولم تنشأ حولها لغة نقدية متخصِّصة علي غرار تعبيرات فنية أخري.