أحدث معارض الشيخ راشد بن خليفة_ الرئيس الفخري لجمعية البحرين للفنون التشكيلية.. المقام حاليا_ وحتي12 يونيو الحالي_ بمتحف البحرين الوطني. عنوان( اللوحة المحدبة: منظور جديد) وفيه يقدم تجربة فنية رائدة يطورها ويجدد في أدواته ورؤيته بها, فاللوحة المحدبة هي فن ابتدعه الشيخ راشد وإن كان هو نفسه يرجع الفضل في ذلك إلي الصدفة, لكن الحقيقة أن الفضل يرجع إلي اقتحامه المجهول وعشقه للتجربة, الشاهد علي ذلك أن مسيرته الفنية التي بدأها في أواخر الستينيات من القرن الماضي بدأها متأثرا بالمدرسة الانطباعية, لكن نضجه الفني ظهر سريعا فاتجه إلي المناظر الطبيعية والأجسام والفن التجريدي حتي وصل إلي ابتكار فكرة اللوحة المحدبة في رحلة مليئة بالتحديات, وهذه الفكرة استخدمها منذ أواخر التسعينيات واختزن في لوحاته مشاعره وقدم نظرته الفنية الآن, ورؤيته للمستقبل الذي يأبي أن تقيده حدود التقليد وجمود القواعد الثابتة, وهذا_ كما يبدو_ رؤية فنية لديه يؤمن بها ويدعو من خلالها الشباب والموهوبين والأعضاء في جمعية البحرين للفنون التشكيلية التي يرأسها( فخريا) إلي اقتحام المجهول والخروج عن المألوف وخوض التجارب, ولهم فيه القدوة ولهم منه التشجيع. ويقدم الفنان الشيخ راشد في هذا المعرض مجموعة منتقاة من أعماله يلاحظ فيها التنوع والوحدة في آن واحد والتجريدية التي تزداد جرعتها مع كل لوحة والغموض الذي يميزها, وفي المعرض يقدم لوحات' محدبة' من أعماله منذ عام2000 يجد من يتابعها أن الفكرة تتطور والتجربة تنضج حتي صارت' اللوحة المحدبة' التي ابتكرها أداة أساسية يعبر بها عن خيالاته الفنية المجردة, كما أنها شكل فني فريد يضيف زاوية رؤية مختلفة للوحاته الفنية وتمنح المشاهد منظورا جديدا, وهو المفهوم الذي حرص الشيخ راشد علي أن يكون هو عنوان معرضه. واللوحة المحدبة تتميز ببساطة التنفيذ, فهي عبارة عن قطعة قماش مشدودة بزاوية25 درجة( زاوية محدبة) وعندما ينظر إليها المشاهد يشعر بأنها تأخذه إلي داخلها وتجذبه, كما أن هذا الأسلوب الفني يسمح في نفس الوقت بامتزاج ألوان اللوحة وتفاصيلها بتناغم وتناسب كبيرين علي امتداد اللوحة, وبجانب هذا وذاك يسمح بإمكانية أكبر للتعبير عن الوجدان بشكل ملموس, ولعل هذا ما جعل الفنان الشيخ راشد يجد أن اللوحة المحدبة هي الأسلوب الأفضل لديه لإظهار محبته للرسم دون أن يؤثر ذلك علي جودة أعماله الفنية بالسلب. وقد تنوعت الخامات التي ابدع من خلالها الفنان فهناك أعمال منفذة علي التوال والخشب والأستنلس والبلاستيك. ومن مميزات هذا الأسلوب التي يلاحظها مشاهد اللوحات أن الطابع المنحوت باستدارة لسطح اللوحة يتيح سقوط الضوء عليها من جهات, مختلفة فاتخذت في النهاية طابعا يعمل عل جذب المشاهد إلي عمق اللوحة. ولأن الفنان لا يقبل التحديات فقط بل أنه يتحدي نفسه أيضا فإن الشيخ راشد استمر في تغييب جميع الملامح التي يمكن التعرف عليها في لوحاته, فامتزجت الألوان وتعانقت مكونات اللوحة مع الألوان المتناثرة بشكل عفوي, كما تداخلت طبقات الألوان في سياق تحرره من الأنماط الفنية التقليدية. الملاحظ أيضا أن المنظور الجديد الذي طور به الفنان فكرته لم يقتصر فقط علي إخفاء الملامح أو مزج الألوان أو تداخل الطبقات وإنما امتد أيضا إلي استخدام عناصر جديدة بإتقان وحرفية, ومنها الورنيش الصيني والقماش والصمغ, فاكتملت بهذه العناصر انحناءات اللوحة وتباينت أشكال سقوط الضوء علي سطح اللوحة واكتسبت لوحاته حجما أكبر وكأنها تجاوزت مساحتها الفعلية, وانطلقت إلي الفضاء المحيط بها لتتحرر من القيود أسوة بصاحبها الذي لا تقيده الأنماط التقليدية بل يجعل المشاهد أيضا يشعر بأنه لا وجود للقيود ولا حدود للمكان. ومع أن اللوحات التصويرية اكتسبت ألوانا أكثر قتامة لكنها كانت أكثر عمقا فأصبحت تحمل تأثيرا دراميا أكبر فتفاعلت اللوحة مع مشاهدها ودار بينهما حوار وتأثير وتأثر.... وهذا إلي جانب موهبته الشديدة في اختيار بالتة الوانه التي تعكس خصوصية شديدة