التشكيل من الفنون البصرية التي تعتمد اللون كأداة واحدة ووحيدة للتعبير، إذ انه يربط التصوير التخييلي للواقع بعنصر إعادة تجسيد عمق المكان، عبر خصوصية تجعل الألوان والأضواء تتواشج، لتخلق فضاء مليئا بالدلالات العميقة المنبثقة من شعور الفنان وإحساسه الداخلي بعناصر العالم الخارجي. ولا تخرج اللوحة التشكيلية بالمغرب عن هذا الإطار، بخضوعها لمجموعة من التأثيرات الاجتماعية والسياسية، فاللوحات الأولى التي قدمها مجموعة من الرسامين، كانت تتميز بجنوحها إلى كل ما هو فطري وانطباعي وتعبيري، وهي بذلك تقترب إلى حد كبير من التصوير الفارسي الذي يختلف جذريا عن المدرسة الأوروبية، التي كان لهذا الدور الكبير في ظهور هذا النوع من اللوحات بوفرة كثيرة، حيث عملت فئة من الأجانب خصوصا الفرنسيين والاسبانيين، والذين اكتشفوا الفنانين المغاربة وقدموا لهم الدعم والعناية والاهتمام، وقاموا بتشجيعهم من أجل استغلال فنهم لأغراض شخصية نفعية، لأجل ذلك أجمع النقاد على أن هذه المرحلة هيمن عليها الطابع المغربي الصرف، لكونها اتسمت بكل ما هو طريف وبدائي. وبعد ذلك جاءت مرحلة أخرى، كثر فيها الأجانب المشجعون للوحات التي تعكس عمق الأصالة المغربية، إلا أنهم انقسموا واختلفت نزعاتهم، حيث نجد تأثير المدرسة الاسبانية في شمال المغرب جليا، والتي مُنحت لها صلاحيات في السهر على ترسيخ مبادئ هذه المدرسة في هذا الجزء، من خلال تأسيس مدرستين الأولى للفنون الجميلة، والثانية للفنون الإسلامية، أما في جنوب المغرب فقد طغت مبادئ المدرسة الفرنسية التي أسهمت بشكل كبير في ظهور اللوحة التشكيلية في هذه المناطق. إن ما يمكن الإشارة إليه في هذه المرحلة، هو كون هؤلاء الأجانب الفرنسيين اكتفوا فقط بتجسيد الحياة اليومية المغربية، مما منح للوحاتهم صبغة سياحية وثائقية، وسار على دربهم الرسامون المغاربة، فأثر ذلك على أعمالهم الفنية تأثيرا أفقدها أصالتها وروحها، وهذا عامل سوف يسهم لا محالة في المرحلة القادمة، بإنشاء جيل متأثر قبل أن يكون مؤثرا من الشباب الذين حملوا لواء هذا الفن، منفتحين على الحديث منه وخاصة التجريدي، وذلك بعد الاستفادة من التجربة الفرنسية التي أضافت إليهم الشيء الكثير، اثر تتلمذ معظمهم في المدرسة الباريسية، والتي لعبت مهما في تكوين هذا الجيل الجديد من الرسامين المغاربة. ولقد كان من نتائج ذلك، الانحراف القوي للوحة التشكيلية المغربية عن التقاليد العربية بل والإفريقية كذلك، نتيجة التلاحم والاختلاط والتجانس مع الغربيين، وخصوصا الفرنسيين منهم والإستان طيلة فترة الاستعمار، وكان ذلك بتوجيه من الأوساط الاستعمارية، لمحو الذاكرة التراثية المغربية والعربية، وإفراغها من زخمها الثقافي والحضاري، وقد أسهم في ذلك ضعف ثقافة الفنانين المغاربة في تلك الفترة بسبب انتشار الأمية والجهل. ونضيف أيضا أن هذا التدخل المباشر في توجيه الأوساط الفنية، جعل اللوحة التشكيلية المغربية تبتعد عن كل ما له علاقة بالواقعية، وأضحت أكثر ميلا إلى التجريد والرمز، رموز تستمد دلالتها من عمق الطبيعة الحية والميتة، وعناصر أخرى تندمج لتشكيل لوحات غير تمثيلية، لأنها لا تجسد الأصالة الفنية المغربية، وهذا ما دفع الغرب إلى تبني الأسلوب الرمزي والتجريدي المغربي، كمحاولة منهم إعطاءَ شيء من التنويع والتجديد على لوحاتهم الرمزية، مستفيدين بذلك من الذهنية المغربية العربية. ومع أن بدايات الفن التشكيلي في المغرب اتجهت نحو اللوحة "الساذجة" أو الفطرية، إلا أنها وبعد سنوات طوال من الخبرة والتجارب والدراسات والبحوث، وصلت إلى الاتجاه التجريدي الذي تعتمد فيه الأعمال الفنية على تباينات اللون والحركة، إلا أن اللوحة المعاصرة وفي إطار تمييزها بين اللغة التشكيلية واللغة الأدبية، أخذت تتحرر من تأثير الأدب عليها، لتكون قادرة على تأسيس أسلوب إبداعي له خصوصيته، وقادر على التعبير دون الاستعارة من الأجناس الإبداعية الأخرى بشكل يفقده هويته وأصالته. وعموما يمكن القول إن الفن التشكيلي المغربي قد تجاوز قرنا ونيفا منذ ظهور أول لوحة تشكيلية، منتقلا بين محطات عديدة، تبتدئ بالفطرية وتنتهي بالحداثية، عبر انفتاحها على التجارب العالمية والمتغيرات الاجتماعية والسياسية والتكنولوجية، من أجل ترسيخ مبادئ فن تشكيلي أكثر واقعية وتعبيرا عن العقلية التاريخية، منسجم والتقاليد المغربية الغنية، مشمول بنظرة حقيقية إلى المستقبل. وبذلك فالفن التشكيلي المغربي عرف منعطفات عديدة في فترات زمنية متعاقبة، عملت كلها على تسريع وتيرة التطور الفني بهذا البلد، حريصا كل الحرص على الحفاظ الهوية الثقافية والحضارية، والتي تتعرض للذوبان والانصهار، داخل عالم تهيمن عليه قواعد الامتثال والخضوع لثقافة البلدان المتسمة بالغطرسة والسيطرة. التشكيل من الفنون البصرية التي تعتمد اللون كأداة واحدة ووحيدة للتعبير، إذ انه يربط التصوير التخييلي للواقع بعنصر إعادة تجسيد عمق المكان، عبر خصوصية تجعل الألوان والأضواء تتواشج، لتخلق فضاء مليئا بالدلالات العميقة المنبثقة من شعور الفنان وإحساسه الداخلي بعناصر العالم الخارجي. ولا تخرج اللوحة التشكيلية بالمغرب عن هذا الإطار، بخضوعها لمجموعة من التأثيرات الاجتماعية والسياسية، فاللوحات الأولى التي قدمها مجموعة من الرسامين، كانت تتميز بجنوحها إلى كل ما هو فطري وانطباعي وتعبيري، وهي بذلك تقترب إلى حد كبير من التصوير الفارسي الذي يختلف جذريا عن المدرسة الأوروبية، التي كان لهذا الدور الكبير في ظهور هذا النوع من اللوحات بوفرة كثيرة، حيث عملت فئة من الأجانب خصوصا الفرنسيين والاسبانيين، والذين اكتشفوا الفنانين المغاربة وقدموا لهم الدعم والعناية والاهتمام، وقاموا بتشجيعهم من أجل استغلال فنهم لأغراض شخصية نفعية، لأجل ذلك أجمع النقاد على أن هذه المرحلة هيمن عليها الطابع المغربي الصرف، لكونها اتسمت بكل ما هو طريف وبدائي. وبعد ذلك جاءت مرحلة أخرى، كثر فيها الأجانب المشجعون للوحات التي تعكس عمق الأصالة المغربية، إلا أنهم انقسموا واختلفت نزعاتهم، حيث نجد تأثير المدرسة الاسبانية في شمال المغرب جليا، والتي مُنحت لها صلاحيات في السهر على ترسيخ مبادئ هذه المدرسة في هذا الجزء، من خلال تأسيس مدرستين الأولى للفنون الجميلة، والثانية للفنون الإسلامية، أما في جنوب المغرب فقد طغت مبادئ المدرسة الفرنسية التي أسهمت بشكل كبير في ظهور اللوحة التشكيلية في هذه المناطق. إن ما يمكن الإشارة إليه في هذه المرحلة، هو كون هؤلاء الأجانب الفرنسيين اكتفوا فقط بتجسيد الحياة اليومية المغربية، مما منح للوحاتهم صبغة سياحية وثائقية، وسار على دربهم الرسامون المغاربة، فأثر ذلك على أعمالهم الفنية تأثيرا أفقدها أصالتها وروحها، وهذا عامل سوف يسهم لا محالة في المرحلة القادمة، بإنشاء جيل متأثر قبل أن يكون مؤثرا من الشباب الذين حملوا لواء هذا الفن، منفتحين على الحديث منه وخاصة التجريدي، وذلك بعد الاستفادة من التجربة الفرنسية التي أضافت إليهم الشيء الكثير، اثر تتلمذ معظمهم في المدرسة الباريسية، والتي لعبت مهما في تكوين هذا الجيل الجديد من الرسامين المغاربة. ولقد كان من نتائج ذلك، الانحراف القوي للوحة التشكيلية المغربية عن التقاليد العربية بل والإفريقية كذلك، نتيجة التلاحم والاختلاط والتجانس مع الغربيين، وخصوصا الفرنسيين منهم والإستان طيلة فترة الاستعمار، وكان ذلك بتوجيه من الأوساط الاستعمارية، لمحو الذاكرة التراثية المغربية والعربية، وإفراغها من زخمها الثقافي والحضاري، وقد أسهم في ذلك ضعف ثقافة الفنانين المغاربة في تلك الفترة بسبب انتشار الأمية والجهل. ونضيف أيضا أن هذا التدخل المباشر في توجيه الأوساط الفنية، جعل اللوحة التشكيلية المغربية تبتعد عن كل ما له علاقة بالواقعية، وأضحت أكثر ميلا إلى التجريد والرمز، رموز تستمد دلالتها من عمق الطبيعة الحية والميتة، وعناصر أخرى تندمج لتشكيل لوحات غير تمثيلية، لأنها لا تجسد الأصالة الفنية المغربية، وهذا ما دفع الغرب إلى تبني الأسلوب الرمزي والتجريدي المغربي، كمحاولة منهم إعطاءَ شيء من التنويع والتجديد على لوحاتهم الرمزية، مستفيدين بذلك من الذهنية المغربية العربية. ومع أن بدايات الفن التشكيلي في المغرب اتجهت نحو اللوحة "الساذجة" أو الفطرية، إلا أنها وبعد سنوات طوال من الخبرة والتجارب والدراسات والبحوث، وصلت إلى الاتجاه التجريدي الذي تعتمد فيه الأعمال الفنية على تباينات اللون والحركة، إلا أن اللوحة المعاصرة وفي إطار تمييزها بين اللغة التشكيلية واللغة الأدبية، أخذت تتحرر من تأثير الأدب عليها، لتكون قادرة على تأسيس أسلوب إبداعي له خصوصيته، وقادر على التعبير دون الاستعارة من الأجناس الإبداعية الأخرى بشكل يفقده هويته وأصالته. وعموما يمكن القول إن الفن التشكيلي المغربي قد تجاوز قرنا ونيفا منذ ظهور أول لوحة تشكيلية، منتقلا بين محطات عديدة، تبتدئ بالفطرية وتنتهي بالحداثية، عبر انفتاحها على التجارب العالمية والمتغيرات الاجتماعية والسياسية والتكنولوجية، من أجل ترسيخ مبادئ فن تشكيلي أكثر واقعية وتعبيرا عن العقلية التاريخية، منسجم والتقاليد المغربية الغنية، مشمول بنظرة حقيقية إلى المستقبل. وبذلك فالفن التشكيلي المغربي عرف منعطفات عديدة في فترات زمنية متعاقبة، عملت كلها على تسريع وتيرة التطور الفني بهذا البلد، حريصا كل الحرص على الحفاظ الهوية الثقافية والحضارية، والتي تتعرض للذوبان والانصهار، داخل عالم تهيمن عليه قواعد الامتثال والخضوع لثقافة البلدان المتسمة بالغطرسة والسيطرة.